السبت، 28 أبريل 2018

رواية: فادي وذيسبينا


فادي وذيسبينا (سر الزواج) هي قصة تحليلية ثقافية اجتماعية دينية تعالج شئون الحياة بواقعية علمية روحية، للشماس اسبيو جبور. انها رواية تتميز بالفكر الصافي الواضح المشبع برؤية عميقة رصينة، في عالم اليوم الذي اصبح الحق فيه نادر ومحتجب. واضحى الفكر السهل الرصين يكاد ان يحتجب في اوساط المثقفين والمتعلمين. وهكذا يأتي هذا الكتاب بسيطا صريحا واضح الرؤيا سلسا يعالج هموما يومية وقيما بدأنا ننساها : الغش، الاخلاق، القيم، وكل هذا في اطار الخط العام الذي يتناول فيه الكتاب منسألة الزواج في العرف الشرقي، باسلوب رائع جذاب ، ولغة فصحى قريبة من القلب والاذن فيستخدم الامثال الشعبية بطريقة ستتذوقها عندما تطالعه.
لن اطيل بل اكتفي بدعوتك الى الكتاب لتطالعه.

قراءة في الرواية:
قالت: اسمي ذيسبينا بنت ميشال بليئولوغوس من الكورة.
فادي: اسمك يوناني. انت ارثوذكسية حتما. ال بليئولوغوس كانوا ملوك بيزنطة.
ذيسبينا: يقال اننا من سلالتهم.
- في قصة خلق حواء ترى ان الله خلقها كصون لادم وانقاذا له من وحشته الداخلية ووحدته.
-خلودهما في الجنة صار على الارض امتدادا في النسل. بولس الرسول قال بوضوح. الزواج افضل من التحرق. الزواج مقدس والمضجع غير نجس، انما اساءة الاستعمال خطية، كما ان شراهة الطعام خطية.
- ان كان الدين قد فر من الصدور افنسأل عن صوم وصلاة وتقوى؟
- كم نحن في دركات الانحطاط الروحي!
- انا اعرف واقع البشر وضعفهم. ان سايرنا الواقع قلنا ان الطبيعة بحاجة الى ممارسة الجنس وحللنا العلاقات الجنسية وتعدد الزوجات واقتناء الجواري وكل الموبقات.
- ماذا فعلت المسيحية؟
- شنت حربا لا هوادة فيها على الاباحية والانحراف الجنسي.
- ولكن مطالب المسيحية عسيرة.
- المسيحي شهيد ومصلوب . بولس نقل عن المزامير الاية "من اجلك نمات كل النهار"(رو8: 36). يوحنا الامجيلي صنّف الجبناء مع الفاسقين والكذابين وعابدي الاوثان"(رؤ22: 8).
- البتولية عسيرة. من استطاع على الارض حفظها تماما؟
- هي عسيرة، انما نعمة الروح القدس تكمل الناقصين. مريم العذراء حفظت نفسها من الاثم.
- كيف كانت تقضي نهاره ويسوع في بطنها او بين يديها وامامها؟
- سل الملائكة. اي عقل يستطيع ان يصف تقواها قبل وبعد الحبل؟
- اذا الجنس في المرتبة الثانية لا الاولى.
- هذا يعني ان حواء انسنت ادم ؟
- ماذا تقصد؟
- انسنته اي صيرته انسانا. هي انيسة.
- هو انسان بدونها. ولكنها ازالت وحدته وبعثت الانس.
- وكما قال امير الشعراء احمد شوقي:
وما التأنيث لاسم الشمس عيب     ولا التذكير فخر للهلال

