الاثنين، 30 مارس 2020

دروس من جائحة كورونا


جائحة كورونا هي وباء القرن ال21. إذا كنت لا تعرف ما هو قانون (الصراع من اجل البقاء) ، فستظهر لك متابعة اخبار  العالم الذي نعيشه اليوم ذلك. كيف ستكون في الأسبوع المقبل والشهر  القادم؟ ﻻ اعرف. وباء كورونا ﻻ يعرف اشخاصا مفضلون، جميع العلماء في طابور واحد يحاولون القبض عليه، إنه مجرد مرض في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب. سيموت البعض ، ولن يكون هناك أي جنازات كبيرة. في نهاية المطاف قد تكون هناك جنازة جماعية ، كما هو الحال في هذه الرواية. دعونا نأمل ألا يصل الأمر إلى ذلك. 

كان هذا مسلكًا وجوديًا بقدر ما كان تصويرا لانحدار مدينة ما بسبب الطاعون. يزداد منحنى اﻻنحدار بشكل معادلة اسية حتى يصل إلى القاع. هناك يقبع الموت والدخان والأهات وكل الجحيم الذي ﻻ يمكن تخيله. 

الموت، انه موجود في كل مكان وكل عصر. اليس كذلك؟ وهو رهيب للكثيرين، نحن محكوم علينا بالموت جميعاً، يمكن أن يحدث الموت في أي وقت بملايين الطرق المختلفة. اليهود الذين شهدوا الهولوكست يعلمون ذلك. شاهده العالم اثناء زلزال اليابان يحصد ارواح الكثيرين، شاهده الكثيرون في تسونامي.. الخ. الجميع يعرف الموت: الأم التي فقدت طفلها الوحيد في حادث سيارة تعرفه. اﻻب الذي فقد ابنه بعد صراع مع مرض.. 

يقضي معظم الأفراد أيامهم في محاربة حقيقة الموت، والكذب على أنفسهم، باستخدام طرق ﻻ حصر لها لتجنب واقعه المستمر. ربما يكون النظر إلى الموت في عينه الباردة الجامدة هو أصعب شيء يمكن للمرء أن يفعله. ولكن النتيجة من القيام بذلك - مع الوقت - هي رؤية واضحة للعالم الذي نعيش فيه ؛ والنتيجة قوة داخلية لا يعرفها إلا القليل. ولكن بالنسبة لأولئك الذين نظروا بصراحة في عين الموت - لأولئك الذين يبقون واقعهم الصعب في وعيهم - هناك حكمة وعمق ينبثق. 

لقد أصاب الطاعون سكان مدينة وهران في رواية كامو  (الطاعون)- وهم كانوا في السابق مواطنين سعداء بلا تفكير وكانوا ، مثل الكثير منا الآن ، يسيرون في طرقهم بمرح. لا يعرفون كم كانوا محظوظين حقًا -. إنه مرض صعب - مليء بالمعاناة الجسدية ، ينتشر بسرعة وبدون توقف - يتسبب في عزل مواطني البلدة داخل المدينة.- ممنوع الخروج. هناك يجب أن يستمروا ، محاولين التأقلم والبقاء على قيد الحياة - بعضهم مع الابتعاد عن أحبائهم الموجودين خارج أسوار وهران - جميعًا ، بينما يحيط بهم الموت المستمر لأقرانهم. 

يتعلق الطاعون بالموت، ولكنه يتعلق أيضًا بكيفية اختيارنا للعيش. هل نعيش مثل شعب وهران ، يمرون كل يوم دون تفكير ، يأخذون الأمور كأمر مسلم به، يمرون في درب الحياة كسكارى في ذهول احمق؟ أم أننا نتأمل فى الموت - وبالتالي في الحياة - ببصيرة لا تأخذ شيئًا كأمر مسلم به ، في سعي مخلص من أجل ان نحيا الحياة كما يجب ان تعاش، من اجل الحقيقة، من اجل الخير؟ 

هناك مصيرا أسوأ من الموت. وهو أن تعيش الحياة بغير هدف ، بدون الحقيقة ، بدون عاطفة. بدون قناعة. بدون تضحية. وبدون حب. نعيش نصف حياة كما عبّر عن ذلك جبران.

ما عاش من عاش لنفسه فقط. رأينا امثلة رائعة لتضحيات كبيرة وسط ازمة كورونا. وسيسطر التاريخ باحرف من نور قصة اﻻب جيوسيبي بيرارديلي، البالغ من العمر 72 عاما، نحبه في مستشفى بمدينة لوفيري بيرغامو التي تعد من أسوأ المناطق في إيطاليا التي حل بها الوباء. ذلك ﻻنه اختار ان يعطي جهاز تنفسه الصناعي لشاب اصغر منه سنا ﻻ يعرفه.

