رسائل خربر هي رواية تخيلية ساخرة، اراد منها س اس لويس القاء بعض الضوء على طرق الشيطان في اغواء البشر واسقاطهم.يقول في فاتحة روايته:
ثمة خطأان يقعان فيهما جنسنا البشري بشأن ابليس واﻻرواح الشريرة. احدهما، عدم تصديق وجودهم. واﻻخر ان نصدق وجودهم وان يكون لنا اﻻهتمام الزائد وغير سليم بهم. هم انفسهم يسرون بكلا الخطأين ويهتفون للمادي (اتباع المذهب المادي من الملحدين) وللساحر (الذين يستخدمون القوى الشيطانية) باﻻبتهاج عينه.
بعض الاقتباسات:
في الرسالة اﻻولى يتحدث عن خطايا الجدال العقيم – التفلسف - المألوف والمعتاد او الروتين. يهزأ س اس لويس من حقيقة ان البعض يركنون الى التفلسف والجدال العقيم فيقول على لسان خربر:
"فان زبونك (او فريستك) قد تعود منذ نعومة اظفاره، ان يحوز دزينة من الفلسفات المتضاربة متراقصة داخل راسه.. فالجعجعة والكلام الذي ﻻ يفضي الى نتيجة ، ﻻ المحاجة والتفكير المنطقي، خير حليف لك في ابعاده عن الكنيسة. فلا تبدد وقتك في دفعه الى التفكير بان المادية صحيحة! اجعله يفكر انها قوية او جريئة وانها فلسفة المستقبل. ذلك هو نوع الشئ الذي يستهويه ويثير اهتمامه.
الرسالة الثانية:
عن خطية الرياء:
اعتقد ان لويس كان افضل كثيرا من تولستوي في انتقاده للرياء في الكنيسة، فهو ما كان يسعي ﻻنتقاد بحد ذاته او ﻻشاعة الاحباط ولكنه فعل ذلك من منطق اصلاحي بحت. اسمع يقول عل لسان الشيطان خربر "من حلفائنا العظام، في الوقت الحاضر، الكنيسة نفسها. ﻻ تسئ فهم ان اقول. لست اعني الكنيسة كما نراها منتشرة عبر كل زمان ومكان ومتجذرة في اﻻزل، مرهبة كجيش ذي رايات.. من دواعي سرورنا ان هذا غير مرئي لدى اﻻدميين. فكل ما يراه مريضك هو المبني المزخرف.. ابق كل شئ مشوشا في ذهنه اﻻن، وستكون لديك اﻻبدية بطولها لتتسلى بان تنتج فيه ذلك النوع الغريب من الوضوح الذي يوفره الجحيم.”.
ويشير لويس الى التجارة بالدين في قوله عن فكر المتدين تدينا زائفا "في قرارة نفسه، ما يزال يعتقد انه قد فتح حساب ائتمان مربحا جدا..”.
الرسالة 3:
عن البغضاء اﻻسرية – سوء التفاهم – المعيار المزدوج:
“ﻻ شك ان من المستحيل منع الادمي ان يصلي، ولكن لدينا طرقا لجعل صلواته غير مؤذية لنا.
ان البغضاء العائلية في الحياة المتمدنة تعبر عن نفسها بكلمات تبدو غير مؤذية على اﻻطلاق، ولكن حين تقال بنبرة صوت معينة في لحظة محددة ﻻ تختلف عن لكمة موجهة الى الوجه.
“عليك ان تهتم بان يكون لكل منهما (الفتى وامه) نوع من المعيار المزدوج. فيجب ان يطلب من امه (او اﻻخرين عموما) ان تفهم اقواله بمعناها الظاهري، في حين يحكم هو على كلمات امه بحساسية مفرطة الى ابعد حد ، لنبرة الصوت وقرينة الكلام والقصد المتوهم.
رسالة 4:
التوسع في الحديث عن الصلاة غير المجدية او المؤذية:
يوجه اللوم للشيطان الصغير "تعليقك بان نصيحتي بشأن الصلاة غي المؤذية اثبتت فشلها، ينم عن رغبة بغيضة في التهرب من المسؤلية والصاقها بالاخرين".
ثم يبدأ في اﻻسهاب بشأن الصلاة وجعلها غير مجدية لصاحبها وغير مؤذية للشياطين فيقول:
"اجعله يعود لطبيعة صلواته الببغائية في صغره، محاوﻻ ان ينتج في نفسه مزاجا تعبديا غامضا ليس من دور فيه للتركيز الفعلي من الذهن.
