السبت، 22 أكتوبر 2011

كسرة خبز


عندما كنت عائشا على الارض ما شعرت بوجوب تقديم شكر من اجل اي شئ. و كنت ان فكرت بهبات الله و خيراته لا لاشكره عليها و انما لاطلب المزيد. لانني طيلة حياتي ما قنعت بالحياة كما وجدتها..
و عندما انظر للماضي - و انا الان انظر دائما الي الماضي اذ ليس امامي في المستقبل سوى انتظار شئ واحد رهيب شنيع و هو الدينونة العادلة- عندما انظر للماضي اراني مضطرا ان اعترف ان هبات يوم واحد على الارض كالنجوم لا يحصى لها عدد. 

لو لم يتبق لك من هبات الحياة سوى الهواء و النور و كسرة من الخبز تسد الرمق و نقطة ماء تروى الظمأ لوجب عليك تقديم الحمد و الشكر.

مؤمنوك احصهم مع شهدائك


كان يبكي كل يوم على خطاياه، يغسل حياته بالدموع، شاعرا ان كل عضو من اعضاء جسده قد اخطأ.. كان دائما يقول لنفسه:
 - لماذا لا تنوح يا شقي؟
لماذا لا تنوح يا مسكين؟
حقا انك ان لم تبك هنا طائعا ، فأنت ستبكي هناك كارها!
لقد كان يثابر و يتعب نفسه و جسده في صوم و سهر.. لا يكف و لا يهدأ !!
و كان له رجار يسمعه، و يتعجب من امره قائلا كيف يعذب هذا الانسان ذاته! و طلب هذا الجار في لجاجة ان يكشف الله له ليعرف حقيقة هذا الانسان! و هل هذا النوع من الجهاد مقبول امام الله ام لا!
لقد ابصر هذا الجار في حلم ذاك القديس المثابر و هو واقف بين جماعة الشهداء .. و ملاك من السماء يقول:
"هذا هو المجاهد الصالح الذي يعذب نفسه من اجل المسيح"

نعم ما اجمل تلك الكلمات التي يرددها الكاهن في القداس الغريغوري .. "الخطاة الذين تابوا احصهم مع مؤمنيك. مؤمنوك احصهم مع شهدائك"

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

الحب المفرط

اسمحوا لي ان اقول ان الافراط في الحب احد شرور العالم. من منكم يصدق ان الحب المفرط يرسل ارواحا الى الجحيم كثيرة جدا؟!!
لا اتكلم عن الحب الطاهر المنعش لان هذا الحب قبس من الحب الالهي الابدي، انما يتوقف الامر على من نحب و كيف نحب؟
منذ زمن وصلت الى هنا (الجحيم) امرأة ليست بالفتّية و لكن ما زالت جميلة زرقاء العيون .. حتى اننا فكرنا ما عسى ان يكون السبب الذي اوصلها الى هنا! ، لم يكن هناك سبب سوى حبها العنيف لزوجها ، كان من المؤسف ان تسمع منها كيف انها منحته حياتها واحبته ازيد بكثير مما يستحق، لقد عبدته و نسيت كل شئ من اجله حتى الهها.

كان هذا هو السبب. لقد قدمت عبادة قلبها لزوجها الامر الذي لا يليق الا لله وحده. قد يبدو لاول وهلة ان حبها يستدر العطف و يستحق الاعجاب، لكنه في الحقيقة لم يكن سوى نوع من محبة الذات التى جرتها الى الجحيم، و استمرت و هي في الجحيم مريضة حبا لزوجها. 

