الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019

ميخا ص1-4

الخطر يتهدد اورشيم واشور تكتسح الساحل باتجاه مصر (9-16)، ثم تلتفت لتقتحم وادي النهر الذي كان يقطنه ميخا مجتاحا مدينة تلو الاخرى، ويصل اخيرا الى اسوار اورشليم. ومن المقيد ان نقارن هذا المقطع مع اش 10: 28-34. 
ففي اشعياء نجد وصفا يقدمه رجل ساكن داخل المدينة، لهجوم العدو من الجهة الشمالية،وفي ميخا نجد رجلا خارج المدينة يورد وصفا لزحف العدو الذي يجاوزه من الجهةالجنوبية الغربية.
نجد هنا مجانسة كلامية "لا تخبروا في جت.." جذر الفعل واسم "جت"متشابهان، فلنا ان نترجم "لا تخبروا في مدينة الخبر..". كذلك حال عفرة "تعفري في التراب في بيت عفرة ..
توصف لاخيش انها "اول خطية لابنة صهيون"(13) ويدعوها النبي قائلا "شدي المركبة بالجواد" لانهاكانت على اتصال بتجارة المركبات. فقد كانت سياسة اسرائيل الخاطئة ان تقوم بشراء اعداد كبيرة من الجياد والركبات من المصريين. وذلك شجّع الشعب على الاعتقاد ان امته صائرة قوة عسكرية، الا انها كانت في كل حين تعصر قوتها المالية. اذ مهما كانت المركبات ملائمة لاراضي النيل المنبسطة، فقد كانت في غير محلها في اراضي اليهودية الجبلية. ثم ان هذا الاعداد للحرب كان يدفع الامة للنظر لنفسها والتطلع لحليفتها بدلا من النظر للرب. لهذا السبب نظر الانبياء الى المركبات باعتبارها سبيلا للضلال.
"كوني قرعاء.." علامة الحداد..

تنديد ميخا بفاعلي الشر (ص2-3)
الملاكون الطماعون (2: 1-11):
بدلا من ايراد حكم عام على الشعب تخص باللعنة طبقات معينة تسببت في ذلك الخراب. ويقدم لنا فكرة عن المفاسد المنتشرة.
ان محدثي الثراء في المدينة يشتهون اراضي في الريف، فيسهرون الليالي وهم يخططون كيف يتنملكونها (1-2). هذا الشر عينه يحذّر منه اشعياء (5: 8) – خبر كرم نابوت في 1مل21.
الاراضي التي سلبوها ستنزع منهم (4) ولن يقدر احد منهم ان يتخذ له حصة من الارض في اسرائيل (5).
اذ تضايقهم رسالة النبي يطلبون منه ان لا يتنبأ (5). لكن النبي يحاول ان يقنعهم: ان كانوا بالفعل شعب يعقوب فهل هذه افعال يعقوب؟ (7). ومن ثم يجابههم ببعض افعالهم القريبة العهد، كي يظهر الى اي مدى قصروا عن مطالب الله. فانهم يعادون من يثق بهم، فيسلبون حتى ثيابه (8). ويطردون النساء والاطفال من بيوتهم (9) حتى يتملكونها. يدعوهم الى القيام من حال الخطية وكسلهم لان الامر سيعود بالهلاك (10).
لكن الشعب لا يريد نبيا حقيقيا بل من "يثرثر عن الخمر والمسكر"(11) اي خدمة شعبية باسوا معنى للكلمة. وسيكون لهم الواعظ الذي يستحقون، فكما الشعب هكذا الكاهن.
العددين 12و13 لا يعودان الى فترة المقاطع السابقة واللاحقة ولذلك يمكن تناولهما في القسم المناسب لهما في 5: 2-4.

الرؤساء والانبياء والكهنة:
ذلك الحشد المتالق من ذوي المناصب الحكومية والقضائية في الدولة، يتلقى الان رسالة النبي (1-4). انهم اساءوا استخدام السلطة ياكلون الاطايب فيما الاخرون جياع. والصورة حية حتى لتلوح لنا عظام الوجوه النحيلة – وجوه الفلاحين الشاحبة.
اما الانبياء الزائفون (5-8) سيعطيهم الله ظلمة الذهن "يكون لكم ليلة.."(6). فالكرازة التي تشوّه الحق وتخمده طلبا للاجر عاجزة كلية عن تمييز الحق واعلانه. بالمقابل، فهناك النبي الحق الذي لكلامه سلطان لان فيه روح الرب ، فما اقواله بالمعسولة، بل انه يحمل رسالة دينونة على الذنب "لكنني انا ملان قوة، روح الرب وحقا وبأسا، لاخبر يعقوب بذنبه واسرائيل بخطيته".
في الخطاب الاخير يستجمع ميخا كل ما سبق ان قاله حتى الان، ويرشق بهم الذين ما برح يندد بهم. وعدد 12 لا يدهشنا ان نقرا في ار26: 18 اذ ذكرت بعد مئة عام من زمن ميخا.
هذه الخطابات الثلاث (1-4 و 5-8 – 9-12) مرتبة. فهو اولا يخاطب الشعب ثم يعرض شرهم واخيرا يشير الى الدينونة التي تقع عليهم.

جبل الرب:
اذ يرفع عينه بعيدا عن المظالم القذرة التي تحيط به لا يعد يحدّق في سحابة الدينونة الوشيكة، بل يلمح في البعيد البعيد رؤيا مجيدة للايام الاخيرة (1-4). ونجد مثلها في (اش2: 2-5). هل النبوة لميخا ام لاشعياء ام انها مستقلة استعملها كلاهما؟
يبدو ان ميخا يعرّض النبوة بصورة اتم .. فالامم القوية – التي لولا ذلك ما كانت لتردع عن اعتداءاتها – ستتقبل انتهاره، ولن تكون المسافات لتقلل من سلطانه. وسوف يتخلصون من عتادهم التي كانت قبلا محط كبريائهم وثقتهم وسيحولون معادنها الى الات سلم. والطاقة التي خصصت من قبل لتعلم الحرب ستوجه الان الى غايات بناءة ومفيدة اكثر (3). سوف يقيم كل لنسان في سلام. "لا يكون من يرعب"(4). وهذه النبوة صورة مثالية ادركها – الافراد ان لم يكن الشعوب.
ولكن مما يؤسف له ان سمو بيت الله وطاعة شريعته لم يعترف به على النطاق العالمي. اذ ما زلنا حتى الان في مرحلة العدد 5 : "لان جميع الشعوب يسلكون كل واحد باسم الهه ونحن نسلك باسم الرب الهنا".

