الجمعة، 30 ديسمبر 2016

حياة سليمان -1


سليمان محب السلام:
لقد كانت ايام سليمان فريدة في كل تاريخ شعبه وتاريخ العالم. كما ان البيت الذي بناه لاسم الرب كان فريدا ايضا. فكل شئ كان ظلا لامعا لايام المجد والبركة التي لنا في الرب يسوع. ان الموضوع الرئيسي للكتاب المقدس في كل جزء منه، هو المسيح.. وروح الله يسر ان يعلن لنا عن شخصه المبارك ولئن كان الكتاب تحدث عن سليمان، فذلك لان فيه ظلالا للمسيح. فان السلام الذي ساد ملكه ، ورخاء الشعب في عهده ، وولاء الملوك من حوله له.. كل ذلك يوحي ويرمز لعهد افضل. وان كنا نشهد النهاية المريرة لسليمان ، نظرا لعدم امانته، فان الامر سيكون على عكس ذلك تماما مع المسيح. فهو "سيسلم الملك لله الاب متى ابطل كل رياسة وكل سلطان.. حينئذ الابن نفسه ايضا سيخضع للذي اخضع له الكل كي يكون الله الكل في الكل"(1كو15: 24- 28). سيخضع كنائب عن البشر، سيخضع كرأس للكنيسة. فذاك الذي كان امينا هنا في الفقر والاتضاع في حال الجسد، سيكون امينا في يوم رفعته وعظمة ملكه.
لما ولد سليمان دعا ابوه اسمه "سليمان" الذي معناه محب للسلام (2صم12: 24). وهكذا سماه الرب قبل مولده (1اي22: 9). لكنه لما ولد ، ارسل الرب بيد ناثان النبي الى داود اسما اخر للطفل الوليد – اسم "يديديا" الذي معناه "محبوب الرب"(2صم12: 25). ويضيف روح الله ان "الرب احبه"..
تأمل هذه التعبيرات: محب السلام، محبوب من الله، .. ما اغناها من رموز تعبيرية عن سيدنا المبارك فهو الذي انفتحت السماء وجاء صوت منها في حادثتين مختلفتين "هذا هو ابني الحبيب".. وهو الذي تنبأ عنه المرتل في المزمور "يتكلم بالسلام للامم وسلطانه من البحر الى البحر ومن النهر الى اقاصي الارض"(زك9: 10).

الأحد، 27 نوفمبر 2016

الغنوسية

 دخل المسيحية الكثير من الوثنيين الذين حملوا معهم ثقافة العصر والافكار الوثنية السائدة. كان لدى هؤلاء رصيد ضخم من التصورات والافكار عن الله وطبيعته والكون والانسان ورثوها عن الفلسفة الوثنية، اليونانية بالذات وخاصة الافلاطونية.
كانت فكرة الافلاطونية عن المادة قد ذاعت وكان الوجود في الجسد هو علامة على سقوط الانسان من العالم الروحي الى عالم المادة الدنس. فكأن المادة هي الشر ..
وكان من الحتمي ازاء هذه الثنائية ان تظهر فكرة عالم الخير (الروح) وعالم الشر وازاء هذا التقسيم كان من المنطقي البحث عن مصدر الشر ومصدر الخير. ولذلك اتجه هذا التقسيم الى الله نفسه. حيث اعتقدوا بوجود الها للشر والها للخير.
ولما كان هناك تفاوت واضح بين العهد القديم والجديد فبينما يمثل العهد الجديد كمال الاعلان  الالهي يمثل العهد القديم البداية، لذلك كان من المنطقي ايضا ان يتجه التقسيم بكل عمقه الى العهدين وان يتم فصل العهدين وان يصبح العهد القديم وهو يتحدث عن خلق العالم هو كتاب اله الشر الذي خلق العالم المادي المنظور بينما يصبح الجديد هو اله الخير الذي جاء بالعتق من سلطان المادة ولما كان العهد الجديد يتحدث عن التجسد ويشير الى العهد القديم في اجزاء كثيرة لذلك وجب حذف هذه الاجزاء. ومع هذا التقسيم والحذف اصبح الخلاص ليس بالايمان بل هو بالمعرفة (الغنوص) واصبح اتباع هذا الفكر يدعون غنوسيين.
فاصبح الخلاص هو معرفة اسرار الكون واسرار اله الشر والابتعاد عنها ولذلك رفض الغنوسيين اكل اللحوم والزواج وشرب الخمر. ولما كانت مشكلتهم اساسا مع الجسد لذلك كان لازما ان يفسروا موت المسيح على الصليب تفسيرا مختلفا.. وهكذا اقاموا بدعة بها الكثير من ملامح المسيحية ولا تحتوي على اي عنصر من عناصرها الاساسية.
++
وعندما بحث القديس اثناسيوس عن مصدر الاريوسية استطاع ان يحدد علاقة اريوس بالغنوسية وبالذات فالنتينوس التي كان لها وجود محسوس في الاسكندرية نفسها. بل وكانت نشطة جدا في زمن اكلمنضس والعلامة اوريجانس ، وهكذا في دفاعه يقول:
"نحن بكل تأكيد ندعو انفسنا مسيحيين نسبة الى المسيح اما ماركيان الذي افرز هرطقة منذ زمن .. دعوا ماركيانيين وليس مسيحيين وهكذا فالنتينوس وباسيليدس وماني وسمعان (سيمون الساحر) اعطوا اسماءهم لاتباعهم. وهكذا الذين يتبعون اريوس يسمون انفسهم اريوسيين".
وفي اكثر من موضع ينبه الى وجود علاقة قوية بين اريوس والغنوسي فالنتينوس ولذلك يقول ان اريوس يؤمن "بأن الابن خالق ومع ذلك مخلوق" وهذا مما لا شك فيه عودة الى فكرة فالنتينوس الي علّم (ان الملائكة يمكنها ان تخلق)(ضد اريوس1: 5)
ولقد المح اثناسيوس ان الاريوسية تنادي بان الابن طبيعة مثل طبيعة الملائكة ولذلك قال عن النور ان هذا "ليس جديدا بل فكر فالنتينوس وباسيليدس" – ضد اريوس 2: 21

وقال ايضا انه الاريوسيين "سيقعون في العار مقدما لانهم يحاكون ويؤكدون تعاليم فالنتينوس وكربوكرانوس فيقول "ان الملائكة هم الين خلقوا العالم" فربما تعلموا منهم ان يقارنوا "كلمة الله" ب "الملائكة" – ضد اريوس 3: 56

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

مواقع مفيدة للقصص

قصص باوربوينت

الافلام المسيحية


لو تابع اي مشاهد مجموعة الافلام التي تبثها القنوات الفضائية الدينية وغيرها، فسوف يبهره ذلك الكم الهائل من الافلام الدينية التي انتجت. ففي بداية القرن العشرين انتجت مؤسسات السينما الايطالية قصصا شبه توراتية مثل "كوفاديس" و "كابيريا". وسرعان ما دخلت هوليوود الحلبة، وانتجت افلاما ضخمة مثل "ملك الملوك" و "شمشون ودليلة" "الوصايا العشرة"، وفي العشرينات من القرن العشرين، شاهد الناس فيلم "سفينة نوح" و "هللويا"..
وقد تعاظمت المشاعر الدينية لدى المشاهدين في الثلاثينات بعد نجاح هذه الافلام، مما شجع على انتاج المزيد منها، مثل "اغنية المهد" "جحيم دانتي" "حديقة الله"، "الضوء الاحمر"، ابناء المدينة".  ومن المعروف انه قد ظهرت نوعية اخرى من الافلام غير التاريخية لكنها عن حوادث حقيقية مثل ظهورات السيدة العذراء في القرن التاسع عشر والتي تحولت الى فيلم باسم "انشودة برناديت"   
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية ظهر شخصية المحاربة المتدينة "جان دارك" عام 1948، وفيه اشارة الى ان الله يساند المؤمن المناضل من اجل وطنه. 
ومع بداية الخمسينات عادت هوليود مرة اخرى الى قصص الانجيل، فاعادت اخراج كوفاديس، وقدمت افلام "المعجزة" و "الرداء" و "بن حور" و "سدوم وعمورة" 
وفي السبعينات قل عدد الافلام الدينية بشكل ملحوظ .. وفي الثمانينات والتسعينات ظهرت افلام عن القديسين .. ولقد جمعت الافلام الدينية في السينما العالمية مجموعة من السمات يمكن ان ننجزها في النقاط التالية:

  1. نشأت هذه الافلام مع ميلاد السينما في كل انحاء العالم ولكل بلد تراثها من الافلام الدينية.
  2. اتسمت بالانتاج الضخم وتطلب انتاجها تكاليف ضخمة فمنظر شق البحر الاحمر في فيلم "الوصايا العشرة" استلزم بناء حوضين كبيرين ووصلت بينهما مواسير ضخمة تتدفق منها المياه بشدة هائلة كي تساعد على تمثيل منظر الغرق وشق البحر وظهور هذه المشاهد في اروع ما ظهر.
  3. تتميز هذه الافلام بالديكورات الضخمة للمدن والقصور والجموع الحاشدة ففيلم دي ميل الثاني استعان فيه ب20 الف كومبارس و15 الف حيوان.
+++
 السيد المسيح في السينما العالمية:

1- الفيلم الصامت "ملك الملوك" الذي اخرجه سيسيل دي ميل 1927. وهو فيلم لا يمكن الحديث عن صورة المسيح في السينما العالمية دون الرجوع اليه لعدة اسباب منها.. ان الفيلم من اخر الافلام الصامتة . ومنها اننا امام احد الافلام التي اهتمت ببيئة المسيح. ومن هذا الفيلم استوحى كافة المخرجين التاليين قصص الافلام الدينية المأخوذة عن المسيح.