الأربعاء، 25 مارس 2020

البنوة لله - جوزيف شريفرز


عن كتاب (بذل الذات)- اﻻب جوزيف شريفرز
من نتائج بذل الذات البنوة لله:
هل تسمعين يا نفسي صوت الله ابيك؟ انه يدعوك الى الفة اعظم. فانت خادمته وصديقته، وهو يريد ان يجعل منك ابنته.
ان السيد يولي خادم اﻻمين ثقته، ويخص صديقه بموته، واما ابنه فيشركه في حنانه اﻻبوي. وهذا اﻻتصال الجديد البالغ العمق من قبل الله هو ثمرة بذل الذات ، وقد اصبح عادة وطبيعة يرد الله عليها بالفة من نوع جديد. فيعامل النفس كابنة محبوبة.
ان الصديق ﻻ يزور صديفه اﻻ فترات متقطعة، والنفس – صديقة الله – ﻻ تستطيع ان تخاطبه باستمرار، اذ ان المشاغل والمهام والمتاعب تمنعها عن ذلك. ولكنها تسهر بعناية وتكثر من تمارينها الروحية وتاملاتها وفحصها لضميرها وقراءتها الروحية.
اما اﻻبن ، فهو ﻻ يترك بيت ابيه .. والنفس ابنة الله تقوم بما يفرضه عليها الواجب، وفيما تبقى تلتصق بالله بحرية تامة، وتقرا في عيني ابيها حتى اقل الرغبات وتتمها في الحال. وعندما تتمم الواجب ، غالبا ما يدعوها الله الى ان تزداد قربا منه.
والنفس الطيعة تستسلم لكل مظاهر حنان الهها. فلا تنشغل باحاديث باطلة او بسيل من اﻻقوال العالمية بل تريح نظرها بهدوء وحب في عيني ابيها، ففي هذه النظرة ما يتعجز عنه الكلمات.
على الصديق ان يسهر على مصالحه الشخصية وعلى مصالح اسرته. وان يحسب وينظم نفقاته ويرتب ميزانيته. والنفس صديقة الله ﻻ تتخلى عن اﻻهتمام بتقدمها في الحياة الروحية بل توجه كل اهتمامها للتقدم الروحي.. فحياتها تمرين وصراع وعمل ﻻ يتوقف.
اما ابن الله ، فهو ﻻ يحتقر هذا الجهد الشاق وﻻ يستخف به لكنه يعتبر ان هذا العمل ليس من اختصاصه. فهو ابن البيت، واﻻب واﻻم يعتنيان بشؤونه التي هي شانهما. انه ينفذ بطيب خاطر ما يامره به ابوه. وان اخطا تداركت امه الحبيبة اﻻمر. ليس له ان يحطاط للمستقبل او يهتم به، بل ان يرضي اباه، وان يحبه في كل لحظة، وان يظهر ذلك بالطاعة.
ان حياة ابناء الله الحقيقيين تخفى عن عيون الناس. فالله يخفي هذا الكنز عن اﻻنظار الغريبة. ثم ان العالم ﻻ يفهم حياة تقضى كلها في خدمة الله ومحبته. انه يهزا ببساطة بالصديق الذي يحتقر خيرات هذه الدنيا. وكذلك النفوس المسيحية العادية ﻻ تدرك اكثر من سموها سمو حياة مكرسة ليسوع، فيبدو لها ان النفس الهائمة بالله عاطلة عن العمل وغير نافعة للاخرين. انها تبحث عن النشاط والحركة. اما الحياة التي كرست ليسوع في الخفاء والعزلة فتظهر لها انها بلا قيمة او نفع للكنيسة... انها تظن ان القديسين يتميزون بخدمات ممتازة ادوها للكنيسة، وبفضائل باهرة ، ثم تلاحظ ان كل شئ فيها على عكس ذلك ، بسيط ويكاد يكون عاديا، فتتساءل اين الفضيلة، اين القداسة؟ انها ﻻ ترى اﻻ اعماﻻ عادية ووجودا عاديا وشواغل مبتذلة، فليس هناك من تقشف او صلوات طويلة ، ﻻن نفوس ابناء الله تكتفي بان تسير سيرة العامة من سواد الناس. 
يا الهي، ما اكث ما يخطئ الناس في تقدير ابناءك! ان هذه الحياة البسيطة والخالية من اﻻبهة، المستسلمة كلها لمحبتك هي الحياة المستترة مع المسيح في الله، هي صورة طبق اﻻصل لحياة يسوع البسيطة والمجهولة.
صحيح ان هذه الحياة المنسية والمزدراة كانت عثرة لليهود وجهالة للامم. وصحيح انها كانت في عصرنا هذا هدفا للسخرية والتحقير من قبل حكماء العالم، لكن هل هذا يقلل من سموها.
ايتها النفس السعيدة، ابنة الله المستترة ، ﻻ تهتمي باعمال ابناء هذا الدهر وسخريتهم وهزئهم! انك تعرضينن عن ذمهم وافتراءتهم ! انهم لم يدخلوا يوما القصر الذي تسكنينه ، اذ ان اعينهم ﻻ تحتمل البهاء الذي يسطع فيه. واذانهم ﻻ تستطيع ان تحتمل سماع اللغة اﻻلهية التي تسمعينها هناك . انك تنتمين الى عالم اخر غير عالمهم وتعيشين مستترة فالله، فانت ابنته المختارة.
يا ابنة الملك، ارتفعي الى شرف اصلك اﻻلهي، وﻻ تقلقي البتة لما يتعلق بثروتك الروحية. بل تابعي حياتك البسيطة في حضن الله، وتممي مشيئته واحبيه بغير حساب، وﻻ تخافي البتة فانت غنية بحكم حقك في الميراث السماوي.

الثلاثاء، 10 مارس 2020

الحزم



طلب مني ابي الكاهن ان اذهب مع اثنين من المتعافين (من الادمان) الى احد الاديرة لقضاء 3 ايام خلوة روحية. اطعت. كان احد الولدين شاب في 37 من عمره وكان حسب وصف ابي الكاهن "طيب". والثاني لديه 22 عاما، وحسب وصفه تعليقا عما حدث – وستعرفون ذلك بعد ما سأسرده – "مشاغب".
بداية اليوم كانت جميلة. تمتعنا بالمناظر الخلابة في طريق سفرنا الى اديرة وادي النطرون. والتقطت هذه الصورة لنخلة فريدة (3 تفريعات في اثنين)... 
والتقطت ايضا صورة للقديسة فيلومينا... ودعوني اكمل حديثي عن موضوع التدوينة.
اما عن الولد "المشاغب" فلديه طاقة تدميرية هائلة. كان دائم "اﻻلحاح" قال لي 10 مرات في خلال 5 دقائق، اريد ان تعطيني فرصة اقود سيارتك. بعد الحاحه – ولاني طيب – اعطته الفرصة ليقود السيارة لبعض الكيلومترات. في اليوم التالي اخذ المفتاح – خطف – لم استطع ان اعامله بنفس اسلوبه، فتركته له لعلمي انه حان وقت النوم ولن يقوم بشئ يذكر بعد مشقة وتعب اليوم. كان ظني في محله. ف اليوم الثالث حاولت ان اخذ المفتاح فلم يقبل. هددته اني سأبلغ عنه الشرطة، انه خطف السيارة. وخبطت بقوة على زجاج السيارة وبطريقة صارمة واسلوب جاد. فانطلقف بالسيارة وبعد 3 دقائق جاء الاتصال. لقد اصطدم بحائط كلفه اعطال يقدر اصلاحها ب 10 الاف جنيه في اقل تقدير، وهو ما يعادل مرتب 6 اشهر عمل.
العبرة من ذلك الموقف، هو انه لابد من استخدام الحزم والتأديب مع الاطفال والمراهقين، فالكتاب يأمرنا صراحة باستخدام العصا في التنشئة.
"ادّب ابنك لان فيه رجاء، ولكن على اماتته لا تحمل نفسك"(ام19: 18).
"من يمنع عصاه يمقت ابنه. ومن احبه يطلب له التاديب"(ام13: 24).
"الجهالة مرتبطة بقلب الولد. عصا التاديب تبعدها عنه"(ام22: 15).
الاية الاخيرة. واعتبرها اكثر الاعداد انطباقا على الواقع ووضوحا.
"لا تمنع العصا عن الولد، لانك ان ضربته بعصا لا يموت. تضربه انت بعصا فتنقذ نفسه من الهاوية"(ام23: 13-14).

