ما هو نجس في مقدوره أن ينجس بالمعاشرة «فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة». (١ كورنثوس ١٥: ٣٣). أي أننا لا نقدر أن نطهر العالم بالاشتراك معه، بل على العكس تماماً نحن نتنجس إن كانت لنا شركة معه، فالعلاج هو الانفصال "لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا، يقول الرب. ولا تمسوا نجسا فأقبلكم،. (٢ كورنثوس ٦: ١٧). لأن ذلك الذي ينجس يضع نجاسته على كل شئ يخالطه وتكون لنا شركة معه. ونخلص من هذا أنك لا تقدر أن تطهر العالم لو صادقته أو ارتبطت به بل على العكس أنك تتنجس لو أنك صادقت العالم. والنصيحة الموجهة للمسيحي الآن هي أن يطهر نفسه من أواني الهوان ويتبع البر والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقى (2تى2 : 19-21)، فمن الناحية السلبية نحن مطالبون بأن ننفصل عن كل ما لا يكرم الرب ويهين اسمه ومن الناحية الايجابية نربط أنفسنا بالذين يدعون الرب من قلب نقى. فالمسالمة والمهادنة والمشاكلة شر لكن الانفصال عن كل ما هو شرير في عيني الرب هو الواجب على كل مؤمن حقيقي. إن مبدأ الانفصال عن الشر هو الذي يؤدى إلى الاتحاد مع كل الذين لهم فكر الرب الذي يتطابق مع كلمته، أولئك الذين يدعون الرب من قلب نقى.
في القديم سأل النبي الكهنة "إن حمل إنسان لحما مقدسا في طرف ثوبه ومس بطرفه خبزا أو طبيخا أو خمرا أو زيتا أو طعاما ما، فهل يتقدس؟» فأجاب الكهنة وقالوا: «لا».. (حجي ٢: ١٢). ثم اردف: «إن كان المنجس بميت يمس شيئا من هذه، فهل يتنجس؟» فأجاب الكهنة وقالوا: «يتنجس».. (حجي ٢: ١٣)
عندما أعطى الكهنة الإجابات الصحيحة يواصل النبي عرض حالة الشعب الأدبية فيقول «هكذا هذا الشعب وهكذا هذه الأمة قدامى يقول الرب وهكذا كل عمل أيديهم وما يقربونه هناك هو نجس». فما يقربونه يشير إلى ما يقدم على المذبح الذي كانوا قد بنوه عندما رجعوا في البداية (عز12:3) وهو نجس. لقد توهموا أن تأثير المذبح المقدس والذبائح التي تقدم عليه تطهرهم لكن ما أبعد كل هذا عن فكر الرب فكل تقدماتهم التي كانوا يقدمونها نجسة لأن المقدمين نجسون. فالذين يأتون أمام الله القدوس وهم في حالة اللامبالاة هم وتقدماتهم نجسة، فلا المذبح ولا الذبائح تستطيع أن تقدسهم مثل الشخص الذي لمس جثة الميت، وليس هم فقط بل كل عمل أيديهم هو نجس ونجاستهم هي في عدم طاعتهم المتمثلة في إهمال بناء بيت الرب واهتمامهم بأمورهم الخاصة.
المقدَّس لا يُضفي القداسة علي أي شيء آخر، في حين أن النجس ينقل النجاسة“. أو، يمكن صياغتها بشكل آخر: ”العمل الصالح والسجود لا يقدِّسان الخطية، بينما تُنجِّس الخطية العمل الصالح والسجود“. وكانت هذه تذكرة للشعب بأن قرابينهم لله تدنَّست، وأنهم هم أنفسهم نجسون، ما دام الهيكل خرابًا.