الخميس، 20 أبريل 2017

الحياة والموت


سؤال وجه للبابا شنودة الثالث عن موت الرحمة فأجاب:
"ان الموت والحياة كلاهما في يد الله. "هو يميت ويحي"، وليس من حق اي انسان ان ينهي حياة اي انسان اخر"

الأربعاء، 5 أبريل 2017

جولة في العهد الجديد

بشارة متى
بعد قليل من سقوط اورشليم على يد تيطس القائد الروماني كتبت هذه البشارة. كان متى فنانا اديبا، صاغ كتابه وفق خطة منسقة تنسيقا بديعا. وكأنما اراد ان يصدر طبعة جديدة لبشارة مرقس مضافا اليها اقوال المسيحخ. ذلك لان الايات ال 660 التي وردت في بشارة مرقس، ظهرت منها 600 اية في بشارة متى. ولكن متى اضاف ثروة من اقوال المسيح الى افعال المسيح، التي صاغها مرقس صياغة بسيطة خالية من التكلف والاصطناع.
وتبدو عبقرية متى وحذقه الفني في تبويب الاقوال المتناثرة التي تفوه بها المسيح. فلم يكتف فقط بنقل مجموعات مبعثرة، بل قد جمعها في خمسة اقسام حسب مادتها.
وفي خمسة مواضع حاد عن رواية مرقس ليدخل هذه الاقوال. واولى هذه المجموعات "الموعظة على الجبل" وتنتهي كل مجموعة من المجموعات الخمس بعبارة مأثورة:
"ولما اكمل يسوع هذه الاقوال.."(مت 7: 28 و 11: 1 و 13: 53 و 19: 1 و 26: 1)
ولئن يكن الجزء الاكبر من بشارة متى قد استند الى ما كتبه مرقس والى اقوال المسيح، فان هناك حوالي 400 اية لا تمت بصلة الى هذين، وهي التي تتحدث عن انسال المسيح و زيارة الحكماء و الهرب الى مصر و مشى بطرس على الماء وموت يهوذا و حلم امرأة بيلاطس و بيلاطس يغسل يديه و الزلزلة ساعة الصلب.
وفي هذهالبشارة نجد اشارات مبعثرة كثيرة الى نبوات العبرانيين يقدمها الكاتب بعبارراته المأثورة مثل: "لكي يتم ما قيل بالانبياء" او "لانه مكتوب"..
بشارة مرقس
في شهر يوليو من سنة68م اشتعلت النيران في مبان خشبية في ميدان مكسيموس بمدينة رومية. وظلت مضطرمة اسبوعا كاملا قبل ان ينطفئ اوارها، وبعد ان تركت شطرا كبيرا من المدينة خرابا ودخانا. وذاعت الاشاعة ان نيرون هو الذي امر باحراق المدينة لكي يشيد مدينة جديدة لمجده الشخصي ولتحمل اسمه. وقال المؤرخون انه كان يعزف على قيثارته وهو يشهد النيران تلتهم عاصمة ملكه. ثم القى نيرون اللائمة على المسيحيين، وكانت مجموعة منهم قد استفرت في المدينة قبل عشرين عاما .
ولكن نيرون اراد ان يجعلهم كبش الفداء. ويقول التاريخ انه احرق كثير من المسيحيين في حدائق قصره ، وان بولس وبطرس الرسوين قد استشهدا في هذه الفترة من الفترة. واجه المسيحيون الاضطهاد بشجاعة، وفي تلك الفترة العصيبة راح مؤلف البشارة الاولى يؤدي اجل خدمة للمسيحية. وذلك بأن يقدم للمسيحيين في رومية بيانا مكتوبا عن الرب يسوع.
وقد ذكر اسمه تسع مرات في العهد الجديد. وفي بيانه عن القبض على يسوع في بستان جثسيماني ، يذكر كاتب البشارة حادثة غير ذات موضوع في القصة كلها، لا علاقة لها في الواقع بالحوادث الجسام التي ترويها القصة:
"وتبعه شاب لابسا ازارا على عريه فامسكه الشبان. فترك الازار وهرب منهم عريانا".