حينما عرف ابي ما حدث قال لي اشكر الله انه لم يصدم احدا بها. فعلا السكين في يد الجاهل يخيف اكثر من المدفع في يد عاقل. حتى حدى ببعضهم ان يرددوا هذا القول (عدو عاقل خير من صديق جاهل).. 

المسح يطهر الهيكل



من هو هذا الذي يقاوم الرؤساء في دائرة المخصصة لسلطتهم، وينقض عقود الايجار التي ابرموها مع الباعة والصيارفة؟ باي حق يطرد بعنف ابقار هؤلاء واغنامهم، ويشوش حساباتهم وترتيب دراهمهم؟ وكيف يخسّرهم الارباح التي اباحها الرؤساء لهم في هذا الموسم؟ وكيف يستطيع ان يقوم بعمل كهذا بينما الكهنة واللاويون، وهم عصابة قوية، يحومون بالمئات يمارسون خدمتهم بملابسهم الرسمية؟ فكيف يقدم المسيح على عمل كهذا؟ وكيف يفلح ان اقدم عليه؟
الجواب ان ضمائر  هؤﻻء اعانته على تنفيذ ما قام به، لان الخاطئ جبان تجاه الناس وتجاه ضميره، بينما البار جرئ. قال الحكيم "الشرير يهرب ولا طارد. اما الصديقون فكشبل ثبيت"(ام28: 1). فضمائر رؤساء الهيكل وتجارهم كان نصيرا لعمل المسيح، وقيدتهم عن مقاومته.
مهدت اسباب كهذه السبيل الاعظم الذي يرجح له نجاح المسيح في مقاومته الاولى لفساد الرؤساء. وهذا السبب هو هيبة القداسة فضلا عن اظهار تفرده عن باقي البشر بقوله "بيت ابي". اكتفى الرؤساء ان يقاوموه بالكلام فقالوا له انه لا يحق ان يعارضهم في سلطانهم على الهيكل ومتعلقاته.
ولولا غلاظة قلوب هؤلاء البارعين في درس كلام انبيائهم، لفطنوا لما كتبه اشعياء "اين البيت الذي تبنون لي.. الى هذا انظر الى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي"(اش66) وقد فسر استفانوس هذا بقوله العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الايادي"(اع7) فهاجوا عند هذا الجواب الذي لم يفهموه، اذ حسب الرؤساء قوله "انقضوا هذا الهيكل" تجاسريا كفريا.
كان كلام المسيح هذا غامضا على تلاميذه، فلم يفهموا قصده الا بعد ان نقض اليهود هيكل جسده، بصلبه، واقامه هو في اليوم الثالث – حينئذ ثبت ايمانهم بسيدهم وعلموا ان مقاومته لرؤساء الامة اتماما للقول النبوي "غيرة بيتك اكلتني"(مز69: 9).
وقد دام تاثير جواب الرؤساء طويلا ، حتى جعلوه بعد سنين حجة، شكواهم عليه ، لكي يميتوه ، ولما تم انتقامهم وراوه معلقا على الصليب عيّروه به، ولما طلبوا من الوالي حرسا يوضع على قبره ليمنع قيامته، بنوا طلبهم على هذا الكلام الذي اوقد في صدورهم نار البغضة المميتة التي التهمته اخيرا بتعليقه على الصليب. وبذلك صحّ ان غيرته على بيت ابيه اكلته. وكان المسيح يعلم ان تاثير هذا التطهير سيزول قريبا، وترجع الامور الى مجراها القديم، ونراه مضطرا الى تكرار هذا التطهير في مثل هذا العيد بعد 3 سنين. لكن لم يوقفه ذلك العلم عن العمل المطلوب، لان اختفاء تاثير العمل الحسن لا يعطل حسنه ولا يضيع اجره.
الغضب قد يكون فضيلة كما قد يكون اللطف رذيلة، اذ يشترط في الغضب الفاضل ان يخلو من كل غاية انانية، ومن كل حركة مستقبحة. ويشترط في اللطف الفاضل ان يخلو من الجبن والمحاباة. لقد راينا المسيح يحتدم غضبا على تدنيس الاقداس، فاسم الله وبيته ويومه وكلامه ورجاله هي اقداس، وتحترم اكراما للقدوس الذي تمثله. وقد اوضح الرسول ذلك بقوله "اغضبوا ولا تخطئوا"
واحتد غيظ المسيح ايضا على المال اذ قال "لا تجعلوا بيت ابي بيت تجارة". ان فعلكم هذا يبين انكم تخدمون المال لا الله. وشر ثمرة حب المال هو تسخير الدين لاجل الارباح التجارية.

الجمعة، 6 مارس 2020

يوم المرأة العالمي



في يوم المرأة العالمي احببت ان اقدم لقراء المدونة اﻻعزاء هذه الباقة من الموضوعات. وق قيل الكثير عن المرأة. ومن اجمل ما قيل عنها: 

قلب المرأة لا يتغير مع الزمن ولا يتحول مع الفصول. قلب المرأة ينازع طويلا و لكنه لا يموت .  قلب المرأة يشابه البرية التي يتخذها الإنسان ساحة لحروبه ومذابحه , فهو يقتلع أشجارها و يحرق أعشابها و يلطخ صخورها بالدماء و يغرس تربتها بالعظام و الجماجم , و لكنها تبقى هادئة ساكنة مطمئنة و يظل فيها الربيع ربيعا و الخريف خريفا إلى نهاية الدهور.
(جبران خليل جبران)