نبوات بالبركة والدينونة (4: 6-5: 1):
يقدم لنا الان الوعد الرائع "في ذلك اليوم"(6) سيوحدون في مملكة واحدة "يملك الرب عليها" في جبل صهيون الى الابد (7). ثم يتحدث في خطابين نبويين اخرين عن الالام التي ستحل باورشليم قبل ان "يجئ الحكم" الموعود (8). في الخطاب الاول (8-10) تشبه صهيون ببرج القطيع وهو واحد من المعاقل المحاطة بالحظائر المعدة للقطعان والتي ستوجد في مراعي الارض المقدسة الرحيبة. ولكن اسوارها لن تحميها لان سكانها مضطرون ان يسكنوا البرية ومن ثم في بابل (10) وانما هنالك ايضا سيفتديهم الرب. وهذه الاشارة الى بابل نبوة رائعة، اذ لما كتب ميخا سفره، كانت اشور – وليس بابل – هي القوة المهيمنة.
ثم نرى اورشليم ثانية في 4: 11-5: 1 محاصرة، ونجد ان الامم الظالمة ستداس كالحنطة. على ان رئيس اسرائيل (قاضيها) سيدفع الثمن بتحمل اهانات قاسية.

مقدمة في سفر ميخا

كان ميخا اسما شائعا وهو تصغير لميخايا ويعني "من مثل الله؟". ويوصف ميخا بانه "المورشتي" اي الساكن في "مورشة جت"(1: 14)، وكانت هذه وفقا لايرونيموس، ما تزال في ايامه "ضيعة صغيرة بالقرب من ايليوثروبوليس". وتحدد ايليوثروبوليس انها "بيت جبرين" وتقع في الجنوب الغربي من اورشليم فينصف الطريق من جت غربا وعدلام شرقا. اما نسبتها الى مريشة (1: 15) فغير واضحة. وبعضهم يعتبرهما اسمين لمسمى واحد. ويبدو انها كانت في وقت ما تحت سيادة جت.

وهكذا فان ميخا لم يعش في مكان منعزل، بل في اهم الوديان، وهو الوادي الذي تخترقه الطريق الساحلي الى لعاصمة. كان في موقع اتاح له معاينة الماساة الرهيبة التي حصلت ما بين عامي 721 و 719 ق. م حينما حدث بعد سقوط السامرة ان تابع سرجون زحفه لدر القوات المصرية في رفح سنة 719 ق م. وبعد مرور عدة سنوات دخلت يهوذا في حلف مع مواب وادوم والفلسطينيين (بتاييد مصري) سعيا لكسر شوكة اشور. غر ان ترتان تعامل مع هؤلاء الحلفاء بحزم، ما ادى الى نهب اشدود وجت (اش20: 1). وبعد ذلك جاء سنحاريب الذي كان يتباهي في احد نقوشه انه استولى على 46 مدينة في اليهودية.

بوصفه ابن قرية راى النبي في عاصمة بلاده الاثم "ما هو ذنب يعقوب؟ اليس هو من السامرة؟ .."وربما كان هو ذاته مزارعا حرمه احد المالكين الجشعين ارضه "يشتهون الحقول ويغتصبونها..". فقد تكمن خلف تلك الكلمات تجربة شخصية مريرة. وكانت تتملك ميخا صراحة القروي، على انه ايضا كان على النطق باقوال رفيعة، حتى انه يتفوق على اشعياء برقة المناشدة (6: 1-8).

ومع ان ميخا من الارياف واشعياء من اهل لعاصمة والبلاط الملكي، فان رسالتهما في جوهرها واحدة. وفيما فاق اشعياء ميخا- وهذا متوقع في الالمام بالحلة السياسيةز جد كلا النبيين يتكلمان بصوت واحد في مواجهة الشرور الاجتماعية – قارن مثلا مي2: 1 مع اش5: 8 و مي3: 1-4 مع اش10: 1-4. فقد كانت الامة العبرانية عاجزة عن اتمام مهمتها في العالم، تلك التي دعاها الله اليها (مي2: 7 واش1: 21) لذلك كان لابد ان تطهر بالعقاب (مي3: 13 و4: 6 واش1: 25-27).

عاموس : ٧-٩


كشف تصميم الله:
يتكون الجزء الثالث من عاموس من سلسلة تضم خمسة رؤى. والرؤيا الثالثة متبوعة بخبر تاريخي فاصل (7: 10-17). وكما اعلن النبي من قبل فان الله يعتزم العقاب. وبفضل تشفع النبي في بادئ الامر يتم تفادي هذا العقاب (7: 1-6). ولكن فيما تتكشف الرؤى يغدو واضحا انه امر محتوم (7: 7-9). بل انه وشيك الوقوع (ص8)، وليس منه مفر (ص9).

1- رؤيا الجراد:
العشب يبدا في اكتوبر ويستمر في الشتاء، اما "خلف عشب" فكان ياتي في الربيع بعد "المطر المتاخر"، فهذا الطلوع الاخير والاخصب هو الذي اكله الجراد. وقد كانت الكارثة رهيبة، لان المراعي التالية لن يحين اوانهاا الا في الخريف التالي. "جزاز الملك" من الواضح انها كانت جزية فرضها ملوك اسرائيل.

2- رؤيا النار الملتهمة:
نار اكلة لم تلتهم قسما من الارض فقط بل التهمت "الغمر العظيم" الوارد في قصة الخلق وهو مجمع المياه الذي كان معتقدا ان الارض تعوم عليه، ومصدر الانهار واليابيع كلها. وهذا معناه القحط.

3- رؤيا الزيج:
كانت الرؤيتان الاولى والثانية في نطاق الطبيعة اما هذه ففي نطاق الدين والسياسة. فقد كانت بنية الامة فاسدة حتى بات الانهيار حتميا. وها هو الله نفسه يضع الزيج. واذ تقاس اسرائيل وتوزن ، توجد ناقصة. وقد كان النبي على اقتناع تام بالعقوبة حتى انه لم يصلي طلبا لتاجيله. فالاعمدة الداعمة لصرح الديني، يجدها خيط القياس الرباني مائلة كلها، وسوف تدكها عاصفة الدينونة جميعا.
وذلك ينسحب على البنية السياسية: فلا امل منها ولذلك "اقوم على بيت يربعام"(9).

فاصل تاريخي:
من المحتم ان يكون عاموس قد نقل الرؤيا الثالثة في مزار بيت ايل. وكان ان اعترضه امصيا الكاهن، الذي يبدو انه اقتنص فرصة ذكر اسم "يربعام".
فربما تذكر امصيا ان سلالة يربعام بالذات في ايام ياهو، قبل مئة عام تقريبا، كانت قد تولت السلطة بدعم اليشع، ولذلك لا نعجب اذا ساورت الكاهن الشكوك والمخاوف فلجا الى الملك وقال "قد فتن عليك عاموس"(10). ولا عجب من قوله "الارض لا تطيق " ثقل النبوة اذ تنبا عاموس بان شعب الارض نفسه سيسبى وليس الملك فحسب. غير ان الملك لم يعبا بعاموس ، كائنا ما كان السبب، سواء شعوره بالامان، او مجرد الاحتقار لرسالة النبي الراعي. ومن ثم يلتفت امصيا الى النبي (12 و13). ويبدو ان امصيا يسعمل اللفظة "الرائي" بمعنى احتقار، اي اغرب عن هنا ايها الحلاّم!