الخميس، 20 أكتوبر 2011

حب و تضحية

وفاء الحيوان الذي يفوق وفاء الإنسان بكثير جداً
يكشف هذا الفيديو عن عملية إنقاذ الحكومة لكلب ولكنها اكتشفت أن الحقيقة هي أن الكلب هو الذي ساعد على إنقاذ قطط رضيعة لا حول لها وحيوانات مثله!!!ا


مع ترجمة بالعربي
ترجمة المحتوي
خذ معك أربعة قطط صغيرة وكلب وسيكون لديك قصة غير عادية. أما قصتنا هذه فبها أحداث غير متوقعة وهو منزل محترق
رفض الكلب ليو أن يهرب من المنزل المشتعل مع سيدة المنزل وابنها المراهق وابنتيها والكلب الآخر بارني ولكن ليو لم يهرب
فقد ظل ليو داخل المنزل وعندما وصل إليه رجال المطافئ كان قد أغمى عليه وهو يعاني من استنشاق الدخان
كلمة رئيس فرقة المطافئ
رفض الكلب ليو ان يهرب لأجل القطيطات وكان يعرف تقريباً أنه مفقود لكن لحسن الحظ وضعنا أكسجين وتمكنا من استعادة ليو .. وقمنا بفحصه طبياً وهو بصحة جيدة ويبدو جيداً
المذيعة :
ليس من الواضح سبب الحريق لكن لم يصاب أحد في المكان لكن أحد الفتيات في المستشفى تحت الملاحظة.. وبالنسبة إلى ليو فقد التئم شمله مع القطيطات مرة أخرى

رغبة لم تتحقق


اشتياقي هنا موجه لمقابلة احد الذين عاصروا مخلص العالم (المسيح)، اعني شخصا قد رآه و سمعه. و لكنها رغبة لا استجابة لها. يوجد كثيرون هنا ممن عاشوا في ايامه و اصغوا لتعاليمه و مع انهم يدعون انهم يتذكرون كلماته، و لكنهم غير قادرين ان يمنحونى اية معلومات. لا توجد ذرة من الصدق في كلماتهم. بينما انا متعطش الى الصدق. اليس ها مريعا؟
اذكر انني لاحظت ان الكلام الفارغ على الارض في ازدياد متواصل – ترى ما النتيجة اذا استمر هذا؟ لاشك ان العالم ملئ بالكلام، و لكن الزيادة الفاحشة تنذر بخطر، فيضان جديد يهدد بالغرق، ان الكلمات الجوفاء تفقد الروحانية، انا متأكد ان العالمكان اكثر بساطة في الازمنة القديمة. على اي حال كان رجال السياسة المستقيمون ازيد مما هم الان .. تتزايد المخترعات و لكن مخترعات الافتراءات تتوالد بسرعة.اصبح لدينا ليس روح المعرفة بل كلاما اجوفا و قد ثقل على المرء طلاء التعليم (دون المستوى) و سد منافذ الروح فانكمشت و تهشمت.

بكلامك تدان

     
ذهبت الى مكتب البريد. اكتشفت ان هذه المصلحة ممثلة هنا ايضا في الجحيم. لا ينقصنا اي شئ هنا (في الجحيم) الا الحياة و الرجاء.
            ذهبت لاسأل عن خطابات..
          لاشك انكم تعرفون ما حدث لاوريا (1صم11: 14، 15). يوجد اناس كثيرون يخونون جيرانهم عن طريق الكتابة. هذا السبيل معروف من قبل تاريخ هذا الخطاب الشهير المشئوم. بدأه ابو الكذب (ابليس) اولا. هو الذى اوحى بهذا الطريق للخيانة كما اوحى ليهوذا بقبلته و الخيانة عن طريق الكتابة ذائعة الان في كل انحاء العالم. يوجد من يسرون ببراعتهم في تحرير مثل هذا الخطاب و يفخرون بمهارتهم في خداع غيرهم.
فلتعلموا ان اي خطاب من هذا النوع يأتي الى الجحيم على نفقة الكاتب و بعد قليل او كثير يتبعه لا المرسل اليه بل الراسل بمستثنيات قليلة -اولها داود الملك- اذ محت التوبة الحقة ما كتبه.
هذا عمل مكتب البريد هنا. من المحتقر جدا ان يرى المرء ما تحويه هذه الخطابات. لانه حتى هنا نعرف مقدار خسة هذه الكتابات. و عقاب كاتبها انه مضطر ان يداوم تلاوتها باضطراب لا ينقطع.
و لا يرد الى هنا هذا النوع من الخطابات فقط. بل ايضا الوثائق الكاذبة، و الامضاءات المزيفة يوجد هنا ما لا يحصى منها.
فليحذر الناس كيف يضعون القلم على الورق. فالكتابة لها خاصية مريعة . انها تتعلق بالنفس و لا يستطيع احد ان يمحوها الا الله.