2- فيلم "اجمل قصة حكيت" لجورج استيفنز عام 1965، باعتباره واحدا من هم الافلام عن المسيح، وقد منع من العرض في مصر .

3- فيلم ميل جيبسون: "الام المسيح". جيمس كافيزيل هو ممثل امريكي مولود عام 1968 وقد اجرى مراسل مجلة نيوزويك الامريكية "شون سميث" لقاء معه نشر في عدد 24 لسنة 2004 تحت عنوان "تريدني ان اؤدي دور المسيح". ننقله بتصرف قليل هنا.

حوار مع بطل فيلم الام المسيح:
- تأدية دور المسيح هي بشكل بديهي عرض مرهب. لماذا وافقت حين طلب منك ميل ذلك؟

- تلقيت اتصالا هاتفيا يخبرني ان المخرج ستيفن يطلب مقابلتي بشأن فيلم عن ركوب الامواج. ذهبت للقائه على موعد غداء وبعد عدة ساعات جاء ميل وبدأ يتحدث عما مر به المسيح فقلت اجل رأيت فيلم زفيريللي. فاستطرد قائلا: لا، لا. اتحدث عما مر به المسيح فعلا. عندئذ فهمت مقصده، واردفت اقول: تريدني ان اؤدي دور المسيح؟ اذا فيلم ركوب الامواج كان مجرد جس نبض.

- هل اخبرك انه يريدك ان تمثل باللة الارامية؟

- لقد كان يتحدث عن ذلك.. الارامية والعبرية واللاتينية، لكني قلت في نفسي انه ليس جادا فيما يقول. . ظننت تعلم هذه اللغات سيكون اصعب ما في الامر. ثم تبين ان الالم الجسدي كان الاسوأ.. كان هناك لوح على ظهري سمكه نصف بوصة كي لا يصيب الجنود الرومان ظهري. لكن اخطأ احد الجنود، وجلدني مباشرة على ظهري، فمزق جلدي. لم استطع الصراخ ولم استطع التنفس. الامر مؤلم للغاية لدرجة انه يصدمك. نظرت الى الرجل ولفظت على الارجح كلمة نابية. بعد بضع ضربات، اخطأ ثانية، وسبب على ظهري ندب بعرض 14 بوصة.. وهكذا فقد عرفنا اياما حلوة واخرى مرة. يبدو ان مرها كان اكثرها من حلوها. او تعرف ان البرق ضربني؟

- صعقك البرق؟

- اجل كنا نصور مشهد العظة على الجبل قبل ان يبدأ باربع ثوان كان الصمت يسود المكان. بعدئذ شعرت ان احدا صفعني على اذني..

- هل خطر على بالك بما انك تؤدي دور المسيح، ان البرق الذي صعقك ربما كان ..

- تقصد ان هذه اللقطة اغضبت الرب.

- انت كاثوليكي فهل ترسخ ايمانك بعد ان لعبت دور المسيح؟

- احببته اكثر مما كنت اتصور نفسي قادرا على ان احب . احبه اكثر من زوجتي من عائلتي. مرت اوقات حين كنت هناك (على الصليب) وانا لا اكاد اقدر على الكلام. فالمعاناة من هبوط حرارة الجسم امر موجع ومنهك؟.. تواصلت مع مكان لم اكن لاذهب اليه ابدا. لا اريد ان يشاهدني الناس بل جل ما ابغي ان يشاهدوه يسوع المسيح.

- هل اخبرك ميل لماذا اراد صنع هذا الفيلم؟

- اخبرني انه مر باوقات عصيبة في حياته، وانه عاد واكتشف الانجيل قبل 12 سنة. وبدأ يتأمل في الام المسيح لاجله. قال ان جراح المسيح شفت جراحاته. واظن ان الفيلم يعبر عن ذلك.

- هل الجدل الدائر حول الفيلم. وكون ميل متهم بمعاداة السامية. فاجأك؟

- كانت هذه المسألة اكثر الامور سخافة. بوسعي ان اقول ان الرجل ليس معاديا للسامية بتاتا. لقد قامت بالتمثيل في الفيلم مايا مورجنشتيرن اليهودية وهي واحدة من عشرات الممثلات اللاتي جسدن دور مريم العذراء، الام الطاهرة، التي قامت بتربية ابنها افضل تربية، وقد تفطر كل جزء من جسدها حزنا والما، وهي ترى وحيدها يتم تعذيبه على ايدي اليهود.

السبت، 19 نوفمبر 2016

المانوية

بدعة «المانوية» تنسب الى ماني وهو رجل ايراني عاش بين عامي 216 و 277 ، وكان يقول عن نفسه انه رسول المسيح، وانه المعزي الذي وعد به المسيح في الانجيل. وفلسفة هذه البدعة هو أن الشر كان منذ الأزل في الكون، كقوةٍ عامة، منحصراً في إله الشر الأزلي. وبين مبدأي الخير والشر نزاع مستمر، غير أنهما ممتزجان في العالم وداخلان معاً في طبيعة الإنسان المؤلَّفة (حسب هذا المذهب) من نفسٍ مأخوذة من ملكوت النور تتبع إله الخير، وجسد بحياته الحيوانية مأخوذ من مملكة الظلمة يتبع إله الشر. فالخطية (في هذه الحالة) هي شر جسدي، ودنس الروح الذي نشأ من اتحادها بجسد مادي. وتتم الغلبة على الخطية بوسائط طبيعية تقدر أن تبيد تأثير الجسد في النفس. ومن ذلك نشأ الاعتقاد بفاعلية الامتناع عن الطعام والتقشّف لتطهير الإنسان.
ومن خرافات ماني قوله “ان الذي يقطف نبتة من شجرة تين يجعلها تبكي هي وثمرها معا. اما الدموع فهي الحليب الذي يقطر. وان قطف الثمر جريمة، لان الثمر جزء من الاله.. ولكن ان قطف الثمرة واحد من اتباع ماني ثم اكلها تصير ملائكة في معدته..
وكان “ماني” يقسم اتباعه الى نصفين “افضلهم هم الذين يحرمون انفسهم من كل شئ بدرجة غير معقولة.. ومنهم البسطاء (او السامعون) الذين يقدمون الخدمة للنوع الاحسن، ويمكنهم ان يعيشوا كما يريدون” ..
وغريب ان الفيلسوف الحكيم اغسطينوس عندما كان عمره 18 عاما تبع فلسفة ماني .. !! وقد اختار اغسطينوس درجة “سامع” حتى يعيش كما يحلو له ويخطئ كما يحب. يكفيه ان يخدم احد اتباع ماني الصالحين. وقضى اغسطينوس 10 سنوات يدرس تعاليم ماني ويدعو اليها. لكن الله انقذه منها، وكان ذلك عندما قابل تلميذا عظيما من تلاميذ ماني كان الناس معجبين به كثيرا . وجاء اليه اغسطينوس يسأله ، فوجده فارغا لا يقدر ان يجاوب.. ومن حينها ترك اغطينوس تعاليم ماني وبدأ يبحث عن شئ جديد.
وهذه البدعة اتبعها فيها اغسطينوس
ومن الأدلة على بُطلان هذه البدعة ما يأتي:
(أ) عدم موافقته للاعتقاد الصحيح في طبيعة الله وصفاته، لأنه يجعل شيئاً غير الله أزلياً ومستقلاً عن إرادته، فلا يبقى الله جوهراً غير محدود، ولا ملكاً مطلقاً، بل يكون محدوداً دائماً بكائن آخر ذي قوة أزلية مثله، لا يقدر الله أن يتسلط عليه.
(ب) يُبطل طبيعة الخطية الحقيقية، لأنها بموجبه تكون مادية في صفتها، وتكون من لوازم طبيعة الإنسان المخلوق والمؤلف من مادة وروح.
(ج) يُبطل مسؤولية الإنسان، لأن الشر الأخلاقي (بموجبه) ينتج من ذات بنية الإنسان، ومصدره خارج عنه. والشر جوهرٌ (كيان) ماديٌ ذو قوة عظيمة. وهذا الرأي مردود من كل وجهٍ، ولا علاقة حقيقية له بالتعليم المسيحي.
اهم ما تقوم عليه المانوية هو أن المادة شر وأصل كل الشرور. ومن الأدلة على خطأ هذا الرأي:
(أ) إن الخطية لا تقوم بأفعال الطبيعة الحسية، فإن المخلوقات الذين يحسبهم الكتاب أكثر إثماً من الجميع هم الأرواح الساقطون الذين هم بلا أجساد وبلا ميول جسدية شهوانية.
(ب) لا علاقة للخطايا الكبرى بالجسد، فإن الكبرياء والخبث والحسد وحب الرئاسة، وما هو أكبر من ذلك كعدم الإيمان والعداوة لله ولملكوته وغير ذلك مما يقلل شأن الإنسان ويثقل ضميره، هي خطايا روحية لا جسدية، وتوجد في الخلائق التي ليس لها بنية مادية، وأيضاً في النفس بعد انفصالها عن الجسد وموت طبيعته الشهوانية.
(ج) يلزم عن هذا المذهب إبطال شعورنا بالخطية، لأن الشر الأخلاقي (بموجبه) هو ضعف أو خضوع قُوى الروح الأضعف لقُوى الجسد الأقوى، فلا يُسأل البشر كثيراً عما يفعلون، أو لا يُسألون مطلقاً.
(د) يلزم عنه أن الطهارة تقوم بضعف الجسد، وهذا باطل فإذا صح أن الجسد هو مقرّ الخطية ومصدرها، يلزم أن كل ما يؤدي لإضعافه أو تقليل ميوله يجعل الناس أنقى وأفضل. مع ان هذا خاطئ، فالفريسيون أفضل أمثلة لذلك، فمع كل تقشفهم ومواظبتهم على الصوم والصلاة حكم المسيح بأنهم أبعد من العشارين والزناة عن ملكوت الله.
(هـ) يلزم عنه أن المتقدمين في السن هم أهل الصلاح، لأن شهوات الجسد ماتت فيهم وفقدوا القدرة على التمتع بشهوات الشباب، ولم يبقَ فيهم ما يمكّن العالم من جذبهم إليه. ولكن الإنسان ما لم يتغير بنعمة الله لا بد أن يتقدم في الشر كلما تقدم في الأيام، وتفقد نفسه الحس بكل ما يرفع شأنه في الأمور الروحية، وتتغرَّب أكثر فأكثر عن الله، وتصير أقل شكراً له على مراحمه وأقل خوفاً من غضبه وأقل تأثراً من كل ما يعلن به مجده ومحبته. فليس الجسد أصل الخطية.
(و) هذا الرأي يخالف تعليم الكتاب المقدس. نعم ينسب الكتاب قسماً عظيماً من الخطايا لطبيعة الإنسان الشهوانية، ويوصف الجسد في الكتاب بأنه مقر الخطية، وجاءت كلمة «جسداني» فيه مرادفة لفاسد أو خاطئ. لكن الكتاب لا يعلّم أن الانفعالات الحيوانية أو الحسية هي مقر آثام الإنسان ومصدرها. ولكن كلمة «جسد» و«جسداني» في العبارات المشار إليها تدل على طبيعة الإنسان بدون تجديدها بالروح القدس، ولا تدل على التمييز بين الجسد والنفس بل بين الطبيعة المتجددة والطبيعة غير المتجددة.

