الأحد، 26 مارس 2017

جولة في اسفار العهد القديم

مقدمة:
كان قصد الله منذ الازل ان يخلق لنفسه شعبا مقدسا. وقد تم هذا على مراحل واطوار متعاقبة في التاريخ، فدعا رجلا، ثم اسرة، ثم امة، ثم بقية راشدة من هذه الامة الشاردة.
يستهل العهد القديم بوصف رائع لخلق الكون، ثم يرسم بريشة روائية قصة تجربة الانسان وسقوطه. ومن الاحداث الهامة دعوة ابراهيم، وذلك لانها كانت تدبيرا من الله لنقل قبيلة من ظلمة الوثنية.. ويفتتح سفر الخروج بقصة موسى واعداده لكي يكون منقذا لشعبه من عبودية مصر. ولما ارتحلوا الى سيناء ابرم الله عهده معهم، ولم يكن ذلك مرده الى تفوق ادبي او مادي في ذلك الشعب ، انما فضل من الله ورحمة.
ويسرد لنا الكتاب ان هذا الشعب كان صلب الرقب، وعلى الرغم من الدعوات المتكررة للتوبة بقى الشعب متعلقا باهداب العبادة الشكلية التي لا روح فيها. واستمر الفساد والانهيار الى ان غزا الاشوريون واستولوا على عاصمة مملكة الشمال سنة 721 ق.م.
ولم تكن الحالة في مملكة الجنوب تختلف كثيرا عن مملكة الشمال، ولو ان الله امهلهم فترة من الزمن. ذلك لان رخاء مملكة الشمال تحت حكم يربعام الثاني واكبه رخاء في الجنوب تحت حكم عزيا، وفي السنة التي مات فيها عزيا رأى اشعياء رؤياه عن الاله القدوس. ويتلقى دعوة للخدمة من الله، ويناشد الامة التوبة والا تكال على الله وحده، والابتعاد عن الاتكال على التحالفات العسكرية مع اشور او مع مصر.
وفي عهد حزقيا الملك هاجم سنحاريب ملك اشور اورشليم عاصمة مملكة الجنوب، ولكن هذا الملك القى اتكاله على الله. وقد زكى الله موقفه هذا ، فارتد جيش اشور خاسرا.
وفيما عدا فترات من الاصلاح في عهد يوشيا الملك ، حيث اكتشف سفر الشريعة اثناء ترميم الهيكل. واعقب ذلك فترة من الصحو الديني لم تدم طويلا حتى جاء السبي.
وفي خلال فترة السبي ظهر حزقيال النبي، وكان لسان حال الشعب:
على انهار بابل جلسنا           ونحنا اذ تذكرنا الربوعا
وعلقنا على الاعواد فيها         قياثيرا تثير بنا الدموعا
بعد سبعين عاما من تاريخ السبي. استولى داريوس ملك الكلدانيين على بابل. وكانت سياسته ان يمنح تسهيلا للاسرى في بابل ليعودوا الى اوطانهم. ولذلك صدر قرار في سنة 537 ق.م. يسمح بذلك، فقام النبيان حي وزكريا ليرفعا الروح المعنوية للشعب ويشجعاه على اعادة بناء الهيكل الثاني الذي وضعت اساساته سنة 520 ق. م. تحت زعامة عزرا الكاهن ونحميا النبي.
التكوين:
يظهر هذا السفر قصد الله نحو الانسان، ففي البدء خلق الله الانسان على صورته، ثم اعقب ذلك دخول الخطية ودينونة الطوفان، على انه وسط الشر يظهر رجال اتقياء يسيرون مع الله مثل اخنوخ ونوح وابراهيم..
الخروج:
يفتتح هذا السفر في مصر قبل الخروج بثمانين عاما (7: 7) وينتهي بعد سنة واحدة من الخروج (40: 17) باقامة خيمة الاجتماع. والحفريات التي تمت حول مدينة اريحا ترجح ان الخروج حدث في منتصف القرن ال 15 ق.م. في بداية حكم امينوحتب الثاني.
اللاويين:
في سفر الخروج تكلم الله من خلال الرعود على جبل سيناء، اما الان ، وقد ابرم العهد مع الشعب، فهو يتكلم في هدوء "خيمة الاجتناع"(1:1). وفي اصحاحات السفر السبعة والعشرين قيل في ست وخمسين مرة ان الله هو الذي اعطى موسى هذه الاحكام والشرائع.
عنى الانبياء بالحالة الداخلية للشعب ، فالذبيحة لا يكفي تقديمها بدون ان يعي مقدمها الهدف منها ، فهي ليست طقسا يؤدى بطريقة جامدة "اني اريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله اكثر من محرقات"(هو6:6). و "بذبيحة وتقدمة لم تسر"(مز40: 6) و ايضا "لماذا لي كثرة ذبائحكم؟... بدم عجول وتيوس ما اسر"(اش1: 11).
وقد قال علماء الطب ان هناك اسبابا وجيهة لتحديد الانواع المحللة والمحرمة من الحيوانات الطاهرة والنجسة ومن اولى مبادئ هذا التحريم الوقاية من الامراض والاوبئة.
العدد:
اسم السفر في العبرية "في البرية". ويذكر في ص 33 بيان بالاماكن التي اجتازها الشعب في رحلاته في البرية خلال الاربعين عاما. وحتى اليوم امكن تحديد اثنى عشر موقعا من ال42 موقعا التي ذكرت في السفر.
التثنية:
واهم ما فيه بالاضافة الى الشرائع التي اعطيت من قبل، الفصول الخاصة بتقديم الذبائح والعبادة في مكان واحد. وواضح من اسفار الكتاب المقدس الاخرى ان الشعب لم يكن يعرف – حتى عهد الملكية- شيئا عن هذه الفريضة الاضافية، بدليل ان النبي ايليا اقام مذبحا فوق جبل الكرمل. مما حدا بالكثيرين الى القول ان سفر التثنية هو بعينه سفر الشريعة الذي عثر عليه سنة 621 ق.م. (2مل22: 8).
يشوع:
ص 1- 5 الاستعداد لعبور الاردن
6-8 سقوط اريحا وعاي
9- 12 حروب خاضها يشوع
13- 19 توزيع الارض على الاسباط
20 -22 مدن الملجأ – اللاويين
23 – 24 تضرعات يشوع وخبر موته
القضاة:
كلمة قضاة تعني "القضاة" او "الحكام" او "المنقذون". وقصة هذا السفر هي دورات متلاحقة من السقوط والنهوض ، والتردي في هاوية الاثم ثم التوبة ..
صموئيل الاول والثاني:
هما في الاصل سفرا واحدا. واضح ان كاتب السفرين قد استقى معلوماته من مصادر شتى، واهمها سجلات مملكة داود. ويحوي السفر  اهم الاحداث في حياة صموئيل وشاول وداود. فاولا نقرأ عن حياة صموئيل (1-7) ثم عمله النبوي (8 – 25) وفي مستهل هذه الفترة نقرأ عن تتويج شاول ملكا (ص8) وفي ايام حكم شاول الاولى يمسح داود سرا (ص16) . وبعد موت صموئيل يتابع السفر الثاني قصة داود (2 – 21).
