قادني اثنان من رجال الشرطة وقالا لي:
- لن تعود الى منزلك بعد ايها اللص الكبير، ولذلك استمتع ببقائك هنا.. وربما نعود اليك ثانية بعد خمسين عاما!
خمسين عاما !
حالما لمحت بيتي الجديد صار قلبي يدق بعنف. لم يكن هناك هواء منعش بل رائحة نفاذة ، وصار عرقي يتصبب من كل جسدي على الارض المحجرة، ولم اسمع سوى صيحات وانات المساجين الاخرين. لقد سقطت فوق رأسي هذه النهاية القاتلة لحياتي وانا اترنح غير مدرك لهذه الحقيقة وكأنها مجرد شبح مخيف
ولكن هكذا هو.. انه بيتي مدى حياتي الباقية.
دارت في ذهني كل احداث حياتي السابقة بينما بقيت راقدا في تلك الزنزانة. لقد تذكرت الاوقات التي كنت ابكي فيها مرارا وانا بعد شاب صغير اشعر بوحدة شديدة ولا سيما قبل ان ادلف الى النوم. لقد كنت اشعر بفراغ ووحدة، رغم اني نشأت في رغد من العيش ولم تكن لي حاجة الى شئ. اما الشعور بالوحدة داخل نفسي ، فهو الذي يكاد يفتك بي وظل ينغص حياتي.
كان لابد ان اثبت نفسي بأي شكل، ولذلك قررت ان اكون متفوقا في كل امر اضع قلبي عليه، وحاولت ذلك في نطاق الجامعة، ثم في سباق السيارات، حتى كان يتهمونني بالجنون اثناء قيادتي للسيارة.
كنت ابحث باستمرار عن مركز الصدارة. وبعد ان تخرجت من الجامعة صرت اشهر محام في قضايا الاجرام في كل المنطقة.
كانت شهرتي واسعة، واذا تحدثوا عن مجرم اطلق سراحه ، كانوا يقولون: "انه "جين" الذي استطاع ان يطلق ذلك الرجل رغم ادانته"!
وحتى الزواج لاكثر من مرة فلا مانع عندي طالما ان ذلك قد يصل بي الى تحقيق اهدافي الدنيئة.
ولكي املأ الفراغ الداخلي والذي لا نهاية له صرت اشغل نفسي بحضور الحفلات الصاخبة والسهرات الحمراء وكل ما يمكن ان يبعث البهجة الى نفسي، وبالتالي انغمست في المخدرات والمسكرات.
اما عملى الاساسي فكان فاسدا قذرا لللغاية. وكانت الرشاوي تمثل جزءا كبيرا من حاتي العملية، وبلا استثناء لاي شخص، سواء كان قاضيا، او شرطيا، او موظفا، واصبح النظام القضائي شبيها بمرحية هزلية لا اكثر ولا اقل.
كنت ادفع الاف الدولارات في سبيل ايجاد مخرج فني يكون سببا في اطلاق سراح موكلي.
ولاني تعرضت لجرائم مستحيلة التصديق من قتل او اعتداء او اغتصاب او تعذيب، فقد اصبحت انا نفسي دزءا من هذه الجرائم وشريكا فيها ... وهكذا كانت حياتي.
وعندما بلغت الاربعين من عمري، كان لديّ كل ما يمكن ان يشتريه المال...
حاول احد اصدقائي وهو محام يدعى "جيم ميللر" ان يحذرني مرة وقال لي اني بهذا الشكل قد فقدت السيطرة على نفسي ولا يمكنني الاستمرار بهذا الاسلوب! لكني اكدت له اني اعلم تماما ماذا افعل ولا داعي ان يقلق من جهتي.
لكنه كان محقا..
لقد اصبحت حياتي بلا معنى ولا قيمة ، لدرجة اني طلبت الموت. ولكن كيف؟
لم اعد قادرا ان اتخلى عن الشهرة ، ولذلك صرت اغرق الى الى اعماق الحضيض. وصرت اساعد كثيرين لارتكاب اعمال مشينة قد تصل الى السطو على البنوك او تجارة الكوكايين.
وكان الزمن يجري بي هكذا..