الخميس، 13 أكتوبر 2011

فيلم سياحة المسيحي

الفيلم انتاج 1979
رابط الفيلم على موقع يوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=_era9MKeZAY

رابط الترجمة:
http://subscene.com/subtitles/pilgrims-progress/arabic/428150


بعد فك الضغط عن ملف الترجمة ضعه في نفس المجلد الذي يحتوي الفيلم مع ملاحظة ان يكون بنفس الاسم. 
او
يمكنك تحميل الفيلم على جزأين والترجمة ملصقة بالفيلم من الروابط التالية:
الجزء الأول (حجمه 136 ميجا]
http://www.mediafire.com/?7ucdp72p1eorobs

الجزءالثاني (حجمه 149 ميجا]
http://www.mediafire.com/?h9sn42i917xjgfp



رابط فيلم كارتون للاطفال:
https://www.youtube.com/watch?v=AegEntjxDC8 
لكنه لا يحتوى الا على english subtitle يمكنك ان تراه بالضغط على زر cc الموجود في الاسفل بجوار ازرار التحكم في العرض.

توما الإكويني

ولد Thomas Aquinas في قرية اكوينو الواقعة بين روما ومونت كاسينو في سنه 1224 في اسرة كريمة، وتلقي تعليمه الأول في دير سانت كاسينو ثم تم دراسته بعد ذلك في مدرسة نابولي.

ورغم انف أسرته انضم في عام 1243 إلى صفوف الدومنيكان الذين أرسلوه للعمل تحت رئاسة البرت اوف كولون الذي كان واحد من كبار الاساتذه في كولون، وقد قضي مع هذا الأستاذ عده سنوات في كولون وباريس وفي عام 1257 حصل توما علي درجه الدكتواره.

وفي عام 1252 طلبوه ليكون معلماً في باريس، ومن ذلك التاريخ راح يدرس ويكتب الي، توفي في عام 1274 وكان يومها في طريقه لحضور المجمع العام في مدينة ليون وقد عاش الاكويني حياة التقوي والورع في ظل النظام الدومنيكاني، كما انه ساهم مساهمة نافعه في نشر المعرفة والتعاليم الدينية في عصر عنت فيه المعارف وكان متأثرا باراء ارسطو وأفكاره في علم المنطق، تلك الأفكار وهي في القرن 12 م كانت مدخله الي دراسة الكتاب المقدس.

وكسائر اتباع النظام الدومنيكاني لم يعترف الاكويني بعقيدة الحبل بالعذراء بلا دنس التي كانت من أهم العقائد في الأيمان الكاثوليكي وفي الجدل العقائدي الذي ثار بين الكنيستين الشرقية والغربية لعب هذا العالم الجليل دور كبيراً.

وقد اشتهر توما الاكويني بموسوعة اللاهوتية الكبيرة التي قسم فيها أبحاثه الي أقسام ثلاثة القسم الأول خصصه للإلهيات والقسم الثاني يدور البحث فيه حول الإنسان والقسم الثالث كان موضوعه هو شخص السيد المسيح كانسان واله معاً.

ففي الجزء الأول يتعرض الكلام عن: وجود الله، طبيعته، والله عنده هو المحرك الأعظم أو العله الأولى لجميع الأشياء، فهو البداية والنهاية والمنتهي لكل شئ في الوجود.

وفي الجزء الثاني، تحدث عن الإنسان كمخلوق ساقط، لكنه رغم كل هذا وفي وسعه، يتمتع بالفداء بعد ذلك يتطرق لبحث السلوك الإنساني بفضائله ورذائله، ثم يدرس موضوع الناموس والنعمة

بينما في الجزء الثالث يتحدث عن المسيح الفادى الذي فتح للإنسان طريق العودة الي الله وقد استخدم الاكويني اتساع معرفته بالكتب المقدسة في إثبات صحة العقائد الكنسية كما كتب شرحاً لبشائر الإنجيل ورسائل بولس الرسول استند فيه الي أقوال أباء الكنيسة.