4- رؤيا سلة القطاف:
اسرائيل اشبه بسلة ملاى بفواكه الصيف ذات النضج المفرط والمشرفة على التعفن "قد اتت النهاية على شعبي"(2). ثم يعود الى موضوع نبوته الرئيسي – جشع الاغنياء الذين لا يطيقون صبرا كي يمضي السبت وراس الشهر. وهم يستعملون معايير ومكاييل مغشوشة لبيع حنطتهم، معطين اقل ما يمكن لقاء اكثر ما يستطاع (5) صانعين ثروات طائلة بشراء الضعيف بابخس الاثمان وبيعه عبدا. ليس هذا فقط بل انهم كانوا يبيعون "نفاية القمح" كحنطة جيدة.
"اقسم بفخر يعقوب" يحتمل ان يكون مرادفا للقسم باسم الجلالة لن ينسى اعمالهم الشريرة (7). ويشير الى اتمام العقاب بقوله "تطمو (الارض) كلها كنهر وتفيض وتنضب.." اذ ستغمر الارض كما بفيضان.  انها ستغرق، وستضيع في غمار بلد اجنبي، مثلما يفيض النيل فوق شطوطه. 
يتناول باقي الاصحاح بعض نتائج الدينونة: اوﻻ، ستحدث ظلمة (9) وقد وقع كسوف للشمس سنة 763 ق م. ثانيا، سيكون "نوح" ولن يكون عاديا بل "كمناحة الوحيد". ثم ان المجاعة (11)  انها مجاعة روحية – "جوع لاستماع كلمات الرب". غير ان هذا الخبز الالهي لن يوجد اينما فتشوا عنه (12). وفي الجوع لكلمات الرب ستكون معاناة الشباب هي الاشد، فاذا التفت الشيوخ الى الماضي، قد يعيشون على الذكرى. اما الشباب، فحالهم مختلف، اذ سيذبلون، او يغشى عليهم، ولن يكون فيه ما ينعشهم. وستكون اخر نتائج الدينونة الهلاك التام لعابدي الاصنام: "الذين يحلفون بذنب السامرة (بعجل الذهب)" الذي صنعه يربعام. او يحلفون بالطريق "بئر سبع".

5- رؤيا الرب قائما على المذبح:
عاموس يرى الرب لا كما راه اشعياء "على كرس عال" يعطي رجاءا الى النجس، بل وحده "قائما على المذبح" وامره هو : "اضرب"(1). الان حانت اللحظة الحاسمة. والدينونة تبدا من بيت الرب – مقدس بيت ايل، مركز العبادة القومية في اسرائيل.
"اضرب تاج العمود" مما يضمن انهيار المبنى كاما. والصورة صورة هيكل احتشد فيه العابدون واذا بالبناء ينهار بغتة فوق رؤوسهم. واذا صدف ان احدهم كان خارجه، فانه يهرب، ولكن "لا يهرب منهم هارب"، واذ نجا بعضهم لحظة، فانه "لا يفلت منهم ناج" فان الدينونة ستنالهم مهما انحدروا الى الاعماق او صعدوا الى الاعالي (2)حتى ان قمة راس الكرمل وقد كانت حرما او محمية بموجب تشريعات دينية ، وقعر البحر حيث لوياثان الرهيب لن يقوى على اخفائهم عن يد الله.
فان من يفعل هذا هو السيد الرب الذي "يدعو مياه البحر الى فوق" اي يجذبها ثم يصبها على وجه الارض امطارا.
غير معول ان يصفح الرب عن خطايا شعبه على اساس علاقة قائمة على العهد، وبغض النظر عن واقعهم. فقد كانت عيناه "على المملكة الخاطئة" لذلك فانها "ستباد عن وجه الارض"، غير ان بقية ستبقى (8).
ان الدينونة صارمة ولا مفر منها، الا ان الجو المكفهر القاتم لا يخلو من بعض النجوم. وستكون الدينونة اشبه بعملية الغربلة (9) التي تفصل التبن عن الحنطة.


الخاتمة:
سيكون احياء لمجد مملكة داودالتي ستمتلك ما تبقى من ادوم" وجميع الامم التي سيخضعها الرب (12). ستكون التربة وافرة الخصب ، حتى "يدرك الحارث الحاصد". حتى التلال ، وتكون عادة جرداء- ستؤدي دورها في رغد الشعب اذ تقطر عصيرا (13). المدن تعود اهل بالسكان.

الصورة من :
http://www.earthandallstars.com/

الجمعة، 25 أكتوبر 2019

عاموس: ص ١-٥

التمهيد:
الرب يزمجر  مثل الاسد وهو يثب على فريسته. اضف ان صوته لن ينطلق من الجلجال او بيت ايل، بل من "صهيون" مركز السلطة الدينية، ومن "اورشليم" مسكن يهوة بالذات. ومن العواقب المتصورة انه "ييبس راس الكرمل" وهو جبل يقع جنوب خليج عقر، فلا عجب ان ينوح الرعاة لانه ان يبس الكرمل فاي مراع تبقى في البلاد؟
يزودنا العددان الاولان من السفر بلب رسالة عاموس. فمهما بدا الحمل امنا في مراعيه الخصيبة، تظهر زمجرة الاسد.


اعلان مصير الامم:
لعاموس، مثله مثل اغلب الانبياء الاخرين- اقواله على امم اجنبية. غير انه، على خلاف سواه من الانبياء، يمهدبها لاتمام ما يوجهه لشعبه.
دمشق:
كانت النوارج تدرس اكداس الحنطة  اذ تهرش القش تبنا وتخرج حبات الحنطة. بمثل هذه الطريقة القاسية عاملت ارام جلعاد.يرجح ان ذلك تم على يد حزائيل لما هزم جلعاد في ايام ياهو ويهواحاز (2مل10: 22).
"اكسر مغلاق دمشق" اي تكون مفتوحة امام الاعداء. "بقعة اون" حرفيا بيت الوثنية.
"بيت عدن" كان على الفرات الاوسط وما زالت دمشق تعتبر جنة العالم العربي.
يسبى" كانت سياسة اشور هكذا. الى قير" كنت الموطن الاصلي للاراميين (9: 7).
غزة:
كانت غزة تقع على طريق القوافل، وربما تورط هذا الموقع في تجارة العبيد (6) والدينونة لن تاتي على غزة فحسب بل على معاقل الفلسطينيين ايضا حتى تعاقب البلاد وتغمرها نيران الحرب.
صور:
تمثلت جرائم صور في بيع العبيد ونسيان العهد الاخوي (9) الذي ربما يشير الى عهد الصداقة بين سليمان وحيرام (1مل5 و9: 13) وقد لقيت صور الخراب على يد اشور ثم بابل ثم الاسكندر الاكبر.
ادوم:
سبق ان ذكرت ادوم مرتين بوصفها شريكة في جرائم ام اخرى (1: 6 و9). وها هو قصيف الرعد فوقها .
عمون:
سعيا منهم لتوسيع حدودهم اعلنوا حربا على الاطفال الذين لم يولدوا بعد (13).
مواب:
اقترف الموابيين جريمة التمثيل بالجثث (1). وعاقبة ذلك ان النار (الحرب) سوف تاكل "قصور قريوت" حرفيا القرى، ولسوف تهلك مواب في وسط الضجيج ، بجلبة الحرب وهياج الصدام، وكذلك القاضي الذي ربما يكون واليا ولّاه يربعام.
يهوذا:
يلاحظ ان جرم يهوذا لي ضد البشر مثل الامم الاخرى انما ضد الله (4). "اضلتهم اكاذيبهم" اي اصنامهم او الهتهم الباطلة.
اسرائيل:
اما وقد مهّد النبي السبيل بلفت انتباه اسرائيل الى بعض الخطايا الوحشية التي ادين بها جيرانها، وبعد ان اثار سخطها العادل على تلك الجرائم، ياتي الان الى غرضه الاساسي ، الا وهو التنديد بخطايا اسرائيل. وهو يورد لائحة اوفى مما يتعلق بسائر الامم. والخطية الاولى : الاسترقاق "باعوا البار بالفضة"(6). اباحت الشريعة ان ييع الفقير نفسه عبدا (لا25: 39، تث15: 12) ولكنها لم تقر بيع المدين العاجز عن ايفاء دينه، الامر الذي يتضح انه مقصود هنا (2مل4: 1 ونح5:5). وقد بيع "البائس" لقاء "نعلين" اي بابخس الاثمان.
خطية اخرى هي الجشع. فالاغنياء طماعون، حتىانهمن يتهافتون على "تراب الارض على رؤوس المساكين". ذلك ان المالك الشره مهتم حتى بتلك الحفنة من التراب التي يحثوها المسكين على راسه علامه ذله. فالى هذا الحد بلغ تهافت الاغنياء على الاراضي.  والظلم (7) والزنا ويضاف الى شر النهم رذيلة الادمان.
تعرض الاعداد 9-12 خطية اسرائيل المتمثلة في عدم المبالاة وتناسي كل ما صنعه الله بالاموريين الذين طردهم من ارضهم، اما تاج الرذائل ، فكانت خطية التهديد اذ انهم قالوا للانبياء "لا تتنباوا" حتى لا تنزعج ضمارهم المخدرة والمتبلدة.