كانت هناك قضية امسك فيها احدهم متلبسا بثمانية كيلوجرامات من الكوكايين.. وطلبوا مساعدتي، فطلبت اتعابا باهظة. ثم تحدثت قليلا مع المحقق ولم يتحول التحقيق الى المحكمة لان المال لعب دوره على اكمل وجه في شراء ضمائر الناس.
ولما ذهبت لاستلام اتعابي، ربت "هنري" على كتفي وقال انه مفلس تماما، ولكنه عاد يقول لي انه برغم افلاسه لكنه لا يزال يمتلك ثلاثة كيلو جرامات كاملة من الكوكايين ويمكنه ان يقدمها لي بدلا من المال اذا كنت اقبل ذلك، وهي في النهاية تساوي اكثر مما طلبته .. فوافقت.
بعدئذ بدأت ابحث عن مشتر لهذه البضاعة. اتصلت بأحد الذين تعاملت معهم وقد سبق لي ان انقذته من السجن عدة مرات، وسألته عمن يمكن ان يأخذ هذه الكمية بسرعة وامان.
قال لي انه يعرف مثل هذا الشخص وهو بائع كبير موجود في نيويورك وعنده سيارة مشحونة لالاوراق المالية وقد شاهدها هو بنفسه.
تم الاتصال، وجلست معه وكانت لديه كل الاجابات الصحيحة وكانا كلانا متفقينن وسوف اقابله في اليوم التالي في مكتبي وعليه ان يحضر المال.
حضر "كاسي" في الموعد المحدد ومعه حقيبة ممتلئة بالدولارات من فئة الخمسي، ولكني زيادة في الحيطة كشفت عليها وعليه بواسطة اجهزتي الالكترونية الموجودة في مكتبي، وتأكدت انه لا يحمل سلاحا ولا جهازا للتصنت او ما الى ذلك. ثم تحدثنا سويا في مكتبي الثاني ذي الحماية الصوتية تماما.
اعطاني المال، ثم اشرت اليه نحو الباب لكي اعطيه الكوكايين، ولما سألني عن مكانه قلت له انه فوق رأسه مباشرة اي في السقف المعلق داخل الغرفة.
بعدما تمت الصفقة شعرت براحة كبرى اذ انني قمت بأكبر عملية نظيفة وكأنها من الجرائم الكاملة.
ولكن بعد بضعة اسابيع بدأت اشم رائحة غريبة. لقد بدأ "كاسي" يتصل بي تليفونيا في المكتب وفي المنزل، وعادة لا يستخدم التليفون في مثل هذه الامور، والتي تتطلب السرية. كما لاحظت ان بعض السيارات كانت تتعقبني من حين لاخر، وهكذا ادركت اقتراب النهاية، لان "كاسي" كان من رجال الشرطة ويعمل لحساب "الانتربول". لقد خدعني صديقي جيم!
لقد وقعت في عقر داري ولابد من الفرار، لذلك قررت ان اصحب زوجتي دورثي" ونسافر معا الى وسط امريكا الى ان تهدأ الامور. وبعد عدة اشهر عثرنا على مكان نقضي فيه بقية حياتنا في ارض جواتيمالا الجميلة. وكان عليّ فقط ان اعود الى مكتبي لانهاء بعض الامور المعلقة ثم اعود لكي اعيش سعيدا في جواتيمالا. ولكن عند عودتي كتانت الشبكة منصوبة.
لقد استخدمت الشرطة واحدا من اصدقائي المحامين للقبض علي! وبينما كنت اتسلى مع هذا المحامي قامت الفتاة التي كانت بصحبته بفتح الباب الحديدي الامامي لمكتبي فتمكن البوليس من الدخول.
دخل رجال الشرطة وهم يزأرون في وجهي ان لا المس شيئا. وصدرت لي الاوامر ان اقف ملاصقا للحائط بينما فوهات المسدسات على فمي، وقام اثنان منهم بتفتيشي بدقة بالغة، وقام الباقون بتفتيش المكان كله.
وفي الوقت ذاته كانت سكرتيرتي "المخلصة" تجلس خارجا مع رئيس فرقة التفتيش وقد اخبرته بكل ما كانت تعلم به!
قال لي احد المحققين: "ايها الخنزير الكبير، سوف ادفنك حيا ولن تعود ابدا الى منزلك".
اقتادوني مقيدا الى الزنزانة، وهناك صاح في وجهي احدهم وقال لي مستهزئا: "الم تكن تعلم يا جين ان كاسي كان شرطيا؟"!
