الاثنين، 6 مارس 2017

هيكل سليمان


"في هيكله الكل قائل مجد"(مز29: 9)
المسكن (الخيمة) والهيكل (خر25: 1-9 ، 2اخ3)
"اخرجتهم من ارض مصر لاسكن في وسطهم .. فيصنعون لي مقدسا لاسكن في وسطهم..."(خر29: 46، 25: 8). 
كان هذا هو الهدف الاول من بناء المسكن (الخيمة) والهيكل: الله يسكن وسط شعبه. والهدف الثاني ، هو ان يكون مكاني عبادة، حيث يمكن الاقتراب من الله بقدر محدود، وايقاد البخور امامه، وتقديم ذبائح مقبولة لديه "رائحة سرور"(2اخ2: 4). وبالمثل بيت الله الان مبنى "بيتا روحيا .. لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح"(1بط2: 5).
والمسكن نفسه في بنائه كان يحمل طابع البرية. فكثيرا ما كان يجب ان يفك ويقام ثانية مع ترحالهم. وخلال مراحل الطريق كان الله يرافق شعبه "وجهي يسير". اما الهيكل بالمقابلة بالمسكن فكان بناء ثابتا "بيت قرار للتابوت"(1اخ28: 2) انه يحدثنا عن الراحة في الرب. ولكنه يحدثنا ايضا عن "بناء مركب معا ينمو هيكلا مقدسا في الرب"(اف2: 21). مع السماح المحدود للدخول الى محضره. ولكن سيكون حضوره في الابدية هو البركة العظمى للمفديين "وهكذا نكون كل حين مع الرب"(1تس4: 17).
الاساس:
كان المسكن مقاما على رمل البرية. وحتى في القدس وقدس الاقداس كانت ارجل الكهنة تطأ الارض. ولكن ذلك المسكن كان يقام على قاعدة من الفضة (خر26)، صورة الفداء (خر 38: 25-27 و 30: 11-16). ومرة اخرى نجد نفس الفكرة : ان سكن الله وسط شعبه لا يكون مؤسسا الا على فداء كامل.
وكان الهيكل مقاما على جبل المريا (2اخ3)، جبل الذبيحة اما الاساسات بالمقابلة مع المسكن، فلم تكن من فضة، ولكنها مكونة من حجارة كبيرة (1مل5: 17) اشارة الى الرسل والانبياء (اف2: 20).
مواد البناء: 
من اين اتت؟ "بواسطة كل انسان سموح القلب"(خر35: 5، 1اخ39: 5 و 9). "كل من انهضه قلبه". وايضا النساء كن يغزلن بعضهن الاسمانجوني والارجوان والقرمز والبوص (الكتان). 
ان مواد الهيكل جمعها داود "بكل قوته" من غنيمة الحرب، وايضا الرؤساء اذ تشجعوا بالمثال الذي اعطاه داود لهم، قدموا تطوعا. قال داود عنهم "الان شعبك الموجود هنا رأيته بفرح ينتدب لك"(1اخ29: 17). والامم ايضا اتوا بنصيبهم وخصوصا خشب لبنان (2اخ2: 16).
ماذا كانت مواد البناء؟
(خر25: 3-7) يعطينا موجزا مقسما الى 4 اصناف:
1- الذهب والفضة والنحاس التي تكلمنا عن الله: عن طبيعته الالهية، عن فدائه، عن بره ودينونته للخطية.
2- الاسمانجوني والاقمشة الاخرى .....: وهذه تكلمنا عن المسيح.
3- الزيت للمنارة ودهن المسة والبخور العطر. وهي تشير الروح القدس الذي هو وحده قوة العبادة.
4- حجارة الجزع والترصيع للرداء والصدرة. وهي تقدم لنا المفديين كما يرون على كتفي وقلب والمسيح.
من كان العمال؟
داود النبي الذي اخذ مثال البناء من الرب "قد افهمني الرب كل ذلك بالكتابة بيده على اي كل اشغال المثال"(1اخ28: 19).
ثلاث فئات: الشعب والنساء والرؤساء، واخيرا يظهر رجلان – بصلئيل الذي عمل ادوات المقدس. واهولياب ، وهو نقاش وموشي وطراز.
هكذا الحال في الكنيسة ، لكل واحد اعطيت نعمة الله، ولكن اعطى للبعض مواهب خاصة.
تأتي لحظة حين ينتهي العمل، ولا يمكن ان يحضر شئ اكثر "للبناء وقت". يجب العمل طوال النهار "يأتي ليل حين لا يستطيع احد ان يعمل"(يو9: 4) قد يكون هذا الليل وقت المرض او الشيخوخة او ظروف اخرى. لكن يؤلم القلب ان لا نتمم العمل الذي اعطاه لنا الرب.
لقد عهد بالعمل الى عمال كثيرين جدا: 153 الف وستمائة، كلهم اجانب. لقد سبق ان رأينا الامم يحضرون مواد البناء. وهنا نجدهم يعملون العمل. وهذا تصوير لليوم المجيد حين يملك الرب على كل الشعوب.
ما الذي يكلمنا عن المسيح في المسكن والهيكل؟
انه موضوع واسع. 
المسكن في جملته يشير الى ظهور الله في المسيح. "وحل (شكيناه او مسكن) بيننا"(يو1). كان المسكن مغطى بالخارج بجلود تخس "لا صورة له ولا جمال فنشتهيه"(اش53: 2).
والتابوت قبل كل شئ، هو رمز للمسيح. مصنوع من خشب ومغلف بالداخل والخارج بالذهب رمز للمسيح الانسان والاله.
والحجاب: الان قد انشق. واصبح الباب مفتوحا للدخول الى الاقداس.
والمذبح والمائدة والمنارة: عمل المسيح ككاهن لاجلنا.
اما الالواح ، واستار الدار، فتقدم لنا المفديين الذين يكونون بيت الله باتحادهم معا.
وفي الهيكل نجد رموزا للمسيح مماثلة لهذه.. امام الهيكل كان عمودان (2اخ3: 15-17) رمزا لثبات البناء: ياكين (الله يقيم او يثبت)، "بوعز" (الذي فيه القوة). 
بعض المفارقات بين الخيمة والهيكل:
تختلف الخيمة عن الهيكل اختلافا ملحوظا من حيث تفسير دلالتهما الرمزية. وقد شاء روح الله ان يعطينا رسالة العبرانيين كتعليق او تفسير الهي للارشادات وترتيبات الخيمة. ولم يعطنا شيئا يتصل بتفسير اوضاع الهيكل. وهذه مفارقة عجيبة ، سيما وان الخيمة كانت قد زالت منذ ازمان طويلة بينما كان الهيكل قائما في اورشليم تقام فيه الخدمات المقررة. والتعليل لذلك، هو ان موقف القديسين في عهد كتابة رسالة العبرانيين كان يتفق مع الخيمة اكثر منه اوضاع الهيكل، لان العالم اصبح لهم بمثابة غربة.