ع13 قد يعني ان الرب سيسحق الامة كما تسحق عربة البيدر الحزم المفروشة 
لن تكون نجاة لا للرشيق ولا للقوي ولا للفرسان. وقد تم هذا في الغزو الاشوري.


اعلان الرسالة ص3-6:
في الاصحاحات الاربعة التالية يعلن عاموس بتفاصيل اوفى الرسالة الحية التي اعطاها له الله. تقع الرسالة في ثلاث خطابات مبدوءة بالدعوة الى الانصات.

الخطاب الاول (ص3)
لكل علة معلول ولظهوره في اسرائيل ايضا علّته. ومعظم الصور التوضيحية مستمدة من حياة البراري والفلاحة. من غير المحتمل ان يلتقي اثنان في برية غير مطروقة، فاذا سارا معا، امكن الافتراض السليم انهما قد تواعدا. وزمجرة الاسد دليل انه اقترب من فريسة هكذا عاموس يطلق صوته نذيرا بان دينونة الله قد اقبلت.
يمهد عاموس بالصور السابقة السبيل الى بيت القصيد: "السيد الرب قد تكلم فمن لا يتنبا؟". ذلك ان المرء لا يختار ان يكون نبيا بل انه يختار لذلك.
استدعاء الشهود:
"اجتمعوا.. وانظروا.."الجيران الوثنيون مدعوين لمعاينة النزاع داخل السامرة، ذلك الناتج عن طمع الاغنياء.
اعلان العقاب:
"ضيق حتى فيكل ناحية" بسبب حصار اشور. اجتاح تغلث فلاسر جلعاد والجليل سنة 734 ق م واجتاح شلمناصر اسرائيل الشمالية سنة 724 ثم اجتاح السامرة بعد محاصرتها 3 سنوات. فكما ان الراعي احيانا لا يستطيع ان يفعل سوى استنقاذ جزء يسير من اشلاء الخروف، كذلك لن يفلت من العقاب الا حفنة ضئيلة. ويا لها من صورة تنضح بالشقاء فان المزارات المقدسة في بيت ايل وقد بناها يربعام الاول بعد انقسام المملكة سيكون مصيرها مصير السامرة. في نظر الراعي الذي طالما افترش الغراء والتحف بالسماء لابد ا بيوت العاج قد بدت له تجسيما تاما للكبرياء والانغماس في الملذات.

الخطاب الثاني:
نساء السامرة المترفات الشريرات:
يستهل هذا الخطاب بتنديد قاس ومرير بنساء السامرة الثريات. هن مشبهات ببقرات باشان، ربما لم يمارسن الظلم مباشرة. لكن ذلك تم من خلال ازواجهن، اذ ان التنعم المتبطل عند البعض يعني العوز والغم على البعض الاخر.
"اقسم الرب بقدسه" تعني بذاته. ان هؤلاء النسوة سوف يساقن بخزائم الى السبي.
عبادة السامرة:
هنا يهاجم النبي بتهكم واضح خواء العبادة الطقسية ومثل هذا الزيف العديم المعنى والخالي من كل مضمون ليس من شانه الا الاكثار من الذنوب. . ولقد كان المشهد في بيت ايل والجلجال مشهد نشاط محموم وحماسة مفرطة – "هكذا احببتم".
عدم توبة اسرائيل:
لنا في الاعداد 6-13 خمسة اقوال نبوية، كل منها يروي خبر بلية حلت باسرائيل في عالم الطبيعة، وكل منها ينتهي باللازمة عينها "فلم ترجعوا اليّ يقول الرب". 
ياتي ذكر مجاعة و قحط ووباء الذي يقال ان مصره مصدره (اش10: 24و 26). وع11 يتضمن حدوث زلزلة، فقد كانت حديثة العهد ومن شان ذكرها ان تكون ما زالت ندية في اذهان الشعب. وكثيرون اختطفوا من النار كجمرة تنتشل من الحريق.
هذه العقوبات جميعها اخفقت، وعليه فان الله مزمع ان يفعل شيئا جديدا. وتحض اسرائيل ان "استعد للقاء الهك يا اسرائيل".

الخطاب الثالث:
سقوط اسرائيل الفاجع:
يستهل عاموس خطابه الثالث بمرثاة شعرية يبكي فيها سقوط اسرائيل. "المدينة الخارجة .." اي الخارجة للحرب. واي بلد يقوم يسقط تسعة اعشار جنوده؟

نداء الرب الحار:
ما زال لعذراء اسرائيل رجاء في الرب الذي يقدر على ايجاد الشئ من العد (4: 13) ان هي طلبته (4).  ويعرض النداء على وجهين: سلبي، "لا تطلبوا بيت ايل .. والجلجال .. بئر سبع". فهذه لا حول لها ولا قوة. وايجابي "اطلبوا الرب"(6). فليس امرّ من الاحكام الصادرة عن قضاء فاسد مرتش. والموضوع نفسه يستكمل في 10-13، ولكن فيما يحث النبي عى طلب الرب، ياتي بوصف مهيب (8) في اطار تسبحة (8).