عجيب كيف يصورنا البشر دائما اننا ندخل امورا في عقولهم ، في حين ان عملنا اﻻفضل هو ابقاء اﻻمور خارجها!
ابق ضحيتك (او بالاحرى ضحاياك) منشغلين بانفسهم ، باذهانهم بالذات، محاولين ان ينتجوا مشاعر في داخلهم بفعل ارادتهم الخاصة. فحين يقصدون ان يطلبوا من عدونا (الله) المحبة ، دعهم عوضا عن ذلك يباشروا محاولة اصطناع مشاعر .. علمهم ان يقيموا كل صلاة بنجاحهم في انتاج الشعور المرغوب.
.. ان اﻻدميين ﻻ ينطلقون من اﻻدراك الحسي المباشر لعدونا ، وهو، للاسف، ما ﻻ نستطيع نحن تجنبه. فهم لم يعرفوا قط ذلك الضياء الساطع المروع، ذلك الوهج السافع الهارق الذي يشكل خلفية (سبب) اﻻلم الدائم في حياتنا.
عليك ان تبق ضحيتك مصليا الى (الصنم)، ذلك الشئ الذي صنعه هو ، ﻻ الى الصانع عينه.
فان حصل ووجه صلواته اليه، اجعله يوجهها الى (ما يظنه) عن الله ، وليس الى الله كما هو، الى ما اعلنه هو عن نفسه.
الرسالة 5
عن المعيار الحق هو الديمومة :
بمعيار مقلوب يوجه خربر كلماته الى ابن اخيه محفزا اياه على المثابرة في عمله الجهنمي في اغواء البشر وعدم اﻻرتكان الى نشوة وقتية برؤية ادمي سقط في حبائله لبعض الوقت , فيقول بلهجة صارمة:
"تذكر ان الواجب يتقدم على المتعة. فاذا كان اي تماد في النشوة من قبلك يؤدي الى فقداننا للفريسة في النهاية، فستبقى اﻻبدية كلها متعطشا الى تلك الجرعة التي تستمتع اﻻن كثيرا باول رشفة منها. اما اذا استطعت بمثابرتك على اغوائه هنا والتعامل معه برباطة جاش، ان تضمن نفسه اخيرا، فسيكون لك الى اﻻبد: كاسا حية طافحة من الياس والرعب والذهول يمكنها ان ترفعها الى شفتيك كلما شئت. اذن ﻻ تدع اي بهجة وقتية اﻻن ان تصرفك عن عملك الحقيقي في تقويض اﻻيمان ومنع تشكل الفضائل فيه.
“من المخيب للامال ان اتوقع تقريرا مفصلا منك فاتلقى عوضا عن ذلك قطعة انشائية انفعالية نظير رسالتك اﻻخيرة. تقول انك "منفعل من الفرح" ﻻن حربا نشبت .. ان الحرب مسلية بالطبع. فاﻻهوال ومعاناة اﻻدميين انعاش شرعي ومبهج لعشرات اﻻلوف من خدامنا الناشطين. ولكن اي نفع دائم تعود به علينا؟ فعندما ارى المعاناة الوقنية لدى اﻻدميين الذين يفلتون من ايدينا اخيرا، اشعر كما لو سمح لي ان اتذوق اول طبق من وليمة فاخرة ثم حرمت الباقي. وهذا اسوأ من عدم تذوقها على اﻻطلاق. لذا عليك في المرة القادمة ان تقدم في رسالتك التالية خبرا كاملا عن رد فعل المريض تجاه الحرب، .. "
ويستكمل كشف الاعيبه فيقول:
" جعل ضحيتك وطنيا متطرفا او ﻻعنفيا متحمسا، فلدينا في الحرب واتجاهها احتماﻻت من كل نوع".
“انا اعلم ان بعض اعوانك الصغار قد راوا في معاناة الحرب فرصة عظيمة لزعزعة اﻻيمان في قلوب بعض اﻻدميين. ولكنني اعتقد ان تلك النظرة قد ضخمت. فان تصريحات رجال الدين قد غشيت عقول الادميين، بفكرة ان اﻻلم هو جزء جوهري مما يدعونه "الفداء". وعليه فانه يمكنك ان تقتنص ضحيتك حين يكون عقله معلقا بشكل وقتي فقط، وليس بصفة مستديمة".