وهناك مفارقات بين الخيمة والهيكل لا تفوت القارئ المدقق، نذكر منها:
تحدثنا الخيمة عن المسيح المخلص، اما الهيكل فيحدثنا عن مجده الملكي.
الخيمة ترينا الله ساكنا وسط شعبه وسائرا معهم في البرية. اما الهيكل فيرينا الله ساكنا وسط شعبه.
الخيمة تكلمنا عن النعمة، اما الهيكل فيحدثنا عن المجد. لذلك يتوفر استخدام الفضة (رمز الفداء) في الخيمة، والذهب (رمز المجد) في الهيكل.
الخيمة تحدثنا عن مجئ المسيح الاول، بينما الهيكل عن مجيئه الثاني.
كلاهما تعين بناؤه من الله .. لم يترك شئ لخيال الانسان او استحسانه البشري. واذ نرى الله يرسم بنفسه هذه التفصيلات الدقيقة، تصبح هذه الرموز والظلال غاية في الاهمية، واهمال دراستها خسارة كبيرة.
 ++

مقدمة عن الهيكل
داود يعد العدة لبناء الهيكل:
اختار الله سليمان لبناء الهيكل حسب قوله تعالى لداود "ان سليمان ابنك هو يبني بيتي لاني اخترته لي ابنا وانا اكون له ابا"(1اي28: 6). لكن رسومات المشروع كانت قد سلمت لداود. وتلك حكمته فقد كان داود في علاقته بالرب اسمى من علاقة ابنه.
ان داود في كل ذله كان يجد مسرة في فكرة اقامة بيت الله. ولكن في الوقت ذاته كانت الشقق المتواضعة عزيزة على قلبه. اسمعه يقول "يا رب احببت محل بيتك وموضع مسكن مجدك"(مز26: 8). ولما انتهى الزمن الذي عاش فيه مطاردا من شاول وسكن بسلام في بيت من ارز، عزّ عليه ان يبقى تابوت الرب ساكنا في شقق. وهوذا مزمور 132 يرسم لنا اشواقه الملتهبة من هذه الناحية. على انه مهما تكن اشواقه التقية ، غير ان رجل السلام، لا رجل الحرب، هو الذي ينبغي ان يبني بيت الرب.. وهوذا الاصحاحات التسعة الاخيرة من سفر حزقيال ترسم لنا الاحوال الجديدة لهيكل الرب الجديد بعد مجئ المسيح.
اسمعوا داود يقول "وانا بكل قوتي هيأت لبيت الهي..". هذا ما يريده الرب منا.. على انه جاء يوم قال الرب لشعبه "من منكم يغلق الباب؟"(ملا1: 10) ولكنهم قالوا "ما هذه المشقة؟"(ملا1: 13). والواقع ان جميع الاحزان التي اصابتهم انما كان مردها الى انهم "لم يعبدوا الرب بفرح وبطيبة قلب لكثرة كل شئ"(تث28: 47). قيل عن داود انه حين احضر التابوت انه كان "يرقص بكل قوته امام الرب"(2صم6: 14). وحتى في شيخوخته تجلت فيه هذه الغيرة وانتقلت الى ابنه ورؤساء الشعب. 
وجميلة جدا نظرة داود للشعب وهو يشجعهم على بناء بيت الرب "اسمعوني يا اخوتي"(1اي28: 2). فهوذا الله يقول عن الملك "لئلا يرتفع قلبه على اخوته"(تث17: 20). اي يكون مجردا من نزعة التسلط.  ويوم يجلس ملك الملوك لى عرشه سيعترف باخوته الاصاغر – انهم اخوة (مت25: 40).
واذا حسبنا قيمة تقدمات داود والرؤساء والشعب ستجد انها من الضخمة بحيث تبلغ مليارات الجنيهات.
الهيكل في سفري الملوك والاخبار:
قد يتساءل البعض: لماذا نجد في الكتاب سجلا مزدوجا لعهود داود وغيره من الملوك؟ الروح القدس كانت له اهداف ومقاصد فيما يتصل بكل سفر من هذين السفرين. فنلاحظ مثلا ان سفري الاخبار لا يسجل خطايا داود وسليمان، بينما يسجل انتصاراتهما. وكذلك فيما يتصل بالارشادات والتعليمات الخاصة بالهيكل، نجد بيانا واضحا في ما سجله كل سفر من السفرين. وكقاعدة عامة يمكن ان نؤكد ان تعليم سفر الملوك يتخذ الصفة الادبية ، بينما تعليم الاخبار يتخذ الصفة الرمزية. وعلى هذا الاساس نجد في داود وسليمان ، من زاوية سفر الاخبار ظلالا للمسيح، بينما يحدثنا عنهما سفر الملوك كمجرد رجلين في ضعفها وفشلهما. انه لامر مناسب ان يتجلى الطابع الرمزي لسفري الاخبار لانه كتب بعد الرجوع من السبي، يوم كان الروح القدس يقصد ان يشد ايمان البقية ويطيب قلبه بما رسمه من امجاد المسيح الاتي.
وليس عبثا ان يعطينا الروح القدس اربع صور للمسيح او بالحري صورا اربع من اربع زوايا في الاناجيل الاربعة. بالمثل نرى في سفري الملوك والاخبار تقدمان لنا صورتين للهيكل، او صورة من زاويتين.  ذلك ان سفر الملوك ينظر للهيكل بوصفه مسكنا لله، اما سفر الاخبار فيطالعنا بالهيكل كرمز للسياسة الالهية والاقتراب من الله. ومن هنا السبب في عدم ذكر المذبح النحاسي والحجاب في سفر الملوك. ثم ان المخادع (الغرف الجانبية) اقتصر ذكرها على سفر الملوك. وكذلك كان سفر الاخبار وحده هو الذي اشار الى الكروبين العظيمين في قدس الاقداس.