الملوك الاول والثاني:
هما في النص العبري سفرا واحدا. ولكن تم الفصل بينهما في الترجمة السبعينية. ويمكن تقسيم السفران الى 3 اقسام رئيسية:
1.       مملكة سليمان (1-11)
2.       المملكتان (1مل12 – 2 مل 18)
3.       مملكة يهوذا (2مل 18 – 25)
ومن هنا نحس تناسقا في سرد تاريخ المملكتين معا. وقد كانت حياة يربعام اطول من حياة رحبعام. ولذلك يستطرد الكاتب في سرد قصة ملوك يهوذا الذين جاءوا بعده الى موت يربعام. ثم يتناول الخيط مرة اخرى فيتحدث عن ملوك الشمال الى اخر ملوك يهوذا الذي ذكر اسمه. ثم يعود بعد ذلك الى مملكة يهوذا. وهكذا يتناول المملكتين كلا بدورها.
وفي بداية قصة كل ملك، يذكر السنة التي ملك فيها ملك المملكة الاخرى. ثم يذكر اسم ام الملك (اذا كان ملكا على يهوذا). وبعد ذلك سني حكمه ويقيّم حياته واخلاقه. في ص17 نقرأ عن هوشع اخر ملوك الشمال.
اشعياء:
واضح ان القسم الاول من السفر (1- 39) يتألف من عدة كتب او مجموعات من الكتابات. وفي اسفار الانبياء انواع مختلفة من الكتابة اهمها:
·         كتابة شعرية، وهي عادة من الاقوال التي نطق بها النبي.
·         كتابة نثرية، وفيها يتكلم النبي شخصيا.
·         كتابة نثرية، وفيها يتكلم شخص اخر عن حياة النبي.
وفي السفر 7 اقسام متميزة احدها عن الاخر:
(1)    ص1 : وهو يشمل مجموعات من الاعلانات الشعرية عن خطية مملكة يهوذا وعقابها وخراب اورشليم. وبعضها وربما كلها يرجع الى التاريخ الذي هجم فيه سنحاريب على البلاد.
(2)    ص 2-5: في مستهل هذه الاصحاحات نقرأ اعلانا رائعا (2: 2-4) ادرج مرة اخرى في سفر ميخا (4: 1-4). ومما سترعي النظر قسمان: الاول توبيخ النبي لنساء اورشليم (3: 16 – 4: 1). والثاني ست مقطوعات شعرية تبدأ كل منها بعبارة الويل (5: 8- 28).
(3)    ص 6 – 12: اكثر الاعلانات في هذه الفصول يرجع تاريخها الى الفترة التي كان فيها ملوك اسرائيل ودمشق في حرب شعواء مع عاهل اشور، وهم يحاولون اقناع ملك يهوذا بالانضمام اليهم (حوالي سنة 735 ق. م) وفيها الابيات المتعلقة بعمانوئيل (ص8) والقضيب الخارج من جذع يسى (11) وتنتهي في ص10.
اما ص11 فيرجع تاريخها الى فترة السبي البابلي، لان كلمة "الجذع" تعني جزء الشجرة المدفون في الارض بعد قطعه، ولو ان الحكم كان باقيا غي اسرة داود، لصيغت العبارة صياغة اخرى. وفي ص 12 نقرأ نشيدي حمد هما ختام هذه المجموعة.
وقد تضمنت هذه المجموعة انواع الكتابة الثلاثة. فالجزء الاكبر من ص 7 قصة عن اشعياء يرويها شخص اخر "فقال الرب لاشعياء اخرج لملاقاة احاز"(7: 3). وفي ص 8 قطعة نثرية يتحدث فيها النبي نفسه "وقال لي الرب خذ لنفسك .."(ع1). وجدير بنا ان نشير الى قطعة شيقة (9: 8 – 10: 4) وهي نشيد يتألف من 4 مقاطع شعرية يختم كل منها بهذا القرار:
"مع كل هذا لم يرتد غضبه"
"بل يده ممدودة بعد"
(4)    ص13 – 23:
مجموعة من الاعلانات كلها تنبئ من الخراب المتوقع على بعض الشعوب الاخرى، واولها بابل (13 و 14). في ص14 : 5- 21 نقرأ نشيدا مشحونا بالاسى والشجن والنواح. اما الامم الاخرى فهي موآب ( 15 و 16) ودمشق (17) والنوبة (18) ومصر (19 و 20) و "برية البحر" وادوم (21) وبلاد العرب (21) وصور (23). اما الاصحاح 22 فهو في غير مكانه بهذه المجموعة لانه يتعلق بيهوذا.
(5)    ص 24- 27: تختلف هذه المجموعة عن كل ما عداها فهي في الواقع ليست نبوة بل هي رؤيا ترسم صورة ليهوة يتخذ كرسيه بعد دمار كل اعدائه. وفي الصورة وليمة كبرى تتضمن اناشيد يغنيها القديسون حمدا وتسبيحا. وهذه الاناشيد وردت في ص25: 1-5 و ص 25: 9- 12 و 26: 1-19 و 27: 2-6.
(6)    ص28 – 35: هذه المجموعة يرجح بعضها الى تاريخ قبل سقوط السامرة ، ويرجع بعضها الى العصر الذي رفع فيه حزقيا السلاح ضد سنحاريب. ومما لا شك فيه ان الاصحاحات 33 -35 تتحدث عن زمن السبي.
(7)    في ختام مجاميع هذه الاعلانات  اضاف الكاتب منتخبات من تاريخ يهوذا (36 – 39) وهي متعادلة مع ما جاء في سفر الملوك (18: 13 و 17 و 20: 19).  الا ان نشيد 38: 9-20 لم يرد في سفر الملوك. ومن المحتمل ان اشعياء لم ينقل عن سفر الملوك بل ان الاثنين نقلا هذه البيانات من مصدر ثالث، ربما كان سجل حكم حزقيا.
ومرة اخرى نجئ الى ص56 فنرانا امام تغيير اخر في طريقة الكتابة. وبسبب جهلنا اسماء الكاتبين نقول عادة (اشعياء الثاني 40 -55) واشعياء الثالث 56- 66. وفي القسم الثالث نرى اعمال القسوة التي حلت بالضعفاء (59: 1-15) و بعض التصرفات الناشئة عن عبادة الالهة الكاذبة (57: 3- 14 و 65: 1-12).

عبد الله:
انه من الشيق ان نشير الى مجموعة من الاناشيد  في سفر اشعياء ترسم صورة عن "عبد الله". وهناك اربعة اناشيد هي:
(42: 1-4 و 49: 1-6 و 50: 4-9 و 52: 13 – 53: 12).
في النشيد الاول يصف الله ذاته هذا العبد، ويقول ان عمله سيشمل الدينونة. وفي النشيد الثاني يتكلم العبد نفسه ، ويقول ان الله ق اصطفاه وارسله ليكون نورا للامم.
وفي النشيد الثالث يتكلم العبد نفسه عن الالام التي وجدها ممن ابتغى خدمتهم وخلاصهم.
