التمهيد:
الرب يزمجر مثل الاسد وهو يثب على فريسته. اضف ان صوته لن ينطلق من الجلجال او بيت ايل، بل من "صهيون" مركز السلطة الدينية، ومن "اورشليم" مسكن يهوة بالذات. ومن العواقب المتصورة انه "ييبس راس الكرمل" وهو جبل يقع جنوب خليج عقر، فلا عجب ان ينوح الرعاة لانه ان يبس الكرمل فاي مراع تبقى في البلاد؟
يزودنا العددان الاولان من السفر بلب رسالة عاموس. فمهما بدا الحمل امنا في مراعيه الخصيبة، تظهر زمجرة الاسد.
اعلان مصير الامم:
لعاموس، مثله مثل اغلب الانبياء الاخرين- اقواله على امم اجنبية. غير انه، على خلاف سواه من الانبياء، يمهدبها لاتمام ما يوجهه لشعبه.
دمشق:
كانت النوارج تدرس اكداس الحنطة اذ تهرش القش تبنا وتخرج حبات الحنطة. بمثل هذه الطريقة القاسية عاملت ارام جلعاد.يرجح ان ذلك تم على يد حزائيل لما هزم جلعاد في ايام ياهو ويهواحاز (2مل10: 22).
"اكسر مغلاق دمشق" اي تكون مفتوحة امام الاعداء. "بقعة اون" حرفيا بيت الوثنية.
"بيت عدن" كان على الفرات الاوسط وما زالت دمشق تعتبر جنة العالم العربي.
يسبى" كانت سياسة اشور هكذا. الى قير" كنت الموطن الاصلي للاراميين (9: 7).
غزة:
كانت غزة تقع على طريق القوافل، وربما تورط هذا الموقع في تجارة العبيد (6) والدينونة لن تاتي على غزة فحسب بل على معاقل الفلسطينيين ايضا حتى تعاقب البلاد وتغمرها نيران الحرب.
صور:
تمثلت جرائم صور في بيع العبيد ونسيان العهد الاخوي (9) الذي ربما يشير الى عهد الصداقة بين سليمان وحيرام (1مل5 و9: 13) وقد لقيت صور الخراب على يد اشور ثم بابل ثم الاسكندر الاكبر.
ادوم:
سبق ان ذكرت ادوم مرتين بوصفها شريكة في جرائم ام اخرى (1: 6 و9). وها هو قصيف الرعد فوقها .
عمون:
سعيا منهم لتوسيع حدودهم اعلنوا حربا على الاطفال الذين لم يولدوا بعد (13).
مواب:
اقترف الموابيين جريمة التمثيل بالجثث (1). وعاقبة ذلك ان النار (الحرب) سوف تاكل "قصور قريوت" حرفيا القرى، ولسوف تهلك مواب في وسط الضجيج ، بجلبة الحرب وهياج الصدام، وكذلك القاضي الذي ربما يكون واليا ولّاه يربعام.
يهوذا:
يلاحظ ان جرم يهوذا لي ضد البشر مثل الامم الاخرى انما ضد الله (4). "اضلتهم اكاذيبهم" اي اصنامهم او الهتهم الباطلة.
اسرائيل:
اما وقد مهّد النبي السبيل بلفت انتباه اسرائيل الى بعض الخطايا الوحشية التي ادين بها جيرانها، وبعد ان اثار سخطها العادل على تلك الجرائم، ياتي الان الى غرضه الاساسي ، الا وهو التنديد بخطايا اسرائيل. وهو يورد لائحة اوفى مما يتعلق بسائر الامم. والخطية الاولى : الاسترقاق "باعوا البار بالفضة"(6). اباحت الشريعة ان ييع الفقير نفسه عبدا (لا25: 39، تث15: 12) ولكنها لم تقر بيع المدين العاجز عن ايفاء دينه، الامر الذي يتضح انه مقصود هنا (2مل4: 1 ونح5:5). وقد بيع "البائس" لقاء "نعلين" اي بابخس الاثمان.
خطية اخرى هي الجشع. فالاغنياء طماعون، حتىانهمن يتهافتون على "تراب الارض على رؤوس المساكين". ذلك ان المالك الشره مهتم حتى بتلك الحفنة من التراب التي يحثوها المسكين على راسه علامه ذله. فالى هذا الحد بلغ تهافت الاغنياء على الاراضي. والظلم (7) والزنا ويضاف الى شر النهم رذيلة الادمان.
تعرض الاعداد 9-12 خطية اسرائيل المتمثلة في عدم المبالاة وتناسي كل ما صنعه الله بالاموريين الذين طردهم من ارضهم، اما تاج الرذائل ، فكانت خطية التهديد اذ انهم قالوا للانبياء "لا تتنباوا" حتى لا تنزعج ضمارهم المخدرة والمتبلدة.