ذوقيات التعامل مع المرأة

امثال الشعوب عن المرأة


اشهر متحدية للاعاقة - هيلين كيلر


ماري كوري - مكتشفة اليورانيوم

عرس قانا الجليل



لا يستبعد ان تلاميذ المسيح توقعوا ان يرفض المسيح هذه الدعوة، فقد حسبوه مثل معلمهم الاول المعمدان وسلفه العظيم ايليا ، اذ يتنحى عن الافراح العالمية، ملتزما طريق النسك. لانه في ايام العرس السبعة لابد ان يتغلب مهرجان الافراح على الصبغة الدينية.
لكن لا يصح لمخلص البشر جميعا ان يتبع خطة سلفه المعمدان، من هذا القبيل، اذ يقدم الوجه الغاضب العابس، وينادي كما نادى بالوعيد للخطاة. فعليه ان يمثل الوجه البشوش مناديا بالسعادة، وهو صاحب البشارة المفرحة وموضوعها، وعليه ان يكمل صورة الدين بتاييد مبدا الالفة والمؤانسة.
مثّل المعمدان الصرامة الدينية، ومثّل المسيح بالاكثر اللطف الديني. ساق المعمدان الناس الى التوبة، ودعاهم المسيح اليها. اتى المعمدان لا يؤاكل الناس ولا يشاربهم، واتى المسيح ياكل ويشرب ويقبل الدعوات للولائم، وان تقام له الولائم الخصوصية.
من اجابة المسيح عى العذراء يتضح انها تدخلت تدخلا في غير محله، اذ قال لها "ما لي ولك يا امراة". ولابد ان المسيح علم انها تحتاج الى تعليق فيه شيئا من القساوة، حتى تفهم جيدا شانه الجديد، والتغييرالكلي في علاقته العائلية. فكان كلامه بمثابة فاصل بينه وبينها. وبين ماضيه ومستقبله. اذ قصد ان يعلمها عدم التدخل في اعماله.. وايضاحخا لذلك قال "يا امراة" بدلا من "يا امي". قبل هذا الوقت كان يجوز ان يتعلم منها وياتمربامرها، لكن الان عليها ان تتعلم منه، وان تاخذ كل الحذر من ان تلمح اقل تلميح بانه يفتقر الى ارشاد من بشر، كانه قاصر في معرفة الواجب، او مقصر في ايفائه.
اختار المسيح انية ماء بدلا من انية الخمر دفعا للشك بان اثار خمر سابقة تكون منحت الماء قليلا من طعم الخمر. واختارها فارغة ليتحقق الجميع ان ما فيها ماء صرف. واختارها كبيرة حذرا من الظن انه يمكن استحضار خمر من الخارج لملئها. وامر ان يملاها خدام العريس لا تلاميذه، دفعا للظن بانهم استعملوا حيلة لتعظيم معلمهم. وامر ان يملاوها الى فوق لكي لا يبقى محل للقول ان خمرا اضيفت الى الماء بعد ان وضعه الخدام.
بشهادة 3 حواس: الشم والبصر والتذوق ثبت صدق المعجزة الاولى. ويماثل تحويل المسيح الماء خمرا اعماله الدائمة فهو الذي يحوّل الحسن الى احسن والثمين الى اثمن. حوّل عهد الناموس الى عهد النعمة الجديد، وحوّل الرموز الوقتية الى الحقائق الاصلية، كما يحول المعمودية بالماء الى معمودية بالروح، ويحول كلمة الارشاد الديني البسيطة الى كاس الخلاص الابدي في قلوب السامعين.
ومن جملة الامور التي تبين لنا ان المسيح قدوة للبشر: موافقته على استعمال الخمر في العرس. فليس المقصود هنا السكر بالخمر.. وما نعلمه عن المسيح يجعلنا نجزم انه لو كان في استعمال الخمر ضرر حينها لكان مستحيلا ان يصنعه. ان شرب الخمر خطية ان ادى الى السكر او اعثار الاخرين.
كانت اول معجزات المسيح في عرس، وبذلك توج سنة الزيجة وهي اقدم الانظمة البشرية، وهو الذي سنّها في جنة عدن – حين كان ابوانا الاولان في حالة القداسة التامة. ولاسباب غنية عن البيان اثبت فعلا ان "الزواج مكرما"(عب13: 4). وبذلك حذر الناس سلفا من التوهم المضر المستولي على الكثيرين، بان الزواج هو من باب التساهل مع الضعف البشري، وقد سن لاجل ردع الناس عن الرذيلة، وان الامتناع عن الزواج فضيلة، فنتج عن هذا الظن الفاسد.
كان حضور المسيح هذا العرس مقدمة جميلة لحضوره كل عرس يقام بين المؤمنين. وسوف يحتفل في اخر الايام بعرس المسيح العظيم الذي حول الماء خمرا- حين يجلس على عرشه الملوكي، وتكون العروس هي كل جماعة المؤمنين. ولا يدوم هذا العرس 7 ايام فقط بل الى ما لانهاية. فطوبى للمدعوين الى عشاء عرس الحمل (رؤ19: 1-10).

دعوة التلاميذ اﻻوائل


هل نحن نطلب المسح؟

تبعا اندراوس ويوحنا المسيح فورا بعد شهادة معلمهما يوحنا المعمدان عنه. وحالما شعر المسيح بمرافقتهما له سالهما "ماذا تطلبان؟"(يو1: 38). والمسيح عادة يسال كل شخصيتظاهر باتباعه: "ماذا تطلب؟" لان مطاليب تابعيه تختلف كثيرا وعليه تختلف ايضا معاملته لهم، وقد قال لبعضهم "انتم تطلبونني.. لانكم اكلتم من الخبز فشبعتم".
كانت اجابة التلميذين باحترام وتحفظ، كانهما يريدان في وقت اخر مناسب ان ياتيا ليسمعا كلامه ويتعلما منه، فقالا "يا معلم، اين تمكث؟" فلم يرض ان يخبرهما، لانه اراد ان يعلمهما ان المطلوب من كل واحد ان يتبعه حالا، فقال "تعاليا وانظرا". ولما اطاعاه ابقياهما عنده طول اليوم.
دعا اندراوس اخاه لتبعية الرب. وعرف الرب سمعان حالما التقاه، لا بل قبلما راه، لذا اعطاه اسما جديدا "الصخرة" وهو اسم لم يستحقه الا بعد حلول الروح القدس ، فظهرت مواهبه التي اهلته لهذا الاسم.
وقبل ان يترك يسوع بيت عنيا اتخذ تلميذا رابعا هو فيلبس. وجده بيسوع ودعاه قائلا "اتبعني". القاعدة العامة في الدين "اطلبوا الرب.." و "تطلبونني فتجدونني اذ تطلبوني بكل قلبكم" لكن هذه القاعدة لها شواذ. وكان فيلبس مثل متى من هذا الشواذ فصح فيهما قول الرب "وجدت من الذين لم يطلبونني"(اش65: 1).
ومثلما ظهرت الغيرة المقدس في دعوة اندراوس لاخاه، ظهرت في فيلبس بدعوة نثنائيل.
اعترض نثنائيل على دعوة صديقه بقوله "امن الناصرة يمكن ان يخرج شئ صالح". فلم يشأ ان يحاجه، وكثيرا ما يكون الجدال في المعتقدات الدينية فارغا، واحيانا مضرا. اما افضل برهان في فم المؤمن فهو جواب فليبس لنثنائيل "تعال وانظر".
اجاب سوع "سوف ترى اعظم من هذا" سوف ترى السموات فتحت للبشر بعد ان كانت الخطية قد اغلقتها في وجوههم. وترونني 0-انا كابن للانسان – اوصّل بين الارض والسماء. وارسل الملائكة لخدمة البشر. فتحمل الملائكة الى السماء صلوات المؤمنين، ثم تحمل ارواحهم متى انتهت حياتهم.
هذا اللقب "ابن الانسان" ليس مقصورا على المسيح فقد تلقب به حزقيال قبله (2:1). شهد المسيح عن نفسه اول شهادة في حديثه مع نثانئيل. قال احد الملحدين لكارليل الكاتب الانجليزي الشهير: "استطيع ان اقول عن نفسي ما قاله المسيح : انا والاب واحد". فاجابه كارليل "لكن العالم صدق يسوع. اما انت فمن يصدقك".