وفي عام 1323 قرر البابا يوحنا 22 التصريح بتداول مؤلفاته الاكويني.

بونيفاس، مبشر هولندا و ألمانيا

بعد أن رسخت المسيحية أقدامها في إنجلترا، فكر أهلها في أرسال مبشرين إلي بقية القارة في النصف الأخير من القرن الثامن، كان انتشار المسيحية في هولندا و بلجيكا وشمال ألمانيا، قائماً علي أكتاف نفر قليل من شتات الرسل الذين وفدوا في أر لندا.

وكان نصيب هولندا وألمانيا المبشر بونيفاس الذي وجد في نفسه من حداثته رغبة جادة لحمل رسالة الإنجيل إلى ارض ابائة وأجداده التي رحلوا منها أولا قبل أن يستوطنوا إنجلترا، فكان أول أسقف إنجليزي مرسل ختم حياته بالاستشهاد بيد الوثنيين.

وان كان بونيفاس بذل جهوداً في مناطق هولندا وألمانيا معا كانت مملكه الفرنجة التي كان يحكمها شارل ما رتل (في شمالي فرنسا وغرب ألمانيا) وكان بين الفرنجة المسيحيين وبين الإقليم الذي هو هولندا ألان (فريزيا يومئذ) عداء شديد وحروب هوالية، ولكنهم انضموا بعضهم لبعض أمام الغزو الإسلامي في ذلك الوقت مما سهل مهمة بونيفاس، واصبح رئيس أساقفة ألمانيا.

نشأة بونيفاس:
 ولد بونيفاسيوس Saint Boniface في بلده صغيرة في تلال ديفون عام 670 وكان يسمي (وينفرد) معناه الجميل الجذاب، وتربي علي السلام والوداعة والمحبة.

ولما بلغ السابق من عمره أرسله أبواه إلى مدرسة من المدارس التي كانت ملحقة لدير في ذلك العصر، ليتعلم القراءة والكتابة، فكان صبياً مجتهداً، انتقل بعد إنهاء الدراسة بها ألي مدرسة اعلي علي قرب من مانشستر، وفي هذه المدرسة تعلم الشعر والتاريخ ودراسة الكتاب المقدس حتى اصبح عالماً كبيراً، وقدر له عرفوه انه سيكون يوما رئيساً لذلك الدير.

ولكن أحلام الصبي لم تقف عند هذا الحد وانما كان يحب أن يحمل رسالة المسيح إلى قبائل الوثنية في بلاد الجرمان التي هاجر منها إباؤه وأجداده واستوطنوا هذه الجزر التي ولد فيها، وفاتح أحباءه في هذا فواقفوه علي هذا.

فذهب إلى لندن سيرا علي الأقدام ونزل هو وبعض أصدقائه سفينة من الخشب حملتهم إلى ساحل هولندا، فوجد هولندا في حرب مع شارل مارثل الفرنسي. فأحس بخيبة الأمل إذا لم يكن الوقت مناسباً للتبشير فعاد مره أخرى إلى إنجلترا وكانت تنتظره مسألة أخرى هي انه لما عاد إلى ديره وجد رئيسه قد مات وطلب الرهبان منه أن يكون رئيساً للدير، فرفض لان هذا سيمنعه من فكرته وهي التبشير بين الوثنيين.

ففكر أن يعود إلى التبشير عن طريق السفر إلى أوروبا واستئذان البابا هناك للذهاب للتبشير في القبائل التي تسكن عند جبال الألب في وسط أوروبا.

وفعلاً سافر عن طريق فرنسا وعبر جبال الألب ألي روما وقابل البابا اغريغوريوس الثاني فاعجب البابا به جداً وآذن له في التوجه إلى ألمانيا.

واثناء سفرة علم بموت ملك هولندا الشرس الذي كان يحارب شارل مارثل ملك فرنسا، واحس أن البابا قد فتح أمامه أليها، فاتخذ طريقة علي الجبال إلى هولندا حيث التقي بمبشر أخر يدعي (وليبورد)، وفي أثناء رحلتهما واجها كثير من الأحداث.