اما النشيد الرابع فقد جاء على لسان الشعب الذي عرف "عبد الرب" معرفة اكمل بعد موته.
وقلب الرؤيا حق لا ريب فيه. فحيثما وجد "عبد الرب" الحق ، فان كلام النبي ينطبق عليه. على انه في التاريخ البشري كله لم يظهر الا انسان واحد معصوم بلا خطية ، ه الرب يسوع.
ثم ينبغي ان نذكر ان الصورة التي رسمتها الاناشيد تنطبق – على الاقل في بعض اجزائها – على كل انسان يريد ان يكون عبدا لله.

ارميا:
يحس القارئ انه يقف بجوار ذلك النبي الباكي، يقاسمه حزنه ويشاركه صراعه في توسلاته وفي ايمانه الاصيل الذي يعلو منتصرا فوق البلايا.
ومثل سفر اشعياء يتألف من مجموعة من الاقوال ، بعضها نثر، وبعضها نظم، يضاف اليها مختارات من القصص من سيرة النبي وحياته. واكبر الظن ان باروخ هو الذي اضاف الفصول التاريخية عن حياة النبي. ويمكن تقسيم السفر الى ثلاث فترات، يفصلها عن بعضها حادثتان خطيرتان، كان لها اعمق الاثر في حياة الامة، وهما هزيمة مصر امام بابل في موقعة كركميش في السنة الرابعة من حكم يهوياكيم (605 ق.م) وسقوط اورشليم (586 ق.م).

حزقيال:
اختلف حزقيال عن ارميا اختلافا بينا – فارميا كان رقيقا هادئا تاقت نفسه الى السلام وحسب خطاياهم خطاياه. اما حزقيال فكان على نقيض ذلك واتخذ موقفه في عزلة عن شعبه، كأنه قاض يصدر احكامه اعقاب الجريمة. وكان هذا الموقف اثرا طبيعيا لما علم به، وهو ان كل انسان مسئول عن اعماله. واول اقواله جاءت في السنة الخامسة بعد سبي يهوياكين اي سنة 592 ق.م واخر اقواله 572 ق.م. اي بعد عشرين عاما.
ينقسم السفر الى 3 اقسام:
الاول: 1- 24 يندد بخطايا الشعب وينذر بالعقوبات المتوقعة.
الثاني ص 25 – 32 مجموعة من الاعلانات والرؤى عن الشعوب الاخرى.
ص 33- 48 يحفل بالرجاء في العودة من السبي.
القسم الاول:
ص1-3 حزقيال يرى الله يجئ في مركبة لامعة، مصنوعة لا من مواد جامدة بل من كائنات حية. ومن مركبته يقدم يهوة للنبي رسالته ويضع كتابا في فمه.
يأمر الله حزقيال اعمالا غريبة، فقد غمرته قوة الرب بحيث لم يعد قادرا على التفوه بالفاظ، ولذلك يقدم تعاليمه بواسطة اعمال. وتلك الاعمال (وعددها خمسة) انما هي علامات لهجوم نبوخذ نصر على اورشليم وتدميرها.
ص 6 و 7: وهنا يشرح العقوبة بالفاظ، وهي مصاغة نثرا ما عدا ص 7.
ص 8- 11 يرى حزقيال بيت الله وما فيه من رجاسات عبادة الاوثان. ويختم الذين حفظوا الشريعة ويهلك الاخرون.
ص12 – 19:  عقاب مملكة يهوذا. و ص 18 يسهب في خطأ درج الناس عليه وهو قولهم "الاباء اكلوا الحصرم واسنان الابناء ضرست" اي كانوا يظنون ان الانسان يناله قسط من القصاص من اجل ذنوب لم يقترفها هو. وقد نادى ارميا بخطأ هذه الفكرة (31: 29 و 30) وجاء حزقيا فاسهب في شرح ذلك بالفاظ اقوى واسلوب اشد صرامة.
ص20 – 24: هنا نجد مجموعة اخرى بعضها منظوم في شعر، تفضح خطايا اسرائيل ويهوذا. وضمنها صورة صانع معادن بها زغل (22: 17-22 وانظر ارميا 6: 27- 30). واختين تزوجتا وحلا بهما القصاص. وفي (24: 15- 18) نقرأ الحادثة الشخصية الوحيدة في حياة النبي، اذ تموت زوجته فيتحطم قلبه، ويرى في هذه النكبة نذيرا بسقوط اورشليم.
القسم الثاني: الرؤى ضد الشعوب الاخرى (25 -33)
القسم الثالث: اسرائيل الجديد (ص 33- 48). وفي هذا القسم يصف حالة الامة في السبي ويتنبأ بالعودة منه.
هوشع
وتحكي الاصحاحات الثلاثة الاولى اختباره مع زوجته. واذا سئلنا ماذا كانت علاقته بزوجته، فهناك احتمالان:
اما ان يكون قد تزوج مرتين.
واما ان يكون قد تزوج من امرأة واحدة ، هربت منه وباعت جسدها لرجال اخرين، وراحت تنحط الي اسفل الدركات، ومع هذا فان محبة هوشع لم تفتر ، بل بذل جهده لانتشالها من هوة الرذيلة والاثم.
ص 5: صورة الزيغان السياسي
ص 6: يصف النبي ندم الشعب على خطاياه.
ص 7: يسرد الجرائم السياسية مرة اخرى. ويرددها ص 9 و 10 وايضا 12 و 13. على انه يختم رساليه في ص 14.
يوئيل:
لفظة يوئيل تعني يهوة هو الله. ويرسم السفر استهلالا بوصف غمامة من الجراد طغت البلاد فاحالتها خرابا. اما بقية السفر فهو بيان عن يوم الرب
عاموس:
يقع السفر في 3 اقسام:
1-      نبوات عن الشعوب الاخرى
2-      اقوال ضد شعب اسرائيل
3-      رؤى مقترنة باقوال – ثم بيان عن حادثة في حياة النبي (ص8 – 9).
ويعقب ذلك القصة الوحيدة التي تروى على لسان غيره . وخلاصتها ان امصيا كاهن بيت ايل يثير غضب الملك على عاموس. ولكن النبي يتنبأ عليه بعقاب الله.
اما الرؤيا الرابعة (سلة القطاف 8: 1 و 2) التي دنا قطافها وحانت دينونة اسرائيل.
عوبديا:
اقصر سفر في العهد القديم ويدور حول نبوة عن ادوم.
يونان:
وهو يروي قصة تاريخية عن توبة الامم وقبولهم.
ميخا:
يدل مستهل السفر عن ان النبي عاصر يوثام واحاز وحزقيا ملوك يهوذا. والمساوئ الاجتماعية التي نعاها اشعياء في عصر يوثام. وقد تفاقمت تلك المساوئ في عهد احاز بسبب ضعفه والضرائب الباهظة التي فرضها على الشعب ليدفع الجزية لملوك اشور. وكان احاز قد هجر عبادة الله وقد مالأه الشعب. واقام احاز نفسه نموذجا سيئا لشعبه في تقديم الاضاحي البشرية ، بان قدم بكره ذبيحة محرقة (2مل16: 3) وحسب الشعب ذلك من اسمى اوضاع التعبد (6: 7).