قصة يسوع بحسب اﻻنجيل




من الضروري ان تتعرف على يسوع شخصيا. ولن يتم ذلك اﻻ من خلال دراسة اﻻنجيل. هذا الكتاب "سيرة المسيح" هو سرد لقصة يسوع من خلال اﻻناجيل اﻻربعة معا.

ميلاد يسوع

تجربة المسيح


الخطية التي ليس لها مغفرة
مثلث عاهات

فصول الباراقليط

محاكمات يسوع
المسيح يأكل الفصح مع نلاميذه

صلب المسيح
القيامة

الأربعاء، 4 مارس 2020

تجربة المسيح


يوضح لنا الكتاب المقدس ان الشيطان شخصا حقيقيا ﻻ وهميا، ويصفه بانه "رئيس هذا العالم" و "رئيس سلطان الهواء" و "اله هذا الدهر". واهم البراهين على انه شخص حقيقي وصية يسوع لتلاميذه ان يذكروه في صلاتهم مهما اختصروها، ويقولوا "نجنا من الشرير".. ليس من "الشر" و لا من "الاشرار" بل "من الشرير".
ويتضح ايضا ان التجربة او تسلط ابليس مقيدة بسماح الهي، وابليس يعترف بذلك. والقصد الالهي فيها هو للخير، لان المنتصرون ينالون المكافاة. والذي يدفع كل ريب انها بقصد حبي خالص ان الروح القدس هو الذي اصعد يسوع الى البرية ليجرب من ابليس.
ولا يخفي الفرق بين نوعين من التجربة. الاولى، لاجل امتحان الايمان كما حدث مع ابينا ابراهيم ويطلب منا الرسول ان نفرح (يع1: 2).
والنوع الثاني لاجل اغواء الانسان ويقول عنه الرسول "لا يقل احد اني اجرب من قبل الله لان الله لا يجرب احدا بالشرور"(يع1: 13).
يكشف المسيح بنفسه عن خبر تجربته – اذ كان وحيدا في البرية وليس من يخبر عن خبرها الا هو نفسه – يكشف الستار عن سر عميق من اسرار اختباراته الروحية والمحنة الشديدة التي اجتازها منفردا تماما كسائر البشر. 
يريد البعض ان يعتبروا الشيطان ليس الا خيالا يستخدم للتعبير الشر الداخلي. ولكن خبر تجربة المسيح يعارض هذا الراي تماما. لان خلو قلب المسيح من اثر اي فساد يؤكد ان التجربة للخطية لا يمكن ان تاتيه من الداخل . فباب التجربة في قلبه لا يمكن فتحه الا من خارج.
خضع المسيح لقوانين الحياة الارضية كابن للانسان. منها ان وراء كل جبل عال واديا منخفضا، وبعد كل ابتهاج عظيم انزعاج يضارعه، وبعد كل نجاح يأتي انحسار. 
كان رفقاء المسيح في هذه البرية الوحوش الضارية. ونعرف ان ادم فقد سلطته عليها بعد سقوطه. فلما نقرا ان المسيح كان مع الوحوش نتصوره محاطا بها ، مثل دانيال، تحفظه هيبته المقدسة من انيابها. او ليس من شان ازالة الخطية اعادة تلك السلطة المفقودة. او ليس الرفق بالحيوانات من مقتضيات الدين والرحمة؟
في اغواء حواء اتخذ ابليس شكل حية واستخدم حواء في اغواء ادم ومن ذلك الحين يستغنى ابليس عن الحيوانات ويستخدم البشر في ذلك. فللتجربة بواسطة المقربين مفعول مضاعف. فلما قصد ابليس ان يحوّل المسيح عن فدائه استخدم بطرس.


التجربة الاولى:
قد سكت الوحي عن وصف الهيئة التي ظهر بها ابليس. الاغلب انه ظهر شخصيا وبهيئة شخص عادي اقبل على المسيح في البرية. فان صح ذلك، يكون ابليس قد اظهر تعجبه من جوع المسيح الناتج عن قيادة الروح الالهي له في هذا القفر، ثم تركه بدون القوت الضروري. ثم من باب التودد ذكر للمسيح – ان قوته كابن الله تجعل سد هذه الحاجة امرا سهلا.
اظهر المسيح باستناده على اقوال الكتاب ما هو المرجع الحقيقي في امور الدين. ومع كونه اقدر الناس على افحام المجرب بالحجج الفلسفية، اثبت بجوابه ان قوة الاحتجاج الديني توجد في كلمة الله، لا فيما تستنبطه الفلسفة. لان سيف الروح وحده قادر ان يقهر ابليس.
رغم ذكاء ابليس الفائق نسى ان ابن الله لا يجوع ولا ياكل خبزا ولا يجرب اصلا. فاصلح المسيح وهم ابليس لما اوضح له انه يواجهه – لا كابن لله – بل كابن الانسان. لم يهتم المسيح – في حياته – بتذكير الناس انه ابن الله. فلا يذكر الانجي سوى 10 عبارات فقط. بينما يشير نحو 50 مرة الى كونه ابن الانسان. 
فلو اسندت الطبيعة الالهية الطبيعة البشرية في التجربة، لكان ذلك بمثابة اعتراف منه ان الطبيعة البشرية عاجزة عن التغلب عليها، ولما صحّ القول انه تجرب مثلنا، ولا ان يكون مثالا للناس. فهو لا يفعل في ساعة التجربة ما يعجز تلاميذه ان يفعلوه. وهذا سببكاف لعدم تحويله الحجارة خبزا. فضلا انه يريد ان يذوق بنفسه تجربة الجوع الشديد، لان هذا نصيب كثير من البشر.
هذه التجربة الاولى هي الحيلة التي نجح بها ابليس في اسقاط حواء ثم بني اسرائيل في التذمر. وقد قصد المجرب ان يغري المسيح ان يهتم بذاته، فان نجح بهذا يعطل عمله الخلاصي لان المسيح حينها يكون ممن يعيشون لذواتهم. "لان المسيح ايضا لم يرض نفسه"(رو15: 3). وصح فيه تعيير مبغضيه "خلص اخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلصها". فصار هذا مبدا لتابعيه انكار الذات. 

