الأحد، 2 أكتوبر 2011

في التسليم المتواضع لمشيئة الله


إليك وصية وجيزة توجيهاً لقلبك: أعمل إرادة الله ولا تردْ أن يعمل الله إرادتك.
إذا لم تكن قادراً على فهم حكم ما والسبب الذي من أجله صنع هذا دون ذاك ، فمن الأفضل لك أن تقبل بحكمته وتؤمن بحسن صنيعه ، ولو لم تفهم السبب.
رسخّ هذه الفكرة في قلبك ولا تدع العدو ينتزعها منك زهي أن الله قادر على أن يعمل دون ان تفهم السبب وإن من لا إثم عليه لا يرتكب إثماً.
إن خفي السبب عليك فأنظر إلي ذاتك وإلي ما أنت عليه من الجهل.
لا تطلب ما هو أقوي منك ، ولا تستقص ما هو أعمق ، بل تأمل دائماً بما أمرك الرب به، إن الله يعرف ما يعمل . أما أنت فخفَ وكن صالحاً.
أعلم أن ما يحدث ها هنا ، ضد إرادتك ، لا يحدث إلا بإذن الله وإرادته وسابق علمه وأمره وبمعرفته منه فإن لم تدرك السبب فدع هذا الهمَّ للعناية الإلهية التي لا تعمل شيئاً بلا سبب.
وإن بدأت تناقش أعمال الله قائلاً: لمَ هذا؟ ولمَ ذاك؟وهذا ما كان لازماًُ لأنه شر ، فكيف تسبح الله بلسانك؟
أنظر إلي كل شيء نظرةً ترضي الله ، وسبح الخالق لأنك إن دخلت حانوت حداد لما تجاسرت أن توجه اللوم إلي الكور والمطارق والمنافخ التي فيه.
ومع أن صاحبه رجل جاهل لا يدرك علل الأشياء فلا يجرؤ أن يوجه إليها لومه.
إذا لم يكن عاملاً حاذقاً ، بل كان راجح العقل ، فماذا يقول؟ المنفخ لم يوضع هنا بلا سبب: المعلم يدرك السبب وإن لم أعرفه أنا.
أنت لا تجرؤ على أن ينتقد الحداد في حانوته ؛ ثم أتلوم الله في هذا العالم؟
يحسن بك أن تنصاع طوعاً لإرادة الله التي تريدك حيناً ذا صحة جيدة ومريضاً حيناً أخر. إن قبلت إرادة الله متى كنتَ في صحة جيدة ورفضتها مريضاً فلستَ مستقيم النية.
إرادته قويمة أما أنت فأعوج ، قومّ إرادتك بحسب إرادته ، ولا تخُضع إرادته لإرادتك.
إن أصبت نجاحاً في هذه الدنيا فسبّح الله عزاءك ، وإن تألمت فسبح الله الذي يؤدبك ويمتحنك.
إن طلبتَ الجسد فلا تهتمَّ بطلبك هذا كثيراً ، إلاّ إذا طلبت الصحة لكي تخدم الله الذي يعطيكها ، إن رأي فيها ، خيراً لك وإلاّ منعها عنك.
كم مريض على سريره ولا خطيئة عليه ، لو أن صحته جيده لكان أستعملها لإرتكاب الجرائم.
كم من الناس يؤذيهم حسن الصحة .
من الأفضل للسارق الذي يسطو على الناس بقوته أن يكون مريضاً ، ومن الأفضل لمن يسطو على أملاك الناس أن يكون مريضاً بالحمى في فراشه: كم هو بريء مريضاً وأثيم معافى!
الله عالم بما ينفعك : نقّ ضميرك من الخطأ وإذا ما حلت بك مصيبة جسدية فتتضرع إليه.
كيف تعرف أن الله لا يريد لك الشفاء؟ التأديب لا يزال مفيداً لك.
وكيف تعرف مقدار الفساد في اللحم الذي يقتطعه الطبيب حين يضع مبضعه على الفساد؟ لا يدري ما يعمل وأنيّ يجب عليه أن يصل؟ وما نفعك من الاعتراض على مبضع الطبيب الذي يجري عمليته؟
أنت تصرخ وهو يبتر: أنه لقاس لكنه لا يسمع لصراخك ، أو بالأحرى انه لرحيم لكونه يتايشفيك من مرضك . قال ابن الله: أنا لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني وأنت تطلب مشيئتك؟
قوّم قلبك ووجهه صوب إرادة الله ، وإذ أفسد الضعف البشريّ عليك صفوك فالعدل الإلهي هو عزاؤك. ومع أنك تريد لنفسك بقلب فان ، شيئاً فقد تظنه ضرورياً في الوقت الحاضر لقضيتك أو لعملك عليك حيثما تفهم وتدرك أن إرادة الله مخالفة لإرادتك أن تؤثر إرادة من هو أفضل على إرادتك وإرادة القدير على إرادة الضعيف وإرادة الله على إرادة الإنسان.
إذا كنت غير مستقيم ، فباركت الله في السراء ، ولعنته في الضراء، كنت في تجديفك عليه ، ساعة المحنة ، كالخادم الخسيس الذي يحب معلمه ، ملاطفاً ، ويكرهه ، مؤدباً ، وكأنه لا يعد لك الميراث سواء لطفك أم ضربك.

عواطف وصلوات: 


 أبارك الرب في كل حين وكل آن تسبحته في فمي(مزمزر2:33) مع أن كلّ عبودية مريرة وكلَّ عبد يتذمر في الخدمة فأنا لست أخاف أن أكون لك عبداً.
لستُ أبكي متى كنت لك عبداً ، ولا أتذمر ولا أغضب ولا أجد نفسي خسيساً لأني سببتها لنفسي لكني أعترف في أسرى وأريد أن تتحول قيودي إلي حلى من الزينة.
أود أن أخدمك بقلب فرح: إن العبودية بقربك حريةً ، والحرية حيث لا ضرورة هي محبة تخدم. أني أسير وحرّ في آن واحد: أسير لني مخلوق وحرّ لأنك أحببتني فأحببتك يا خالقي.
لا أريد أن أطيع متذمراً ، إن تشكياتي لا تحلّني من واجب الخدمة بل تصيرني خادماً فاسداً أنا أسير لديك معتوق فارض أن أتحرر وأن ابتعد عن بيت من حررني. هلمَّ أيها الرب يسوع واسكن في نفسي بالإيمان ألهمني واعطني الصبر وعلمني ألا افرح بالنجاح واقنط في الفشل؛ أعطني أن استعمل هذا العالم والآ أبالي به فلا اشمخ متي أتتني الظروف ولا اقنط متي عاكستني بل أباركك في كل مكان وزمان لست أباركك متي كنت في بحبوحة وحسب بل إن خسرت خيراتي باركتك أيضاً. لستُ أباركك متى كنت ذا صحة جيدة بل ومتى فقدتها.
أنت أعطيتني كل شيء وأنت سلبتني كل شيء: فلتكن مشيئتك وليكن إسمك مباركاً.
سواء أأعطيت أم أخذت فأنا عالم بأنك تفعل ذلك ، عن محبة ، ولا أظنّك تتخلّي عني برحمتك سواء أعطيتني وأحسنت إليّ كيلا أسقط أم أدّبتني في فرحتي كيلا أهلك.
سواء أعطيت أم أدبت فأجعل تسبحتك دوماً فمي. تسبح المؤدب علاج الجرح.
أعطني أن أسبحك كل يوم وأباركك في كل ما يحدث لي.