السبت، 22 فبراير 2020

القيامة


القيامة:
راى النسوة الحجر الذي دحرج على القبر، لكنهن كن يجهلن ما عمله الرؤساء من ختم القبر واقامة الحراس عليه. بما ان صعوبة رفع الحجر التي يعرفنها لم تثنهن عن الواجب الحبي، ازال الله من امامهن ليس تلك فقط، بل ايضا ما خفي عنهن، من قبل العناية الالهية، رحمة بهن، لئلا يمنعهن عن تادية خدمتهن الشريفة. او ليس هناك الكثير مما تخفيه عنا العناية الالهية _ان لم نقل كله – رافة بنا؟
ارسل الله ملاكل ليفعل ما لاتستطيعه النسوة. لما وقع نظر المجدلية على القبر، ورات الباب مدحرجا. ظنت ان شخصا اخذ الجسد، فاسرعت تخبر التلاميذ. جاء يوحنا وبطرس مسرعين.. لم يكتف بطرس بنظرة من بعيد، بل دخله ليفحص بالتدقيق لعله يجد سببا يفسر فقدان الجسد. بعد المشاهدة مضى بطرس متعجبا، اما يوحنا فقد امن. بعد ان راى الدلالة الواضحة على ان غياب الجسد لم يكن عملا بشريا بل الهيا اي قيامة يقينية.
كان القبر الفارغ برهانا على القيامة. لانه لو ان الاعداء اخذوا الجسد، لفنّدوا القول انه قام، لان جسد الميت بحوزتهم. والمحبون لايجدون سبيلا الى اخذه لان ضعفهم وياسهم وختم الحكومةوالحراس وسطوة خصومهم موانع كافية تحول دون ذلك.
بعد ان راى بطرس ويوحنا القبر الفارغ رجع الى المدينة، اما النساء فمكثن عند القبر ثم دخلنه. وفيما هن محتارات ظهر لهن ملاك. وطمانهم ودعاهن لينظرن الموضع. وبينما هن خائفات ومنكسات وجوهن الى الارض ظهر لهن ملاكان بثياب براقة ، وبخاهن لانهن يطلبن الحي بين الاموات ودعاهن ليبشرن بقيامته التلاميذ وخص بالذكر التلميذ الساقط، بطرس.
عندما قام المسيح لم ترافقه الاكفان، فاكفان المسيح احدى صفحات قصة حياته، نام فيها حينا، لكنه تركها. وكل الذين يفتشون عنه في التاريخ – وكانه احد المشاهير القدماء – لا يجدونه. ذلك، لانه حاضر بيننا حيا غير منظور.والتاريخ لا يعلنه كما هو، بل تراه عينا الايمان. لان الماضي منه لا يفي بالمطلوب. نرى ذلك في تلاميذ المسيح، لان اختبارهم في المسيح قبل موته لم يف بالمطلوب . لانه صوّره لهم في قبره، فاحتاجوا لاختبار جديد يريهم اياه في جسد مجده.
المسيح يظهر لمريم المجدلية
كانت مريم المجدلية قد عادت الى القبر المقدس، بعد ان اخبرت بطرس ويوحنا فاخذها البكاء الشديد عند باب القبر. وانحنت لتنظر لاول مرة داخله، فما كان اعظم عجبها لرؤية ملاكين جالسين. لم يذكر انها دهشت كغيرها او جزعت عند رؤية الملاكين، لان تاثير الحزن الشديد في قلبها لم يترك للخوف مجالا.
وسالها الملاكين عن سبب بكاءها، ذلك لانها بكت لفراغ القبر، بينما هذا اعظم داع للسرور. كذلك نفعل مثلها، كم نحزن لامور حسبناها مصائب بينما هي اعظم بركات.
الظاهر ان رفيقاتها من النسوة ابتعدن، وانها لم تعلم بظهور الملاكين لهن. طلبت الجسد لتكفينه، فنالت اعظم من سؤالها. نظرت المسيح حيا، فاسرعت لتقبل قدميه. لكن المسيحج اوقفها، ليشعرها بالتغيير الكامل بعد قيامته واظهر لها السبب" لاني لم اصعد بعد الى ابي". اراد ان يفهمها ويفهمنا ان الواجب هو التمسك به بالروح لا بالجسد. فعلينا ان نعي ذلك "لان الله روح". فلا نطلب حضورا ملموسا له بالعيان. وانه عما قليل سيصعد الى ابيه (في طبيعته الالهية) والهه (فيطبيعته الانسانية).
شرّف المسيح تلاميذه بلقب جديد دلّ على لطفه وتواضعه. دعاهم قبلا تلاميذه واصدقاءه واحباءه، اما الان فيدعوهم "اخوتي". فما اعظمه من حب!
المسيح يظهر للنسوة :
ظهر المسيح ظهوره الثاني لا لتلاميذه بل للنساء وهن ذاهبات راكضان ليتممن وصية الملائكة.
حوّلت العناية الاهية شك التلاميذ الى اعظم براهين للقيامة. فشك التلاميذ زال شيئا فشيئا بتوال البراهين القاطعة. شكوا وقتا قصيرا لكيلا نشك نحن الى الابد.
الحراس يبلغون عن القيامة:
نسب الكهنة القيامة الى سرقة الجسد بينما كانت هي بالروح القدس. فصار ذلك تجديفا على الروح القدس. لو كان الايمان متوقفا على البراهين لامنوا لا محالة. لانهم راوا معجزاته 3 سنوات حتى انتهت باعظم اية- القيامة. الايمان هبة من الله اولا. وهو يتوقف على حالة القلب ومدى استعداده لقبول الهبة الالهية.فلا يتوهم صاحب البراهين انه يربح النفوس بمجرد الجدال، مهما كانت معارفة عظيمةولسانه طلق في البيان.