البيلاجية

محاضرة البابا شنودة بالكلية الاكليركية - منقول بتصرف
حدثتكم من قبل عن البدع التى قامت فى العصور الأولى للمسيحية. وأريد أن أكلمكم اليوم عن البدعة البيلاجية، البيلاجية نسبة إلى بيلاجيوس. بينما كان علماء اللاهوت فى القرن الرابع يبحثون فى اللاهوتيات وفى الثالوث القدوس ، ولاهوت الابن وطبيعة الابن، وكلها موضوعات لاهوتية، قامت هذه البدعة للدخول فى موضوع آخر تماماً، هو طبيعة الإنسان والنفس البشرية، وخطية الإنسان، ونتائج هذه الخطية، وحرية الإرادة، والنعمة، والعلاقة بين الإرادة والنعمة، كل هذه الموضوعات تطرق اليها الجدال.
بيلاجيوس هذا كان أصله راهب بريطانى من بريطانيا، وكان تقياً ناسكاً ، ومشهور بالقداسة والتقوى وبدعوة الناس إلى الروحانيات، شئ عجيب حقا، ان تجد كتير من الرهبان والنساك يدخلوا فى اللاهوتيات يسقطوا ويصبحوا مبتدعين مثل بيلاجيوس هذا وأوطاخى ، ما هو كان راهب وناسك ورئيس رهبنة فى القسطنطينية وانتهى إلى البدعة، وأيضاً فيما بعد نسمع عن يوحنا كاسيان ، إنه اتهم بإنه نصف بيلاجى، وكان راهب وناسك وحياته فى الأديرة وكان معه شخص اخر اسمه فوستوس ، وكان زعيم رهبانى ، ليت الرهبان يكتفون بالروحيات ، ويبعدوا عن الأمور اللاهوتية اللى بتتعبهم، إلا من كان فيهم قديراً على التحدث فى اللاهوتيات.
بيلاجيوس كان راهب بريطانى محب للتقوى ويدعو الناس للحياة المقدسة ، فكان يتعبه كثيراً إن البعض يقول أنا غير قادر ، أنا ضعيف، أنا مجرد بشر، أنا لا أستطيع ، الخطية شديدة والتقوى صعبة ، فلذلك تضايق من الناس الذين يتعللون بضعف الطبيعة البشرية ، وبدأ يتكلم عن قوة الطبيعة البشرية وقدرتها لدرجة إنه تطرف. فقال ان الطبيعة البشرية قوية والإنسان قادر على ان يحيا حياته كلها بدون خطية! ، وإن فى العهد القديم قبلما يأتي المسيح عاش قديسون بلا خطية، ونحن لسنا فى حاجة إلى معونة إلهية من الخارج لتقويتنا حتى نعيش بلا خطية، وهكذا أنكر مفعول النعمة.
وقال ايضا إن النعمة الحقيقية التى تعطى للإنسان هي إن ربنا خلقنا بهذه الطبيعة. اي ان النعمة الأصلية إن الله خلقنا بهذه الطبيعة التى في امكانها الا تخطئ، اما النعمة الاخرى فهى مغفرة الخطايا. ولذلك اختلف مع اثنين من القديسين هما القديس أغسطينوس والقديس جيروم. القديس اغسطينوس كان أسقفاً لمدينة هيبو فى إيبارشية قرطاجنة. كانت كنيسة مصر هى أكبر كنائس افريقيا في الشرق، بينما كانت كنيسة قرطاجنة اكبرها في الغرب. القديس جيروم أيضاً وقف ضده، القديس جيروم كان عنده رهبانيات فى أورشليم. ففى شمال أفريقيا وجد أغسطينوس وحينما ذهب الى فلسطين وجد جيروم، وهما الاثنان كانا فى خط دفاعي واحد.
بيلاجيوس خلال تعليمه عن قوة الطبيعة البشرية، وحرية الإرادة التى تستطيع أن تختار الخير من غير النعمة،  أنكر الخطية الأصلية التى ولد الإنسان بها، كيف يولد إنسان بالخطية؟ اذا سيكون ضعيفا، فأنكر الخطية الأصلية وقال إن خطية آدم أضرت آدم وحده ولم تضر أحداً من نسله أو من أولاده، هذه نقطة تانية، وما دام أنكر الخطية الأصلية، يبقى أنكر فائدة المعمودية. وهذا يرينا ان الخطية سلسلة، خطية تقود لخطية .. الخ، لغاية لما يقع الإنسان فى مجموعة من البدع.
ولما أنكر بيلاجيوس المعمودية أنكر أيضاً حاجة الأطفال للمعمودية بالتالى، وبعدين قال إن الأطفال حتى غير المعمدين سيدخلون الملكوت. اذا لم يتوقف الامر عند حرية الإرادة وقوة الطبيعة البشرية ولكن الانسان لا يستخدمها، انما قال ايضا "إننا لو أنكرنا قوة الطبيعة البشرية، حينها نكون قد اتهمنا الله بـ "جهل مزدوج"، أنا آسف أقول هذا التعبير، لكنه تعبير بيلاجيوس، الذي قال نكون قد اتهمنا ربنا بانه يجهل طبيعة ما قد خلقه، وماذا ايضا؟ وجهله بالوصية التى اعطاها للناس، اذ  انه اعطاهم ما يفوق قدرتهم. وعلى رأى الشاعر الذى قال عن الإنسان الذي يفتقد للقدرة على الاختيار وانه مسيّر، قال الشاعر:
ألقاه فى يم مكتوفاً وقال له      إياك إياك أن تبتل بالماء،
فبيلاجيوس قال الطبيعة البشرية طاهرة وتقدر تفعل الصواب في كل المواقف. وتستطيع أن تصل إلى الكمال أيضاً بدون النعمة. وقال انه مجرد إن المسيح يقول لنا "كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل"، اذا ما دام قد أمرنا بالكمال يبقى الكمال ممكن، إذاً طبيعتنا البشرية ممكن تصل إلى الكمال ، ونحن لا ننفي ذلك، لكن نقول ان طبيعتنا تصل للكمال بالنعمة، لكن بيلاجيوس لا يذكر عمل النعمة على الاطلاق. ويقول انه فى العهد القديم ، قال الله لإبراهيم أب الآباء فى دعوته له فى (تكوين 12): "سر أمامى وكن كاملاً" ، والله لم يكن ممكنا ان يقول له "كن كاملاً" إلا لو كان الكمال امرا سهلا وممكنا.
ولذلك لما قرأ على بيلاجيوس جزءا من اعترافات أغسطينوس التى قال فيها للرب: "أعط ما تأمر به" اي اعط النعمة التى تجعل الانسان ينفذ ما تأمر به. "أعط ما تأمر به وأمر بما تشاء" اي أمر كما تريد، لكن على شرط إنك تعطى ما تأمر به. لذلك بيلاجيوس الذي انكر عمل النعمة احتاج الى مجهود كبير من القديس أغسطينوس فى الرد عليه، وعلى البيلاجييين. لدرجة انه يوجد في موسوعة "أباء نيقية وما بعد نيقية"  مجلدا كبيرا للقديس أغسطينوس تحت عنوان "ضد البيلاجية". ومن ضمن الكتب التى يحويها المجلد كتاب عن مغفرة الخطايا ومعمودية الأطفال والروح والحرف وطبيعة النعمة، ونعمة المسيح والخطية الأصلية وأصل النفس، وأيضاً أربع كتب ضد رسائل بيلاجيوس والنعمة وحرية الإرداة كل هذه المؤلفات من سنة 412 لسنة 426 يعنى حوالى 14 سنة كتب عن بيلاجيوس ، ومن منكم يحب ان يقرأ عن النعمة، عليه ان يقرأ ما كتبه أغسطينوس. طبعاً أغسطينوس تكلم عن أهمية النعمة بشدة لكي يرد على البيلاجيين، لكن نجد فيما بعد ان هناك بعض الطوائف التي تقول النعمة كل شئ ولا يوجد اهمية للأعمال ولا إرادة الانسان. ويكون هذا تطرفا من ناحية أخرى مقابلة.
أغسطينوس قال "على الرغم من كلام البيلاجيين، لم يوجد إنسان واحد وصل إلى كمال البر، فلابد من حاجة إلى معونة". والبيلاجيين يقولوا "لو تكلمنا عن النعمة يبقى الكلام عن معونة خارجية وليس عن معونة داخلية. داخليا الإنسان قادر على البر، لكن من الخارج تأتيه نعمة ليس لها علاقة بطبيعة الإنسان. وأنكروا الخطية الأصلية وقالوا ليس شئ ولد معنا، إحنا ولدنا ونحن قادرون.
نأتي لتاريخ هذه البدعة. هذه البدعة ترجع إلى أوائل القرن الخامس سنة 410 – 411 الى 426 م. بيلاجيوس كان راهبا بريطانيا، وكان يحيا فى رومية. وأفكاره هذه كان يعلم بها بالوعظ، ثم كتب كتاباً عن تفسير رسالة بولس ظهرت فيه أفكاره، لكن مع ذلك، الذى نشر أفكاره صديق له اسمه كلوستيوس وكان يعمل محاميا، وبدأ ينشر تعاليمه وسط العامة. وصل الحديث أيضاً إلى أغسطينوس الذي وقف ضد تعاليمه. وأخيراً هرب الصديقان إلى شمال أفريقيا، وبعد قليل ذهب بيلاجيوس إلى فلسطين وترك كلوستيوس فى شمال أفريقيا، وكلوستيوس كان يريد ان يصبح قسيسا. لكن ما قاومه شماس اسمه باولينوس اتهمه بالهرطقة، وذكر 7 قضايا تؤخذ ضده كهرطقة .
كانت النتيجة إن اجتمع مجمع فى قرطاجنة سنة 412 لمحاكمة كلوستيوس- تلميذ وصديق بيلاجيوس. انعقد المجمع برئاسة القديس أوريليوس، الذي كان رئيسا لإيبارشية قرطاجنة التى كان فيها أغسطينوس اسقفا على مدينة صغيرة تتبعها وتدعى "هيبو". هذا المجمع حرم كلوستيوس ، لم ينكر شيئاً من الاتهامات التى وجهت إليه، لكنه قال عن بعضها انها أمور موضع دراسة بين الناس ولا تصل إلى حدود الإيمان المعترف به. وهذا لم يقنع اباء المجمع فحكموا عليه بالحرم. رجع كلوستيوس لبلده واستطاع أن يقنعهم إنه يسيموه قسيسا، فرسموه قساً فى أفسس.
هذا يبين لنا مشكلة حدثت مرارا. أحياناً إنسان لا يصلح فى إبروشيته فينتقل الى إبروشية اخرى تسيمه ، مثلما حدث مع أوريجانوس، حين لم يسام فى الإسكندرية ذهب الى قيصرية الجديدة فرسم قساً هناك.
اثناء وجود بيلاجيوس فى فلسطين فى صيف 415م جاء قسيس أسبانى يدعى باولوس يحمل رسائل من أوغسطينوس إلى جيروم. جيروم كان موجود فى فلسطين، طبعاً القسيس الأسبانى لما وصل إلى فلسطين سألوه فحكى لهم مسألة حرم كلوستيوس فى مجمع قرطاجنة ، وإنه كلوستيوس اخذ التعليم عن بيلاجيوس، فاحضروا بيلاجيوس ليحاكم. انعقد مجمع برئاسة يوحنا الأورشليمى، واستدعى بيلاجيوس لكي يعلن إيمانه. وكان القس الأسبانى يريد احدا ليترجم له ، لكن هذا المجمع لم يصل الى قرار بشأن من بيلاجيوس ، وبيلاجيوس أنكر ما قيل فيه، اجتمع مجمع اخر فى مدينة اللد، واستدعى بيلاجيوس ، فأنكر أيضاً الاتهامات اللى وصلت ضده ، وعلى رأى أغسطينوس حينما قال:"ان المجمع حكم ضد الهرطقة مش ضد الهرطوقى". اي ان الهراطقة معترفين إن ما يقولونه هرطقة، وانتهى الأمر إلى أنهم تركوه بدون حكم. هذا الخبر وصل إلى شمال أفريقيا، الذين حكموا من قبل على كلوستيوس ، فاجتمع مجمعان ، مجمع حضره 69 أسقف سنة 416 م ومجمع آخر من 60 أسقف فى مدينة ميلا ، وهذان المجمعان حكم ضد بيلاجيوس بالهرطقة ، وضد كلوستيوس بالهرطقة.
لعل بعضكم يقول، اذا الموضوع انتهى. وصل الامر إلى روما. كان أسقف روما حينها هو انوسنت الأول، وأساقفة أفريقيا ارسلوا له تقريرا عن بيلاجيوس، فوجد إن بيلاجيوس إنسان هرطوقى، وكلوستيوس إنسان هرطوقى، فأيد كلام مجامع أفريقيا المكانية، وحكم بهرطقة بيلاجيوس وكلوستيوس.
بعد أسابيع من هذا الحكم مات إنوسنت وسيم زوسيموس مكانه. زوسيموس يبدو انه كان غير مدققا فى اللاهوتيات فحينما لجأ اليه بيلاجيوس، و كلوسيوس ، حكم إن إيمانهما سليم، وأرسل رسالة إلى أساقفة افريقيا شديدة اللهجة جداً، ويصفهم بالتسرع فى الحكم وطلب إعادة النظر فى الموضوع!
وإذا بأساقفة أفريقيا يعقدون مجمعاً من أكثر من 200 أسقف وبعثوا برسالة إلى زوسيموس يظهرون اخطاء بيلاجيوس. واتصلوا بالأمبراطور الذي حكم بنفى بيلاجيوس ونفى كلوستيوس، ونفى كل من ينضم إليهم فى الرأى وأسقف روما وجد نفسه فى مأزق ، ماذا يعمل؟