ويبدو لنا ان هذه قصة شاب ايقظه انسانا في الليل جاء اليه يحمل نبأ القبضض على يسوع. وواضح انه اسرع للتو دون ان يرتدي ملابسه الخارجية، وهرول الى بستان جثسيماني. فهل كان هذا الشاب هو مرقس؟
يذهب الكثير من الدارسين الى انه هو – وبعد ان بدأ كتابته لبشارته اضاف هذه العبارة، وذلك لانها كانت الصلة الوحيدة التي ربطته بقصة الانجيل.
بشارة لوقا
حمل المسيحيون الاوائل دعوتهم الى اصقاع العالم الغربي باللغة اليونانية. وهم يجولون خلال الطرقات الرومانية وفي السفن في البحر. وكانت قوة المسيحية الدافقة هي العامل الاول في نشر الدعوة واتساعها. على انه كانت ثمة عوامل اخرى هيأت الطريق الى هذا الانتشار السريع. ذلك لان فتوحات الاسكندر الاكبر في القرن الرابع قبل الميلاد كانت قد اخضعت الشعوب المغلوبة للحضارة اليونانية ، وافلحت في كسر الحواجز بين الجماعات القومية القديمة.. وزالت النعرات القومية في عالم يتكلم اليونانية ويفكر بها.
في عالم كهذا نفخت المسيحية ريحا جديدة تحمل نسمات الفرح، تعلن ايمانها ودعوتها لانسان قال: "ثقوا انا قد غلبت العالم". وكنت تلقى في ساحات الاسواق العامة في كل مدائن الامبراطورية الرومانية – مسيحيون غيورين يكرزون بالرب يسوع – واقبل الى الكنائس الجديدة حشودا من الوثنيين الذين قبلوا الدعوة الى الاييمان. وكانت هذه الكنائس اشبه بحلقات مترابطة تجمع معا المراكز العظمى في الامبراطورية مثل اورشليم وانطاكية و دمشق وافسس واثينا ورومية..
كانت حركة دائبة: ثورات من الدهماء في بعض الاماكن، واعمال من العنف ضد المسيحيين في مناطق اخرى. ان المسيحية لم تشق طريقها وتنمو قوية مجاهدة ، وتسود المجتمع الانساني في عهدها الاول، الا وهي في نزاع مرير مع اليهود تارة ومع الوثنيين تارة اخرى. ومع ذلك كنت ترى جماعات من اليهود ومن الموظفين الرومانيين يقبلون الى دراسة هذا الدين الجديد الذي منح اصحابه احساسا من الفرح والشجاعة لم يعد لها نظير.
كان من بين الموظفين الرومانيين الذين قبلوا المسيح شخص يدعى "ثاؤفيلس" ولسنا نعرف بالضبط من كان هذا، ولكن لقبه "العزيز" والتي تعني "العظيم المبجل" تشير الى مكانته العالية. على انه يتميز اليوم لا برتبته ولا بوظيفته، بل باهداء انجيل لوقا وسفر الاعمال اليه وبهذا خلده التاريخ.
على ان اسم المؤلف لا يظهر في اي من السفرين. ولكن التقليد منذ القرن الثاني نسبهما الى لوقا. ولعل لوقا انضم الى بعثة بولس التبشيرية كطبيب خاص للرسول الذي كان يشكو من علة في جسده. "ومنذ البد" التي استهل بها بشارته تخبرنا انه توافرت له الفرص ليعرف الوقائع والمبادئ التي قامت عليها المسيحية، ويرقب نمو الكنيسة بفكر الكاتب المثقف.
ولعله في فيلبي بدأ في كتابة مذكراته ويومياته. واغلب الظن ان يومياته وتدوينه كمؤرخ دقيق قد بدأ من (اع16: 9). ان انجيل لوقا وسفر الاعمال يمثلان قصة واحدة تسير بنا هونا تارة، وعلى عجل تارة اخرى، وفقر خطة محكمة الوضع، يرفع الستار عن المشهد الاول في اورشليم امام ميلاد يوحنا المعمدان، وينتهي المشهد الاخير في دار استأجرها الرسول في رومية.