موقع البيدر:
"وشرع سليمان في بناء بيت الرب في اورشليم في جبل المريا حيث تراءى لداود"(2اي3: 1)
ترى ما الذي كان يحصر داود حتى قال وهو واقف في بيدر ارنان اليبوسي "هذا هو بيت الرب الاله وهذا هو مذبح المحرقة لاسرائيل"(1اي22: 1)؟ لم تكن هناك كلمة مباشرة صريحة من الرب خاصة بهذا الامر. لكن داود تميز بالادراك الروحي، ومن هنا لقى من الرب الغفران. وهو ما اوحى لقلبه انه في هذا الموضع سوف يجد الرب مسرة في السكن. ان خطية احصاء الشعب (والتي كان الهدف الظاهر منها ان يعرف الملك عدد جنوده)جلبت قضاءا مخيفا. فلما ابدى داود ندامة متضعة، وتوسل من اجل الخراف المتألمة ، ارسل الرب ملاكا يأمره ان يقيم مذبحا في بيدر ارنان اليبوسي. واذ اخذ دخان الذبيح يتصاعد اجابه الرب بنار واوقف الملاك المهلك فرد سيفه الى غمده.
الله يسر ان يسكن مع الناس ولكن على اساس الفداء الكامل. ففي ازمنة الاباء لم يطلب ان يقام لجلاله مسكن في وسطهم. واذ ادخل شعبه في علاقة معه على اساس دم الخروف قال: "فيصنعون مقدسا لاسكن في وسطهم"(خر25: 8).
كذلك نلاحظ ان موقع الهيكل هو بيدر شخص اممي. ونعلم ايضا ان امميا اخر ، هو حيرام ملك صور، اسهم قلبيا مع داود وسليمان في تلك المهمة الكبرى (1مل5). وهكذا نرى ان الله كان في فكره ان يشارك الامم في سعادة حضوره على الارض وسط شعبه، اذ يقول "بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب"(اش56: 7).
تاريخ البدء في بناء الهيكل:
"وكان في سنة الاربعمائة والثمانين لخروج اسرائيل من ارض مصر. في السنة الرابعة لملك سليمان على اسرائيل في شهر زيو وهو الشهر الثانسي انه بني البيت للرب"(1مل6: 1).
يحدد الروح القدس تاريخ البدء في بناء الهيكل بتاريخ خروج وخلاص الشعب من مصر. وهو يريد بذلك ان يشدد على هذه الحقيقة، وهي ان الرب سيقيم مقدسه وسط شعب خلص بالنعمة.
لقد بدأ العمل في شهر زيو وهو ما يقابل مايو اي اوج الربيع. وهكذا من نحو الشعب، فانه كان عتيدا ان يختبر موسما من مواسم الرخاء والبركة. غير ان الامر لم يستمر طويلا، فان الامة الغادرة اجتازت من تلك اللحظة ليلا من الالام مظلما طويلا. على ان موسم الرخاء قادم لان ابن الانسان الممجد "قريب على الابواب"(مت24: 33).
++
القسم الثاني
وصف عام للهيكل ومشتملاته
وصف اجمالي لمبنى الهيكل
كان الهيكل من ستين ذراعا طولا، وعشرين عرضا، وثلاثين ارتفاعا، فطوله وعرضه ضعف طول الخيمة وعرضها. وينقسم الى 3 اقسام رئيسية:
1- الرواق (الدار الخارجية في الخيمة): 20 * 10 اذرع. فيه:
مذبح النحاس.
10 مراحض، خمس على كل جانب، وهي لغسل الاواني المقدسة والمحرقات (2اي4: 6).
وكان ايضا الى الجانب الايمن الى الشرق من جهة الجنوب بحر النحاس الوارد وصفه في 2اي4: 2-6 لكي يغتسل فيه الكهنة.
2- البيت (او القدس) ويسم ايضا الهيكل: 40*. فيه كان يمارس الكهنة وظائفهم. كان فيه:
مذبح البخور
10 مناراتن خمس على اليمين وخمس على اليسار.
10 موائد لخبز الوجوه. 
عمل لمدخله قوائم من خشب الزيتون مربعة مغطاة بنحاس. ومصراعين من خشب السرو. والمصراع الواحد دفتيان تنطويان، ونحت كروبيم ونخيل وبراعم زهور كنقوش.
وامامه اقيم العمودان الجميلان: ياكين وبوعز.
3- المحراب (قدس الاقداس): 20 * 20 * 10. فيه: 
تابوت العهد
الكروبان
والبيت كله بحجارة صحيحة وسقفه من الارز، والحيطان من الداخل بنيت باضلاع ارز وغشيت بخشب ارز. وفرشت الارضية بخشب سرو. وجميع حيطان البيت نقشت بنقر كروبيم ونخيل وبراعم زهور. وغشيت الحيطان والسقف والارضية بذهب خالص ، من داخل ومن خارج.
**
2-  ياكين وبوعز:
صنع العمودان من نحاس. وفي الكتاب اربعة اشياء ترمز الى البر:
الذهب: البر الالهي الاصيل.
النحاس: البر الالهي مطبقا على الانسان في القضاء.
الكتان (او البز) : وهو تبررات القديسين (رؤ19: 8).
"ثوب عدة": بر الجسد (اش64: 6).
اما زينة العمودان فترمز الى ما عمله المسيح لاجلنا وفينا. فهنالك "الشباك". والمسيح قد اصطادنا من بحر العالم (مت13: 47) وهناك "الضفائر كعمل السلاسل". ومكتوب عنه له المجد انه يربط ويضم كل من يمتلكهم (هو11: 40). وهناك "الرمان" وهو يذكر في الكتاب رمزا للاثمار، ثم كان على رأسه "صيغة السوسن" وطابع السوسن الذي هو الطهارة والتواضع ، كريم في عيني الهنا.
ولقد كان عمودا سليمان في فكر الرب وهو يقدم وعده للغالب في كنيسة فيلادلفيا "واجعله عمودا في بيت الهي"(رؤ3: 12).
"الرب يقيم" و "فيه القوة": ضمانات وتوكيدات كريمة! وتبارك اسمه، فهو يريد، وهو قادر. لقد خسر اسرائيل حقه في كل شئ بسبب عدم الامانة. لكن المسيح سيردها جميعا ، فنقرـ ان هذين العمودين قد تحطما وحملهما السابون الى بابل (ار27: 19-22 و 52: 17: 23). ولكن لاحظ ان الروح القدس يذكر جمالهما في سياق الاشارة الى تحطيمهما.
3- الحيطان
"وبنى حيطان البيت من داخل باضلاع ارز.."(1مل6)
لنا في حيطان الهيكل صورة لحالتنا المستقبلية. نحن نعرف ان الحجارة كانت جميعها من خارج اورشليم. المبشرون هم عمال المحجر، والرعاة والمعلمون هم البناؤن الذين يصوغون الاحجار بحسب فكر الله. وكذلك تؤدي المعاملات الالهية المباشرة ، في طريق الالم، نفس الغاية. 