ناحوم:
معنى اسمه "الرحوم". واسلوب السفر قوي اللهجة، صارم النبرات. وان كنا نرى في الفاظ السفر بعض القسوة الشديدة فذلك لانه عرف بعض مظاهر القسوة والظلم التي عاناها شعبه على يد نينوى واهوال الحصار المفجعة.
حبقوق
لعل حبقوق كتب اقواله بعد ان قام نبوخذ نصر بهجمته الاولى على اورشليم سنة 601 م. يتكلم عن الام الشعوب الاخر دون ان يذكر ان يهوذا وقعت فريسة بين براثن الكلدانيين.
محتويات السفر: 3 اقسام
الاول: جزء روائي، حديث بين النبي والله (1: 1- 2: 8)
الثاني: مجموعة من الويلات ضد الشر وفاعليه.
الثالث: مزمور او صلاة بعد ان هدأت نفس النبي الحائرة.
صفنيا:
صفنيا معناه "الذي يحميه الرب". اقترنت اقوال صفنيا بيوم الرب الاتي، فهي لذلك اقرب الى اسفار الرؤى منها الى اسفار النبوة. الفصل الاول يشير الى هلاك يهوذا يعقبه بيان عن يوم الرب. والفصل الثاني مجموعة مختصرة من الرؤى عن الامم الاخرى: الفلسطينيون  وموآب وعمون والكوشيون والاشوريين. وفي ص3 نقرأ بيان عن عقاب يهوذا تنتهي بخاتمة السفر وهي نشيد يفيض بالفرح اذ يرقب من بعيد خلاص يهوذا.
حجي
يشمل السفر 4 اعلانات الى زربابل حاكم يهوذا والى يهوشع رئيس الكهنة.
في الاعلان الاول يعلن النبي رغبة الرب في بناء بيته.
الاعلان الثاني: يزلزل الارض بقوة اذ يعلن ان بيت الله الجديد، ولو انه اقل حجما وروعة من الاول، سيمتلئ من مجد الرب.
الاعلان الثالث: الامة لن تطهر في عين الرب ما لم يكمل بناء البيت.
الاعلان الرابع: يحاول النبي ان يملأ قلب زربابل بالامل المرموق في ان يحتل مكانة علياء في فلسطين، وربما في ان يكون ملكا عليها.
زكريا
ومعنى اسمه "الذي يذكره الرب". الارجح انه عاد مع الجماعة الاولى التي رحلت من بابل (نح12: 4). وقد ورث زكريا جده عدو في وظيفته الكهنوتية (نح12: 16).
محتويات السفر:
يتألف السفر من 3 مجموعات منفصلة. (1-8) و (9-11) و (12- 15). وتبدأ المجموعة الثانية والثالثة بعبارة "وحي كلمة الرب".
المجموعة الاولى:
يسرد الرؤى التي رآها مضافا اليها التعاليم المستقاة منها.
1-      رجل واقف بين شجر الاس
2-      اربعة قرون واربعة صناع
3-      رجل وبيده حبل قياس
4-      يهوشع الكاهن العظيم والشيطان
5-      منارة من ذهب
6-      درج طائر
7-      ايفة طائرة في الهواء (سفينة كبرى)
8-      اربعة مركبات
9-      تاج يوضع على رأس يهوشع
وبعد ذلك يصف الصوم الحقيقي، ثم بيان عما يطلبه الله من عباده الصالحين، وعلاقة الانسان باخيه الانسان. ويختم اقواله بالامل المرموق في مستقبل سعيد.
ويشرح النبي المقصود من كل هذه الرؤى.
المجموعة الثانية:
نبوات ضد الشعوب الاخرى ويعقب هذا نبوته الرائعة عن المسيا الملك الذي يجئ الى اورشليم راكبا على حمار، وفي مجيئه يرقب النبي عهدا من السلام والرخاء (9: 9 – 17). وبعد ذلك بيان عن قصاص الرعاة الذين نكصوا على اعقابهم وارتدوا عن الايمان القويم. وفي محلهم سيضع الله راع اخر يحسن صنعا وينقذ شعبه (ص10).
وفي ص11 نقرأ اعلانا شيقا وهو يحدثنا عن الرعاة مرة اخرى. ويمسك النبي بعصوين (نعمة) و (حبالا). وتنكسر العصوين دلالة على الانقسام بين مملكتي اسرائيل. اما الاعلان الاخير فهو عن راع احمق (11: 15 – 17).
كتب السفر في زمن بعد السبي في نفس الفترة التي تنبأ فيها حجي النبي. يذكر "ياوان"وهي تدل على عصر متأخر، وقد يكون نجم مملكة اليونان قد بدأ بالظهور. وفي ص 10 يذكر اشور وهي تدل على عصر متقدم اي قبل سنة 600 ق.م. الا ان اليهود اطلقوا لقب اشور على مملكة سوريا اليونانية.
المجموعة الثالثة:
وهي اقرب الى الرؤى منها الى نبوات. وهي تصف دمار الشعوب الاخرى وخلاص اليهود. وفي ص13 يرسم النبي صورة ينبوع تطهر مياهه ارجاس البشر. وفي ص13: 2-6 يصف عقوبة الانبياء نزعهم من الارض ولكن في ص13: 7-9 يرسم صورة الخلاص.
ملاخي
سفر ملاخي هو مجموعة من النبوات تبدأ كل منها بعبارة "وحي كلمة الرب". في (2: 10- 16) يسفّه النبي مسلك الذين ارادوا التخلي عن زوجاتهم، لانهن ليسوا من بنات اسرائيل، لان يهوة هو محب البشر جميعا. وفي ص3 نبوة عن يوحنا المعمدان المرسل امام الديان العظيم. وقد حلت بالبلاد لعنة لان الناس باتوا لصوصا لانهم لم يقدموا تقدمات مقبولة. ويردد بقية السفر عقاب الخاطئين المارقين وثواب الابرار الصالحين. ويسلك النبي طريقة السؤال والجواب في عرض نبوته.
المزامير
تنقسم المزامير الى 5 كتب:
1-      مزمور 1 -41
2-      "     42 – 72
3-      "           73 – 89
4-      " 90- 106
5-      "           107 – 150
ويبدو ان هذا التقسيم قد وضع في عهد متأخر تمشيا مع التوراة. على ان بعض علماء الكتاب المقدس يرون ان هناك تقسيما مبكرا يضع المزامير في 3 اجزاء فقط. الكتاب الاول 1-41 والثاني 42 – 89 والثالث 90 – 150
ويختلف الكتاب الثاني عن الاجزاء الاخرى. ففي اسفار موسى الخمسة نجد الفاظا مختلفة للدلالة على اسم الجلالة: منها "يهوة" وهو الاسم الخاص باله اسرائيل، ولفظة "الوهيم" وهي لفظة عامة لاسم الله. وفي القسم الاوسط من المزامير (42 – 83) لا نجد لفظة يهوة الا قليلا. وحين نقارن مثلا مزمور 14 بمزمور 53 نجدهما نصا واحدا في اللغة العربية، والفارق الوحيد في اللغة العبرية هو اننا نجد لفظة "الوهيم" في مزمور 53 وتترجم "الله" و "يهوة" وتترجم "الرب" في مزمور 4- وهذا التغيير متعمد على قول ثقات العلماء. وهم يؤيدون ان المزامير 42 – 83 جمعت في عصر احس فيه اليهود انه ليس من اللياقة ان يستخدموا اسم الله المقدس "يهوة".