استدعاهما ولكنهما لم يحضرا لانهما منفيين , وأخيراً خضع لقرار الإمبراطور وحكم بحرمهم ، وأقر أيضاً لزوم المعمودية ووراثة خطية آدم، والأمور التى أنكرها هؤلاء. ووقع معه جميع اساقفة كرسيه ما عدا 18 فأمروا بنفى ال18 ، بعضهم رجع والبعض انتهى.
وظن البعض أن هرطقة بيلاجيوس انتهت ، لكن قامت مجموعة فيما بعد حاولوا أن يجدوا حلاً متوسطاً ما بين أغسطينوس وبيلاجيوس ، وهم من سموا بأشباه البيلاجيين، للأسف منهم يوحنا كاسيان، الذي كان تلميذا لذهبى الفم.

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

حياة سليمان -3

حركة ادونيا:
ان اول اشارة في كلمة الله عن اورشليم، ترسم امامنا صورة مبهجة للمسيح في شخص ملكيصادق ملك البر وملك السلام (تك14: 18-20 و عب7: 1).اما الاشارة الثانية فانها على النقيض واقعا ودلالة. فقد عرض ان يشوع وجد ادوني بازق يملك في اورشليم ، وانه قرر ان يتحدى الرب في مقاصده وذلك بالاستيلاء على المدينة (يش10: 1). هذا الملك يذكرنا بضد المسيح الذي سوف يتحدى الرب عند ظهوره.
ان اعلان مقاصد الرب من شأنته ان يثير حسد ابليس ومن ثم يبذل جهوده ليحول دون اتمام تلك المقاصد. وهذا هو الاصحاح 22 من سفر اخبار الاول، يوم اعلن داود ان الرب اختار ابنه سليمان ليملك. ويومذاك تبوأ الشاب عرش الملك في احتفال مهيب.
حدث بعد هذا وفي ادراك لمقاصد الله "ان ادونيا ابن حجيث ترفع قائلا: انا املك". وفي بطله اعد لنفسه مركبات وفرسانا وخمسين رجلا يجرون امامه (1مل1 5) وكما ان سليمان رمز للمسيح كذلك ادونيا رمز لضد المسيح. لاحظ كلماته "انا املك" فهناك تشابه بينها وبين عبارة تكررت على لسان زهرة بنت الصبح خمس مرات "اصعد.. ارفع كرسي.. اجلس.. اصعد.. اصير"(اش14: 13 و14). وهنا نرى جوهر الخطية وقد تعلمنا من (1يو3: 4) ان "الخطية هي التعدي" اي تحدي القانون. اي صنع الارادة الذاتية وقد علمنا الرسول يعقوب ان نقول "ان شاء الرب نفعل هذا او ذاك"(يع4: 15). ولطالما كانت الذات علة هلاك الكثيرين.
ولزاما علينا ان نتجنب روح الكبرياء وقياسا في نكران الذات هو الانسان يسوع المسيح ذاك الذي جاء الى العالم ولسان حاله "ان افعل مشيئتك يا الهي سررت"(مز40: 8) وفي ليلة الامه لم يطلب الا ان تتم وتكون ارادة الاب. وفي ابان خدمته كان يقول "لاني قد نزلت من السماء ليس لاعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني". نعم، ان كل ذرة من الارادة البشرية لا تحدثنا عن المسيح بل عن ضد المسيح.
واضح ان ادونيا كان ولدا مدللا. يقول الروح "ولم يغضبه ابوه قط قائلا لماذا فعلت هكذا. وهو ايضا جميل الصورة جدا"(1مل1: 6). على ان حركة ادونيا لاغتصاب العرش لم تكتب لها النجاح. وهكذا تكون النتيجة مع شبيه ادونيا الذي نرى في ادونيا ظلا بغيضا له. يبدو ان سليمان كان هادئا صامتا اثناء حركة العصيان، ذلك ان اباه اخذ على عاتقه ان يتصدى للمعتدي. وعلى هذا القياس يتأني مسيح الله على ما يفعله اعداؤه. وكما ان ادونيا لقى مصرعه اخيرا بامر سليمان، كذلك سيلقى انسان الخطية قضاءه من نفخة شفتي ذلك الذي اراد انيرفع نفسه عليه(اش11: 4، 2تس2: 8).