بشارة يوحنا
في ولاية اسيا الرومانية لم تكن ثمة مدينة اهم من افسس. على انه لم يبق منها اليوم غير خرائب جرداء، وقد زال عنها مجدها الغابر. اما اعظم اثارها وبقايا تاريخها فلا يزال ملكا للانسانية – الا وهو بشارة يوحنا.
قال يوحنا عن هدف بشارته "اما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله"(20: 31). وقد رسم لنا صورة للمسيح، واختار من احداث ال 30 عاما التي عاشها المسيح 20 يوما الاخيرة فقط، وخصص لها بشارته كلها. وقد استهل بشارته بعبارة رددت صدى استهلال سفر التكوين، وارانا المسيح قبل خلق العالم. وقد عرف البشير انه من اليسير على الناس ان يتغافلوا عن المعنى العميق في رواية مرقس التي تسر الحوادث في حياة المسيح مجردة ، فاخذ على عاتقه ان يدخل في نسيج الوقائع المجردة خيوطا ملونة براقة من الحوار والتعليق.
والمرة تلو الاخرى نراه يستخدم الفاظ رسائله وعظاته نقاطا مشعة في بشارته. فهو الذي كتب عن المحبة والنور و الحق والمعرفة واليقين. ومن محاجر اللغة اليونانية صاغ بازميله عبارات جديدة: "النور الذي يضئ كل انسان" – "بيت الاب" – "الحياة الابدية". وكشاعر وفيلسوف ولاهوتي اضفى هذه الالفاظ والعبارات معاني عميقة لتنقل ايمانه الى الناس.
هو الذي نحت لنا صور المسيح الرائعة التي نعرفه بها اليوم. هو الذي وصفه لنا "كلمة الله" و"خبز الحياة" و"ماء الحياة" و "نور العالم".
ويسمو انجيل يوحنا الى ذروته الشاهقة في الفصول 14 – 17 التي يخيل لنا فيها ان المسيح يتحدث الينا، ويضمنا الى قلبه في صلواته: "ولست اسأل من اجل هؤلاء فقط، بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم"(17: 2).
وانا لواجدون قلب الانجيل بل قلب الكتاب المقدس في عبارة سطرها البشير "هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية"(3: 16).
اعمال الرسل
الى القراء حديثا خياليا يشرح كيف كتب سفر اعمال الرسل.
المشهد: الدار التي استأجرها بولس في رومية حوالي سنة 60 – 62م.
الاشخاص: بولس – ارسترخس – مرقس – لوقا – ديماس.
ديماس: هل يجئ الرب ثانية بعد كل هذا؟ كان من المفروض ان يأتي منذ زمن طويل.
ارسترخس: لنثابر في العمل، حتى متى جاء نكون وكلاء امناء اهلا للقائه.
مرقس: الا تذكر الكلمات التي نطق بها الرب، ودونتها في انجيلي، انه يجب اولا ان تنتشر رسالة الانجيل في كل الامم ثم يكون المنتهى.
ديماس: الم ينشر الخبر بعد في كل الامم؟ ها نحن قد جئنا الى رومية، عاصمة الامبراطورية الرومانية، ومع ذلك لا يزال الرب متباطئا في مجيئه.
بولس: بقيت اسبانيا. فاذا اطلق سراحي من هذا السجن، سأنطلق الى هناك للكرازة. فلا يزال امنا عمل كثير
(يخرج ديماس)
ارسترخس: ان السيرة التي كتبتها يا مرقس، وانت يا لوقا من الكتب الرائعة التي امتد اثرها الى ابعد مما تتصور. افلا يستطيع احد الان ان يكتب كتابا اخر يروي عجائب الاعمال التي يصنعها يسوع الان من خلالنا.