وهنا قد نسأل : هل هذا التقسيم – اي تقسم المزامير الى ثلاثة كتب هو اقدم الاوضاع، ام هناك تقسيم اخر سابق له؟
ويجدر بنا ان نشير الى ان هناك الفاظا معينة وضعت في مقدمة اكثر المزامير، نذكر منها ستة انواع فقط:
73 مزمورا وضت في مقدمتها عبارة "لداود"
55 "            "           "امام المغنين"
15                           "ترنيمة المصاعد"
15                           "الحمد والتسبيح"
"                             "اساف"
"                             "بنو قورح"
ومزامير قورح واساف تقع كلها في القسم الثاني، ومن المحتمل ان هاتين المجموعتين كانتا منفصلتين في وقت ما عن بقية المزامير. ولكن مجموعة داود تشمل مزامير القسم الاول كله (ما عدا مزمور 1 و2 و 10 و 23).
وفي القسم الثالث نجد بعض المزامير باسم "داود" ويبدو انه كانت هناك مجموعتان او ثلاثة باسم داود ولم تجمع كلها في كتاب واحد.
اما مزامير قورح واساف فقد وضعت كلها في مجموعاتها. وتقع مزامير قورح في مجموعتين هما 42 – 49 و 84-88 (يتوسطها مزمور 86 لداود).
ووضعت مزامير اساف (73- 83) في مجموعة واحدة ، ما عدا مزمور 50 فقد وضع منفصلا. وكذلك مزامير "المصاعد" ( 120 – 134) جمعت معا.
اما مزامير "الحمد والتسبيح - هللويا" فقد وضعت متفرقة. وهي مزامير 104 – 108 و 111- 113 و 117 و 135 و 144-150.
الامثال
السفر يشمل مجموعات كثيرة من اقوال الكماء:
1-      اقوال سليمان (ص1-9)
2-      امثال سليمان (10: 1 - 22 : 16)
3-      كلام الحكماء (22: 17- 24: 22)
وايضا الحكماء (ص24: 23-34)
4-       ص25 – 29 "هذه ايضا امثال سليمان الني نقلها حزقيال"
5-      ص30 "كلام اجور بن متقية"
6-      ص 31 "كلام موئيل ملك مسا"
7-      ص31: 10 -31 "قصيد شعري عن المرأة الفاضلة.
وامثال الحكمة قصيرة العبارة سهلة المأخذ، وتعالج مظهرا معينا من مظاهر الاختبار في الحياة.
والذي يقرأ سفر الامثال لاول وهلة يحس انها تبدي اهتماما ايجابيا بالشئون الدنيوية، فالحياة الصالة لا تنال الا بالجد والابتعاد عن الكسل (6: 6-11 و 24: 30-34) والسكر (23: 20- 21 و 29- 35) والزنا (5: 9-10) والمعاملات التجارية غير الحكيمة (6: 1-5) وهكذا. وحين نلاحظ كثرة الاقوال عن المرأة النكدة يتبادر الى الذهن ان هذه المشكلة عظيمة "الوكف المتتابع في يوم ممطر والمرأة المخاصمة سيان"(27: 15-16 وانظر ايضا 17: 1 و 19: 13 و 21: 9 و 19 و 25: 24).
ايوب
هو اقدم بيان في التاريخ عن مشكلة الالم. كان الاعتقاد ان البار ينال جزاء بره وكذلك الشرير. لكن لماذا الالم يصيب التقي والبار- كان النبي حبقوق ، على قدر ما نعرف ، هو اول من سأل هذا السؤال ، ولكنه لم يكن الاخير، ولسنا نجد اليوم حكيما او فيلسوفا او احدا من رجال الدين الا وجذبه دراسة هذا الموضوع.
يقع السفر في 4 اجزاء:
1-      قصة الام ايوب (ص1 و 2)
2-      الحوار بين ايوب واصدقائه (3 – 37)
3-      جواب الله (38: 1 – 42: 6)
4-      الخاتمة السعيدة (42: 7 – 17)
والقسم الاول والاخير كتبا نثرا، اما الاقسام الاخرى فكتبت نظما في الاصل العبري. وتتحدث القصة النثرية عن ثروة ايوب واستقامته (1: 1 – 5).
لقد اصر اصحاب ايوب في حوارهم معه (ص3-31) على ان الله لا يرسل البلاء الا للاشرار الخطاة ، وان علة بلوى ايوب هي خطية دفينة هو مسئول عنها ، وان الله سيرحمه ان تاب واستغفر. ولكن ايوب يحتج في مرارة على ادعائهم، ويصر على انه لم يقترف وزرا يستحق عنه هذا البلاء الماحق. واذ يحس ان الله ناقم عليه – والا لما اصابه بهذه النقمة – يدرك ان لا سبيل له للمثول امام الله ، ولا وسيط بينه وبين الله الديان. لذلك يأمل ان يستمع الله الى شكواه ودفاعه ليزكي نفسه. ولكنه يعود مرة اخرى الى نفسه ويرى عقم هذه الحكمة، فليست هناك وسيلة تقدر ان تبرئه وليس امامه الا الموت.
واخيرا من اعماق الالم الجسماني والنفسي ، يخطو اوسع خطوة في سبيل الايمان، ويقول ان الموت ليس نهاية كل الاشياء، فحتى بعد فناء جسده العليل المضني، سيبقى حيا في وضع ما، وفي حالة يرى فيها الله ويدافع نفسه امامه عندئذ سيكون الله الى جانبه ويعلن بره ويهبه خلاصه (19: 25-27).
هذا هو الجواب على سؤال ايوب الاول: انه الان على يقين ان الله بعد كل هذا واقف الى جانبه. ولكن الحوار يمتد ولا ينقطع. ان الخطية هي علة كل الم في العالم، لكن هناك حالات من الالم لا يمكن تعليلها. ولذلك تستمر المناقشة حتى تفرغ جعبة الاصحاب الثلاثة. وعندئذ يصعّد ايوب صرخته الداوية متوسلا الى الله ان يضئ على بصيرته وييسر له امره (29-31).
اما الفصول (32- 37) فهي اقوال صديق رابع لايوب يدعى "اليهو". وفي ص38 يجئ الله ويضع امام ايوب صورة لبعض عجائب الكون الذي صنعه. وقد يبدو لنا مستغربا ان الله لم يجب على اسئلة ايوب. ولكن ايوب لم يعد في حاجة الى جواب . لقد رأى الله ويكفيه هذا. وقد انتهت اسئلته ومتاعبه (40: 3-5 و 42: 1-6). والمرء حين يرى الله تتضاءل الاوجاع والاحزان ولا يكون لها متسع في تفكيره.