على ان الهيكل لم تظهر في بنائه حجارة (1مل6: 18) اذ كانت جميع الحيطان مغشاة بذهب اوفير. وهكذا كل ما كنا عليه بالطبيعة غطاه بر المسيح. ان خشب السنط كان هو النوع البارز في خيمة الاجتماع. والسنط شجرة تنمو في البرية وغير قابة للفساد، ويومئذ كان هذا هو النوع الميسور. بينما الاخشاب الرئيسية التي استخدمت في الهيكل هي اخشاب الارز والزيتون. ولئن كان السنط يوحي بما يصدق على سيدنا المبارك وهو في ظروف البرية، فان الارز يشير الى القديسين في المجد "ان هذا الفاسد لابد ان يلبس عدم فساد".
يقول يوحنا داربي "لقد كان كل شئ يضئ بمجد البر الالهي الذي يميز عرش الله الذي كان موضوعا هناك. والذهب لكونه اثمن المعادن يستخدم كثيرا في الكتاب رمزا لما يخص الله".
حتى الواح الارضية من ذهب بعكس الخيمة اذ كانت ارجل الكهنة تطأ الرمل. مكتوب عن اورشليم السمائية "وسوقها (اي شارعها) من ذهب نقي كزجاج شفاف"(رؤ21: 21). اذن. فما كان امجده مشهدا داخل هيكل سليمان! فمن اعلى غشى السقف بذهب اوفير ومن اسفل مشى الكهنة على الذهب.
وكأن هذا لا يكفي "فرصع البيت بحجارة كريمة للجمال"(2اي3: 6). وفي الحق، حينما نتطلع حولنا في ذلك اليوم المجيد الابدي ، ليس الى بناء مادي، بل الى القديسين في المجد يؤلفون هيكل الله المقدس، فان عيوننا ستقع على ما يشير الى المسيح، ولن تنقص ذرة واحدة من الحسن الالهي في قديس واحد. وهنا نقول "يا لعظمة عمل الله!" (عد23: 23).
5- الطباق او الغرف
"وبنى مع حائط البيت طباقا حواليه.."
لم يكن في الخيمة ما يشبه هذه الطباق، لكن الهيكل في مفارقته مع الخيمة يمثل حالة مستقرة، اذ انتهت الحروب وجاءت الراحة. وقد كانت غرفات او طبقات الهيكل في ذهن ربنا يسوع وهو يحدث تلاميذه قائلا "في بيت ابي منازل كثيرة"(يو14: 2). لقد كان – تبارك اسمه – يدعو الهيكل اليهودي "بيت ابي"(يو2: 16) وفي (يو14: 2) يقول عن السماء "بيت ابي". نعم، وعند مجيئه سنجد انفسنا في حضرة الله الذي نعرفه كاب لنا. سنكون في رفقة الابن... سنحمل صورته ونشاركه غنى محبة الاب.
لقد بني غرف الهيكل من 3 طبقات وكانت الطبقة السفلى عرضها 5 اذرع والوسطى 6 والثالثة 7. ونحن نفهم ان هذا تدرجا او نموا مستمرا في المؤمنين.
هناك ملاحظة جميلة في (1اي9: 33) حيث نقرأ "فهؤلاء هم المغنون رؤؤس اباء اللاويين (الذين كانوا يسكنون) في المخادع (الغرف) وهم معفون (من اي خدمة اخرى) لانه نهارا وليلا عليهم العمل" يا لها من صورة محببة! صورة شيوخ ، يقيمون مع اله اسرائيل في بيته، معفين من كل خمة اخرى غير خدمة الحمد! وقد يأتي يوم يتحرر فيه بعض منا من الخدمة النشيطة ، ومع ذلك نستطيع ان نحمد الهنا، اذا كانت قلوبنا مشدودة الاوتار.
"ولم يسمع في البيت عند بنائه منحت ولا معول ولا اداة من حديد". عمل ضخم يتم في غير ضوضاء! وما اشد التباين هنا مع وسائل الانسان واساليبه في العمل! هوذا الله يهيئ لنفسه في يومنا، بناء مكونا من حجارة حية... خطاة خلصتهم النعمة! ومكتوب "كل البناء مركبا معا، ينمو هيكلا مقدسا في الرب"(اف2: 21). نعم وسط صخب الارض وضجيجها يتقدم عمل الرب المجيد هذا. لعمل ينمو ، وسوف يبدو عند مجئ الرب في نتيجته النهائية. وعلى الضد من هيكل سليمان، لن يتحطم ولن يتهدم.
القسم الثالث
الرواق ومشتملاته
1- مذبح النحاس:
ان لروح القدس يدون عددا واحدا عن مذبح النحاس في سفر الاخبار "عمل مذبح نحاس طوله عشرون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وارتفاعه عشر اذرع"(2اي4: 1). بينما يدون 15 عددا عنه في سفر الخروج كما يفرد اعدادا كثيرة في سفر حزقيال. وهنا لسنا نجد اي نوع من الوصف لهذا المكون الا حجمه الضخم الذي يناسب حجم المحراب، مقدما لنا بذلك توكيدا حلوا بان ذبيحة المسيح تناسب كل مطالب قداسة الله. ان القداسة والمجد يتلازمان لذلك كان حديث موسى وايليا على جبل التجلي حيث ظهر مجد الرب "عن خروجه الذي كان عتيدا ان يكمله في اورشليم"(لو9: 31).
كان المذبح مصنوعا من نحاس. يقول احدهم: ان الذهب هو اشارة الى بر الله اللازم للاقتراب الى حيث الله. والنحاس يشير الى بر الله الضروري لمعالجة شر الانسان حيث يوجد الانسان، واذ الامر هكذا، نفهم ان الادوات داخل البيت كانت تصنع من الذهب بينما في الخارج من النحاس.
كان المذبح عند المدخل لانه لا يمكن للخاطئ ان يقترب من الله او يقترب منه الا في استحقاقات وقوة دم المسيح المرموز اليه بدم الذبيحة المرشوش على المذبح.
كما كان المذبح مربعا، اشارة الى ان رسالة الخلاص بموت المسيح هي لكل العالم: شمالا وجنوبا شرقا وغربا ..
ومن الملاحظ انه ما من اداة في الهيكل كان يعادل مذبح النحاس في الحجم، والواقع انه ليس ما يشبه الصليب، فكلما كان موعد الذبيحة يقترب "قال يسوع: الان تمجد ابن الانسان، وتمجد الله فيه. وان كان الله قد تمجد فيه فانه سيمجده في ذاته ويمجده سريعا"(يو13: 31 و 32). الصليب كان مجدا لابن الانسان ، غهناك تجلت المحبة الكاملة والطاعة الكاملة. وان الله تمجد، فان كل ما هو له تعالى ظهر في صليب ربنا يسوع: بره، قداسته، نعمته ومحبته. وسر الله ان يمجده سريعا - فلم ينتظر الى اليوم الذي سيجلس فيه على كرسي مجده للدينونة بل مجده سريعا عن يمينه في السماء.