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

حياة سليمان -2


-2-
داود وسليمان
لم يكن الفتى سليمان بحاجة لان ينتظر موت ابيه حتى يخلفه على العرش . ذلك انه "لما شاخ داود وشبع اياما ملك سليمان ابنه على اسرائيل"(1اي23: 1). ثم كان اغتصاب ادونيا ، الذي لا يرد خبره في سفر الاخبار، فرصة لتولية سليمان للعرش مرة ثانية، حيث نقرأ في سفر الاخبار "وملكوا ثانية سليمان ومسحوه للرب رئيسا". وعند هذه المرحلة دعى كرسي داود "كرسي الرب"(1اي29: 22 و 23). وهو في الحق لقب الرفعة الذي اقرت به ملكة سبأ يوم جاءت تزوره (2اي9: 8). والواقع ان لكرسي داود مكانة في طرق الله لا يحظى بها كرسي اخر. فهو رمز للسيادة الالهية على الارض، ولن يملأه سوى الرب يسوع. ولقد صار هذا الكرسي مشئوما يوم "ابطل" الرب في بره "بهاءه والقى كرسيه الى الارض"(مز89: 44). ومن تلك اللحظة بدأت "ازمنة الامم"(لو21: 24).
ان تمليك سليمان في حياة في حياة داود كان معناه ان كليهما يملكان معا. وهذا يرسم امامنا صورة مزدوجة للمسيح. ذلك ان داود يرمز اليه كرجل قتال، وسليمان يرمز اليه كرجل سلام. ولسوف يتم الرمزان على يد الرب يسوع لانه اتى بالسلام ، حيث تغنت الملائكة يوم مولده "وعلى الارض السلام"، كما انه ايضا قال عن الاضطهادات التي سيلاقيها تلاميذه "ما جئت لالقي سلاما بل سيفا". اذا هو سلام في قلوب محبيه وسيف في الخارج، هو سلام مع الله وحروب وصراع مع مملكة ابليس. ويقول سفر الرؤيا "يخرج من فمه سيف"، هو سيف دينونة الله وقضائه على العصاة يوم الدينونة الرهيب.
على ان اشعياء (63: 1-6) يصف لنا السلام الذي سيعم مملكة المسيح.
بعد ان اخضع داود كل اعدائه اورث سليمان عرش سلام، فقد اتصف ملكه بسلام اذ استثنينا حادثا واحدا (2اي8: 3). وبعد ذلك ساد السلام مدى اربعين عاما.
على ان سليمان مع هذا لم ينزع كل سلاح. فقد تكرر القول "وجمع سليمان مراكب وفرسانا. فكان له الف واربع مئة مركبة."(1مل10: 26، 2اي1: 14). حقا ان كل رمز يسقط. فحينما يملك  من هو اعظم من سليمان حينئذ الناس "يطبعون سيوفهم سككا (اي محاريث) ورماحهم مناجل. لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب فيما بعد"(اش2: 4). وحضوره سيخلع على المدينة اسما جديدا من ذلك اليوم هو "يهوة شمة" اي الرب هناك (حز48: 35). ونقرأ ف النبوة الوعد الالهي "وانا يقول الرب اكون لها سور نار من حولها ومجد في وسطها"(زك2: 5).

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

المرايا


كلنا نعرف الوصايا، ونعرف ان ناموس الله كامل، وكثيرة لا يطيعون وصايا الله، لذلك يقول الله "ملعون من لايثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به"(غلا3: 10).

واذا كان ناموس الله كاملا، ولا يقدر احد ان يحفظه بدقة، والكل قد صاروا مجرمين امام الله، فلماذا عمل الله هذه الوصايا؟

تقول رسالة يعقوب "لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ، نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ وَثَبَتَ وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ"(يع1: 22- 25).

والكتاب المقدس يعني ان وصايا الله كالمرآة، فعندما نقرأ وصايا الله ، نرى ما يريده منا ان نعمله،ونرى خطايانا فنشعر بها ونتخلص منها.

والمرآة لا تغير شكل من ينظر اليها كذلك نحن خطاة سواء وجدت الوصايا او لم توجد،ونحن محتاجون الى مخلص "بدون الناموس كنت عائشا قبلا، ولكن لما جاءت الوصية عاشت الخطية.."(رو7: 9). "لان غاية الناموس هي المسيح"(رو10: 4) فالوصية تقودنا الى المسيح والناموس هو مؤدبنا الى المسيح لكي نتبرر بالايمان"(غلا3: 24).

اذا كان رجل وجهه متسخا، فان الناس تراه، اما هو فلا يرى نفسه، الا اذا نظر الى نفسه في مرآة، عندئذ لا يأخذ المرآة لكي يغسل بها وجهه بل يستعمل الماء لذلك.

كذلك لا يقدر احد ان يغسل خطاياه بواسطة الناموس، بل الناموس يظهر الخطايا، ثم يقود الى المسيح الينبوع المتدفق الذي يغسلنا من خطايانا بدمه، فكل الخطاة الذين يذهبون اليه يتطهرون بذلك الدم "دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية"(1يو1: 7).

والتغيير الذي يحدث في قلوبنا وحياتنا عجيب جدا لا نفهمه ولكنه يبعدنا عن الشر فنتقدم نحو القداسة"ونحن جميعا ناظرين ورة عينها من مجد الى مجد كما من الرب الروح"(2كو3: 18).

فالوصية تظهر لنا الحقيقة وهي اننا خطاة وهالكون بدون مخلص، وهي تقودنا الى المسيح وتظهره لنا حتى نأتي اليه،كالرجل ذو الوجه المتسخ الي يذهب الى ينبوع ليغسل وجهه

فاض الدم الثمين من جنبه الكريم

مطهرا قلبي من اثمي العظيم

كان يوجد امير صغير معجب بنفسه، محب لذاته، وحاول والداه اصلاحه ولم يتمكنا،واخيرا ظهر لهما ملاك، واخبرهما انه يستطيع ان يصلح الامير واشترط ان يأخذه معه لمدة شهر فقبل الوالدان.

حمل الملاك الامير الى قصر كبير جدا،وسط حديقة جميلة مملوءة بالاثمار الشهية،وكان في القصر نوافذ كبيرة تطل على الحديقة،وكان بين نافذة واخرى مرآة ،وانشغل الامير بالمرايا فكان لا يشبع من النظر الى نفسه،ولكن امرا عجيبا كان يحدث كلما تطلع الى المرآة فقد كانت المرآة تكبر والنوافذ تصغر الى ان جاء يوم واذا كل النوافذ والابواب تحولت الى مرايا، ولم يستطع الامير ان يخرج ليرى الحديقة ويأكل من اثمارها. فصار يركض من ناحية الى اخرى عساه يجد منفذا ولو واحدا فلم يجد.

ثم سمع زقزقة جعلته يقف ويتذكر عصفورا كان قد رآه في قفص فتوجه اليه وقال مخاطبا اياه "يا مسكين! يا عصفوري الجميل! وهل انت ايضا سجين في هذه الغرفة المظلمة؟" ثم احضر اليه ماءا في يديه من طبق ،ثم التفت في جوانب الغرفة فوجد قطعا من تفاحة جافة فحملها الى العصفور ليطعمه اياها. وبينما كان يقوم بهذه الامور، اذ بالنوافذ تنفتح قليلا قليلا، فلما انفتحت بدرجة تكفي لاخراج العصفور اطلقه حرا. وما ان انتهى من ذلك حتى وجد النوافذ والابواب قد فتحت، فصار هو طليقا. وقد تعلم من ذلك انه ان شاء ان يتحرر فعليه ان يتحر من محبة الذات. يجب اولا ان يتعلم ان يفكر في الاخرين قبل نفسه ويعمل على اسعادهم.

فنحن لو نظرنا في مرآة وصايا الله لنزعنا عن انفسنا محبة الذات لانه قد احبنا اولا. وكل الذين يعيشون في الخطية بعيدا عن نور المسيح لا يرون خطاياهم.