التجربة الثانية:
ابليس ابدل خطته بالنقيض تماما. فقد سلّم انه ابن الله ولا ينفص عن ابيه فطلب ان يتمسك بهذا الارتباط ويبرهن عنه. وتظاهر انه سلمللمسيح بافضلية الامور الروحية على الجسدية. فطلب من المسيح عملا خطيرا خاليا من المنافع الجسدية، لكن فيه تعريض الجسد لخطر عظيم.. 
نظن ان ابليس ظهر حينها في هيئة ملاك من نور.. وهو هنا كانه يضمن للمسيح ان يصونه من الاذى حتى لو رمى نفسه ولا سيما وانه يقدم بذلك برهانا للعالم عن نزوله من السماء من عند الله.
ان ما كتب في مكان ما من الكتاب يفسر في باقي الكتاب. اذ يجب ان يفسر كلام الوحي بمثله.
لقد تجنب المسيح في كل حياته المخاطر، الى ان اتت الساعة التي فيها وجب ان يقدم نفسه ذبيحة اثم.
الوجه الاخر للتجربة هي ان يتخذ المسيح سياسة الادهاش العقلي البصري. ولو نجح ابليس في تحويل المسيح عن الاهتمام بالتاثير الروحي في القلوب يكون ابليس قد حفظ سلطته على البشر.
ومع ان المسيح مزمع ان يصنع معجزات كثيرة لكنه لم يصنعها لاجل الادهاش ولا لجذب الناس للايمان، بل تثبيتا للايمان في القلوب. 

التجربة الثالثة:
بنى رفض المسيح على نوعة ما كلفه ابليس به وليس على كذب وعد ابليس ومواعيده فارغة. رفض السجود لغير الله. ورفض ان يقدم السجود من باب النفاق لشخص لا يسجد له قلبيا. وان يتخذ لاجل غاية حسنة وسيلة سيئة. كانت خطته تطلب من المسيح ان يتبنى المجد العالي في امور الدين، كما يفعل رجال الدين جميعا، وحتى رسله ويوحنا المعمدان، الذين توقعوا ملكوتا زمنيا يقيمه المسيح متى جاء. 
لا يستبعد ايضا ان هيئة ابليس لم تكن هيئة شيطانية ظاهرة تولد النفور منه. لكن وقاحة اقتراحه في طلبه تكفي لتكشف عن حقيقة شخصه.
انتهره ومع ذلك لم يمسك عنه قوة البرهان بل سرد له المكتوب.
فارقه الى حين فقط. وظهر للحال مراقبة السماء "اذ جاءت ملائكة لتخدمه" كانها تنقل التهاني السمائية على فوزه. فكم يكون فرحهم وهم يخدمون ليس ورثة الخلاص بل رئيسه.

مركز الكتاب المقدس في حياتك


كم من الساعات تستغرقها قراءة الكتاب المقدس؟ الكتاب المقدس يحوي اكثر من 3 ملايين حرف، 31000 عدد (اية) و 1189 اصحاح. لقراءة العهد القديم نحتاج الى 38 ساعة. ولقراءة العهد الجديد نحتاج الى 11 ساعة. وفي المجموع نحتاج الى 49 ساعة لقراءة الكتاب المقدس كاملا. اي 6 ايام (اذا كان معدل القراءة 8 ساعات في اليوم تقريبا). اذا قرانا 4 اصحاحات فقط يوميا ، نستطيع ان نكمل قراءة الكتاب المقدس في عام واحد (365) يوما.
**
تبدو الحياة وكانها شريط سينمائي: صغير جدا.. طائش جدا.. واثق بنفسك جدا.. مسرور جدا.. مشغول جدا.. قلق جدا.. هرم جدا.. ساعتك وافتك سريعا جدا..
فهل تبذل وقتا في قراءة الكتاب المقدس؟ هل تبذل وقتا لخلاص نفسك؟ هل تبذل وقتا للصلاة؟ عزيزي، الحياة قصيرة. والايام تمر سريعا كشريط سينمائي. "فاذكر خالقك في ايام شبابك"(جا12: 1).