يوم الرب يوم ظلام:
يشعر عاموس ان فرص الرجوع الحقيقي للرب قليلة. فالشر بات عميق الجذور. ومع ان العقاب ممكن تجنبه، فحدوث ذلك غير مرجح. فن يوم الرب "ات"(18) وسيدعى الكل للندب.

عبادة اسرائيل الباطلة:
الظاهر ان النظام الطقسي غيرالمقدس في المعابد الشمالية كانت تجري ممارسته بكل مواظبة. كان هناك ذبائح ولكن لم يكن هناك "الحق" فشر هذه العبادة كائن في فصلها بين الدين والاخلاق. ورسالة النبي في جوهرها ملخصة في ع 24. هذه رسالة الله في ذلك العصر الاسد. وفي البرية (25) ذلك العصر الذهبي ل يكن هناك شئ من هذه العبادة اطقسية المعقدة، ومع ذلك فقد كان زمانا سكن الله فيه وسط شعبه. "ملكومكم وتمثال.." كانا الهين اشورين. فان اسرائيل من شرها جعلت الهة اشور الهة لها. وهنا يتصورها النبي مسبية في اشور "ما وراء دمشق".

اغنياء اسرائيل الغلاظ القلوب:
انتشار الرخاء والسلام النسبي امتد على ما يبدو الى المملكة الجنوبية ، فان "صهيون" تقرن بالسامرة في الاتهام الذي يوجهه النبي. فان التجار اعتبروا انفسهم "نقباء اول الامم" اي انهم رجال بارزون يسعى باقي الناس لتقليد طرازهم.
ثم يطلب النبي الى الشعب ان يلقوا نظرة على "كلنة.. وحماة.. وجت". وهي 3 ممالك انزل بها العقاب. ان الاغنياء يطرحون "يوم البلية" بعيدا عن اذهانهم، لكن ذلك انما يقرّب "مقعد الظلم" اي يوم المحنة والمحاكمة. انهم يخترعون – مثل داود – الات تصحب غناءهم في اوقات سكرهم. ويشربون الخمر كؤوسا مترعة، ويتطيبون بافخر الاطياب، ويظلون غير مبالين بمعانا الفقراء حولهم. على الصعيد السياسي كانت اسرائيل تزدهر، ولكنها على الصعيد الاخلاقي كانت تهترئ.


الدينونة الوشيكة:
يعلن ع7 نوع العقاب، وهو السبي. 

مقدمة في سفر عاموس

عاموس
من المستحيل ان نحدد بدقة سنة نبوءته، ولكنها ربما كانت حوالي 760 ق م. والاشارة الى الزلزلة (زك14: 5) لا تسعفنا بكثير في تعيين تاريخ نبوته.
في سنة 803 ق م هزمت اشور ارام وهذا الضعف الذي اصاب جارة اسرائيل الشمالية واعقب ذلك انهماك اشور في احتلال اماكن اخرى اتاحا ليواش وابنه يربعام الثاني ان يكونا الاقوى. وتمكنت اسرائيل من الاستيلاء عل الطرق التجارية ارئيسية كلها واصبحت السامرة عاصمتها مركز تلاق للتجار المسافرين بيم مصر وبين النهرين وقد عاد النشاط التجاري بارباح طائلة ونشا عنه برنامج واسع جدا لناء بيوت شتاءوبيوت صيف وبيوت من العاج (3: 15). وما فتئت هذه القصور (3: 10) ان اضحت مخزنا للنفائس (3: 12 و 6: 4). وطمع التجار جعلهم يضيقون ذرعا بالسبوت ورؤوس الشهور (8: 5). ومما زاد ذلك الحاح زوجاتهمفي طلب المزيد من وسائل الرفاهية والترف (4: 1).
لقى الفقراء الجور اذ ان المال "مفسدة" وكان عاموس ينتمي الى طبقة الفلاحين الفقراء. لم يكن في البلد عدل. فقد استرهن المرابون حتى اثواب المستقرضين. واستهوت الرشوة القضاة، وبذلك انتصر الظلم واندحر العدل (8: 6).
اما من جهة الدين، فقد غصّت المعابد الوثنية بالعابدين، في بيئيل والجلجال، وخصوصا في بيتئيل. من المؤكد ان عبادة بعل قد قمعت على يد ياهو، الا ان روحها، ظل موجودا في المعابد المرخصة حيث وجب عليهم ان يعبدوا يهوة. حيث كان الاغنياء الرافلون في متارفهم يمارسون العبادة بضمير يراوح بين التبلد والموت. خارجيا، كان كل شئ يجري حسب الاصول، لكن لم تكن ثمة عبادة حقيقية. لقد حلت الخرافة والاباحية محل التقوى والاخلاص. وكان الدين في واد والسلوك فيواد اخر.
ومثلما اثبتت الاحداث اللاحقة، كانت البلاد ناضجة لحرب اهلية. فبعد موت يربعام، قام ثلاثة ملوك في سنة واحدة. وتعاقبت الثورات واحدة تلو الاخر. فالحق ان اسرائيل كانت سلة للقطاف (قايص) والنهاية (قص) الاتية عليها ما كان ممكنا ان تؤخر (8: 2).
النبي:
ولد عاموس في تقوع، وهي بلدة صغيرة تبعد عن بيت لحم نحو 6 اميال. ولم يكن من حاشية الملك كاشعياءولا كاهنا كارميا، بل كان راعيا وجاني جميز. لابد ان تكون مهنته قد حملته على الذهاب الى بعض المدن والاسواق المهمة، حيث التقى بقوافل من عدة بلدان. وكما تظهر الاصحاحات الاولى من سفره، كان يعرف قدرا كبيرا عن الامم المجاورة. وة هذه الخبرات صب قالب ملاحظته الشخصية لاحوال بلاده، فقد كان الرجل نصير حقيقيللفقراء.
ومع انه لم يكن من جماعة الانبياء، فقد استدعى، شانه شانايليا، من واجبات حياته اليومية، الى تولى مقام الخدمة النبوية. لم تكن حال عاموس كمن يصير نبيا ليكسب معيشته، بل من يترك معيشته ليصير نبيا.
رسالة النبي:
كان العبء الذي القي على كاهل عاموس رسالة كادت تقتصر على دينونة. مع انه في الاعداد الاخيرة من سفره يبدي شيئا من التفاؤل.
فضلا عن الفساد الادبي والظلم الاجتماعي، كانت المعابد الباطلة في بيت ايل والجلجال. فها هو الرب قائم عند المذبح (9: 1-4) ، وهو سيدك المكان دكا.
كان عصيان اسرائيل ممايستحيل الصفح عنه. ولن يعلن الان اخراج اسرائيل من مصر اكثر مما يعنيه اخراجه للفلسطينيين من كريت والاراميين من قير. فالحكم صدر من قبل الله وهو سينفذ عاجلا بسحقه الامة كلها سحق العجلة للبيدر (2: 13-16).
وفي حين تتميز تعاليم عاموس انها اخلاقية فهو – شان انبياء القرن الثامن – لا يؤسس تعاليمه على ما كان خيرا وصالحا في الانسان،بل على ما توصل النبي الى معرفته من صفات الله. وعليه فان "الخطية" في نظر عاموس اكثر من التعدي ومن مجرد الانحراف عن مبدا راسخ – انها تمرد على الله.
ومع كون عاموس من الجنوب الا ان رسالته وجهت الى المملكة الشمالية. والواقع انه كان اخر الانبياء الذين وجهوا خدمتهم الى المملكة الشمالية. بيد ان عاموس كان له ايضا ما يقوله بخصوص الامم المحيطة. فاذ دان اسرائيل لتعديها شريعة الله ، طبّق معيارا مغايرا تماما على الامم. ذلك انه راى في تلك الامم مشهدا من القساوة يسحق الفؤاد، تمثل في تجاهل كل حق بشري، وفي انكارها كل شفقة، وفي جعلها علاقتها ببعضها البعض اشبه بعلاقات الوحوش المفترسة. ومما زاد الطين بلة، المكسب الطفيف الذي عاد به مثل هذه التصرفات. فان غزة باعت بلدة باكملها للرق كي تكسب بعض المال. وملك مواب احرق عظام عدو له كي يثار منه ثارا يشفي غليله. وهكذا تتواصل الرواية المحزنة مظهرة ان احساس الانسان بالاخوة قد تلاشى.
مع ان عاموس كان بسيطا، الا انه كلامه يفيض بالحيوية. فليس نبي سواه امدنا بوفرة من الصور المستعارة من الطبيعة. فهو يشير الى مزاليج النورج الحديدية والزوابع والارز والسنديانة والاسد المزمجر والعصفور الساقط في الفخ والراعي الذي يقدم على انقاذ الحمل وخزائم الصيادين وشصوصهم والمطر الجزئي واللفح واليرقان والرياح والمزارعين النائحين واحتجاب الشمس وغربلة الحنطة ونفاية القمح والخيام المصلحة.. الخ.
اقسام السفر:
التمهيد 1: 1-2
اعلان مصير الامم: 1: 3- 2: 16
رسالة التبي 3: 1-6: 14
كشف تصميم الله 7: 1- 9: 10
الخاتمة 9: 11-15