كان في الهند نوع من النساك يعيشون داخل كهوف مظلمة، ويمكثون فيها عشرات السنين، وعندما يخرجون منها لا يبصرون شيئا، لان عيونهم تأثررت بالظلام فلا يعودون يرون النور. فان لم نفكر الان في الخروج من الظلمة لكي نبصر انفسنا في نور كلمة الله، فسيأتي يوم لا نعود نبصر فيه لان قلبنا يكون قد امتلأ بالخطية.
والمسيحيون يجب الا يكون مستوى اخلاقهم اقل من مستوى اخلاق رأسهم المسيح، بل يجب ان ينظروا الى رئيس الايمان(عب12: 2).

الخميس، 7 يوليو 2016

العزاء الحقيقي


كانت الشمس تشرق على مهل.. وكان ظلام الليل بدأ يتلاشى تدريجيا امام اشعة الشمس الوليدة.. كنت قد كلفت ان اخبر الصغيرة ان امها قد رحلت الى السماء..! قابلت الطفلة التي لا يتجاوز عمرها العاشرة .. في عمر زهرة تتفتح.. كانت تبتسم مبتهجة بلقائي .. سألتني: 
- متى ستأتي ماما؟ متى ستخرج من المستشفى؟ كانت خالية الذهن عما حدث .. وادركت ان المهمة صعبة صعوبة الموت ذاته.. وتساءلت في نفسي حزينا:
- هل سأوجه لهذه الطفلة لطمة قاسية .. على حين غرة؟
اجلستها بجانبي .. ربت على كتفيها واللوعة تحز في قلبي .. والدموع تتلاعب في مقلتي .. فقلت لها بما ازعم انه رفق..
- ألم تكن امك تعاني الام المرض مدة طويلة يا ابنتي؟
- نعم
- الم تكن تحتاج الى علاج .. وحقن.. واشياء اخرى كثيرة مثل هذه؟
- قالت: نعم   
كانت الابتسامة موجودة على شفتيها .. ولكنها تغيرت على الفور الى شئ اخر..
قلت والكلمات تتراجع بسرعة مذهلة :
- حينما يمرض الانسان اكثر .. ولا يكون في مقدورنا علاجه واراحته  الا يتدخل الله..؟
نظرت الى وجهي نظرة غريبة لكأنما ادركت المعنى .. لكنها لا تريد ان تصدق ذكاءها ..!!
قلت: ان ماما يا صغيرتي .. حينما وجدها الرب تتألم قال لها "ان علاجك ليس في الارض، تعالي اليّ .. سأشفي كل امراضك واضمد كل جراحاتك واريحك من كل اتعابك"
واستطردت بنبرة لم استطع ان اهدئ فيها من ألمي وقلت بسرعة حتى لا تخذلني شجاعتي:
- .. انها .. انها الان في السماء .. يا ابنتي .. مع المسيح..
انفجرت الطفلة تبكي .. ولم يعد في مقدور احد على الارض ان يهبها العزاء..! لقد فقدت اعز ما تملك في الوجود.. انها الام! ولم يعد في العالم - بكل اتساعه - صدر يحن لها .. او قلب ينبض بالحب لها .. او ابتسامة هي الوحيدة التي تعرف معناها..!
قلت لها وكانت كلماتي تذهب في فراغ الكون اللانهائي بلا معنى.. وبلا فائدة:
- انظري يا صغيرتي هذه الشجرة المورقة الجميلة .. الم تكن بذرة صغيرة؟ ثم وضعت في الارض .. فماتت وانبتت لنا هذه الشجرة وانضجت لنا هذه الثمار؟ كذلك نحن يا ابنتي .. استمعى الى كلام الرب الجميل "ان لم تقع حبة الحنطة في الارض وتمت فهي تبقى وحدها  ولكن ان ماتت تأتي بثمر كثير"
لكن الطفلة كانت تبكي بشدة قائلة:
- اريد ماما..
قلت لها : انها معنا.
قالت : اريدها هنا معي.. اريد ان اراها!
ادركت انه من المستحيل على البشر ان يهب الصبر والعزاء للانسان حتى لو كان هذا الانسان طفلة صغيرة .. انما العزاء الحقيقي يهبه الله.. بل ويسكبه على قلب الانسان.
رفعت قلبي الى السماء مصليا :
يا رب! اسكب عزاءك في قلب هذه الطفلة .. عرفنا يا رب ان الموت هو الباب الذي يدخل منه الانسان اليك.
ثم انصرفت وانا اشعر بالاسى ليس من اجل الام .. ولكن من اجل الطفلة. وتقابلت مع الطفلة في اليوم التالي .. وكانت قد كفت عن البكاء ولكن حزن الفراق ما زال يبدو في عينيها المتورمتين ووجهها الشاحب .. قالت:
- رأيت ماما بالامس..!
ونظر باندهاش بينما استمرت الطفلة :
- كانت ترتدي الفستان الذي احبه ..!
وماذا قالت يا صغيرتي ؟
قالت: انني لم امت .. لقد هربت فقط من عذابهم.. وعلّقت قائلة: تقصد الاطباء..
وماذا قالت ايضا ؟
قالت: انا الان لست مريضة .. انا مرتاحة واتمتع بكل الصحة ..
تعجبت .. شاكرا الله .. لقد عزى الطفلة في لمحة واحدة رائعة .. وبطريقته التي نعجز نحن عنها .. اراها امها وقد برأت من كل ضعف .. ونسج لها رداءا سماويا جميلا، واكد للطفلة ان امها وديعة عنده .. ويمكنها ان تراها في اي وقت تشاء..! ما اعجبك يا يسوع! رجاء من ليس له رجاء .. عزاء صغيري القلوب.

القس جرجس توفيق

موضوعات ذات صلة :
جيما جلجاني

الأربعاء، 6 يوليو 2016

شهادات ايمانية - راؤول كاميرير


اغرورقت عينا راؤول كاميرير بالدموع عندما تذكر كيف تغيرت حياته وتحولت الى الله. فعندما كان يستقل الاتوبيس في كوردوبا بالارجنتين، في طريقه الى احدى الحفلات، في اللحظة التي كاد فيها الاتوبيس ان يتحرك من المحطة، اذا بيد تحمل كتيبا صغيرا تصل اليه، ويقول راؤول: "التقطت الكتيب بسرعة قبل ان يغلق السائق باب الاتوبيس، لم ستطع الا ان ارى يد المرأة.. لانها سحبت يدها بسرعة قبل ان يغلق باب الاتوبيس عليها، ثم وضعت الكتيب في جيبي".

لقد كان راؤول شاب يائس وليملا فراغ قلبه انغمس في العاب كالملاكمة وكرة القدم وغيرها من الرياضات الاخرى وكذلك حضور الحفلات ولكن كل هذا لم يجلب له السعادة ..

وبعد ساعة تذكرت الكتاب فاخرجته من جيبي وادركت انه انجيل متى ثم بدأت اقرأ ببطء وبدأ جسدي يرتجف بينما كنت اتأمل الكلمات وفي هذه اللحظة بدأ هذا الشاب يفقد كل احساس بالزمان والمكان . نسى انه ما زال في الاتوبيس ونسى حتى ان هناك حوله في الاتوبيس .. لقد كانت كلمات الرب حية بالنسبة له .. يقول: "احسست ان يسوع يعلمني ويقول لي "طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السموات. طوبي لانقياء القلب لانهم يعاينون الله" بدأت الدموع تسيل على خديه وقال وفي هذه اللحظة احسست بالله يضمنى الى صدره كابن ضال .. ما احسسته لم يكن خبالا بل ايمانا غير حياتي ..

وعندما سئل راؤول عن اعظم امنية في حياته .. قال "اريد ان ارى وجه يسوع في السماء، وحينئذ سأطلب منه ان يريني وجه صاحبة اليد المجهولة التي استخدمها في توصيل كلمته الي".

الأحد، 3 يوليو 2016

هل كنتي تعلمين؟


ايتها الام الحنون
هل كنت تعلمين ان ابنك سيفدي العالمين
هل كنت تعلمين انه اتي ليذبح عوض الاشرار
وليصير دمه كفارة عن خطايا الاثمين
هل كنت تعلمين انه سيجلد بسياط رومانية
وسيقطع من لحمه وسيحرث الحارثين على ظهره
وسيطيلون اتلامهم حتى تصل عميقا الى عظامه

هل كنت تعلمين انه جراحاته ستصير بلسما شافيا
واننا بجراحاته سنشفي من لدغات الحية
وان دماءه ستغسل ذنوبنا
وتبيض ثيابنا التي تدنست

هل كنت تعلمين ان جنبه المرضوض سيسيل دماء وماء
جنبه المفتوح سيصير نبعا لا ينضب للماء والدم
مياه المعمودية التي تلدنا من جديد
وتصيرنا خليقة جديدة
ودماء قانية تحمل الى البشرية النازفة الحياة
البشرية المجروحة للموت
والقلب الظمآن
والروح العليل
والكيان الجريح