3- البحر المسبوك
كان خزان الماء الكبير في الدار  الخارجية سعته 3 الاف بث (حوالي 22 الف جالون)، وفي 02اي4) يأتي ذكر البحر المسبوك بعد المذبح النحاسي مباشرة لارتباطهما معا. لنه في (1مل7) يتبع عمودي ياكين وبوعز، حيث لا توجد اشارة الى مذبح النحاس.
لقد اخذ البحر المسبوك مكان المرحضة في الخيمة، غير ان هناك بعض فوارق بين الاثنين. فقد صنعت المرحضة من مرائي المتجندات (خر38: 8)، بينما كانت مواد البحر من غنائم داود (1اي18: 8). المرائي تحوحي بالتنازل من حيث انها تبرعات، بينما الغنائم تحدثنا عن النصرة، مما يتفق مع امجاد الملكوت في عهد سليمان. الروح القدس يتجاوز عن الاشارة الى حجم المرحضة وسعتها. بينما يسجل حجم وسعة البحر. المرحضة والبحر كلاهما كان لفائدة الكهنة ، حيث كانوا يحصلون منها على الماء اللازم لغسل ايديهم وارجلهم، وعند تكريس الكهنة اغتسلوا اغتسالا كاملا (خر29: 4)، والى الدلالة الروحية لذلك العمل التاريخي جاءت الاشارة في (عب10: 12 ويو 13: 10).
لقد كان البحر المسبوك قائما على 12 ثورا. ومن الجائز انهم استخدموا يومئذ انابيب تجري الى اسفل من خلال افواه الثيران ومنها يؤخذ الماء، وفي عهد الملكوت العظيم سوف "يكون ينبوع مفتوحا لبيت داود ولسكان اورشليم للخطية والنجاة"(زك13: 1) "وارش عليكم ماءا طاهرا فتطهرون"(حز36: 25) ثم "تكون بقية يعقوب وسط شعوب كثيرين كالندى من عند الرب كالوابل على العشب"(مي5: 7).
يشار بالثور في الكتاب الى العامل مع الله في صبر، ورقم 12 هو عدد الاسباط. فتحت تأثير قوة انسكاب الروح القدس في الايام الاخيرة ستمتلئ البقية من كل الاسباط بالرغبة في تعريف الامم بالههم فيشتركون معهم في اناشيد الفرح (مز67). ويا لها من مفارقة مجيدة مع موقفهم العدائي خلال يوم النعمة هذا! وفي (1تس2: 16 واع 13: 45) نقرأ عن اصرارهم العدائي وجهودهم الشريرة لمنع الكرازة بالانجيل.
عند سيناء قال الله للشعب "ان سمعتم لصوتي .. تكونون لي مملكة كهنة"(خر19: 6). على ان هذا لم يتحقق قط. فاننا في (هو4: 6) نسمع صوت الله الغاضب "ارفضك انا حتى لا تكهن لي". ولكن في ايام الملكوت يقول "تدعون كهنة الرب تسمون خدام الهنا"(اش61: 6).
في سفر الرؤيا اشارة الى البحر المسبوك (رؤ4: 6) على ان ما رآه يوحنا في السماء كان بحرا من زجاج شبه البلور. ان طهارة السماء ثابتة ولا يعوزنا هناك ان "نطهر ذواتنا" كما يحثنا الرسول (2كو7: 1).
كان البحر المسبوك الى جوار مذبح المحرقة. ولئن كان الدم للكفارة هو الذي يميز المذبح ، فان البحر يتميز بماء التطهير. وهذ يعيد الى اذهاننا ما عمله الرب يسوع في (يو13: 10 و مت 26: 28). 
ماء ودم وهكذا نصبح "مقدسين ومكملين الى الابد"(عب10: 12 – 17). هذا فيما يتصل باثامنا، لكننا بالطبيعة اشرار ولا علاج لنا . فان الحياة التي ورثناها من ابوينا الساقطين فاسدة. يقول الرسول "اعلم انه ليس ساكنا في جسدي شئ صالح"(رو7: 18) فلابد من حياة جديدة ولابد من غفران للخطايا، قبل ان يتسنى للانسان ان يسكن مع الله. وكلمة الله تقدم هذه الحقيقة بقوة للقلب والضمير فيحيا المؤمن بعدئذ قدام الله حياة المسيح المقام. فهو "حياتنا" (كو3: 4). ذلك ان سيدنا منحنا ولادة جديدة وهي عملية لن تتكرر. كان موسى قد غسل هرون وبنيه في يوم تكريسهم (لا8) وهي عملية لن تتكرر. والرسول في (عب10: 22) يطبق الحقيقة على المسيحيين، غير ان هرون وبنيه كان يعوزهم التطهير اليومي، وبالمثل نحن نحتاج لى "غسل الماء بالكلمة"(اف5: 26) يوميا.
لقد خصص لنا الروح القدس كفاية دم ربنا يسوع "مرة واحدة" اثارها تبقى الى الابد لان الخطية "ابطلت الى الابد"(عب9: 26)
++
3- القواعد والمراحض:
لقد عمل سليمان عشر قواعد من نحاس، ولها بكر، وعليها تقوم 10 مراحض. وانت تلاحظ ان كلاما يقال عن القواعد اكثر منه عن المراحض. وليس هكذا يكون اسلوب كتابة الانسان. (1مل7) يتناول القواعد باكثر تفصيل. اما عن استعمالها فنجده في (2اي4: 6). ان كل ذبيحة كانت تقدم لله كانت تكلم الله عن المسيح. واذ الامر هكذا فلابد ان تكون طاهرة نظيفة طهارة تامة. هكذا يريد الله ان يعلمنا دروسا عن قدوسه الحبيب، فهو:
"لم يفعل خطية"(1بط2: 22)
و "لم يعرف خطية"(2كو5: 21)
و "ليس فيه خطية"(1يو3: 5)
ومرة قال "من منكم يبكتني على خطية"(يو8) الامر الذي اضطر الناس ان يقلوا عنه "عمل كل شئ حسنا"(مر7: 37)
(4) نحاس مصقول:
لو فهمنا (1مل7: 43 – 50) على صورة صحيحة، ندرك ان سليمان كان يشرف بنفسه على صنع الادوات الذهبية، بينما حيرام ملك صور قام بصنع الانية النحاسية وكان يعمل تحت اشرافه رجل ماهر هو حورام ابي "ابن امرأة من بنات دان وابوه رجل صوري"(2اي2: 14). فاتحاد الاسرائيلي بالاممي الذي نجده في الملكين. وامتزاجهما في شخص ذلك الصانع الماهر "حورام ابي" يذكرنا مرة اخرى بان الامم كانوا في فكر الله.