اتصلت بزوجتي لاستدعاء احد المحامين يترافع عني، وتمكنت من الاتصال باحد اصدقائي السابقين.
دفعت كفالة واطلق سراحي في انتظار المحاكمة.
لقد شعرت بالاسى الشديد ولذلك تأسفت كثيرا لزوجتي لما تسببت لها من الم وجرح.
لكني قررت الهروب، وخططت لذلك مع اعز اصدقائي المقربين ليوقد كان ملحدا تماما ولم تكن حياته تختلف عن حياتي كثيرا.
اقلعت بالطائرة الى "اتلانتا" ، وشعرت اني حقا في طريق الحرية ولا يمكن القبض عليّ ثانية ولا بعد مليون سنة!
وصلت الى هذا الصديق العزيز القديم "جين باريس" والذي رحب بي بحفاوة بالغة وقال : "اهلا بك، الرب يباركك، انا احبك جدا ومسرور لرؤياك!".
لم يكن هو الصديق القديم الذي عرفته، لكنه كان جديدا في كل شئ ، في محبته ، وفي بهجته، وفي سلامه، وفي حديثه عن "الله"! يا للعجب! ماذا حدث له؟ وكيف؟
دعاني "جين باريس" الى منزله وقال لي انه قد تغير تماما واصبح مسيحيا، وهو يرغب الان ان يصلي من اجلي. وقد فعل وقال "ايها الاب المحب ليتك تساعد صديقي".
في الواقع لم يسبق لي ان سمعت احدا يصلي مثله .
هنا تغيرت حياتي.
لم اكن اعتقد بوجود "اله"، بل كنت اعتقد ان صديقي اخطأ السبيل. ولكن انتابني شعور مفاجئ مفاده انه اذا عدت الى مكاني واعترفت اني مذنب عن كل الجرائم السابقة فان كل شئ سوف يكون على ما يرام... نعم، لقد كان احساسا غريبا وقد يكون مسا من الجنون! اذ لا منطق فيه ولا سبب له، ولكن هذا الاحساسس طغى على مشاعري كلها.
قلت لصدبقي: "ربما يبدو لي ان ما اقوله هو مس من الجنون، لكني سوف ارجع واعترف اني مذنب واقر بكل ما فعلت، ولا تسألني عن السبب".
اجاب صديقي: "شكرا لله، وسوف اذهب معك".
ذهبنا معا الى المطار .. لم اكن اؤمن بعد بوجود اله فما زلت ملحدا، وكان سبب عودتي هو فقط ذلك الشعور الذي شملني.
عدت الى ميامي واتصلت بهيئة المحكمة، واعربت لهم عن رغبتي في اعترافي بكل ما ارتكبته وسوف اسجل اقرارا بذلك.
لم يصدقوني ، لكني توجهت الى المكان المعين، وانهالت الاسئلة تحاصرني وكنت اجيب عنها واستغرق ذلك ثلاثة ايام كاملة وكأنها الحياة بكاملها... وقد كلفتني حقا بقية حياتي.
اخيرا جاء يوم المحاكمة، ووقفت امام القاضي معترفا بذنبي، وكانت زوجتي تحوطني بذراعها وقد نظرت نحوي والدموع تملأ مقلتيها وقالت لي: "اني احبك ولم اشعر بفخر نحوك مثل هذا اليوم". لقد كانت تعلم اني ذاهب دون رجعة، وقد كان، اذ صدر الحكم بالسجن لمدة خمسين عاما.
نعم، خمسون عاما.
تم ترحيلي الى سجن قديم لا يذهب اليه سوى العجائز والمحطمون والمجانين والذين سوف يلقون حتفهم به.
لن انسى ابدا تلك اللحظة حين اغلقوا ورائي الباب الصلب حيث اقضي بقية عمري...
خلعوا عني ملابسي، وارتديت ملابس السجن الواسعة مما كان داعيا لسخرية الحراس. ثم اصبحت فجأة وحيدا في زنزانتي.
لقد رأيت هناك حياتي وربما للمرة الاولى اقول اني قد رأيت نفسي... نعم، لقد شاهدت ذاتي... انسانا منكسرا وحيدا فاشلا...