ولما وصل بونيفاس إلى عمله بين قبائل الكون في ألمانيا وجد بعضهم راسخين في الدين الجديد وبعضهم يحتفظ بالوثنية إلى جانب المسيحية، وكانوا شعوباً تعسين والغابات والجبال والبرك فكانوا شرسين تعرضوا لبونيفاس وزميلة بالقتل ولكن بونيفاس اجري أمامهم تعليماً عملياً إذ وجدهم يقدسون إحدى الأشجار علي أنها تجلب لهم الحظ والحياة وان من يتناولها لا يموت فقام أمامهم وقطعها ولم يحدث له شئ، وهنا أفهمهم أن المسيحية هي الدين الحق.
وكان يسير بين الناس ويعظهم ويعمدهم ويقيم الكنائس، ويجمع الأموال للصرف علي الأرامل والأيتام، فأحبة الناس إذ كان يعتمد علي القدوة اكثر من العظات لانه لم يكن يتقن اللغتين الألمانية أو الهولندية، فكان أيمانهم بالأعمال اكثر من الأقوال.
ولما بلغ الخامسة والسبعين من عمرة القي بونيفاس أردية الأسقفية جانبا ولبس ملابس الرهبان العادية الخشنة وشرع مع 12 من زملائه وكان في ألمانيا وذهب إلى هولندا وعمل هناك واحبة كل الهولنديين.
وفي يوم من أيام صيف عام 755 نصب بونيفاس خيمته علي شاطئ البحر ليجذب بقية الشعب إلى عظاته أن اقبل علية فجأة قوم في شكل عصابة مسلحة بالرماح والتروس وقتلوه هو وزملائه ونال إكليل الشهادة.

