اوﻻ - كيف تدرس اسفار العهد القديم؟
ا- كيف تدرس سفر اشعياء:
اننا نرى في المشهد الافتتاحي للسفر صورة دينونة الله، حيث يتهم الله يهوذا بالعصيان وجحود المعروف، فالحيوانات تظهر عرفانا بمعروف صاحبها اكثر من يهوذا لالهه (اش1: 2و3). فهي امة خاطئة "استهانت بقدوس اسرائيل"(4). لقد عاقبهم الله حتى صار كل الجسد سقيم (5-6) وارسل هجمات الاعداء حتى صارت المدن خربة ومحرقة بالنار (7).
لا يريد منهم الله ان يزيدوا انشطتهم الدينية وانما ان يغيروا سلوكهم (16-17). لم يفت اوان الرحمة بعد (18)، والبديل صعب ﻻ يطاق (19-20).
الى اين تقود الخطية:
في اﻻصحاح الثالث يرسم لنا اشعياء صورة حية لسقوط اسرائيل. اثناء اعلان اشعياء لنبوته كانت اورشليم ما زالت قائمة، لكنه يوضح للشعب ماذا سيؤول حال مجتمع يستشري فيه الجشع والظلم والمصالح الشخصية. ويختلف هذا الاصحاح عن الاصحاح الافتتاحي، فهو لا يحوي الكثير من الامور الروحية. لكن التطبيق الرئيسي يستمد من الرسالة الاجمالية للاصحاح.. يمكننا ان نفكر في صور مناظرة من الوقت الحاضر.
نرى الدولة تنهار ، ويحدث نقص في الاحتياجات الاساسية – الماء والطعام (1). ولم يعد هناك قادة صالحون او حتى اشرار (2-3) وبالتالي ظهرت الفوضى وانتشرت الجريمة، وتقع السلطة في ايدي شباب غير ناضجين (4-5). تقدم لنا العدددان 6 و7 صورة حية لمحاولة مستميتة لاقناع شخص ما باستعادة النظام في مدينة عمّتها الفوضى .
سبب هذا نجده في ع8. كما يمكننا جذب انتباه المستمعين الى القسم الاول من ع9 حيث يتفاخر الشعب بالحرية الاخلاقية والسلوك المشين.
نستطيع باستخدام الخيال ان نعطي الحياة لتعليقاتنا على ص3 رغم ان هدفنا هو ان نوضح – كما فعل اشعياء – ان العقاب سيحل بمجتمع يتسم بالانانية والظلم.
خطايا محددة:
سننتقل الان الى ص5، حيث سنشير الى 5 خطايا قادت الى فساد اورشليم.
سيذكر بعض هذه الخطايا مرة اخرى في موضع لاحق من السفر، لكننا لن نتعرض لها في العظات اللاحقة. كما ان عظتنا الحالية لن تتناول الاعداد التي تتحدث عن امجاد الشعب في المستقبل لانها ستكون في عظة لاحقة. علقنا من قبل على الايات ثم قراناها، الان يمكننا قراءة النص ثم التعليق عليه:
السمة الرئيسية التي تعرض للخطايا الخمس هي انها تبدا جميعا بالويل.
يقرض الاغنياء الفقراء ثم اذ لا يستطيعون وفاء الدين فانهم يسلبون اراضيهم . لكن الله سيحرم الظالمين من الاراضي التي حصلوا عليها بالظلم.
يدين الله اولئك الذين يعيشون لاشباع لذاتهم.
يصور اشعياء الشعب وقد ثقلت خطاياهم حتى صارت ثقلا يجرونه كما يجر الثور العربة.
يقاوم البشر القوانين الالهية ويدعون انهم يعرفون كل شئ (20و21).
ختاما لهذا القسم (22و23) يعلق اشعياء تعليقات مسلية على الحياة الاجتماعية للاغنياء والاقوياء فهم "ابطال زجاجات الخمر" و "ذوي قدرة على مزج المسكر" وفي العدل جبناء.
في حالة نبوتي ارميا وحزقيال نجد وصف دعوة الله منذ الاصحاح الاول اما اشعياء فيؤجل هذا الى ص6، ربما ليوضح شر الشعب وكم ستكون مهمته صعبة. نستطيع ان نركز على العدد 5 الذي يعترف فيه اشعياء انه "نجس". لا يعني هذا ان اشعياء كان شريرا مثل سائر الشعب وانما جميعنا نتاثر سلبيا بالمجتمع الذي نعيش فيه. كلما زاد ادراكنا لقداسة الله نستطيع ان نتطهر بنعمته (7). وهذا يذكّرنا بضرورة التطهير قبل القيام بعمل الله. عندئذ ناتي الى العدد 8 حيث يسال الله عمن يحمل رسالته فيتطوع اشعياء. لذا يجيبه اله بما معناه "كلما وعظت سيرفضون سماع وعظك، بل ان قلوبهم سوف تصير مثقلة حتى انه اصبح من الصعوبة ان يتوبوا وينالوا الغفران".
ليست هذه اخبارا مشجعة لاشعياء. لذا فانه يسال في ع11 عن طول الفترة – 3 شهور .. عام .. 5 اعوام؟ فيجيبه الرب بان هذا سوف يستمر حتى تصير المدن خربة (11).
لكن ليست هذه نهاية القصة، فما زالت رحمة الله تعمل، فيعد الله ان يحفظ البقية التقية.
يعطي الله هذا الوعد في اسلوب توضيحي اذ يشبّه الامة الاسرائيلية بشجرة عملاقة قطعت ولم يتبق سوى جذعها وهذا الجذع ليس ميتا ، انه سوف يفرخ ليصبح شجرة اخرى. لن يكون خدمة اشعياء بلا ثمر، فسوف يتجاوب القليلون ع كرازته. وهؤلاء سيكونون نواة الشعب الحقيقي.