ولمدة خمسين عاما
لقد تعجبت وتحققت من تفاهة سيارتي المرسيدس، ومالي ومركزي..
ولكن في اللحظات الحقيقية لم يبق سوى امر واحد له قيمة داخلية في الحياة، وهذا هو: هل حقا يوجد اله في مكان ما؟ اله حقيقي، ليس مجرد مفهوم عن اله كما يتحدث البعض..
هل يعلم اني هنا في مثل هذا المستنقع الرهيب؟ هل يعلم اني متأسف عما حدث؟
هل يهتم؟
هل سوف يأتي لمعونتي؟
كنت في الاربعين من عمري حين دخلت الزنزانة، وكنت قد جلت في كل انحاء العالم، ولكن في كل هذا العالم لم يقابلني واحد ليقول لي:
"يا جين، هناك الرب الحقيقي يسوع المسيح والذي يحبك وقد مات لاجلك".
لم يسبق لي ان سمعت مثل هذا الكلام.
لكني ظللت افكر في ذلك الرجل في اتلانتا، وفي صلاته وفي طلبه الى الاب ان يساعدني، وفي بكائه اثناء الصلاة. ورغم اعتقادي انه مخطئ الا اني كنت اعلم في اعماق قلبي انه امن بوجود اله حي في مكان ما! اله حي سمع صوته وسوف يستجيب لصلاته. انه اله احبه واحبني انا ايضا.
عندئذ قلت لنفسي: "يا الهي، يا الهي، ماذا لو كنت مخطئا؟".
ماذا لو كان هناك اله بحق في السماء؟ ربما هناك بعد هذه النجوم توجد غرفة كبيرة هناك في السماء، غرفة كبيرة بها عرش يجلس عليه الله ويسمع الصلوات.. يا ترى ، من يستطيع ان يسمعني من مثل هذا الحضيض؟
ارتميت على ارضية تلك الزنزانة الصغيرة، وصرت ادعو نحو ذلك الاله الذي لا اؤمن به، لكني رفعت صوتي نحوه فربما.. ربما فقط يكون في تلك الغرفة خلف نجوم السماء.
"اه يا الهي! يا رب لا اظن انك هناك.. اسف يا رب، هذا هو اعتقادي. لكن ربما تكون هناك، لذلك ارجوك ان تغفر لي".
"يا رب ، اذا كنت حقا هناك في مكان، اذا كنت حقا في الاعالي وتسمع لي، فارجوك ان تعطيني فرصة اخيرة، وانا اعدك اني لن اطلب منك شيئا اخر مدى حياتي.. لا شئ.. فاذا اعطيتني فرصة اخرى فلن افعل شيئا رديئا مرة اخرى.."
في تلك اللحظات امتلأت الزنزانة بحضور الله... لقد سمعته يتحدث معي بصوت عميق جميل وشجي وكله حب هكذا: "يا جين، اني احبك! لقد انتظرتك طويلا، ولكن اذا منحتني حياتك فسوف امنحك حياتي".
كان الصوت عذبا ورقيقا ، ولم يغضب مني، بل كان متألما بسببي. لقد احبني واراد ان يساعدني.
انه يهتم بي. وقد تنازل واتى الى هذه الزنزانة ورفعني من الارض وعزاني.
لقد اعطاني فرصة لبداية حياتي من جديد كما لو كنت مولودا ثانية.
لقد وجدت السلام والحب والفرح. انه سلام يفوق كل ادراك.
هناك قدمت نذري لله وقلت: "لست اعلم ماذا تريد مني في هذا السجن، ولكن اعدك انه من الان فصاعدا ، في كل لحظة سوف احاول ان اكون مثل ابنك يسوع بقدر استطاعتي".
لقد واجهت الخوف ، وصارت لي امكانية قضاء الخمسين عاما في تلك الزنزانة المنفردة. لقد هزمت العالم والحياة والموت ، وحصلت على الابدية في قبضة يدي.
اخيرا نهضت من على ركبتي، ربما بعد ساعات ولكن الزنزانة بدت مختلفة. نفس المساحة ونفس القذارة، والخمسون سنة لا تزال امامي، ولكن صار هناك سلام وامان وراحة.
لم يكن مسموحا لنا بأي شئ في تلك الزنزانة الصغيرة، لكن الله امدني بطريقة معجزية بالكتاب المقدس. لذلك بدأت بقراءته مؤمنا بكل ما به من كلام.