وفي ص42: 7 نعود الى القصة ، ونرى الله يزكي ايوب ايام اصدقائه.
ونرى الله يضع ايوب كاحد الابرار الثلاثة –نوح ودانيال وايوب (حز14: 14) الذين يتشفعون في الشعب.
من الخطايا التي حاول ايوب ان يبرئ نفسه منها عبادة الشمس والقمر (اي31: 26 و 27).
المراثي
هي اناشيد التوجع والبكاء من اجل اورشليم يوم اذلها الكلدانيون. ويقع السفر في 5 فصول:
ص1 – يندب النبي شقاء المدينة
ص2 خراب اورشليم وغضب الله
ص3 – يتحدث النبي بالنيابة عن الشعب، ويستند الى رحمة الله وامانته.
ص4- ايام الرخاء ومقارنتها باهوال المجاعة
ص5- الامة تتوسل طالبة الغفران والخلاص.
ويصور لنا الفصلان الثاني والرابع اروع صورة لايام اورشليم الاخيرة، والالام الخانقة التي عاناها الشعب. وهي مصوغة في اسلوب اخاذ في اللغة العبرية، اما الاصحاح الاول فهو اقل روعة في اسلوبه ، ويبدو ان الاصحاح الثالث جاء متأخرا، واخرها الاصحاح الخامس.
استير
علل البعض خلو السفر من ذكر "يهوة" بانها نقلت حرفيا من سجلات المملكة الفارسية، او ان اسم الجلالة قد حذف من اجل ان يقرأها سكان فارس، او ربما خشية من تدنيس اسم الله من قبل اولئك الذين لا يؤمنون به.
الجامعة
الجامعة مشتقة من "جمع" او "جماعة" . والظاهر ان الكلمة في اصلها العبري تشير الى شخص "واعظ" يحدث جمعا من الناس. وليست اسما علما ، بل هي وصفا لوظيفة. وكان المعتقد ان هذه الوظيفة قام بها سليمان، الذي كان من عادته ان "يجمع شيوخ الشعب ورؤساء الاسباط" وبدو بينهم كأنه المعلم الحكيم "انا الجامعة كنت ملكا في اورشليم، ووجهت قلبي للسؤال والتفتيش بالحكمة عن كل ما عمل تحت السموات".
على ان السفر ليس عظة بالمعنى المقصود بل هو اشبه بمحاضرة متنوعة الافكار عن معنى الحياة. والسفر ليس منظما على نسقا واحدا وغايته ان كل نشاط بشري باطل (جا1 و 12).
وكما فعل الفيلسوف عمر الخيام في رباعياته، نرانا هنا امام حكيم يعلن ان حكمة الانسان لن تقدر ان تكون جامعة. وللحكمة فضلها وقيمتها، لا شك في ذلك، لانها تمكن الانسان من السير بحذر ورزانة واضعا نصب عينيه قيود الحياة الفانية ومقتضياتها: "الحكيم عناه في رأسه. اما الجاهل فيسلك في الظلام"(جا 2: 14). اجل، ان الحكمة "تقوي الحكيم اكثر من عشرة مسلطين"(7: 19)، ولكن مزاياها في الحياة العملية مشكوك في امرها:
"قلت في قلبي كما يحدث للجاهل، كذلك يحدث لي انا.
.. لانه ليس ذكر للحكيم. ولا للجاهل الى الابد..(2: 12- 23)
وذلك "لان في كثرة الحكمة كثرة الغم، والذي يزيد علما يزيد حزنا"(1: 18).
وعلى الرغم من نظرة الكاتب المتألمة للحياة، واعتباره اياها مأساة، الا انه لم يرض ابدا التنازل عن عقيدته الراسخة بأن الله هو السيد المتسلط على شئون البشر. وليست مأساة الحياة في نظره مرجعها سطوة القضاء والقدر التي لا راد لها، بل ان حكمة الله خافية لا يدركها الانسان.
الاحداث تبدو للعين وليدة الصدف خاضعة للحظ و "ليس جديد تحت الشمس"، لان سير الحياة الوئيد المنهك يعود في دورة الى البداية التي بدأ منها "رأيت كل الاعمال التي عملت تحت الشمس، فاذا الكل باطل وقبض الريح. الاعوج لا يمكن ان يقوم والنقص لا يمكن ان يجبر"(1: 4- 11) ومع هذا كله لا يفتأ يردد في يقين ان كل شئ "في يد الله"(9: 1).
والمشكلة ان سلطان الله خفي عن العين البشرية، والانسان يتعسس طريقه في الظلام اذ لا يعرف شيئا من قصد الله وتدبيره.
 ظلال اليأس:
ومما لا شك فيه ان الجامعة لم يدع ابدا ان يلقن الناس على نسق الانبياء او الكهنة، ولكن اراد ان يقدم مشاكل مستقاة من اختباراته ومشاهداته وتأملاته. ولكن فكرته عن الله متأصلة في كل متجهات تفكيره. وخلاصة تعاليمه ان الله خفي عن افهام البشر. والجامعة يكتب تحت ظلال من اليأس ، فالله في نظره منزه يفوق العقل، تفصله عن الانسان فجوة هائلة "لان الله في السموات وانت على الارض"(5: 2).
فالله له سلطان فائق ولكنه مستور خفي عن الافهام "كما انك لست تعلم ما هي طريق الريح، ولا كيف هي العظام في بطن الحبلى، كذلك لا تعلم اعمال الله الذي يصنع الجميع"(11: 5). ان سفر الجامعة ينفي ما يدعيه الحكماء من حيث قدرتهم على فهم مقاصد الله.
دانيال:
ينقسم السفر الى جزئين رئيسيين:
قصص عن دانيال ورفاقه (1-6) و رؤى يراها دانيال (7- 12).
والاصحاحات من 2- 7 مكتوبة باللغة الارامية وليس العبرية. ويبدو لنا ان السفر كان لغة واحدة وانبرى احدهم الى ترجمته الى اللغة التي يفهمها الشعب ولكنه لم يكمل المهمة.
عزرا ونحميا:
هذين السفرين في الاصل هما سفر واحد، ولم يتم الفصل بينهما الا في زمن متأخر. وتبدأ بقصة عودة المسبيين تحت زعامة شيشبصر. وفي ص2 يذكر عزرا قائمة  باسماء العائدين تحت زعامة زربابل وليس شيشبصر. والظاهر ان تلك كانت حادثة اخرى. ثم يبدأ اليهود في اعادة بناء الهيكل فيغضب جيرانهم، ويحاولون وقف البناء. ولذلك يتوقف البناء الى السنة الثانية من حكم داريوس – اي سنة 522 ق. م. (عز 3 و4). واطاعة لدعوة حجي وزكريا النبيان يبدأ البناء من جديد ولا يبالي اليهود باعتراض جيرانهم بعد ان اذيع الامر الذي كان قد اصدره الملك كورش فيتم بناء الهيكل (عز 5 و 6).