القديس فرنسيس الأسيزي



 هو واحد من اعظم القادة الدينيين الذين كانوا فرسان العصور الوسطي في عالم المعرفة الروحية، ولد في مدينة اسيس (أسيسي أو أسيزي) في عام 1182 وكان أبوه واحد من كبار تجار المنسوجات، في منطقه وسط إيطاليا وكانت أمه فرنسية اخذ عنها حب الموسيقي والفناء، وعلي الأخص أناشيد الفروسية التي كان بتغني بها الشعراء المتجولون كان اسمه الأصلي يوحنا برنادون، أطلق عليه اسم فرانز ومعناه الرجل الفرنسي ربما لتعاطفه مع الجنس الفرنسي أو حبه للروايات الفرنسية.
وقد اشتهر في أول عهده بالإسراف في أنفاق المال ومنافسة أبناء النبلاء في الاناقه وحب الملبس الفاخر لكنه منذ البداية كان محباً للفقراء والمساكين ويمكن انه كان ذات يوم مشغولاً ببيع المنسوجات لاحد تجار المدينة فمر به شحاذ يطلب إحسانا فلما فرغ من البيع كان الشحاذ قد مضي وتركة فما كان من فرانز ألا انه ترك تجارته وبضاعته وراح يركض في الطرقات بحثاً عن هذا الشحاذ وما أن وجده حتى أعطاه مالاً كثيراً ولما كبر فرانز (فرنسيس) انخرط في سلك الجيش وانضم الي جماعات المحاربين الذين كانوا منتشرين في مدينه اسيسي فكان أشجع فرسان عصره.
وفي شبابه أصيب بمرض شديد وبينما هو يتألم في فراشة سرح بفكره في السيد المسيح وانتابه نشاط ديني جعله ينشغل بالله ويتجه الي إظهار نشاط كبير في خدمه المحتاجين وبدلا من الاتجاه الي أشبه ميوله نحو الفروسية وجه كل اهتمامه نحو المنبوذين والبؤساء وبالأخص المصابين بالبرص عندما كان الناس يأنفون منهم. ويقال لن كان ذات مرة يمتطي جواده واثناء مروره في أحد الشوارع قابل آنسانا ابرصا، ففكر في أن يرجع من الطريق الأخر ولا يري الإنسان، ألا انه عاد الي نفسه ليقاوم هذا ألا حساس وقفز بحصانه الي الإمام وما أن اقترب من هذا الأبرص حتى نزل من ظهر حصانه وركض نحو الرجل وقدم له شيئاً من المال ولكنه أحس بأنه لم يفعل شيئاً يستحق الذكر فعاد الي الرجل واحتضنه وقبله.
وذهب بعد ذلك الي مستشفي للبرص في اسيسي واشترك في إسعاف نزلائها وتعامل معهم لامراض يأنف منهم الناس ولكن كاخوة في المسيح وكان غريباً في تلك الأيام، يهتم الناس بالبرص أو يظهروا لهم الحنان.
كذلك اظهر فرانسز اهتماماً عظيماً بتعمير بعض الكنائس القديمة المهدمة والمهجورة وهو بهذه الإعمال كان يعبر عما يعتمل في نفسه من شوق غامر ورغبه عارمة في خدمه الله.
وقد غضب عليه أبوه وحاول، يمنعه من هذه الخدمه التي كان قد كرس نفسه لها ولكنه فشل في منعه واستمر في خدمته فاعتبره أبوه عاقا أو أصابه مس من الجنون.
ولكن فرانسز أعلن هذه في مال أبيه وممتلكاته وراح يجول العالم كرجل فقير. توجه بعد ذلك الي إحدى الكنائس وفي أثناء خدمته سمع الكاهن يردد الجزء من الإصحاح العاشر من بشارة القديس متي البشير والخاص بإرسال يسوع تلاميذه الي العالم لكي يكرزوا ببشارة الملكوت فاعتبرها فرانسز دعوه خاصة موجهه إليه من الرب رأسا فأطاعها في الحال.
ومع انه كان علمانياُ ألا انه راح يعظ في المدينة بطريقه فعاله ومؤثرة لانه كان يقدم للناس المسيحية في بساطتها وكان الفعل الأكبر في تأثيره علي سامعيه راجعاً الي إخلاصه ومحبته ليسوع خاصة عندما رآه الناس وقد تخلي عن كل اراداته وامواله ومقتنياته وملابسه الانيقه الفاخرة، حتى أصدقاءه هجرهم وراح يتجول مرتدياً جلبابا ً من الصوف الأحمر وحول حقويه منطقه من جلد ورغم هذا الحرمان الذي فرضه علي نفسه لم ينقصه شئ من فرحه وغبطته وخفه روحه هذه الخصال كلها جذبت الناس إليه والي طريقته في خدمه السيد المسيح.

