الخطر يتهدد اورشيم واشور تكتسح الساحل باتجاه مصر (9-16)، ثم تلتفت لتقتحم وادي النهر الذي كان يقطنه ميخا مجتاحا مدينة تلو الاخرى، ويصل اخيرا الى اسوار اورشليم. ومن المقيد ان نقارن هذا المقطع مع اش 10: 28-34.
ففي اشعياء نجد وصفا يقدمه رجل ساكن داخل المدينة، لهجوم العدو من الجهة الشمالية،وفي ميخا نجد رجلا خارج المدينة يورد وصفا لزحف العدو الذي يجاوزه من الجهةالجنوبية الغربية.
نجد هنا مجانسة كلامية "لا تخبروا في جت.." جذر الفعل واسم "جت"متشابهان، فلنا ان نترجم "لا تخبروا في مدينة الخبر..". كذلك حال عفرة "تعفري في التراب في بيت عفرة ..
توصف لاخيش انها "اول خطية لابنة صهيون"(13) ويدعوها النبي قائلا "شدي المركبة بالجواد" لانهاكانت على اتصال بتجارة المركبات. فقد كانت سياسة اسرائيل الخاطئة ان تقوم بشراء اعداد كبيرة من الجياد والركبات من المصريين. وذلك شجّع الشعب على الاعتقاد ان امته صائرة قوة عسكرية، الا انها كانت في كل حين تعصر قوتها المالية. اذ مهما كانت المركبات ملائمة لاراضي النيل المنبسطة، فقد كانت في غير محلها في اراضي اليهودية الجبلية. ثم ان هذا الاعداد للحرب كان يدفع الامة للنظر لنفسها والتطلع لحليفتها بدلا من النظر للرب. لهذا السبب نظر الانبياء الى المركبات باعتبارها سبيلا للضلال.
"كوني قرعاء.." علامة الحداد..
تنديد ميخا بفاعلي الشر (ص2-3)
الملاكون الطماعون (2: 1-11):
بدلا من ايراد حكم عام على الشعب تخص باللعنة طبقات معينة تسببت في ذلك الخراب. ويقدم لنا فكرة عن المفاسد المنتشرة.
ان محدثي الثراء في المدينة يشتهون اراضي في الريف، فيسهرون الليالي وهم يخططون كيف يتنملكونها (1-2). هذا الشر عينه يحذّر منه اشعياء (5: 8) – خبر كرم نابوت في 1مل21.
الاراضي التي سلبوها ستنزع منهم (4) ولن يقدر احد منهم ان يتخذ له حصة من الارض في اسرائيل (5).
اذ تضايقهم رسالة النبي يطلبون منه ان لا يتنبأ (5). لكن النبي يحاول ان يقنعهم: ان كانوا بالفعل شعب يعقوب فهل هذه افعال يعقوب؟ (7). ومن ثم يجابههم ببعض افعالهم القريبة العهد، كي يظهر الى اي مدى قصروا عن مطالب الله. فانهم يعادون من يثق بهم، فيسلبون حتى ثيابه (8). ويطردون النساء والاطفال من بيوتهم (9) حتى يتملكونها. يدعوهم الى القيام من حال الخطية وكسلهم لان الامر سيعود بالهلاك (10).
لكن الشعب لا يريد نبيا حقيقيا بل من "يثرثر عن الخمر والمسكر"(11) اي خدمة شعبية باسوا معنى للكلمة. وسيكون لهم الواعظ الذي يستحقون، فكما الشعب هكذا الكاهن.
العددين 12و13 لا يعودان الى فترة المقاطع السابقة واللاحقة ولذلك يمكن تناولهما في القسم المناسب لهما في 5: 2-4.
الرؤساء والانبياء والكهنة:
ذلك الحشد المتالق من ذوي المناصب الحكومية والقضائية في الدولة، يتلقى الان رسالة النبي (1-4). انهم اساءوا استخدام السلطة ياكلون الاطايب فيما الاخرون جياع. والصورة حية حتى لتلوح لنا عظام الوجوه النحيلة – وجوه الفلاحين الشاحبة.