الجمعة، 27 أبريل 2018

قصة الفيل والحبل الصغير


استوقفتني فكرة حيرتني وهي حقيقة أن الفيل ذلك الحيوان الضخم قد تم تقييده في حديقة الحيوان بواسطة حبل صغير يلف حول قدمه الأمامية، فليس هناك سلاسل ضخمة ولا أقفاص كان من الملاحظ جداً أن الفيل يستطيع وببساطة أن يتحرر من قيده في أي وقت يشاء لكنه لسبب ما لا يقدم على ذلك !شاهدت مدرب الفيل بالقرب منه وسألته: لم تقف هذه الحيوانات الضخمة مكانها ولا تقوم بأي محاولة للهرب؟ 
حسناً، أجاب المدرب: حينما كانت هذه الحيوانات الضخمة حديثة الولادة وكانت أصغر بكثير مما هي عليه الآن، كنا نستخدم لها نفس حجم القيد الحالي لنربطها به.
وكانت هذه القيود -في ذلك العمر– كافية لتقييدها.. وتكبر هذه الحيوانات معتقدة أنها لا تزال غير قادرة على فك القيود والتحرر منها بل تظل على اعتقاد أن الحبل لا يزال يقيدها ولذلك هي لا تحاول أبداً أن تتحرر منه ، كنت مندهشاً جداً. هذه الحيوانات –التي تملك القوة لرفع أوزان هائلة- تستطيع وببساطة أن تتحرر من قيودها، لكنها اعتقدت أنها لم تستطع فعلقت مكانها كحيوان الفيل.
الكثير منا أيضاً يمضون في الحياة معلقين بقناعة مفادها أننا لا نستطيع أن ننجز أو نغير شيئاً وذلك ببساطة لأننا نعتقد أننا عاجزون عن ذلك، أو أننا حاولنا ذات يوم ولم نفلح .

المهرج



خلال تسعينيات القرن العشرين ، كنت مهرجًا محترفًا. قمت باحياء حفلات أعياد الميلاد ، وحفلات الزفاف ، والعروض المدرسية ، وعروض المتاجر ، وحفلات العطلات ، وحفلات الشركات.. تلقيت ايضا العديد من الدعوات من العائلات الثرية. من بين هذه العائلات قمت باحياء احتفال عيد ميلاد طفلة ثلاث أو أربع سنوات متتالية اسم الطفلة اميلي . احييت عيد ميلادها الرابع. كنت سعيدًا أن أكون في عيد ميلادها الخامس أيضًا. ولأنها عاشت في منطقة كنت فيها اتمتع بشعبية كبيرة ، شاهدت إيميلي عروضي أربع أو خمس مرات خلال العام نفسه، بالإضافة إلى عيد ميلادها. هذه العائلات جعلتني اشعر اني اسير على أصابع قدمي ، لأنني اضطررت إلى تعديل برنامجي الترفيهي باستمرار ، لأن جميع الأطفال رآوني كثيراً!
في أحد الأيام ، تلقيت مكالمة تطلب مني الحضور لزيارة إميلي ، كان ذلك قبل بلوغها السنة السادسة من عمرها بشهر - كان لي عادة بزيارة المستشفيات، ومنها مستشفى السرطان للاطفال التي زرتها 5 مرات، كلما كان لدي وقت فراغ بين العروض. كانت هذه هي المرة الأولى التي يطلب مني فيها الحضور لطفل معين
عندما وصلت، كانت اميلي موضوعة في غرفة العناية المركزة. التقيت بوالديها في صالة الاستقبال بالمستشفى ، اعلموني أنها ضعيفة للغاية وحالتها حرجة. قالوا لي إنها لا تعرف أنها تحتضر. وما هي الا لحظات حتى وجدت نفسي اقف في غرفة بيضاء مليئة باجهزة طبية. بهلوان يرتدي بدلته الأرجوانية، مع بالونات وادوات الالعاب السحرية يقف امام فتاة تحتضر يحاول ادخال الفرحة والمرح الى قلبها! 
ابتسمت اميلي بمجرد ان راتني وصفقت بيديها الواهنتين بذلت اقصى جهدها وطاقتها الثمينة لتضحك. ولان ادارة المستشفى لم تسمح الا باثنين فقط في الغرفة في وقت واحد ، لذلك كنت انا ، وإميلي وأحد والديها فقط، بينما وقف الجميع يشاهدون من خلال زجاج النافذة. مكثت لمدة 20 دقيقة فقط. وبينما كنت اودعها ، أخذت اميلي يدي وسألتني أصعب سؤال ... 
"بهلوان، هل سأراك مرة أخرى؟
فعلت ما فعله أي شخص في هذا الموقف - كذبت. ابتسمت في وجهها وقلت: 
"بالطبع سافعل! سأكون في حفل عيد ميلادك السادس!" 
هذه الطفلة الجميلة هزت رأسها بحزن وأخبرتني برفق : 
"بهلول ، أنا آسفة. لن اعيش لاحتفل بالمزيد من أعياد الميلاد. انا اعني ما اقوله ، هل سأراك مجددا في السماء؟". 
جاء وقع هذه الكلمات كالصاعقة على الام، لم تحتمل وغادرت الغرفة بسرعة، وتركتني "وحدي" لمواجهة تلك الحقيقة الرهيبة معها. إذن ما الذي يمكن ان يقوله المهرج لطفل يريد أن يتحدث عن السماء ، بينما يحتضر؟ سألتها: 
"ما رأيك في السماء؟" لم تكن تعرف ، لكنها كانت خائفة من أنها ستكون وحدها "في الأعلى" في منزل كبير ، دون أن يتكلم أحد معها مرة أخرى.  لماذا تعتقد ذلك؟ يبدو أن هناك شخصا أخبرها أن الله قد أعدّ قصرًا لها، في السماء ، وأنها ستذهب إلى هناك قريبًا. وقد وصف لها القصر بأنه "بيت كبير" ... سيكون كبيرا بالنسبة لها! كانت خائفة من الفكرة ، ولم ترغب في الذهاب ، لكنها لم تستطع أن تطلب من والدتها أو والدها ذلك لأنها (وتهمس في اذني) "لا يعلمون أنني أموت".
ضحكت وأخبرت إيميلي بأنّها لن تكون لوحدها! وان منزلها سيكون في شارع به الكثير من الأطفال الآخرين ، وفي شارعها حديقة كبيرة حيث تلعب الجراء والقطط! (ذكر ذلك رسم ابتسامة عريضة على وجهها) "هل سيكون هناك أيضا ، بهلوان؟" الطفلة العنيدة! لم تكن لتدعني اذهب. أخبرتها أنني لن أكون هناك لمدة لا اعرف مقدارها ، ولكن لدي أصدقاء هناك بالفعل، وانه بإمكانها أن تخبرهم أنها تعرفني.
استطردت أيضا في وصفي لمنزلها السماوي، فقلت لها ان في منزلها سيكون هناك تلفزيون سحري يمكنها من خلاله مشاهدة أصدقائها وعائلتها الذين لا يزالون على قيد الحياة ، اثناء تنتظارها لنا جميعا للانضمام إليها. اصبحت اميلي اكث ارتياحا. وقالت إنها لم تعد خائفة بعد الآن. ثم ذكّرتني بالا اقول أي شيء لوالديها ، لأنهم قلقون بالفعل بشأن مرضها ، ولم ترغب في أن يشعروا بالحزن لموتها. لقد خرجت من الغرفة وفي غرفة التمريض انخرطت في البكاء. لم احضر "حفلها" التالي ... لقد تأكدت من أن والديها كانا على ما يرام ، وجاءت حضرت إلى الجنازة لتوديعها.

