الخميس، 21 نوفمبر 2019

لعن شجرة التين



تساؤلات في حادثة لعن شجرة التينة:
1- المسيح هنا جاع وطلب أن يأكل من شجرة تين رأى أوراقها عليها خضراء ولماّ لم يجد ثمرًا لعنها فيبست!! والسؤال هل هذا الموقف يمكن تفسيره بطريقة بسيطة؟ وهل المسيح الذي صام من قبل 40 يومًا ورفض أن يطلب من الآب أن يُحوِّل له الحجارة خبزًا، حينما لا يجد تينًا على الشجرة يلعنها لأنه جائع. 
2- والأعجب أن الوقت ليس وقت إثمار التين (مر13:11). 
   من هذين السؤالين نفهم أنه لا يمكن تفسير هذه القصة إلاّ رمزيًا. فشجرة التين تشير لإسرائيل (لو6:13-9، هو10:9، يؤ7:1، يه12). فالمسيح لا يشبع من التين بل من الثمار الروحية المباركة التي يراها في المؤمنين (يو31:14-35). ومنها نفهم أن المسيح يفرح بإيمان البشر، هذا ما يشبعه (أش11:53). وكان المسيح يتمنى أن يؤمن به اليهود فيشبع ولكنه كان يعلم أنهم لن يؤمنوا، فهذا ليس وقت إثمار شجرة التين اليهودية أي إيمان اليهود، فالمسيح "جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله" (يو1 : 12) . 

والمسيح لعنها إشارة لهدم القديم لتقوم شجرة التين المسيحية أي الكنيسة، ينتهي عهد قديم ليبدأ عهد جديد. لا يمكن أن تقوم مملكة السيد إلاّ بهدم مملكة الظلمة. 

ولاحظ أن لعن الأمة اليهودية كان بسبب عدم إيمانهم بالمسيح وصلبهم للسيد. بعد أن قدَّم لهم السيد كل إمكانيات الإثمار من ناموس وشريعة وأنبياء. لكنهم ظل لهم الورق، أي منظرًا حلوًا. فهم لهم طقوسهم وهيكلهم وناموسهم، لكنهم للأسف بدون ثمار، والثمار التي يريدها الله هي إيمانهم وأعمالهم الصالحة. والأوراق بدون ثمر تشير للرياء والرياء هو أن يظهر الإنسان غير ما يبطن مثل من له صورة التقوى ولكنه ينكر قوتها وهو بلا ثمر (2تي5:3). وتذكرنا أوراق التين، بما فعله آدم حين غطى نفسه بأوراق تين فلم تستره، لكن الله قدًّم له الحل في ذبيحة تشير لذبيحة المسيح وستره بها. وهذا يعني أن كل من يحاول أن يستر نفسه بأعمال تدين ظاهري دون ثمار إيمان داخلية، إيمان بصليب المسيح وفدائه يكون قد فعل كآدم ولم يستر نفسه.
***
.. وبلعنه للتينة لعن المظاهر الخارجية والرياء

نفس المظاهر التى وجدها فى المرائين فى أيامه ...القبور المبيضة من الخارج...الكأس الذى ينظفونه من الخارج فقط الذين يهتمون كثيرا بغسل أيديهم بينما أيديهم ملآنة دما....أنه الورق الذى يعطى منظرا خداعا والحقيقة لا ثمر....

رأى الرب فى التينة صورة الكتبة والفريسيين

لقد كانوا مثلها أشجارا مورقة بلا ثمر ..فأخجلهم بلعن التينة

ولذلك نجده بعد ذلك بقليل يقول ( ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون....) ( متى 23 ) شارحا أمثلة عديدة من ريائهم وحبهم للمظاهر الخارجية

رأى الرب فى التينة صورة لرياء عصره كله.

رآها صورة للكهنة الذين وضعهم الله ليقودوا الناس فى الخير فإذا بهم يقودون يهوذا الى الخيانة والشهود الى شهادة الزور وحراس القبر إلى الكذب وأخذ الرشوة كما يقودون الشعب الى الضلال والتآمر...فقال عنهم مثل الكرامين الأردياء ( متى 21 : 33 - 43 ) ورأى فى التينة أيضا صورة الهيكل الذى جُعل للعبادة وهو من الداخل ( جعلوه مغارة للصوص)( متى 21 : 13 )

لقد وضع خطايا العالم أمامه فى هذا الأسبوع.

ألم يكن مزمعا فى هذه الأيام أن يحملها جميعا لذلك تأملها جميعها وامتلأت نفسه مرارة بسببها . رأى أمامه الرياء حتى فى أوساط المعلمين والكهنة لم يجد ثمرا فى الكرمة التى غرسها( أش 5 ) ولا فى الكرامين ولا فى الهيكل ولا فى القادة العميان...لذلك جاع أخيرا إذ لم يجد شيئا يتغذى به ولكن ماذا نقول عن كل هذا الرياء والفساد الذى رآه ؟ لقد لعنه وأدانه حقا ولكنه:

سيحمل كل هذا على صليبه ليغفره للتائبين.

وهذه القبور المبيضة من الخارج كل من آمن وتاب منها حمل المسيح كل ما فى داخله من عظام نتنة ودفع عنه دينه للعدل الألهى من فوق الصليب.

المراجع:
ابونا انطونيوس فهمي http://www.frantoniosfahmy.com/articles/331
البابا شنودة الثالث - تأملات في اسبوع اﻻﻻم.