خدماته الكثيرة:
انضم إلية اثنان من آهل بلدته وبعد فترة قصيرة التف حوله عدد من الشبان الذين تنافسوا علي الخدمه ومعرفه الرب يسوع وكان أحدهم تاجراً باع كل ما يملك أعطاه للفقراء واختار أن يحيا حياة الفقر الاختياري، التي فرضها فرانسز علي نفسه وبعد ذلك راح يفكر في تكوين أخوية يحيا أفرادها معا ويكرسون ذواتهم لخدمه أخواتهم في الإنسانية باسم المسيح. وقد بدأ تكوين الاخوية الفرنسيسكانية في عام 1209 أو 1210 بعد، حصل فرانسز من البابا انوسنت الثالث علي موافقته المبدأية علي نظام جماعته.
ومنذ البداية أعلن فرانسز لاتباعه انه لا يريدهم ان يعتزلوا في الدير، ولا ان يركزوا اهتمامهم علي خلاص أنفسهم فقط، ولكن عليهم أن يذيعوا بين الناس محبه المسيح. راح افراد الاخوية يتجولون من قريه إلى أخرى، ومن مدينه إلى مدينه يذيعون الأنباء السارة (الإنجيل) بين الناس مقتدين بسيدهم الذي كان يجول يصنع خيراً، فخدموا الفلاحين في قراهم، والتجار في ساحات أسواقهم، وسكان المدن في مجتمعاتهم، ووجهوا عناية خاصة للمرضي بالبرص.
لم يكن مصرحاً للراهب الفرنسيسكاني أن يمتلك اكثر من عباءة ورداء وكتاب مقدس وقلايه في دير، وكانوا يكرهون المال كراهية شديدة، ربما كان ذلك بسبب الضربة القاصمة التي أصابت رجال الدين في تلك الأيام، وكرد فعل لها. ويحكي ان واحداً من هؤلاء الرهبان انه جاء مرة ومعه قطعه من النقود فما ان رآها القديس فرانسز معه حتى أخذها منه، وبعد أن نظر أليها بازدراء القي بها في روث البهائم.
كان فرانسز ورفاقه يسيرون جماعة معاً، مهللين مترنمين بمحبة الله، فكانوا يجذبون الناس إليهم، وعرفوا بين الناس برجال الله الفرحين، وقد استمدوا هذا الفرح من رئيسهم الذي كان دائماً هكذا.
في ذلك الوقت كان المسيحيون منشغلين بالحروب الصليبية ضد العالم الإسلامي، بسبب وضع المسلمون ايديهم علي الأماكن المقدسة المسيحية، وفي غمرة هذا النزاع نسي المسيحيون واجبات الكنيسة، كما نسوا أن المسيح يحب ولا يكره، بينما لجاوأ هم إلى الاقتتال!لكن فرانسز نادي بوسيلة أخرى غير هذه، وغامر بالوقوف في وجه هذا التيار الجارف، وكان يقول: "ماذا نجني من وراء قهر السلطان؟ ولماذا لا نكسبه بالمحبة بدلاً من القتال؟"
وفي عام 1218 أبحر مع جماعة من رفاقه حاملين دعوة الحب والسلام، فنزل إلى مصر وانضم إلى جيش الصليبيين، وكانوا يومئذ في حملتهم الخامسة وذات يوم تسلل خفية إلى معسكر المسلمين هو وأخ أخر له، وكان الاثنان يعلمان تماما مدي خطورة هذه المغامرة، لكنهما تشجعاً وتقدماً في هدوء، وفي أثناء سيرهما كانا يرددان كلمات المزمور الثالث والعشرين " الرب راعي فلا يعوزني شئ..." وفجأة وقعا في اسر العرب، فقيدوهما بغلظة، واوقفوهما أمام ضابط الجيش بدعوى انهما جاسوسين، وباستجوابهما أجاب فرانسز: "لم يرسلنا أحد من البشر، لكن الله هو الذي أرسلنا لكي نحمل إليكم رسالة محبة بدل هذه الحرب التي يشنها عليكم بنو قومنا".
فتفرس فيهم السلطان مبهوتا، واستمع إلى أقواله باحترام وانتباه، كما اعجب بشجاعته وغيرته ومغامرته في التسلل إلى معسكرات أعدائه، واستبقاه أياما في ضيافته، واحسن معاملته، وبعد أحاديث طويلة دارت بينه وبين السلطان، عاد فرانسز مشيعاً بالحفاوة والإكرام بعد ما اظهره للامير العربي جانباً من جوانب محبة المسيح، محبة طغت علي مظاهر القتال العنيف الذي كان محتدماً آنذاك بين المسيحية والإسلام.