مقدمة انجيل لوقا وسفر اعمال الرسل

لوقا
الانجيل واعمال الرسل
اللغة والااسلوب:
اللغة التي يستخدمها تشابه الى حد كبير العبارات والاصطلاحات التي تستخدمها اليونانية الكلاسيكية. لوقا يخفف من اسلوب سابقه – الذي كان يقتبس منه – او يترجمه الى اليونانية (كما ترجم كلمة الجمجمة بدلا من الجلجثة)، والمعلم بدلا من ربوني، والغيور بدلا من القانوي.
الدوافع الاساسية:
يظهر الكاتب دور الروح القدس في خدمة المسيا. ويظهر هذا الدور ايضا مع الكنيسة.
في كلا الكتابين نجد:
الروح القدس ودوره في خدمة المسيا في الانجيل وخدمة الرسل في الاعمال.
العامل الجغرافي: المسيح يبدا خدمته في الجليل ثم يتقدم الى اورشليم في رحلته. ومن هناك ، في الاعمال،  تبدا الكنيسة الى اليهودة ثم السامرة فانطاكية واخيرا الى روما.. كل ذلك في مد لا رجعة فيه.
العامل التاريخي: نجد تكامل تاريخي في السفرين والتاريخ الذي فيهما يرتبط بالتاريخ العالمي.
الكاتب:
الكتابين لا يفصحان عن اسم الكاتب. توجد 3 فقرات (اع16: 10-40 و (20: 5- 16) و (21: 1-18) تدل على ان الشخص الذي كتبها رفيقا لبولس في السفر: فقد قابله اولا في فليبي ثم افترق عنه، وقابله مرة اخرى في مكدونية او فليبي ثم ذهب معه الى قيصرية. وبقى هناك الى ان ذهب الى اورشليم واحتجز هناك ، وبعد سجنه سنتين في قيصرية رافقه الى روما.
ويذكر احدهم ان لوقا هو ذلك الرجل المكدوني الذي ظهر لبولس في حلم.
مميزات الانجيل:
1- التفاصيل المتعددة:
قصة رحلة المسيح الى اورشليم يذكرها مرقس في اصحاح ومتى في اصحاحين بينما لوقا في 9 اصحاحات.
2- النظرة المتسعة للعالم:
في ترنيمة الملائكة "وبالناس المسرة".
في ترنيمة سمعان الشيخ "نور اعلان للامم".
لم يقف في النبوة الخاصة بيوحنا المعمدان بل اكمل "ويبصر كل بشر خلاص الله".
يضع السامريين على قدم المسواة مع اليهود. فوبخ التلميذين اللذان ارادا ان تنزل نارا من السماء لتحرق السامريين (9: 59)
يذكر امميين: ارملة صرفة صيدا ونعمان السرياني.
يضيف صفة المسكونية في مثل العشاء العظيم بان يضيف كلمة "ازقة" وطرقات وسياجات" على عبارة "شوارع المدينة".
اهتمامه بالفرد: زكريا - مريم ومرثا -
اهتمامه بالمنبوذين: المراة الخاطئة – الابن الضال..
اهتمامه بالطفل:
في 3 مواضع يذكر الاطفال الوحيدين لابائهم. ويستعمل كلمة طفل بدلا من الصبي
الصلاة: يسجل 9 صلوات للمسيح.
الفرح: في 3 امثال (لو15) نجد الفرح بالتائبين. ترنيمة العذراء و ..
هدف الكتابة:
كتب الرسول انجيله للامم في شخص ثاوفيلس. كما كان هناك دافع اخر هو الدفاع عن المسيحية مما كان يحيط بها من تيارات داخلية وخارجية لدمجها في عقائد اخرى وابعادها عن اصلها، فاراد ان يزيل الاعشاب من المجرى ويبين اصالة المسيحية.
ان حوادث حياة المسيح وخاصة موته وقيامته كانت هي الاساس الذي بنى عليه الايمان المسيحي. لقد سمع عنها وفهمها ولكن هناك ما تلاها من الحوادث مثل حلول الروح القدس وكرازة التلاميذ. وكيف تحول بولس من مجدف الى كارز عظيم. وهل تتناقض رسالته مع رسالة الرسل ام يكملان بعضهما؟
تحول الكنيسة من اليهود الى الامم. كيف حدث؟ كيف انتقل المركز المسيحي من اورشليم الى روما؟
لقد قبل الكثيرون الايمان ولكنهم في نفس الوقت استمروا في حياتهم الاولى ممارسين الطقوس اليهودية. ولكن هذا كله تغير تحت سمع وبصر ثاوفيلس فاضحت الغالبية العظمى من الامم. وبدا التفكير اللاهوتي يتسع ويبدو مركبا اكثر من لاهوت اورشليم.
التفسير اللاهوتي للتاريخ:
قسم اليهود الزمن الى قسمين: الدهر الحاضر، والدهر الاتي. اعطتهم هذه العقيدة ثباتا في المحن. اذ يثقون ان الله سيتدخل في التاريخ، اما بنفسه او عن طريق ابن داود. ولم تكن هذه العقيدة نبتة برية ولكنها بنيت على اساس ثقتهم في مواعيد الله للاباء.
ولقد شارك التلاميذ اليهود هذا المعتقد . وهذا يتضح من سؤاله للمسيح "هل في هذا الوقت ترد الملك لاسرائيل؟".
ولكن سرعان ما اكتشفت الكنيسة ان العقيدة اليهودية ابسط من ان تفسر عمل الله في المسيح. فالمسيح هو مركز التاريخ.. هو المفتاح الحقيقي لازمنة الله.
راى لوقا في التاريخ 3 عصور: عصر اسرائيل ثم عصر المسيح ثم عصر الكنيسة. والاخير ينقسم الى طورين: عصر الكنيسة الاولى: فيه يوضع اساس الكنيسة وحدثت فيه ايات لا يمكن ان تتكرر لانها ايات ظهور كنيسة الله في التاريخ، كما كانت ايات المسيح علامة على مجيئه.
الطور الثاني هو طور اتساع الكرازة. ظهرت سمات هذا الطور في خطاب بولس لقسوس افسس (اع20). في هذا العصر لابد من الحذر من دخول الذئاب.
الاسلوب الادبي:
عندما كتب الرسول انجيله الى ثاوفيلس لم يكن يقصد انه رسالة شخصية. بل كان يتبع الطرق الرسمية. ومن طريقة كتابته يتضح انه كان يقصد جمهور واسع لقراءته.

ميلاد يسوع

سلسلة نسب المسيح:
أ- بحسب متى:
المسيح هو الانسان الوحيد في التاريخ البشري الذي حفظ سجل نسبه لاب البشر ادم. وهو الوحيد الذي – بالاضافة الى جوهره الالهي – تتوقف قيمة الانسانية على سلسلة اجداده، لان منها نعرف انه ابن داود المخلص المنتظر.

ب- بحسب لوقا:
اورد لوقا في بشارته جدولا اخر لنسب المسيح يختلف بعض الاختلاف عما اورده متى. ولكننا نقول ان الجدولين متفقان في تان يوسف رجل مريم ام يسوع هو الحلقة الاخيرة فيهما. ويتفقان ايضا في حلقات النسب بين ابراهيم وداود. ويتفقان في اسمي شالتئيل وزربابل وقت السبي. لكنهما يختلفان اختلافا فرح له المنتقدون. من هذا الاختلاف ان متى يقدم الاسماء من يسوع راجعا الى ابراهيم واما لوقا فالى ادم. ويتبع متى سلسلة سليمان بن داود، واما لوقا فيتبع سلسلة ناثان بن داود. ويذكر متى ان يوسف ابن يعقوب، اما لوقا فيجعله ابن هالي والد مريم، وكان اليهود احيانا ينسبون الرجل الى والد زوجته (قارن ما حدث مع عائلة برزلاي عزرا2: 61ونح7: 63). والحلقات في متى بين داود ويوسف تنقص كثيرا عنها في لوقا. فالامر ظاهر ان بعض الحلقات متروكة، لان كلمة بن وكلمة ولد تردان احيانا في هاتين السلسلتين بالمعنى الواسع، مثل القول ان يسوع "ابن داود ابن ابراهيم". لان متى يذكر 4 حلقات فقط في ايام القضاة بين راحاب وداود، مع ان المدة 450 سنة.
على ان البشيرين متى ولوقا يوضحان اصل المسيح الالهي، فمتى بعد ان يقول في كل الحلقات السابقة فلان ولد فلان" لا يقول – كما كنا نتوقع – يوسف ولد يسوع، بل "يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح". ولوقا يقول "وهو على ما كان يظن : ابن يوسف". ولو كان بالجدولين ما يستحق المعارضة لفعل قادة اليهود ذلك من البدء.