هوشع: ص ١١-١٣

"كما اخرب شلمان.." ربما كانت لفظة شلمان اختصار "شلمناصر" الذي لقى مقاومة من السامرة في ايام الملك هوشع (2مل17: 3). نلاحظ ان الذي عاقب الشعب ليس الله بل بيت ايل اي خطيتهم المشخصة في بيت ايل الصنمية(ع15).

هوشع: ص11
انتصار رحمة الله
وسط رعود الدينونة ياتي النبي بفاصل من المحبة الرقيقة ، وهي طريقة محببة اليه للغاية. فتعود الذاكرة بالله مرة اخرى الى سعادة علاقته المبكرة باسرائيل. غير ان تلك العلاقة تدهورت سريعا. "كلما دعوهم ذهبوا"(2) ضمير الفاعل يعود الى انبياء الله. فاصل المحبة في العدد الاول، يصل الى قمته في ع3 و4 في صورة بيانية بليغة.
"كنت لهم كمن يرفع النير عن اعناقهم" تتضمن الرحمة الالهية التي تنتظر كي تضع حدا للعقوبة التي وردت في 10: 11.
والوعد بانه لا يرجع الى مصر"(5) لا يناقض 8: 13 و9: 3، اذ ان مصر في ذينك الموضعين تستعمل مجازيا  باعتبارها رمز للعبودية، ولنها هنا مستعملة بمعناها الواقعي.
"كيف اجعلك يا افرايم؟" الصراع بين العدل الالهي والرحمة.
"ادمة وصبوييم" مدينتان دمرتا مع سدوم وعمورة.
وها الرحمة تغلبت على العدل في ع9. وع10 و11 يتحدثان عن العودةمن السبي في صورة اسد يزمجر ليجمع اشباله حوله وصورة الطيور العائدة من هجرتها.
**
الله يوبخ اسرائيل (11: 12 – 13: 16
عدم امانة اسرائيل بالمقارنة مع اتكال يعقوب على الله (11: 12 – 12: 14)
"افرايم راعى الريح"(12: 1) ليست الريح رمزا للباطل وحسب، بل للتدمير ايضا كما هي الريح الشرقية (13: 15).
لاحظ عامل التذبذب في سياسة اسرائيل: فحينا يخطب ود اشور، وحينا اخر يرسل الزيت هدية الى مصر لضمان مساندتها.
اما يعقوب وهو في بطن امه كان تواقا الى بركة الله وجاهد في الموضع الذي اخطا فيه حفدته. هذا المثال يقدم لنسل يعقوب كي يبين لهم الى اي مدى قد ابتعدوا عن نموذج سلفهم المؤمن، ولكي يدلهم ايضا على الريقة التي بها يطلبون الرب (6).
تفوق الكنعانيين في التجارة حتى صارت لفظة كنعاني ترادف التاجر. هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان استخدام اللفظة له دلالة خاصة: فقد بلغ الفساد من نسل اسرائيل كل مبلغ حتى استبدلوا باللقب اسرائيلي اللقب الكنعاني. وقد كان لاسرائيل اساس واه للدفاع عن النفس: انه يشير الى الثروة التي احرزها، باعتبارها علامة على رضى الله عنه(8) قارن مع رؤ3: 17.
وفي التعبير "كايام الموسم"(9)، وبالنظر الى سياق الكلام، ايحاء بوعيد لا بوعد. فان تشردهم في بلاد السبي مشبه بالسكنى في الخيام في اثناء عيد المظال. اما ان الله قد تكلم مرارا الى اسرائيل بانبيائه الذين ضربوا امثالا (قصص شعبيه) واستخدموا لغة سهلة الفهم. فذاك زاد خطية اسرائيل (اش5: 4).
"انهم في جلعاد قد صاروا اثما"(11). استفهام استنكاري يقصد التاكيد. والجلجال (9: 15).
ستاتي الكارثة التي تنثر في الحقول حطام مذابحهم الصنمية.
في ع12 و13 يقارن النبي مرة اخرى بين عيشة يعقوب البسيطة وترف الحياة عند نسله العاصي، وليشدد ايضا على عناية الله بشعبه. فان يعقوب قد حفظ غيران الجيل الحالي سيتحمل عقاب ذنبه.
**
الخراب الحتمي والسريع ص13
الترجمة لاكثر رجوحا "لما تكلن افرايم حصلت رعدة..." ههنا مقابلة بينفترة ازدهار اسرائيل ، يوم اظهر الجميع احترامهم لها، وفترة خرابها.
يعلن خراب اسرائيل باربع صور:
سحاب الصبح، والندى الباكر، والعصافة، ودخان يخرج من المدخنة او الكوة.
"اثم افرايم مصرور" نه مخزون ليوم الدينونة. وهذا رد على بعض مواطني النبي الذين زعموا ان الله، لكونه قد اتخذ امته شعبا ، سينسى خطيتهم، الامر الذي راوا بيّنة عليه في الازدهار الذي خيّل اليهم انهم يعيشون في بحبوحته (15).
ثم يعبر النبي عن كربه النفسي بتبديل مفاجئ في التصوير البياني. فتاتي اولا صورة المراة الماخض وهي تلد. ثم الولد الذي لا ياتي في موعده الصحيح. الصورة الثانية ترمز الى عدم التوبة في الوقت المناسب.
"اين اوباؤك يا موت.."(14) قارن مع 1كو15: 55. معنى العدد صعب. اهو قبس من الرحمة يمض على غير توقع؟ ان كان كذلك، فعلينا ان نقرا العبارة الاخيرة في ضوء رو11: 29. يتضح ان الندامة في اخر اي "تغيير الفكر من جانب الله" لن يحدث.
"وان كان مثمرا.." هذه التورية المنطلقة من الاسم افرايم ومعناه "اثمار" تبرز عقم الشعب الكلي.
الانباء بالتوبة والرجوع ص14
ع3 فيه الاعتراف بخطايا الشعب الرئيسية الثلاثة: الاتكال على اشور، وعلى مصر، وعبادة الاصنام.