اني اذكر ان الله قاد عيني الى ذلك الوعد الحيوي جدا والذي يقول : "فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ... تقدر ان تفصلنا عن محبة الله"(رو6).
ومعنى هذا – كما فهمت – ان زنزانات السجن والاحكام بخمسين عاما وكل الرعب المصاحب لهذا، لا يمكن ان يفصلني عن محبة ذلك الالهى الذي اتى اليّ ولمس قلبي وانا على الارض. ان كل حب ذلك الاله صار معي في تلك الزنزانة.
ثم ابرقت عيناي نحو وعد اخر في الصفحة ذاتها، وهو وعد لا نهائي في مداخ "كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله"(رو8: 28).
وهكذا ادركت ان كل ما انا سوف يعمل لخيري.
ثم بدأت اقر الكتاب المقدس من بدايته. واستطع ان اقرأه بالكامل في غضون اسبوع واحد، ثم كررت القراءة مرة ومرات حتى اصبح جزءا من كياني.
كان الحراس يحضرون لي الطعام ثلاث مرات يوميا ويضعونه على الارض خارجا، وكان لابد ان اركع واجذب الطعام الى الداخل ، وقد حرصت ان اقول لهم شيئا لطيفا في كل مرة حتى ادعهم يرون يسوع في حياتي. ثم اجلس اتناول طعامي شاكرا وعادة باصابع يدي اذ كان غير مسموح بملاعق معدنية، واحيانا قليلة كانت هناك ملاعق ورقية.
بعد اسبوعين مثلت امام هيئة مكونة من ستة رجال وسيدة واحجة، وكان بهدف تقرير مدة بقائي في هذا السجن.
بعد استجوابات مختصرة قالوا لي: "هل يكفيك خمسة وثلاثون عاما؟" وهنا اعترضت بسبب طول المدة وليس بسبب عدم استحقاقي.
بعد اسبوع اخر ، تم تحويلي الى زنزانة اخرى بذات الحجم ولكن كان بها سرير وكانت انظف قليلا وبها شباك. وتمكنت من كتابة قصيدة حب لله.
بعد اسابيع قليلة دعوني اخرج من زنزانتي لتناول الطعام في صالة الطعام، ويا له من فرح بسبب هذه الحرية الجديدة.
ولكن بدأت الاحظ الكثيرين من السجناء القدامي وهم يتراشقون بأسوأ الالفاظ ويضربون بعضهم بعضا بلا هوادة..
ثم جاء عيد الميلاد.
اول عيد ميلاد اقضيه في السجن.. استطعت ان اترنم ببعض ما تذكرته من ترنيمات قديمة للميلاد.
ثم كان يوم الدهشة، عندما دعاني الحارس خارجا واخبرني انني سوف اتوجه الى مكان اخر.
ارتديت ملابسي والتي تركتها منذ خمسة وخمسين يوما وقد فقدت اثناءها خمسة وخمسين رطلا فكان منظري كالمهرج العبيط.
تم ترحيلي الى ميامي وهناك استطعت رؤية زوجتي التي جاءت لتزورني. لم تكن بعد قد تقابلت مع الرب يسوع ولكنها بعد ان شاهدت التغيير الذي حدث في حياتي، صارت تطلب ملكوت الله وبره.
بدأت تحث معجزة اخرى.
قال لي الحارس ليلا ان استعد للتحرك باكرا، ولما حاولت الاستفسار لم يجبني بشئ.
لقد استدعاني القاضي نفسه الذي حكم على سابقا وذلك لاعادة محاكمتي، وجعل مدة الحبس اربع سنوات فقط...
اربع سنوات فقط، وبحسب القانون الامريكي سوف اعفى من بقية المدة بعد عام واحد..
تم ترحيلي الى سجن ايجلن وهناك عملت على الة كاتبة في مكتب مكيف الهواء. كان العمل يستغرق ساعة او ساعتين اسبوعيا ، وباقي الاسبوع اقضيه في الصلاة وقراءة الكتاب المقدس.
لقد قضيت بالسجن عامين وثلاثة عشر يوما بالتحديد، وهي مدة لا تتناسب ابدا مع جرائمي.
كان تاريخ الاعفاء يوم الشكر 1973م. شكرا للرب.