بولس: نعم، ليقم لوقا بهذا العمل.
لوقا: وكيف استقي المعلومات؟ لما كتبت سيرة يسوع، كان بين يدي السيرة التي كتبها مرقس واستقيت قصة ايام الناصرة الاولى من المعلومات التي رواها لي بنات فيلبس القديسات التي سمعنها من الام المباركة. وليس بين يدي الا مذكرات رحلاتي. ولكموددت لو يكون بطرس هنا في رومية ليروي لي قصة الايام الاولى في اورشليم.
مرقس: اني اذكر اشياء كثيرة رواها لي بطرس عن تلك الايام. واليك بعض مذكرات كتبها تلميذ متقدم بلغتنا اليهودية التي تدعى الارامية، وهذه اقدر ان اترجمها لك.
لوقا: الا يحسن ان نتريث حتى نستجمع معلومات اوفى؟ فقد يجئ احدهم بعد قليل وينبئا عن نمو الكرازة في الاسكندرية. وقد يعود الينا توما بعد سنوات ونستوثق منه عن اخبار كرازته في الهند.
بولس: لا. فان الوقت لا يسمح بالتأجيل. وها نحن كلنا معا. وعما قليل ستفرّق بيننا البحار العظيمة او مجرى الموت الضيق. وليس في الامكان كتابة تاريخ كامل. ولقد صدق الاخ يوحنا حين قال، يوم الححنا عليه لوضع تاريخ شامل لاعمال ربنا في فلسطين وحدها، فقال: ان مكتبات اثينا والاسكندرية، بل والعالم كله، لن تسع الكتب المكتوبة التي تستوعب هذه الاعمال.
(يدخل فيلبس وهو فارس روماني)
ثاؤفيلس: السلام لكم
بولس: ولك السلام!
ثاؤفيلس: اانت بولس المعلم اليهودي؟
بولس: انا يهودي ما زلت، ولكنني الان اكثر من يهودي. انا لليهود هودي، ولليوناني يوناني، ولكل انسان اخ. نعم انا بولس. ومن انت؟ وما شأن فارس روماني ان يأتي لزيارة سجين رهن المحاكمة؟
ثاوفيلس: اسمي ثاوفيلس ، ومعناه حبيب الله، وان يكن الاصح ان اقول حبيب الالهة، الى عهد قريب. لاني الان فقط بدأت اعرف عن الاله الحق. سمعت عنك لاول مرة عن طريق سينكا الفيلسوف الرواقي – الذي وقفت انت اام اخيه غاليون – في كورنثوس، والذي حكم ببراءتك من التهم التي وجهها اليك بنو جلدتك. فحدثني عن نفسك وعن تعليمك.
بولس: اما عن نفسي فليس لديّ الا القليل، لان محاكمتي كادت تنتهي، وغدا اطلاق سراحي وشيكا. اما دينونة العالم فاتية لا ريب، لان الله قد عين يوما فيه يدين المسيح كل العالم.
لوقا: ايها العزيز ثاوفيلس: لقد هيأ لي الله ان اكتب في كلمات قليلة سيرة حياة ربنا يسوع المسيح. وهاك نسخة مخطوطة على الرق بخط جميل. فاذا ارتضيت ان تقبلها، امكنك ان تعرف صحة الكلام الذي علمت به.
ثاوفيلس: انا لا اقبل الهدية فحسب، بل سأمر خادمي ان يكتب 12 نسخة من هذا الكتاب ، لكي يتعلم الاخرون ما به.
لوقا: ويجول بخاطري ان اكتب سفرا اخر اروي فيه بعض الاعمال العجيبة التي يجريها الان روح المسيح مذ ارتفع من وسطنا.
ثاوفيلس: وهذا ايضا ارجو ان تعطيني اياه لكي ااامر بنسخه. لان هذا التعليم الجديد يمس قلبي اكثر من فلسفاتنا الباطلة، وةيتحدث عن اسرار اعجب واروع من الاديان الشرقية الينا.