الخلاص

مراحل الخلاص:
نشكر الله لان خلاصه لم يشمل فقط حياتنا الماضية بل يشمل ايضا الحاضر والمستقبل. "امين هو الله الذي نجانا وينجي وايضا سينجي".
ويشمل كل جوانب الانسان : الروح والنفس والجسد. وسنعرض ذلك كالاتي:
1-الخلاص من دينونة الخطية وعقابها:
هذه اول مرحلة فبمجرد التوبة والاعتراف ينال الانسان الغفران والخلاص من ثقل خطيته.
2- الخلاص من سلطان الخطية:
(رو6: 11 و كو3: 5 )
وهذا يتطلب من الانسان الحذر والتدقيق:
تمموا (في2: 12-16)
والجهاد الروحي الايجابي في التمسك بكلمة الرب (مت4).
3- الخلاص من جسد الخطية:
وهذا ما ينتظره المؤمن حين يخلع الجسد المادي المعرض للسقوط.
وهذا هو فداء اجسادنا (رو
**
تشبيهات الخلاص:
صخرة (تث32: 15)
ترس (2صم22: 36)
برج (2صم22: 51)
لباس (2اخ6: 41)
قرن (مز18: 2*
كاس (مز116: 13)
ينابيع (اش12: 3)
اسوار ومترسة (اش26: 1)
خوذة (اش59: 17)
مصباح (اش62: 1)
مركبات (حب3: 8)
**
واجبات المخلصين:
انتظار الخلاص باشتياق(تك49: 18) (مز119: 81 و 113)، (ار3: 6 و رو8: 24)
حياة الابتهاج (مز9: 14)، (مز21: 1)
اخبار الاخرين به (مز40: 9 و10)، (اش52: 7 و نا1: 15 ورو10: 15)
يحيون حياة المحبة (مز40: 16)
حياةالاكتفاء والاستعداد (لو2: 30).
انكار النفس (1كو9: 22)
الصبر (2تي2: 10)
احتمال الالام (2كو7: 10).
تتميم الخلاص بخوف (في2: 12 و1بط3: 13-15)
هوغاية الايمان (1بط1: 9).

الخميس، 17 أكتوبر 2019

رجال الكتاب المقدس: سليمان الملك

الصورة باعلى تصوّر موقف شهير ظهرت فيها حكمة سليمان في اول حكمه. يقول الوحي عنه "واعطى الله سليمان حكمة وفهما كثيرا جدا ورحبة قلب كالرمل الذي على شاطئ البحر"(1مل4: 29).

حياة سليمان -3 حركة ادونيا


جولة في اسفار الكتاب



عندما يبدأ المسافر في رحلته الى بلاد غريبة يأخذ معه خريطة للبلاد التي سيزورها ، ليعرف الطرق و الجبال و الانهار و المدن.. و الشخص الذى تكون معه الخريطة لا يضل. كذلك يوجد لدى ربان السفن خرائط تبين لهم اماكن السفن .. و بالنسبة للمسيحيين الكتاب المقدس هو الخريطة التى تعرفنا الطريق الى السماء.

اوﻻ - العهد القديم:



اﻻنبياء الكبار:
اﻻنبياء الصغار:

هوشع:

ميخا:

عاموس:


الاثنين، 14 أكتوبر 2019

هوشع: ص5-10




ان الرفض للسلطة الدينية، ذلك الظاهر في قوله "كما رفضت المعرفة ارفضك انا ايضا حتى لا تكهن لي" يقصره البعض على الكهنة من بين الشعب، ولكن الكلام الافتتاحي في العدد يوحي ان الشعب بكامله مخاطب هنا بوصفه كاهنا لله (خر19: 6). هذه من ناحية ومن ناحية اخرى، يبدو ان التقريع موجه الى الكهنة في ع8، لان التورية في كلمة خطية تعني ايضا ذبيحة خطية، فهؤلاء الكهنة الجشعون الذين رغبوا في ازدياد خطايا الشعب كي تزداد حصتهم من ذبائح الخطية (لا10: 17) انما كانوا بالفعل يعيشون من خطية الشعب.
"عصاه تخبره" اشارة الى عادة وثنية من عادات العرافة بواسطة موقع عصا كانت ترمى ارضا.
"بيت اون" بدلا من "بيت ايل" تهكم .
"مكان واسع" هو البرية حيث لا يوجد مرعى. وهذاتهكم مرير فان رحاب تحررهم من الله تغدو رحاب البرية والقفر.
لان افرايم اكبر الاسباط الشمالية فان اسمه مستعمل كمرادف لاسرائيل. "مجانها" اي تروسها اي الذين هم تروس لهم احبوا الهوان. ع19 معناه ان العقاب يخطف الخطاة بجناحيه بغتة.
العظمة والمذلة :
ص5:
الخطية سيطرت عليهم بحيث فقدوا القدرة على التوبة "افعالهم لا تدعهم يرجعون الى الرب". فقمة ماساة الشعب هي انهم حينما يستعيدون القدرة على التوبة يكون الاوان قد فات (عب12: 17). "الان يأكلهم شهر"(7): ستقع عليهم الدينونة بسرعة في غضون شهر.
يدعو للضرب بالبوق (8) تحذيرا ن العقاب المقبل.
"ناقلي التخم" لا يشير نقل التخم هنا الى طغيان الاغنياء على الفقراء (اش5: 8 و مي2:2) وانما الى الحرب الارامية الافرايمية، وفي اثنائها انتهزت مملكة يهوذا ضعف المملكة الشمالية لتحقيق بعض الانتصارات السهلة.
"ارتضى ان يمضي وراء الوصية" واضح انها وصية بشرية وربما كانت مشورة باقامة العجول الذهبية في مملكة الشمال. والسبعينية تترجمها "وراء الاباطيل".
اعتراف بالتوبة سطحي (5: 15 – 6: 11):
"اذهب وارجع الى مكاني" يصرّح الله انه سيحجب حضوره حتى تحدث توبة حقيقية. (6: 1-3) كلام يضعه النبي في افواه الشعب. لكن هل هو تعبير عن توبة اصيلة، ام افتراض سطحي من جانب الشعب ان الله سوف ينسى ويغفر؟ ان البديل الثاني هو الاكثر احتمالا، بالنظر الى ما يتميز له كلام الشعب من عدم الاعتراف بخطيتهم، واذا اخذنا في الاعتبار ازدراء الله بصلاح الشعب في عدد4.
"يقتلون نحو شكيم" كانت شكيم احدى مدن الملجأ مما يجعل جريمة الكهنة اشد هولا وفظاعة.
ان الحصاد المعد ليعوذا (11) هو حصاد بركات لان يهوذا على عكس افرايم ستكون له بقية تكون نواة لجماعة مجددة.
فضح المآثم (7: 1-16 ا):
"كتنور محمّى من الخباز" صورة عن الاشتعال بالشهوة الحسية.. لا يوجّه النبي احتجاجه ضدساسة خارجية معينة، سواءا كانت تاييدا لاشور او تاييدا لمصر، بل ضد كون اسرائيل تبحث عن امانها في شبكة من التحالفات الخارجية عوضا عن الايمان بالهها.
"خبز ملة لم يقلب" اي احترق احد وجهيه وبقى الثاني غير ناضج. وهذا رمز الى النجاح العظيم الذي احرزه شعب الله في شؤون الحكمة الدنيوية الى حد انها احرقتهم، النجاح الذي لم يعقبه نجاح مواز له في المجال الروحي. "لا تعرف" قارن مع 2: 8 و6: 6. فمن لا يلم بطبيعة الله وسجاياه ، يفقد في اخر الامر الالمام بطبيعته وواقعه.
"بلا قلب"(11) الافضل بلا فهم. كالحمامة التي تهجر عشها فتطير على غير هدى هنا وهناك، كذلك تتقلب اسرائيل ما بين اشور ومصر، حتى تسقط اخيرا في فخ هذه السياسة الرعناء.
"حينما يولولون على مضاجعهم" بتغيير طفيف في السواكن في النص العبري نحصل على قراءة اكثر قبولا "حينا يولون على مذابحهم".
"يتجمعون" في الترجمة السبعينية "يجرّحون انفسهم" وهذه مع القراءة السابقة تذكرنا بالصورة الموصوفة في 1مل18: 28.
حصاد الزوبعة (ص8):
بيت الرب" هم اسرائيل. والادعاء "نعرفك نحن"(2) صادر عن السطحية ذاتها التي ادت الى الاعتراف المتضمن في 6: 1-3، وهو يستحضر الى الاذهان كلام الرب في لو13: 26 و27.
"قد كره اسرائيل الصلاح" اي ما هو لمصلحته فانمن لا يعرف الله" في خطر الا يعرف ما هو لخيره.
"اقاموا ملوكا وليسوا مني" يشير الى اقامة الملوك ليس بتفويض الهي وهو الانشقاق الناجم عن تأسيس المملكة الشمالية.
"قد زنخ عجلك يا سامرة"(5) على نحوادق – قد طوّح الله عجلك، وهذا هو الرد الالهي على فعل اسرائيل المذور في ع3. ع10 يفيد "اجمعهم الان فيكفّون منا قصيرا عن تأدية الجزية لملك الرؤساء". وقد حدث هذا الانقطاع المؤقت عن دفع الجزية في عهد الملك هوشع (2مل17: 4).
ان تكثير المذابح (11) كان خطية بحد ذاته بما ان الناموس نهى عنه (تث12: 5-14). ع12 يفيد ان هوشع كان ملما بمجموعة كبيرة من الشرائع المكتوبة. اما الوعيد بارجاعهم الى مصر (13) فينذر بالسبي اذ ان مصر ترمز الى النفي. اما بناء الهياكل (القصور)(14) فكان بدوره مثل اقامة المذابح (11) انتهاكا لشريعة الله.
الدينونة الحتمية (9: 1-11: 11):
يقينية السبي (ص9):
"احببت الاجرة" قارن 2: 5 وار44: 17. بات الاحتفال بعيد الحصاد فرصة لممارسة الخلاعة. ومن شان هذا ان يعطي زخما لوصف النبي خيانة الشعب للرب بالخيانة الزوجي.
"ويكذب عليهم المسطار" تماما مثلما كذبوا هم على الرب الههم. "يأكلون النجس"(3): لم يكن اكل اللحم متاحا الا بمناسبة عيد ديني، وعليه ففي اشور – حيث لا مذابح للرب – كان اللحم كله نجسا. وكان من شان شرب الخمر في مثل هذه الظروف يلوثهم بالنجاسة. ان طعامهم غير طاهر ، اذ انه بالرغم من انه يسد جوعهم "خبزهم لنفسهم" لا يليق تقديمه للرب. ثم يصل بنا العدد 5 الى قمة تعبيرية: فان كان حرمانهم من الذبيح اليومية مصدر حزن لهم، فكم بالحري سيحزنهم، وهم في السبي، ان تفوتهم اعياد الرب الكبرى. اما ع6 فيرسم صورة خراب كلي حيث سينبت الشوك فوق اطلال منازلهم المهجورة (10: 8). ثم يصوّر النبي نفسه كمن جن جنونه حزنا على اثام الشعب. ويحتمل ان تكون الاشارة الى الانبياء الزائفين، الذينهم جواسيس عند الهي، فخ صياد على جميع طرق اسرائيل. ولكن بعض الترجمات توحي بان الشعبيسعى الى ايقاع النبي في فخ حقدا وكرها لالهه.
كانت لباكورة التين قيمة خاصة. "نذروا انفسهم للخزي" اي لبعل. ع14 اما لعنة او تشفعا؟ التشفع لانه خير لهم الا يلدوا اطفالا من ان يسلموا الى الموت. "يرفضهم الهي" استئثار مؤسف بالله من قبل النبي ويعني ضمنا ان الشعب ترك الهه.
زرع وحصاد (ص10):
كلما ازدادات اسرائيل ازدهارا ازدادت استسلاما لعبادة الاصنام (1). "لا ملك لنا"(3) فترة فوضى لعدم وجود ملك. واذ يتم اولا التأسف لعدم وجود ملك يسارع النبي الى استدراك ذلك فيقول "ان كنا لا نخاف الرب فماذا عساه الملك يفعل للامة؟". ثم تلي ذلك صورة ذات حيوية رهيبة: فان اسرائيل قد حرثت حقلها انما لتتلقى في اتلامه علقم الدينونة (العلقم نبات سام).
"هناك وقفوا"(9) "هناك استمروا). فان حفدة مرتكبي تلك الجريمة المروعة لم تتبدل قلوبهم، اذ ما زالوا بعنادهم واقفين على ارض خطيتهم. والسخرية المرة التي تنضح بها الاوضاع الراهنة في اسرائيل انذاك، هي انهم، بكونهم قد ربطوا الى النير (وهذا هو المعني الضمني في قوله "ارتباطهم باثمهم")، قد ظهروا وهم يحلون محل بهائم الحمولة والعمل التي جعلوها لهم آلهة.
"اجتاز على عنقها الحسن"(11) في بعض الترجمات اشفقت على عنقها الجميل. يصف افرايم بصورة عجل مدلل يؤثر دراسة الحنطة لكونها عملا سهلا.