وفي السنة السابعة من حكم ارتحشستا ملك فارس (اي 398 ق. م) يجئ عزرا الكاتب الى اورشليم لتنفيذ الشريعة التي اخذها معه. والظاهر ان تلك الشريعة كانت جزءا من الاسفار الخمسة، وهو يعود حاملا معه ايضا عددا من الانية المقدسة. وهو يرى اشخاصا من اليهود اتخذوا زوجات اجنبيات فيأمرهم بالتخلي عنهن (9 و 10).
والان ينقطع حبل القصة ، ويتجه الحديث من جديد الى الاهتمام بنحميا وعمله. وكان نحميا ذا مكانة وحظوة لدى ارتحشستا ، وكان قد تلقى انباء عن الحالة السيئة لاورشليم وبؤس سكانها. فتوسل الى الملك ان يأذن له بالعودة الى اورشليم، فاذن له الملك. ولما عاد اليها شرع في بناء الاسوار. وكما حدث في عهد زربابل اغتاظ جيران اليهود وحاولوا وقف البناء. ولكن نحميا كان رجلا قويا، فلم يأبه بهذه الاعتراضات واكمل الاسوار. ورح بعد ذلك يجاهد في تحسين احوال الشعب، وكان عدد غفير منهم يرزح تحت ديون ثقيلة، فرفع عن كواهلهم هذا الكابوس (ص5).
وفي ص 6 نقرأ عن المكيدة التي دبرها سنبلط حاكم السامرة لقتله. ويسرد ص7 اسماء الاشخاص الذين منحوا بيوتا للسكنى في اورشليم. وفي ص8 يأخذنا مرة اخرى الى عزرا ويصف كيف جمع الشعب وتلى عليهم الشريعة.
سفرا اخبار الايام
كانا في الاصل سفرا واحدا. وهما سجل لتاريخ يهوذا من وجهة نظر كهنة اورشليم. وقد ذكرت بعض حوادثه في سفري الملوك. وكان هذا السفر في وقت ما جزءا من سفر عزرا ونحميا لان العدد الاخير من سفر الايام هو بعينه العدد الاول من سفر عزرا.
وقد تم الفصل لان عزرا ونحميا سجلا الحوادث التي لم تذكر في سفر الملوك، وسفر الايام كرر الحوادث التي سبق ذكرها. ولعل هذا هو السبب الذي من اجله وضع سفر الايام اخر كتاب في الكتاب المقدس العبري. ولم يكن هذا ضروريا بالطبع.
وكاتب سفر الايام نقل عن سفر الملوك نقلا مباشرا في مواضع كثيرة بعد ان ادخل بعض التغييرات والاضافات. وذلك لان معرفة الناس لله قد تكاملت. ويبدو انه كان لديه مصادر اخرى لم يستعملها كاتب سفر الملوك. فهناك مثلا قوائم باسماء كثيرين. واحيانا نلتقي بوقائع واحداث لم يدونها سفر الملوك – مثل قصة الحرب التي اباد فيها يهوشافاط بني عمون (2اخ20: 1-30). على ان اكثر المواد التي اضيفت اقترنت ببيت الله والكهنة والعبادة.

بين العهدين
قبل ظهور ملاخي – صاحب اخر سفر من اسفار العهد القديم، كان قد عادت ثلاث قوافل من اليهود الى ارض الوطن تحت قيادة زربابل و عزرا ونحميا.وبعد ملاخي بمدة قرن تمتع اليهود بالحرية الدينية تحت التبعية الاسمية لفارس. ولولا الحروب المتوالية بين مصر والفرس لكانت تلك الفترة عهد رخاء لدولة يهوذا.
على ان امبراطورية مادي وفارس لم تلبث ان انهارت كما تنبأ دانيال وحلت محلها دولة اليونان. وبعد موت الاسكندر الاكبر انقسمت الامبراطورية العظيمة بين قواده الاربعة،  وسقطت مملكة يهوذا اولا بيد سوريا ثم بيد مصر . وبعد حروب متوالية تناقلتها فيها الايدي ، استولى عليها اخيرا بطليموس سوتير ملك مصر، وراح هذا يرحّل الى مصر الوفا من اليهود، حيث استوطنوا هناك في مستعمرات خاصة بهم. وسلالة هؤلاء هم الذين قاموا بالترجمة السبعينية.
وبعد انقضاء 130 سنة تحت حكم البطالمة انتزع انتيخوس الكبير دولة يهوذا من ايدي المصريين وضمها الى سوريا. وف سنة 168 ق.م. على اثر نشوب ثورة صغيرة قام انتيخوس باقتحام المدينة المقدسة وهتك قدسية الهيكل. ونجد في اسفار المكابيين ما يدل على الاضطهاد المريع في هذه الفترة. واذكت تلك المظالم روح المقاومة في الشعب ونهض يهوذا المكابي واخوتهم الاربعة واستولوا على اورشليم. وفي وسط مظاهر التهليل والابتهاج طهروا الهيكل وكرسوه من جديد لعبادة الرب (عيد التجديد).
وتحدثنا الاناجيل عن طوائف ظهرت بين اليهود: الفريسيين، والصدوقيين والهيرودسيين و.. التي ظهرت في تلك الفترة.
قانونية الاسفار:
في اواخر القرن الثاني برزت فكرة الكتابات القانونية. وقد نشأت الفكرة من عاملين. اولهما ظهور الثقافة والمؤلفات اليونانية، والثاني انتشار الكتب التي حوت نبؤات عن المستقبل كتبها اليهود واذاعوها فيما بينهم. ورغبة في ابعاد ما حسبه قادة الفكر اليهودي خاطئا ، نعين عليهم ان يفرزوا من مجموعة الكتب المتداولة ما اعتقدوا انه حق. ولم تكن صعوبة في تقرير رأى حاسم عن الاسفار المسماة بالتوراة وكتب الانبياء. اما عن النوع الثالث وهي المسماة "كتابات" فلم يكن الاجماع معقودا عليها. فدار خلاف حول قانونية اسفار نشيد الانشاد واستير والجامعة. على ان هناك ما يحملنا الى الاعتقاد ان اليهود بلغوا المرحلة النهائية في مجمع اليمنية الذي انعقد سنة 90 ق.م.
على انه في اواسط القرن الاول قبل الميلاد، لم يتبع اليهود اليونانيون – وخاصة يهود الاسكندرية – احبار فلسطين في تحديد الكتب القانونية. وعلى ذلك وضعوا بين الاسفار العبرية القديمة الكثير من الكتابات المتأخرة . وبعض هذه كتب في الاصل بالعبرانية مثل سفر المكابيين الاول وحكمة يشوع بن سيراخ وطوبيا ويهوديت وباروخ. والبعض الاخر كتب في الاصل باليونانية مثل حكمة سليمان والمكابيين الثاني وهو ما عرفت فيما  بعد باسفار القانونية الثانية. ويقول عنها ايرونيموس انها تقرأ لبنيان الشعب لا لتثبيت العقائد.