اما الانبياء الزائفون (5-8) سيعطيهم الله ظلمة الذهن "يكون لكم ليلة.."(6). فالكرازة التي تشوّه الحق وتخمده طلبا للاجر عاجزة كلية عن تمييز الحق واعلانه. بالمقابل، فهناك النبي الحق الذي لكلامه سلطان لان فيه روح الرب ، فما اقواله بالمعسولة، بل انه يحمل رسالة دينونة على الذنب "لكنني انا ملان قوة، روح الرب وحقا وبأسا، لاخبر يعقوب بذنبه واسرائيل بخطيته".
في الخطاب الاخير يستجمع ميخا كل ما سبق ان قاله حتى الان، ويرشق بهم الذين ما برح يندد بهم. وعدد 12 لا يدهشنا ان نقرا في ار26: 18 اذ ذكرت بعد مئة عام من زمن ميخا.
هذه الخطابات الثلاث (1-4 و 5-8 – 9-12) مرتبة. فهو اولا يخاطب الشعب ثم يعرض شرهم واخيرا يشير الى الدينونة التي تقع عليهم.
جبل الرب:
اذ يرفع عينه بعيدا عن المظالم القذرة التي تحيط به لا يعد يحدّق في سحابة الدينونة الوشيكة، بل يلمح في البعيد البعيد رؤيا مجيدة للايام الاخيرة (1-4). ونجد مثلها في (اش2: 2-5). هل النبوة لميخا ام لاشعياء ام انها مستقلة استعملها كلاهما؟
يبدو ان ميخا يعرّض النبوة بصورة اتم .. فالامم القوية – التي لولا ذلك ما كانت لتردع عن اعتداءاتها – ستتقبل انتهاره، ولن تكون المسافات لتقلل من سلطانه. وسوف يتخلصون من عتادهم التي كانت قبلا محط كبريائهم وثقتهم وسيحولون معادنها الى الات سلم. والطاقة التي خصصت من قبل لتعلم الحرب ستوجه الان الى غايات بناءة ومفيدة اكثر (3). سوف يقيم كل لنسان في سلام. "لا يكون من يرعب"(4). وهذه النبوة صورة مثالية ادركها – الافراد ان لم يكن الشعوب.
ولكن مما يؤسف له ان سمو بيت الله وطاعة شريعته لم يعترف به على النطاق العالمي. اذ ما زلنا حتى الان في مرحلة العدد 5 : "لان جميع الشعوب يسلكون كل واحد باسم الهه ونحن نسلك باسم الرب الهنا".
نبوات بالبركة والدينونة (4: 6-5: 1):
يقدم لنا الان الوعد الرائع "في ذلك اليوم"(6) سيوحدون في مملكة واحدة "يملك الرب عليها" في جبل صهيون الى الابد (7). ثم يتحدث في خطابين نبويين اخرين عن الالام التي ستحل باورشليم قبل ان "يجئ الحكم" الموعود (8). في الخطاب الاول (8-10) تشبه صهيون ببرج القطيع وهو واحد من المعاقل المحاطة بالحظائر المعدة للقطعان والتي ستوجد في مراعي الارض المقدسة الرحيبة. ولكن اسوارها لن تحميها لان سكانها مضطرون ان يسكنوا البرية ومن ثم في بابل (10) وانما هنالك ايضا سيفتديهم الرب. وهذه الاشارة الى بابل نبوة رائعة، اذ لما كتب ميخا سفره، كانت اشور – وليس بابل – هي القوة المهيمنة.
ثم نرى اورشليم ثانية في 4: 11-5: 1 محاصرة، ونجد ان الامم الظالمة ستداس كالحنطة. على ان رئيس اسرائيل (قاضيها) سيدفع الثمن بتحمل اهانات قاسية.