الخميس، 26 أبريل 2018

عيد الخمسين



احكي لكم عن قصة حدثت معي. احضرت يوما زيتا لاملأ السراج امام ايقونة العذراء. في البداية ، افترضت بالخطأً أن كل ما احتاج اليه هو أن يكون في المصباح زيت ، وأن يكون الفتيل مغمورًا في الزيت ، وأن يمتد الفتيل بعيدًا بما يكفي لحرقه. في نهاية المطاف ، علمت أن هذا لا يكفي. في الواقع ، من الضروري ليس فقط أن يكون هناك زيت في المصابيح ، بل أن يكون الزيت عميقًا بما فيه الكفاية - لأن الزيت لا ينتقل مسافة كبيرة عن الفتيل قبل أن يصل إلى الله.  ثانياً ، من الأهمية بمكان أن يكون الفتيل قد تم تشذيبه ولا يكون طويلا بدرجة كبيرة. إذا كان الفتيل يمتد مسافة كبيرة والزيت ليس عميقا بما فيه الكفاية ، فإن الشعلة سوف تومض وتنتج الدخان الأسود مما تسبب في الكثير من السناج. من الأفضل أن يمتد الفتيل قليلاً - مثل نصف سم أو حتى أقل – وان يتم تشذيبه بانتظام ، ويكون الزيت عميقا بما فيه الكفاية. إذا تم إعداد المصباح بهذه الطريقة ، فسوف يسطع نوره لفترة طويلة
في عيد الخمسين والذي هو ايضا عيد الحصاد او الباكورة حيث تقدم اولى الثمار (العدد 28:26) ، وهو اليوم الذي استلم فيه موسى التوراة على جبل سيناء ، وهو اليوم الذي انسكب فيه الروح القدس على الرسل (أعمال 2: 1-4). نزل عليه الرب بالنار (خروج 19: 18). وعندما ملأ الروح القدس الرسل القدوس ، "ظهر لهم ألسنة من نار متوزعة ومستقرة على كل واحد منهم" (أعمال 2: 3). وليتنا نتذكر ما قاله ربنا يسوع: "لقد جئت لإلقي نارا على الأرض ، وماذا اريد لو اضطرمت؟" (لوقا 12:49). ولا ننسى أن "إلهنا نارا اكلة" (عب 12:24). صورة النار تستحق منا التأمل ، وخاصة في هذا اليوم من عيد العنصرة.
ليس من دون سبب أننا نحرق مصابيح الزيت أمام الايقونات. ايقونة العذراء هي نفسها مثل العليقة المشتعلة ولم تحترق أبدا ، والتي من خلالها قابل موسى الرب. من خلالها ، يصبح الله إنسانًا. هي وجميع القديسين قد أصبحوا كلهم ​​ناراً - نارا مشتعلة ، مثل الله - متحدة مع الله. المصابيح التي تحترق أمامهم تذكرنا بألسنة النار التي ترتكز على كل أولئك المملوءين بالروح القدس.