ولكن القديس اغسطينوس في المجامع التي انعقدت في هبو وقرطاجنة ذكر ان بعض الاسقار مثل حكمة ويشوع بن سيراخ يعتبران قطعا من الاسفار القانونية.
الغت الكنيسة الكاثوليكية في مجمع ترانت سنة 1546م كل تمييز بين الكتابين، ما عدا سفر عزر وصلاة منسى. وفي هذا يقول المجمع "من لا يقبل هذه الكتب بكل اجزائها كاسفار مقدسة قانونية ... فليكن محروما".
اما لوثر فقد ميز بينها ووضعها تحت عنوان ابو كريفا اي اسفار لا تحسب في مستوى واحد مع الاسفار المقدسة، ولكنها مع ذلك صالحة للقراءة ونافعة للتعليم.
الابوكريفا:
كلمة تقلبت عليها الحظوظ، سعيدها وسيئها. ففي الاصل استعملت بمعنى حسن، ثم انقلبت الى معنى سئ. ومعناها في اللغة اليونانية الكلاسيكية الخاصة بالكتاب المقدس – "خفي" واستعملت ايضا بمعنى غامض او سر.
1-      في اوائل العصر المسيحي استعملت الكلمة للدلالة على الكتب التي حوت تعاليم خفية مستورة لا يعرفها الا  الاقلون المختارون. فانطوت بذلك على المدح والثناء. وسفر عزرا الرابع احد هذه الكتب.
2-      ولكن كثيرا ما يكون الشئ المستور الخفي عرضة للريب والشبهات. ولذلك انتقل معنى الكلمة من اطلاقها على الكتب الخفية واضيف الى فكرة السرية فكرة الشبهة. وصارت مرادفا لكلمة باطل ومزيف.
والقديس اثناسيوس قسم الكتابات الدينية الى (1) كتب مقدسة، (2) وكتب كنسية لا تعتبر مصدرا للتعليم ولكنها تقرأ في الكنيسة لتهذيب الاخلاق. وقد شمل هذا النوع من الكتب بعض اسفار الابو كريفا. (3) اسفار الابو كريفا التي اصطنعها الهراطقة لترويج التعاليم الخاطئة.
اسفار الابوكريفا:
عزرا الاول:
يشمل هذا السفر الذي كتب باليونانية مقتطفات من سفر اخبار الايام الثاني (35: 1 – 36: 23) - وسفر عزرا كله ونحميا 7: 31- 8: 12 وفيه قسم يحوي قصة داريوس والفتيان الثلاثة. وفي الكتب المقدسة اللاتينية يسمى هذا السفر عزرا الثالث، وذلك لان سفرا عزرا الاول ونحميا يسمى عزرا الثاني.
عزرا الثاني:
هذا سفر غزير المعنى ، عميق الاثر، يعالج المشاكل العويصة التي تخطر ببال المفكرين. وهو يشبه سفر الرؤيا. وهو مكتوب في عبارات فصحى مثيرة للشجون. وفيه فصلان تمهيديان يشكو الله فيهما شعبه. وهذه الفصول كتبها مسيحي يهودي حوالي سنة 100 م.
ويشمل باقي السفر سلسلة من رؤى سبع اعلنت لعزرا. ويتمثل المشهد التاريخي كأنه وقع في عصر نبوخذ نصر. على ان مجمع ترنت لم يعتبره قانونيا.
طوبيت:
وهي قصة تمثل الحياة العائلية التقية، الحافلة بالعطف البشري، وتعلن الحقائق الدينية العظمى بأن الله يسمع الصلوات ويستجيبها، ويحسب السفر ايضا رواية دينية تمتدح الاحسان.
يهوديت:
يرسل نبوخذ نصر قائده "هولوفرنس" الذي يحاصر اليهودية ويقطع عنها الماء ، فيرغم المواطنون اليائسون "شيوخ" المدينة الثلاثة على ان يعدوا بالاستسلام اذا لم يفك الحصار في خلال خمسة ايام. وفي هذه الاجواء الخانقة تبرز يهوديت وهي ارملة غنية – وتعتزم انقاذ شعبها.
تتمة استير:
هذه الاضافات وضعت في النسخة الانجليزية تحت اصحاح 10 و11 . وهذا الترتيب مدعاة الى الاضطراب وخال من المعنى . على ان النسخة اللاتينية القديمة تتضمن المقتطفات الستة الاضافية في مواضعها الاصلية. واعادة ترتيب اجزاء الكتاب على هذا الوضع، يكون الكتاب كله مفهوما.
حكمة سليمان:
ينتمي هذا الكتاب الى طائفة معينة تسمى مؤلفات الحكمة. وهو يجعل المحبة الباعث الاول لخلق الله للعالم، ممثلا اياه كاب محب لخلائقه (11: 24-26). وينقسم الكتاب الى جزئين منفصلين: الاول (ص1-9) فلسفي تحذيري، والثاني (ص10- 19) تاريخي.
يشوع بن سيراخ:
كتب السفر باللغة العبرية حوالي سنة 190 – 180 ق. م.
سفر باروخ:
يقع هذا السفر في جزئين ، وكل جزء ينقسم الى قسمين. وكتب الجزء الاول نثرا. والجزء الثاني يشمل عظة عن الحكمة وسبع قصائد في التعزية. وفي عظة الحكمة يتساءل الكاتب عن علة بقاء اسرائيل في السبي. وفي الثلاث قصائد الاولى تمتزج انات التوبة والحزن بنفثات التعزية والرجاء. اما الاربع الاخيرة فكلها تعزيات ووعود لاورشليم.
رسالة ارميا:
وضعت هذه الرسالة عقب سفر باروخ وكأنها الاصحاح السادس من سفر باروخ.
تسبحة الفتية الثلاثة (الهوس الثالث):
في الكتب المقدسة اللاتينية توضع بعد (3: 18) – وايات من 28 – 65 تتضمن تسبحة الفتية الثلاثة.
قصة بعل والتنين:
وفيها يظهر دانيال هاما لعبادة الاوثان.
صلاة منسى:
كان منسى ابن الملك حزقيا. ويرخذ مما جاء في سفر الملوك الثاني (21: 1-28). ان منسى هبط – الى احط درجات الخزي. ولكن سفر اخبار الايام (2اخ 33) يتحدث عن توبته.
المكابيين الاول:
يصور جهاد اليهود في سبيل الاستقلال الديني والسياسي. يشمل مدة اربعين سنة هي الفترة بين جلوس انتيخوس ابيفانوس على العرش سنة 175 ق.م. الى موت سمعان المكابي سنة 135 ق.م.
 المكابيين الثاني:
ليس هذا السفر تابعا ولا ملحقا لسفر المكابيين الاول. بل هو كتاب ثان عن ثورة المكابيين. وتبدأ بعصر سلجوق (سلوقس) الرابع وتنتهي بهزيمة نكانور، وهي حوادث تمتد مدة 15 عاما من سنة 176 الى 161 ق.م.
والسفر خلاصة خمسة اسفار كتبها ياسون القيرواني. وهو يعترف انه لم يلخص فقط بل يزوّق ويجمل باسلوب روائي بديع.