ونقرأ في (اش56: 3-7) "فلا يتكلم ابن الغريب الذي اقترن بالرب قائلا افرازا افرزني الرب من شعبه .. اتي بهم الى جبل قدسي وافرحهم في بيت صلاتي وتكون ذبائحهم ومحرقاتهم مقبولة على مذبحي لان بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب". اذن كم كانوا اشرارا اولئك الغيورون الذين هاجوا لانهم زعموا ان بولس ادخل تروفيموس الافسسي الى ساحة الهيكل (اع21: 28). لق كان خير لهم ان يستمعوا الى تحذير سيدنا (مت8: 11) اقول لكم ان كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات".
يخبرنا المؤرخ ان "جميع هذه الانية التي عملها حيرام للملك سليمان لبيت الرب هي من نحاس مصقول". ان من يريد ان يعرف فكر الروح يجب الا يفوته اي شئ من التفصيلات ولو كان صغيرا، فان النحاس لم يكن مصقولا بالطبيعة، بل لا بد انه اجتاز عملية خاصة، خرج منها مصقولا.. او ليس ذلك مثلا؟ "كل تأديب في الحاضر لا يرى انه للفرح بل للحزن. واما اخيرا فيعطى الذين يتدربون به ثمر بر للسلام"(عب12: 11).
هناك ثلاث طرق للاستجابة للتأديب. قد نحتقره، وقد نخور تحته، وقد نتدرب به. وللنفس المتدربة توجد كلمة "واخيرا" تلك الفترة الباركة المباركة، حيث تكون عملية الصقل قد اخذت مجراها.غير اننا جميعا ننفر من التجارب. ان بولس حينما احس بالشوكة للمرة الاولى تضرع اللرب ان يبعدها عنه. ثم عاد يلح على الرب اذ لم يحصل على جواب مباشر. ولكن عندما اتت الى القديس كلمة الرب "تكفيك نعمتي" اطمأن وارتاح وقال "فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل على قوة المسيح"(2كو12).
لقد عين الروح موقع وطبيعة الارض حيث اتم حيرام عمله "ارض الخزف". اننا بكل تحقيق نعيش في ارض الخزاف. يده الكريمة تصوغنا وتشكلنا. في انتظار مجئ ربنا يسوع. وكما ان حيرام قدم في ختام جهوده مجموعة من الانية الصقيلة لسليمان، انية لائقة لمقدس الله، هكذا الروح في نهاية عمله الحاضر سيقدم في مجد سماوي نفوسا مؤهلين من كل وجه لمرافقة الابن البكر. 
من المؤلم حقا ان نشير ولو بايجاز الى ما اصاب كل ما صنعه سليمان وحيرام. فانه بعد موت سليمان بخمس سنوات فقط شيشق ملك مصر وسلب الهيكل حيث نقرأ (1مل14: 26). من المحتمل ان الشعب استبدل ادوات جديدة بما نهبه شيشق، على ان الشئ الثابت هو ان الهيكل قد سلب اكثر من مرة، سلبه ملوك خونة حتى يتسنى لهم ان يدفعوا الجزية للقوات الاممية. لكن جاء اليوم الذي اسلم الرب فيه كل شئ للخراب. وبقلب ملؤه الكآبة نستمع الى المؤرخ الملهم وهو يحدثنا عن تحطيم العنمودين الشهيرين ، ياكين وبوعز، وتحطيم القواعد والبحر المسبوك والاثنى عشر ثورا الخ – يوم حمل الناهبون تلك المقدسات، نقلوها على قافلة من العربات الى بابل. وهكذا كانت طليعة "ازمنة الامم" ولم تنته  بعد. فلا زال شعب الله يدمي ولا زالت شعوب الارض لا تجد راحة.

القسم الرابع
البيت ومشتملاته
عشر موائد
كان في الخيمة مائدة واحدة، جاءت اوصافها في خر25 و لا24. اما في الهيكل فكان عشر موائد جاء ذكرها في معرض الحديث عن اواني الهيكل بدون التعرض لمقاييسها او مواصفاتها. ونظرا لان مدلول مائدة خبز الوجوه ، سواء في الخيمة او الهيكل، هو واحد ، لذلك نلقي نظرة سريعة على مدلول بعض تفصيلاتها كما جاء في الخيمة.
كانت من خشب السنط، ومغشاة بذهب نقي، وهي بذلك تعلن المسيح في مجد لاهوته (الذهب النقي) واتضاع ناسوته (خشب السنط). وتقدمه لن باعتباره طعام شعبه في الاقداس باعتبارنا كهنة. وليس كالمن، الذي يشير اليه كطعام شعبه في البرية.
كان لها من اكليل من ذهب حواليها، وعلى شبر حواليها لها حاجب. ولهذا الحاجب اكليل من ذهب. ولكل من الاكليلين معنى خاص: فالاكليل الذي حول المائدة يعني حراسة الله ودفاعه عن الحق المتعلق باقنوم ابنه المبارك. والاكليل الذي حول الحاجب يشير الى حفظ الله لشعبه في علاقة مع المسيح، كطعامهم وموضوع شبعهم.
كان يوضع على المائدة اثنى عشر رغيفا، تمثل الاسباط. وكان للكهنة وحدهم حق الاكل منها في القدس فقط، كممثلين لكل الشعب. وفي هذا رمز لشبع المؤمنين بالمسيح في الاقداس ككهنة. وكانت هذه الارغفة توضع في صفين، وعليها لبان نقي اشارة الى رائحة المسيح الزكية امام الله في حياته وموته. وملح رمز قداسة ناسوته.
الله لم يجد شبع قلبه الا في المسيح "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، "فتاي الذي سرت به نفسي".
لماذا عشر موائد؟ معروف ان الخيمة رمز السفر في البرية، بينما الهيكل رمز الاستقرار، وواضح ان التمتع بالمسيح في حالة الاستقرار، سواء للشعب الارضي او السماوي اكثر بما لا يقاس ، من التمتع به اثناء العبور.
عشر منارات
واضح ان المنارة رمز للرب يسوع كنور شعبه. وعدم ذكر مقاييسها يعلنه في ملء مجده، وكمال شخصه وعمله المبارك.
والاجزاء التي للتزيين في المنارة (الكاسات اللوزية والعجر اي البراعم والزهر) تحدثنا بكل وضوح عن المسيح كالبكر من الاموات. اما عن الضوء الذي تحمله المنارة فنحن نعلم ان هذه السرج يغذيها الزيت. والزيت رمز للروح القدس الذي يشهد للمسيح. وهو يبعث نور المسيح في قلوب المؤمنين.