انتشار النظام الفرنسيسكانى:
سرعان ما انتشر النظام الفرنسيكاني أو (الاخوة الأصاغر)، إذ حذا حذو فرانسز كثيرون من أغنياء التجار، وعاشوا حياه الزهد والتقشف، وقضوا أوقاتهم في الصلاة والتعبد والخدمة، والعناية بالمرضي وبخاصه البرص، واشتغلوا بأيديهم في الحقول والمزارع لكسب قوتهم بعرق جبينهم، وعندما كانوا لا يجدون عملاً كانوا يشحذون، ومن ثم سموا بـ "الرهبان الشحاذون".
وعندما انعقد مؤتمرهم السنوي سنه 1217م، كانت لهم فروع في ألمانيا وهنغاريا وأسبانيا، وبدأ يرسلون الإرساليات والبعثات التبشيرية إلى المناطق الوثنية، غير مبالين بما ينتظرهم هناك من أخطار، الأمر الذي أدي إلى اعتراض أحد الكرادلة علي هذا النوع من الخدمة، فقال له فرانسز " أتظن، الله قد سمح بقيام هذا النظام من اجل الخدمه في بلادنا فقط؟ الله قد دعانا للخدمة بين الناس من جميع الأجناس لأنها من حياتهم الروحية وقيادتهم إلى الخلاص."
وفي عام 1220م بعدما عاد فرانسز الاسيس من رحلته التي قام بها إلى الشرق، ألمه كثيراً ان يري المسؤولون عن الكنيسة الذين أوكل إليهم أمر الأشراف علي الاخوية، قد ابتعدوا بالنظام عن دعوته الأصلية، فقد كان فرانسيس يدعو اتباعه إلى التجرد الكامل وعدم امتلاك شيء ما، كما انه كان يري ان الأديرة التابعة لنظامه يجب ان تتميز عن غيرها من الأديرة التي كانت منتشرة في ذلك العهد، والتي كانت تملك إقطاعيات واسعة، فهو كان يري في حياته وحياة تابعيه حياة السيد المسيح الذي لم يكن له أين يسند رأسه وكان مقتنعا تماما بان عدم امتلاك شيء من حطام الدنيا، هو السبيل إلى التحرر من هموم العالم لانه لا يستطيع إنسان ان يخدم سيدين. لقد رأي فرانسيس عند عودته بعضاً من أخوته بدأ يمتلك بعض المقتنيات، كما أحس انه لم يعد في مقدوره الاستمرار في الإشراف علي هذا النظام، وربما يكون قد اقتنع كذلك بان الرهبان لا يستطيعون ان يدبروا أمر أنفسهم بأنفسهم، خاصة وان أعدادهم كانت قد زادت زيادة كبيرة، فطلب من البابا ان يتولي الأشراف علي النظام الفرنسيسكاني كله، واستعفي هو من ادارته.
وشيئاً فشيئاً عاد هذا النظام كغيره من الانظمه الرهبانية الأخرى إلى الضعف ومات فرانسز الاسيس St. Francis of Assisi وهو في الخامسة والأربعين من عمره بعد ان حاز شهره كبيرة.

اثار الفرنسيسكان فى تلك الفترة:
لعب الفرانسيسكان دواراً كبيراً في نشر العلم، فحيثما ذهبوا انشأوا المدارس واهتموا بالتعليم. ومن الانتقادات التي وجهت إليهم انهم بدلا من تخريج صفوف من علماء الكتاب المقدس والقادة الدنيين، وجهوا جهودهم كلها إلى إنشاء المدارس ونشر العلم. إلا وان هؤلاء النقاد فاتهم ان نشر العلم بين الناس خدمة يدخل الدين من خلالها.
نجح الفرنسيسكان كذلك في نشر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية في بلاد الشرق، وذلك عندما نجحت إحدى الحملات الصليبية في إقامة مملكه لاتينية وبطريركية لاتينية. كما لعبوا دوراً أيضا عندما اكتسح التتار أقطار أوروبا، فحصلوا من المغول علي تصريح بتقديم خدماتهم بين الناس. وحيثما مارس الفرنسيسكان خدماتهم، كانت هذه الخدمات تؤدي إلى إنعاش الحياة الدينية بين الناس، لهذا تعددت طلبات أر سال بعوث إليهم لتقديم رسالة الإنجيل وخدمات المحبة. وقد عاصر ظهور الفرنسيسكان ظهور النظام الدومنيكاني، وقد تأثر كل من النظامين بالأخر، واظهر كل منهما غيره عظيمة في تقديم المواعظ للناس. ومما هو جدير بالذكر ان الفرنسيسكان والدومينيكان لعبوا دوراً كبيراً في مساندة البابا ومعاونته وتحقيق الصورة التي طالما راودت خيال البابا انوسنت الثالث.
ومن الفرنسيسكان ذهب مرسلون كثيرون إلى إنحاء العالم ومازال نشاطهم واضحا في العالم كله.