أيّها الجُرحُ الفاغِرُ شَفَتَيه



أيّها الجُرحُ الفاغِرُ شَفَتَيه! ما من قدرة على الأرض، ما من عِلم، ما من معرفة، ما من حكمة، ما من جمال، ما من حبّ على الأرض هَداني إلى الله الآب إلاّ حبّ الإبن، يسوع المسيح، يسوع المسيح مصلوبًا، حبًّا بي أنا "المغتّر" الخاطئ. كنتُ أستحقّ جهنّم ألف مرّة وكان هو يحبني. جذبني كل شيء في يسوع ذاته: تجسده، فقره، حكمته،  عظته على الجبل، طوبياته،  معجزاته، قدرته،  وداعته،  أُلوهيته ...  طعنة الحربة في جنبه...
أيّها الجُرحُ الفاغِرُ شَفَتَيه! في الجَنبِ المرضوضِ. جنبِ رَبّي وإلهي يسوعَ ابنِ مريمَ وابنِ اللهِ المسيح. إنَّ عَينيَّ المسكينتين المخلوقتين للنورِ والجَمالِ لا تقدران أَنْ تَفتَرِقا عَنْكَ. قدرَ ما جُرحُكَ هذا يَجرحُني، يُفجِّرُ شهقاتي. قدرَ ما جُرحُكَ هذا، في صَمتِهِ، يَخترقُني، يَتغلغلُ فيَّ، يجتاحُني بِكُليَّتي، يُكلِّمُني، يُحدِّثُني عن السِرّ، عن الغَيبِ. السرِّ سِرِّ الله، الحيِّ الحقِّ المُحيي في كيانِهِ، في حُبِّهِ. الله الكائنِ
الحُبِّ. الله المجروحِ للموتِ، بسبب حُبِّهِ. الله التاركِ الانسانَ يَطعَنُهُ لهذا الحدِّ فيتدفَّقَ في القلبِ الظمآنِ، في الكيانِ الجريحِ، في الروحِ العَليلِ حُبُّهُ.. .. حياتُهُ.

أيّها السِّرُّ، سِرُّ الله الكاشفِ ذاتَهُ للانسانِ.. الانسانِ الذي خُلِقَ من محبته. السرُّ الذي ابتَدَعَهُ الله مِن أجلي، وإياهُ أهداني.

آهٍ! كنتَ تَعلَمُ يا يسوعُ العَذْبُ أَنَّ لا شيء لا كلمَتَكَ ولا عجائبَكَ ولا قداسَتَكَ ولا أُلوهيتَكَ، لا شيءَ إطلاقًا مِنكَ وفيكَ كان بإمكانه أبدًا
أَنْ يخترقني الى العُمقَ، هذا يُخَلخِلَني، يَشُقَّني فأَنفتحَ أخيرًا على حُبِّكَ ، على رَحمَتِكَ ، على غُفرانِكَ ، على جَسدِكَ ، على لَحمِكَ ودَمِكَ، على روحِكَ ، عليكَ أَنتَ شَخصًا  

فقط صَمتُ هذا الجرحِ الفاغرِ شَفَتَيه اللامتناهي في جَنبِكَ المَرضوضِ، يَسيلُ دمًا وماءً دون قياسِ، دون خَريرٍ، دون  نقطاعٍ إلى اللانهاية. فقط هذا الجرحُ في سكوتِهِ الرهيبِ كان بإمكانه أن يَصفَعَ بَصَري الشاردَ فيُحَدِّقَ، وجِفْنَيَّ الجامِدَينِ فيَنخَفِضا على انكسار  بريائي. وإذ بي أرى وأتَفَهَّمُ وأَنظُرُ وأتَبَصَّرُ وأتأمَّلُ وأُدرِكُ فأُفيقَ. أَستَحلِفُكُنَّيا بناتِ أورشَليمَ بِظِباءِ وأيائِلِ الصحراءِ أَنْ لا تُنهِضْنَ ولا تُنَبِّهْنَ الحبيبةَ حتى تَشاءَ.

فقط هذا الجرحُ الفاغرُ شَفَتَيهِ الرهيبُ يَجذُبُني بِكُلِّيَّتي فأَقتربُ بعدَ طول ابتعاد وأُلصِقُ شَفَتَيَّ الدَنِسَتَينِ على شَفَتَيهِ الدامِيَتَينِ مُستَسلِمًا في قُبلَةٍ محيية، فأتَسَلَّمَ هكذا الحياةَ  منك أنتَ والروحَ والآبَ.

منقول عن موقع كفن المسيح
http://www.kafanalmassih.org/Malik.php

الأحد، 26 يونيو 2016

تمجيد للقديس اثناسيوس حامي الايمان


ايها السيف الروحي الحاد .. يا حكيم خلع نباتات الزوان الخادعة اي الهراطقة وانار لنا الطريق،
وعلمنا الفضائل، أيها القديس اثناسيوس.

ايها القديس اثناسيوس، يا من دحضت الهرطوقي وأنقذت الكثيرين من دمار آريوس في مجمع نيقية.

بقوة الله العظيمة، ايها المبارك القديس، دست قوة الهرطوقي اريوس، وحفظت غنمك من الخداع،

يا من عال شعب مصر اربعين سنة بانهار تعاليم الحياة الابدية الخارجة من فمه.

مصدر الصورة
http://www.pravoslavie.ru

خواطر عن الصليب

موقف الكنيسة من صليب الرب يبدو أحيانا غير عادي ومثير للدهشة لاهل العالم. وبما أننا كبشر نتأثر بالحسي ربما اكثر من الروحي، فالبعض منا ربما يشارك في بعض الأحيان أيضا هذه الحيرة مع العالم. على سبيل المثال، لماذا ينظر للصليب كقوة حياة ، وربما ينظر اليه على انه غير مفهوم، ولكن الحقيقة هي ان الصليب اصبح عرش الملك "ملك الرب على خشبة". الصليب اصبح فخر المؤمنين "اما انا فحاشا لي ان افتخر الا بصليب يسوع المسيح". الصليب اصبح موضع تطلع المؤمنين "انتم الذين رسم امام عيونكم يسوع المسيح واياه مصلوبا"


وعلاوة على ذلك، فإن الكنيسة تؤكد بجرأة هذه الحقائق المذهلة وهذه: "إن الصليب هو بركة العالم كله؛ الصليب هو جمال الكنيسة والصليب هو جبروت الملوك. الصليب هو حصن المؤمنين، الصليب هو مجد الملائكة وسلاح المسيحيين، الصليب هو قاهر الشياطين ".

خواطر عن شهداء مصر الاقباط في ليبيا


لماذا لا تبكوا، او تتوسلوا لأولئك الذين هم على وشك قتلكم، ان يطلقوا سراحكم؟ لماذا لم ترضخوا لمطالبهم؟

هل لم يقترح عليكم أن تنكروا المسيح؟

هل لا تخافون الموت ؟! من أين حصلتم على هذه الشجاعة؟

ما هو التدريب اللاهوتي الذي حصلتم عليه؟ من اي إكليريكية تخرجتم؟ ما الدير الذي كنتم تترددون عليه؟ ما الرتبة الدينية التي حملتموها؟

اخبرونا ، كيف لا تهابون الموت؟ أنا لا أعرف سركم.

هل رأيتم المسيح؟ ربما سمعتم به؟ حقا، أنا لا أعرف. الشيء الوحيد المؤكد هو أنه عندما كنتم تنطقون هذه الكلمات الأخيرة، تلك الكلمات الحلوة "يا ربي يسوع المسيح." انكم كنتم ترونه في مجده.

السبت، 25 يونيو 2016

سبحوا الرب


ما أسعد الحياة الأبدية وما أهنأها. فلا مثيل لها.
فيها لن نجد عدواً ولن نخسر صديقاً.
من هنا وهناك نرفع التسابيح لله .
ولكن من هنا ترتفع التسابيح بأصوات قلقة،
ومن هناك ترتفع بأصوات مطمئنة ،
هنا يسبحه من سوف يموتون ،
وفي السماء يسبحه من يحيون إلي الأبد .
هنا يسبحونه بالرجاء ،
وهناك يسبحونه متمتعين بمشاهدته .
هنا يسبحونه في الطريق،
وهنالك يسبحونه في الوطن .
أنشد الآن لكي تتعزيّ في التعب ،
لا لتتمتع بجمال الراحة ،
أنشد كما تعودّ المسافرون أن ينشدوا،
أنشد وسرْ وخفّفْ بترانيمك من تعبك.

القديس اغسطينوس

الجمعة، 17 يونيو 2016

لكل شئ وقت


أصبح كلا من انثى فيل وانثى كلب يحملان مولودا في نفس الوقت . بعد ثلاثة أشهر ولدت انثى الكلب ستة جراء. وبعد ستة أشهر كان الكلب حاملا مرة أخرى، وبعد تسعة أشهر أنجب مرة آخرى ستة جراء فاصبح لديه اثني عشر من الجراء. استمر الامر هكذا.
في الشهر الثامن عشر سأل الكلب الفيل، "هل أنت متأكد من أنك حامل؟ لقد أصبحنا حاملين في نفس التاريخ، ولقد أنجبت ثلاث مرات وقد نمت جرائي الآن لتصبح كلابا كبيرة، ومع ذلك لا تزال انت حاملا. ماذا يحدث؟ ".
أجاب الفيل، وقال "هناك شيء أريد منك أن تفهمه. ما أحمله ليس جروا لكن فيلا. أنا ألد فيلا واحدا بعد فترة حمل تبلغ عامين. عندما يضرب طفلي بقدمه على الأرض، الأرض تشعر به. عندما يعبر طفلي الطريق، البشر يتوقف البشر عن السير ويتطلعون اليه في إعجاب، ما احمله كائن يلفت الانتباه، ما احمله كائن كبير وعظيم. ".
==
لا تفقد الثقة عند رؤية الآخرين يحصلون على ما يريدونه بسرعة.
لا تحسد الآخرين. إذا لم تكن قد حققت تطلعاتك الخاصة، لا تيأس. قل لنفسك "ان وقتي قادم، لكل شئ وقت. وعندما يخرج للنور ما احاول انجازه ستنظر الناس اليه في الإعجاب."