وسبع شعب المنارة تشير الى عمل الرو المتعدد النواحي في شهادته للمسيح. نقرأ في (رؤ1 و 3 و 4 و 5) اي اربع مرات عن "سبعة ارواح الله". مع ان الروح واحد الا ان له اعمال متعددة (اش11: 1 و2). 
جميع اواني المنارة (ملاقطها ومنافضها) كانت من ذهب وهي الوسائط الالهية التي يستخدمها لحفظ النور في شعبه.
**
في ايام الخيمة لم يكن سوى منارة واحدة وفي الملكوت السمائي لا منارات على الاطلاق. وحينما سجل الروح عدم امانة ابيام حفيد سليمان، قال الله "ولكن لاجل داود اعطاه الرب الهه سراجا في اورشليم اذ اقام ابنه بعده وثبت اورشليم"(1مل15: 4).
**
لقد رأى يوحنا 7 منارات ذهبية تمثل سبع كنائس شهادة للبر الالهي.
مذبح الذهب
كان يقدم عليه البخور يوميا (لو1: 9). ذكر عرضا 3 مرات، على انه في الثلاث مرات لا نجد شيئا عن اوصافه. الا ان الروح افرز 14 عددا عن مذبح الذهب في الخيمة. اما فيما يتصل بالهيكل السمائي فان سفر حزقيال يخلو تماما من الحديث عن هذا المذبح.
كان مذبح الذهب من خشب السنط المغشى بالذهب رمزا للمسيح في اتضاع ناسوته ومجد لاهوته.
كان مكانه قدام الحجاب الذي امام تابوت الشهادة، قدام الغطاء الذي على الشهادة رمزا للمسيح في خدمته الشفاعية كالظاهر امام الله في كل حين لاجلنا (عب9: 24).
كان على هرون ان يضع كفارة سنوية على قرونه من دم ذبيحة الخطية التي كانت تقدم على مذبح النحاس (خر40: 6 و 29) اشارة الى ان خدمة المسيح الشفاعية الان في السماء اساسها عمل الكفارة بدم صليبه.
والبخور العطر يحثنا عن رائحة المسيح الزكية.
القسم الخامس
المحراب ومشتملاته
باب القدس وباب المحراب
مصراعي المحراب كانا من خشب الزيتون بينما مصراعا الهيكل من خشب السرو. ونفهم من (اش55: 13 و 60: 13 و هو14: 18) ان خشب السرو يشار به الى الجمال.
لقد رسم على الابواب كاروبيم لان هذا السيد المبارك سوف يملك ويمارس القضاء لله. كما رسم عليه نخيل لان النصرة في ركابه، كما رسمت براعم زهور اشارة الى ان في جعبة سيدنا اشياء اكثر بهجة سيأتي بها الزمان العتيد. وعلى هذه جميعا كان يوضع الذهب الذي يرمز لبر الله ومجده. حتى وصل (مفصلات) الباب كانت من ذهب. والعتبة العليا والقائمتان لكلا البابين كانتا من شجر الزيتون. ولا شك اننا نشتم هنا رائحة الروح القدس في قوته. فانه به (بالمسيح) لنا كلينا قدوما في روح واحد الى الاب"(اف2: 18).
ولكلا مصراعي باب القدس "دفتان تنطويان" بمعنى انه بعد ان ينفتح كان يغلق من ذاته. وهذا معناه انه مع وجود شركة ، لكنها كانت قصيرة مؤقتة.. الباب يفتح، لكن سرعان ما يغلق ثانية.
الحجاب
ان سفر الملوك في وصف الهيكل يتجاوز عن ذكر الحجاب ومذبح النحاس، اقتصارا على ما دونه سفر الاخبار. وسبب ذلك ان سفر الملوك يصف الهيكل من زاوية كونه مسكن الله بينما ينظر اليه سفر الاخبار كمركز سلطان الله ومكان اقتراب الشعب اليه.
وتعلمنا رسالة العبرانيين انه كان يرمز الى جسد المسيح (عب10: 20). وهنا العجب فقد كان الاصحاح الاول يدور حول عظمة الابن وجلاله. فهو صاحب العرش الابدي وله الملائكة يسجدون غير انه اتخذ لنفسه "شبه جسد الخطية"(رو8: 3). وصار انسانا حقيقيا وليس هو فقط اعلان الله الكامل للانسان بل انه الطريق الوحيد للاقتراب الى الله (اف2: 18).
ان امتيازاتنا عجيبة حقا. فلم يسمح لنا فقط بالاقتراب الى الله كخطاة يطلبون الغفران (الامر الذي يقابله في العهد القديم اقتراب الخاطئ الى مذبح النحاس) بل نحن الان كهنة ساجدون، ولنا الحق في الدخول بحرية الى قدس الاقداس. لسنا فقط ننظر الى الحجاب بل نحن نجتاز من خلاله، وندخل الى ما ورائه حيث دخل يسوع كسابق لاجلنا (عب6: 20) فانه في لحظة موت مخلصنا انشق الحجاب من الوسط (لو23) من فوق الى اسفل (مت27: 51) اشارة الى رفض الله الى ذلك الطقس الذي كان يباعد بين الشعب والهه.
"وعمل الحجاب من اسمانجوني وارجوان وقرمز وكتان وجعل عليه كروبيم"(2اي3: 14). ومجرد وجوده كان علامة "ان طريق الاقداس لم يظهر بعد"(عب9: 8). ولكنه كان يتحدث عن المسيح فالاسمانجوني (لون السماء) كان يذكرنا انه من السماء بالفارق مع الانسان الاول الترابي.
الارجوان: يوحي بمجد يسوع كملك الملوك. صحيح انه لم يملك بعد ولسنا نرى الكل الان مخضعا له لكنه سيأتي اليوم حين يسود على الكل (1كو15: 27)
ويحدثنا القرمز عن الالم والمجد معا.
والكتان يحدثنا عن النقاوة.
اما الكروبيم فيؤكد لنا انه هو نفسه، الذي سوف يحكم ويدين.
(3) تابوت العهد
اننا لنرهف السمع الى سليمان وهو يصلي بلغة (مز132) ، وفي نهاية صلاته عند تدشين الهيكل ، يقول "قم ايها الرب الاله الى راحتك انت وتابوت عزك"(2اي6: 41). 
لقد كان التابوت اسمى رمز للمسيح في عهد الرموز. فان خشب السنط المغشى يحدثنا عنه كانسان وكاله. كما يحدثنا الغطاء عن كفارته. والتابوت فيه لوحي الشريعة، يحدثنا عن البر. وكان للتابوت اربع حلقات من ذهب تدخل فيه عصوان من خشب السنط. والعصوا لا تنزعان منه طول مدة السير في البرية. لان الرب لا يكف عن السير مع شعبه الى ان يصل بهم الى الوطن الذي اعده لهم. ولكن لم تم بناء الهيكل وضع الكهنة التابوت في المحراب وسحبوا العصوين اشارة الى نهاية رحلته (2اي4: 7).