جبرائيل يبشر زكريا:
اضطرب زكريا لرؤيته الملاك، لان ذلك امر طبيعي من اي انسان عندج رؤية ملاكا مهما كانت درجة تقواه وصلاحه.فليس صالح الا ويعرف ذاته خاطئا، والضمير الحي يجعل صاحبه خائفا في حضرة الاطهار اذ يبكته على اقل الهفوات.
وكان اخر ظهور ملائكي من 500 عام ، وبذات غرضه الحالي – وذلك لدانيال، اخر الانبياء العظام قبل المسيح (دا10). اذ بشره بميلاد صبي واعطاه الاسم الذي يطلقه عليه. واخبره انه سيكون عظيما اذ ينجح نجاحا باهرا في الرسالة المكلف بها "يرد كثيرين الى الرب الههم".
وزاد بما هو اعظم من هذا اذ قال له ان هذا الصبي سوف يكون المبشر بظهور المسيح الموعود به، فيتقدم امامه متمما النبوة التي كان يعرفها كل يهودي ان ايليا ياتي قدام المسيح ويهئ لرب شعبا مستعدا.
امامنا المرة الوحيدة التي فيها يبشر الملاك بميلاد ولد تكون وظيفته ان يبشر بقدوم اخر اعظم منه.

جبرائيل يبشر العذراء:
لا يسلم العقل ان المعجزة الفائقة التي هي تانس كلمة الله تحدث دون ان تحوطها معجزات اخرى ترافقها وتثبتها، فمعجزة البشارة لزكريا وقصاصه، وحبل اليصابات العجيب، هي مقدمة المعجزات التي احاطت بولادة المسيح.
وهذه كلها تسّهل تصديق تلك المعجزة الاعظم التي تتبعها قريبا – وهي ولادة المسيح من عذراء، فتتحقق فيه النبوات العديدة. وليس في التاريخ البشري شخص غيره تنطبق عليه تلك النبوات او تلائمه تلك الرموز. كذلك حق الحكم بان يسوع الناصري هو المخلص الموعود به.
كانت تحية الملاك لمريم ابلغ من تحيته لزكريا ، اذ قال لزكريا "لا تخف" بينما قال للعذراء "سلام لك ايتها الممتلئة نعمة" فقد انعم الله عليها بشرف لا تساويه القاب الملوك وعظمتهم. "فلما راته اضطربت" وتحيرت من التحية فطمانها حالا كما فعل مع زكريا وقال "لا تخافي" مناديا اياها باسمها وكرر تهنئته لها "لانك وجدت نعمة عند الله". ثم اخبرها بما هو اعجب من حبل اليصابات بانها ستلد وهي عذراء. هذا الابن لا يكون فقط عظيما بل انه "ابن الله".
طلبت مريم ايضاحا لطريقة اتمام الوعد فقط، فاعطاها الملاك علامة مفرحة، وهي خبر المعجزة التي حصلت لاليصابات.
كان اليهود يحدثون اطفالهم عن مجئ المسيح الذي يخلصهم من طغيان الاعداء. وكان انتظارهم هذا سبب ثورات دموية اثارها مسحاء كذبة بدافع التهوس الوهمي والطموح الشخصي او الطمع المادي. وكانت هذه الثورات تاتي عليهم بالوبال.

ولادة المسيح:
كانت مريم تسكن الناصرة، لكن نبوة ميخا تقول ان المسيح يكون من بيت لحم. فاي دافع يسوق يوسف ومريم من الناصرة الى بيت لحم محتملين مشقة سفر 4 او 5 ايام في اول فصل الشتاء، ومريم على وشك الولادة؟
ان الله يستخدم لاتمام مشيئته – ليس الملائك فقط – بل والملوك ايضا. صدر امر اوغسطس قيصر باجراء احصاء عام لرعاياه. وفي ذات الوقت يكون هذا الاحصاء توثيقا لميلاد المسيح في سجلات الدولة الرومانية.

الملاك يبشر الرعاة:
لما تاسست الارض ووضع حجر زاويتها ، ترنمت كواكب الصبح معا وهتف جميع بني الله، لكن هذا الهتاف والترنيم لم يطرقا اذانا بشرية. انما لنا تاسس الفداء، ووضع حجر زاوية الخلاص للبشر الخطاة بتانس الابن الازلي، سمع فوق سهل بيت لحم هتاف ملائكة الله في اذان رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل.
وحالما اكمل الملاك هذه البشارة السعيدة، ظهر جمهور من الجند السماوي، ظهروا مسبحين الله.. ان تسبيح الله هو عملهم في السماء، ولما جاءوا على الارض كان هذا ايضا عملهم . حقا ان ملكوت الله هو بر وسلام وفرح (رو14: 17).

قتل اطفال بيت لحم:
من يقدر ان يتصور لسعات ضمير هيرودس في ساعات الموت، وخصوصا متى طالت هذه الساعات، وكانت علته لا ترحمه؟ ظن هيرودس لما قتل اطفال بيت لحم انه يعيش وان الصبي الذي خشى ان يهدد عرشه قد قتل. لكن بعد ايام قليلة كان هيرودس في قبره بينما كان الصبي يسوع محروسا.

في ملء الزمان :
جاء المسيح رئيس السلام في وقت عم فيه سلام الارض نادر الحدوث. وجاء في وقت توطد فيه الامن، وتوفرت المواصلات في الداخل والخارج تسهيلا لاسفار رسله الكرام. وذلك بواسطة امتداد لا مثيل له في التاريخ لسطوة سياسية موحدة منظمة شاملة. هي سطوة الامبراطورية الرومانية.
وكانت اللغة اليونانية، افضل اللغات القديمة، منتشرة مع فلسفتها البليغة تسهيلا لتوزيع انجيل المسيح. لا سيما ان اليهود كان لهم في الشتات ترجمتهم اليونانية للتوراة.
جاء المسيح في وقت تفاقم فيه الشر في العالم لتتضح شدة الحاجة الى مخلص.
جاء المسيح في وقت اكتملت فيه الوسائل الاخرى التي استخدمها الاله سبحانه لرد البشر عن شرورهم. ومع هذا كانت الشرور تزداد، فامتلات صدور الاتقياء القليلي العدد ياسا جعلهم يتوقعون ظهور المسيح المخلص بفارغ الصبر.