الجمعة، 3 يونيو 2016

هل تقاتلون من اجل الله؟

امر الله جدعون - وهو احد قضاة بني اسرائيل- ان يهدم مذبح البعبل ويكسر السارية التي عنده، فاطاع جدعون امر الرب ولكنه فعل ذلك ليلا لنه خاف من سكان القرية.. و حينما عرف الامر تجمع عبدة البعل حول بيته طالبين قتله... خرج اليهم ابو جدعون فطلبوا اليه تسليمه لهم، فقال لهم ابوه هذه العبارة:
 "هل تقاتلون من اجل البعل، ام انتم تخلصونه؟".
وربما كان في القصة ايضا، المشهد التالي: حينما تجمع اهل القرية حول بيت جدعون، خاف خوفا شديدا وانكمش جدعون على نفسه في ركن غرفة مظلمة من غرف البيت، وقد احكم غلق الباب، وعاش لحظات خوف وهلع شديدان. وربما يكون قد جال في عقل جدعون صورا مخيفة مثل: ها هم يمسكون به، و يذيقونه من الوان العذاب كؤوسا مترعة ثم اخيرا يقتلونه و.... و...
وربما عاتب ايضا الرب هذه الكلمات: "لقد نفذت يارب ما طلبته مني. لقد كسرت البعل وهدمت مذبحهها هم يكتشفون الفاعل. لماذا لم تخف امري عنهم؟ وهل يارب ستتركني اقتل بأيديهم؟"
العجيب ان الازمة انتهت نهاية غير متوقعة. انصرف هؤلاء الغوغاء بمجرد ان سمعوا من ابيه هذه العبارة:
 "هل تقاتلون من اجل البعل، ام انتم تخلصونه؟".
 كان هذا سؤالا استنكاريا - يعتمد على المنطق- وكان كفيلا بحل المشكلة.
لقد الله اراد بهذا الموقف ان يتقوى ايمان جدعون، ويعده بالتالي لمهام اعظم تتطلب منه ايمانا اعمق ..
نفس السؤال نوجهه للارهابيين اليوم: هل تعتقدون انكم تقاتلون لاجل الله؟ هل تحمون الدين بافعالكم هذه؟ هل تظنون ان حماية الدين تكون بافعال بشرية؟
من يقرأ التاريخ، يعرف ان روسيا رغم امتداد الحكم الشيوعي فيها سبعون عاما، ورغم ما فعلته ميلشيات الالحاد من انتهاكات شديدة، لم تنطفئ فيها جذوة الايمان بالله. وكذا الحال في كل البلاد التى طالها المد الشيوعي مثل: رومانيا (بين عامي 1947 و 1989م)، والحبشة (بين عامي 1974 و 1989م)..
ان حفظ الايمان بالله بين البشر، لا تحميه قوانينا وضعية مكتوبة في سجلات ورقية، بل نواميسا الهية محفورة في الاذهان والقلوب.

لمحات من حياة ابونا مرقس داود


كان ابونا "مرقس داود" يدلي برأيه في صوت خافت رقيق وفيما يشبه الاعتذار عن تفوقه الواضح في النقاش. وحكمة هذا الرجل المبارك الذي يشرك تلاميذه بطريقة تربوية رائعة في كثير من انتاجه الوفير لتعليمهم واعدادهم لخدمة كنائسهم. في ترجمة القداسات الاثيوبية.


كان تعبيره الذي يوجه به رسائله لكل ابناءه هو "ابني الحبيب.. قبلاتي الحارة واشواقي الروحية الوافرة، ارجو من الرب يسوع ان تكون في ملء صحة الروح والنفس والجسد". هكذا كان فكره واسعا عارفا بان اي عنصر من الثلاثة اذا اختل فانه يخل بالباقين لذلك سبق عصر العلم الذي قنن هذا في المدارس الحديثة حيث يعالج الانسان بفريق من الاطباء الجسديين والروحيين وايضا المرشدين الروحيين.


كانت الصلوات ممتزجة بروحه في الانسان الباطن، فاذكر اننا ونحن نودعه وكان في غيبوبة المرض الاخير- قائلين له "سلام يا ابانا" كان يرد وهو غير مدرك لشئ مما حوله قائلا "ولروحك ايضا وكأنه في قداس الهي.


ما رأيته مرة منصرفا عن الاستماع، مطبقا قول الرب "لان الاستماع افضل من تقديم الذبيحة" .. كان يستمع للطبيعة والناس والكتب المقدس. لذا فقد امتلأ، وملأ الكثيرين.


كانت من عادة ابونا "مرقس داود" ان يصلي قبل الطعام قائلا: 
يارب نشكرك لان كثيرين لهم صحة وليس لهم طعام. واخرون عندهم الطعام وليس عندهم الصحة ليأكلوه. فنشكرك يا رب لانك اعطيتنا الاثنان معا. فليكن اسمك مباركا. امين


وكان كثيرا ما يردد القول المأثور: 
نحن اناس لا نأكل حتى نجوع. واذا اكلنا لا نشبع. 


كان اذا احد اشار الى لبسه يرد بقول الشاعر: 
اذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه فكل رداء يرتديه جميل


راودتني مرة فكرة نحوه بسبب منظر بيته الذي اعتبرته فاخرا .. وحينما انقشعت الفكرة من ذهني تأملت في كل ما هو حولي فاذا هو عتيق قديم، فمكتبه الذي ظننته فخما، هو ذاته مكتبه منذ ستون او سبعون عاما. وهكذا مكتبته واثاث بيته، ولكنه كان يعيش كمن لا يعيش، يستخدم ما حوله من مقتنيات بحرص شديد، وكأنه يريد ان يكون بخارا خفيفا على كل شئ حوله. 


في كل مرة تجلس فيها معه، تشعر بأنه عقلية جبارة مرتبة للغاية. لقد سلم ابونا مرقس حياته لله، فقام الله - تبارك اسمه – بترتيبها. 


كان كثيرا ما يقول: 
ان عمل اب الاعتراف الاساسي هو اعادة بناء الشخصية كي تتوافق مع الله ومع ذاتها ومع الاخرين. 


احب الطبيعة جدا لانها تظهر يد الله ذاته، بل هي تشهد لعظمته وقدرته الفائقة. احب الرحلات والخلوات الروحية بين احضان الطبيعة..كان ينظر للعالم نظرة مستبشرة دائما، نظرة تعكس مدى صفاء نفسه، فكان يرى الخير في كل الامور، كان يرى ان العالم يخدم خطة الله للخلاص.. كان يرى يد الله تقود العالم بما فيه نفسه هو .. كان الله ممسكا بدفة حياته، وكان هو سعيدا بذلك.


البعض يظن ان المعجزات هي مقياس القداسة والبرهان الوحيد عليها. ولكننا نرى القديسين امثال اثناسيوس وكيرلس وديسقورس. ومعاصرين مثل القس منسى يوحنا والقمص بيشوى كامل والقمص ميخائيل ابراهيم، انهم لم يكونوا رجال معجزات، بل رجال تعليم ورعاية.


جلسنا مرة نتحدث عن الملكوت والكنيسة الجامعة، ومن هو المستحق له. فسألني ابي:
"هل تظن ان الناس الذين نشروا الانجيل وترجموه الى كل لغات الارض سيهلكون" فرددت الاجابة التقليدية الضيقة. فزجرني قائلا "لو كانت هنا عصا لضربتك". من نحن حتى نحكم ان هذا يدخل للملكوت، او هذا لا يدخل. وقص لي قصة المتنيح حبيب جرجس حينما سأله احدهم "هل يدخل البروتستانت الملكوت" فاجابه قائلا "لم يعطني الله مفتاح الملكوت لافتح لمن اريد واغلق لمن لا اريد. الله له مقاييس تختلف عن مقاييس البشر". 


كان كثيرا ما يردد هذه العبارات :
دعونا ننفذ وصية الرب يسوع "لنذهب الى القرى والحقول المجاورة لاني لهذا اتيت"


قل لاخيك انا ارى الامر هكذا وان كنت انت تراه غير ذلك، فليكشف لنا الله الرأى الصحيح. 


هناك سحب تمر على الارض مر الكرام خفيفة سريعة تملها اي ريح الى حيث تشاء دون ان تؤثر بشئ. وهناك سحب اخرى محملة بالمطر فتمر على مساحات شاسعة، حيث تغمر كل جزء منها بمياها تشيع الخير في كل مكان تمر فيه. واذا كانت حياتنا بخار يظهر قليلا ثم يضمحل، فان ابينا استطاع بنعمة الله ان يحول هذا البخار الى سحب متكاثفة، بقدر ما تعرض لنور الشمس الساطع الذي زوده بكل طاقة الحياة.

وتقول ابنته عن لحظة انتقاله "اغمض ابونا عينيه لينام في هدوء وسلام، وهو يهمس: اشكر المسيح. كنت اصرخ متعجبة، واقول: يا سلام! هو الموت سهل كدة! انا لن اخاف من الموت بعد ذلك، بل سأقول مع ابي الحبيب اين شوكتك ياموت؟"