كان في تابوت العهد 3 اشياء:
1- قسط المن: تذكار لاعالة الله لشعبه في البرية. والمن هو رمز للرب يسوع الخبز النازل من السماء (يو6) كما انه هو المن المخفى الذي يتغذى به شعبه اثناء سيرهم في البرية (رؤ2: 17).
2- عصا هرون التي افرخت رمز لخروج الحياة من الموت. فهي تمثل قوة حياة قيامة المسيح.
3- لوحا العهد: اشارة الى الرب يسوع كمن حفظ الشريعة واتم الناموس عنا.
ولكن لما وضع التابوت في مكانه "لم يكن في التابوت الا اللوحان اللذان وضعهما موسى في حوريب حين عاهد الرب بني اسرائيل عند خروجهم من مصر"(2اي5: 10).
ذلك لان هذه الاشياء تتحدث عن مطالب البرية، وقد انتهت، لكن بقى اللوحان لانهما اساس قوانين الملكوت.
اصعاد التابوت
كان الهيكل كما سبقت الاشارة، مكان راحة التابوت. ولما تم بناؤه تضار سليمان والشعب واصعدوا "خيمة الاجتماع" من جبعون "بكل انيتها المقدسة"(2اي5: 5).
لم يكن التابوت في الخيمة منذ ايام عالي المحزنة. فان داود نصب في صهيون خيمة للتابوت حيث كانت خيمة الاجتماع في جبعون. 
موجز تاريخ التابوت
هو اول ما وضعه موسى في قدس الاقداس
كان يستقر وسط ركب الجنود (عد2: 17)
كانت الرغبة الغريبة التي ابداها موسى لحوباب المدياني حميه سببا في ان يرسل الرب التابوت في رحلة 3 ايام سابقا للشعب (عد10: 33).
اجتاز الاردن (يش3)
حمله الكهنة حول اسوار اريحا (يش6)
كان اول مكان استقر فيه في كنعان هو شيلوه (يش18: 1)
لما استخدمه الشعب كتعويذة ، اسلمه الرب للفلسطينيين (1صم4 و مز78: 60 و 61)
قدامه سقط داجون (1صم5)
ضرب الرب اهل بيت شمس بسبب نظرهم الى تابوت الرب (1صم6).
في قرية يعاريم توقف التابوت للمرة الثانية (1صم7)
تحرك داود لاسترجاع التابوت لصهيون (2صم6)
ان خبر البركة التي بورك بها عوبيد كانت السبب في نقل التابوت على اكتاف اللاويين بفرح الى مدينة داود (2صم6)
لم يرجع التابوت قط الى الخيمة. وقد تقدم سليمان بذبائح قدامه (1مل3)
لما اكمل الهيكل وضع الكهنة التابوت في قدس الاقداس (2اي4)
عند خراب اورشليم لم يذكر التابوت بالذات (2مل24: 13)
لم يذكر التابوت بين ما استرجعه زربابل الذي اعاد بناء الهيكل
**
وقبل السبي، في ايام يوشيا الطيبة ، كتب ارميا عن ايام البركة الاتية "ويكون اذ تكثرون .. انهم لا يقولون بعد تابوت عهد الرب ولا يخطر على بال ولا يذكرونه ولا يتعهدونه ولا يصنع بعد"(ار3)
**
ولكن بين الرؤى التي شاهدها يوحنا في بطمس "وانفتح هيكل الله في السموات وظهر تابوت عهده في هيكله.."(رؤ11: 19) انها رؤيا تؤكد ثبات المقاصد الالهية، فها هي السماء تذكر الشعب القديم، ولابد من اتمام عهد نعمة الله في ازمنة رد كل شئ.
الكروبان الكبيران
كان علو الكاروب الواحد عشر اذرع (اي 15 قدما). للمرة الرابعة في الكتاب يشار الى الكروبيم. اول ذكر لهم هو في تك3، والمرة الثانية في خر25 وانت ترى مفارقة هنا، فان منفذي قضاء الله الذين نجدهم في تك 3 نجدهم هنا يتطلعون بسلام الى الغطاء. وتبارك الله فان دم المسيح المكفر يكفل البركة للناس الخطاة ويبعد عنهم الدينونة. ثم يطالعنا الرمز الثالث في 2صم22 "ركب على كروب وطار ورئى على اجنحة الرياح". وهذهه الفقرة جزء من مز18. 
وفي 2اي 3 نقرأ ان الكروبين كانا واقفين على ارجلهما ووجهاهما الى الداخل اي نحو البيت. واذا علمنا انهما كنا في اقصى طرف الهيكل فان عبارة "الى داخل" سيكون معناها "خارجا" لان الكروبين كانا ينظران في اتجاه الباب الامامي. وهنا فكرة جميلة نتعلمها من الكلمة النبوية. ففي ايام ملكوت المجد، سوف يتجه نظر سياسة الله البارة بالبركة الى جميع الناس.
 ختاميات
الضباب
لما ملأت السحابة الهيكل قال سليمان "قال الرب انه يسكن في الضباب" وهي عبارة تستحضر الى اذهاننا ما ورد عن موسى "اما موسى فاقترب الى الضباب حيث الله"(خر20: 21). ومهما تكن الشركة وثيقة بين موسى وسليمان من ناحية وبين الله من الطرف الاخر، فانهما لم يعرفاه كما يعرفه اضعف مؤمن الان. لم يكن الله قد اعلن تماما يومئذ، لان الابن الوحيد الذي هو في حضن الاب لم يكن قد اتى من السماء. وعلى الاثر تعلمنا ان "الله في النور" وان المسيحيين هم معه "في النور"(1يو1: 7). ولاحظ ان "الله نور" هي حقيقة اخرى غير "الله في النور". فالنور طبيعته تعالى . اما "في النور" و "في الضباب" فهما تعبيران يوضحان نسبته الى الناس تدبيريا. يعلمنا بطرس ان الله دعانا من الظلمة الى نوره عجيب. وبناءا على ذلك فنحن "ابناء نور وابناء نهار". ويقول الرسول "كنتم قبلا ظلمة اما الان فنور في الرب".
من التاريخ المقدس نفهم ان 3 ملوك فقط هم الذين باركوا شعب الله علنا. وكانوا جميع رموزا للمسيح. ملكي صادق (تك14) ، وداود (2صم6: 18)، وسليمان.