نار وكبريت



مما يدعو للتعجب هو ان جميع امثال المسيح لم يستخدم فيها اسماء ما عدا مثل الغني ولعازر. هذا هو المثل الوحيد الذي ذكر فيه اسم الرجل المسكين في حين انه لم يذكر اسم الرجل الغني بل تركه مجهولا. الا يدعو هذا للخوف فمن الممكن ان يضع كل واحد نفسه بدل هذا الرجل. وهذا يدعونا للخوف من ان نسلك في الحياة مسلك هذا الرجل الذي لم يعطف على المساكين ولم يصنع الرحمة مع المسكين والذي لم يكن ليتكبد المشقة في الذهاب اليه بل ها هو ملقى عند باب قصره. ونحن في يومنا هذا نرى المساكين في كل مكان ، من يحتاجون الى ان نصنع معهم اعمال الرحمة والمحبة. فهل نفعل؟


الامر الثاني الذي يدعونا للتعجب هو ان ابانا ابراهيم يخاطب هذا الغني القاسي القلب، والذي اصبح مصيره الهلاك في الجحيم ومن ثم الموت الابدي في بحيرة النار والكبريت، يخاطبه بعبارة "يا ابني" وهذا يشير الى باب الرجاء المفتوح لنا.
وهذا ايضا يعلمنا ان نخاطب الناس بكلمات الوداعة واللطف بدلا من الكلمات القاسية او القاء اللعنات. نفعل ذلك حتى مع اولئك الذين قطعوا انفسهم من معية القديسين لعلهم يتوبون ويكون مصيرهم الفردوس بدلا من الجحيم.
استخدم يسوع في هذا المثل كلمة النار ليشير الى عذاب الجحيم. وهذا يدحض اولئك الذين يقولون انه لا يوجد هناك عذاب بعد الموت بل فناء. انه امر يدعونا للتأمل في الموت وما بعد الموت. يدعونا للخوف المقدس "راس الحكمة مخافة الرب" فبداية الطريق الى الله هي مخافته. وايضا قال الرسول "لا تستكبر بل خف" خف من السقوط، وخف من الخطية التي "طرحت الكثيرين جرحى وكل قتلاها اقوياء"، وخف من عدوك الشيطان الذي قيل عنه "ابليس خصمكم كاسد يجول ملتمسا من يبتلعه"، وقد استطاع ان يضل حتى بعض المختارين، والعجيب انه اضل البعض حتى انه اقنعهم بعدم وجوده، وبعدم وجود الجحيم وجهنم.
وحينما نترك حياة الخطية ونبدأ حياة التوبة نذوق حلاوة التوبة ونحيا حياة التوبة ومتى ذقنا حلاوة الحياة مع الله نسير "من قوة الى قوة" و "من مجد الى مجد" وهذا هو طريق القداسة .. فان كنا لم نترك بعد طريق الخطية فمتى نسير في طريق التوبة ومتى نسير في طريق القداسة ومتى نصل الى الكمال وهو طريق طويل وقد اوصانا الرب قائلا "كونوا كاملين كما ان اباكم السماوي هو كامل".
موضوعات ذات صلة:
الشيطان حقيقة ام خيال
هل الجحيم فعلا مكان نار وكبريت