ع13 قد يعني ان الرب سيسحق الامة كما تسحق عربة البيدر الحزم المفروشة
لن تكون نجاة لا للرشيق ولا للقوي ولا للفرسان. وقد تم هذا في الغزو الاشوري.
اعلان الرسالة ص3-6:
في الاصحاحات الاربعة التالية يعلن عاموس بتفاصيل اوفى الرسالة الحية التي اعطاها له الله. تقع الرسالة في ثلاث خطابات مبدوءة بالدعوة الى الانصات.
الخطاب الاول (ص3)
لكل علة معلول ولظهوره في اسرائيل ايضا علّته. ومعظم الصور التوضيحية مستمدة من حياة البراري والفلاحة. من غير المحتمل ان يلتقي اثنان في برية غير مطروقة، فاذا سارا معا، امكن الافتراض السليم انهما قد تواعدا. وزمجرة الاسد دليل انه اقترب من فريسة هكذا عاموس يطلق صوته نذيرا بان دينونة الله قد اقبلت.
يمهد عاموس بالصور السابقة السبيل الى بيت القصيد: "السيد الرب قد تكلم فمن لا يتنبا؟". ذلك ان المرء لا يختار ان يكون نبيا بل انه يختار لذلك.
استدعاء الشهود:
"اجتمعوا.. وانظروا.."الجيران الوثنيون مدعوين لمعاينة النزاع داخل السامرة، ذلك الناتج عن طمع الاغنياء.
اعلان العقاب:
"ضيق حتى فيكل ناحية" بسبب حصار اشور. اجتاح تغلث فلاسر جلعاد والجليل سنة 734 ق م واجتاح شلمناصر اسرائيل الشمالية سنة 724 ثم اجتاح السامرة بعد محاصرتها 3 سنوات. فكما ان الراعي احيانا لا يستطيع ان يفعل سوى استنقاذ جزء يسير من اشلاء الخروف، كذلك لن يفلت من العقاب الا حفنة ضئيلة. ويا لها من صورة تنضح بالشقاء فان المزارات المقدسة في بيت ايل وقد بناها يربعام الاول بعد انقسام المملكة سيكون مصيرها مصير السامرة. في نظر الراعي الذي طالما افترش الغراء والتحف بالسماء لابد ا بيوت العاج قد بدت له تجسيما تاما للكبرياء والانغماس في الملذات.
الخطاب الثاني:
نساء السامرة المترفات الشريرات:
يستهل هذا الخطاب بتنديد قاس ومرير بنساء السامرة الثريات. هن مشبهات ببقرات باشان، ربما لم يمارسن الظلم مباشرة. لكن ذلك تم من خلال ازواجهن، اذ ان التنعم المتبطل عند البعض يعني العوز والغم على البعض الاخر.
"اقسم الرب بقدسه" تعني بذاته. ان هؤلاء النسوة سوف يساقن بخزائم الى السبي.
عبادة السامرة:
هنا يهاجم النبي بتهكم واضح خواء العبادة الطقسية ومثل هذا الزيف العديم المعنى والخالي من كل مضمون ليس من شانه الا الاكثار من الذنوب. . ولقد كان المشهد في بيت ايل والجلجال مشهد نشاط محموم وحماسة مفرطة – "هكذا احببتم".
عدم توبة اسرائيل:
لنا في الاعداد 6-13 خمسة اقوال نبوية، كل منها يروي خبر بلية حلت باسرائيل في عالم الطبيعة، وكل منها ينتهي باللازمة عينها "فلم ترجعوا اليّ يقول الرب".
ياتي ذكر مجاعة و قحط ووباء الذي يقال ان مصره مصدره (اش10: 24و 26). وع11 يتضمن حدوث زلزلة، فقد كانت حديثة العهد ومن شان ذكرها ان تكون ما زالت ندية في اذهان الشعب. وكثيرون اختطفوا من النار كجمرة تنتشل من الحريق.
هذه العقوبات جميعها اخفقت، وعليه فان الله مزمع ان يفعل شيئا جديدا. وتحض اسرائيل ان "استعد للقاء الهك يا اسرائيل".
الخطاب الثالث:
سقوط اسرائيل الفاجع:
يستهل عاموس خطابه الثالث بمرثاة شعرية يبكي فيها سقوط اسرائيل. "المدينة الخارجة .." اي الخارجة للحرب. واي بلد يقوم يسقط تسعة اعشار جنوده؟
نداء الرب الحار:
ما زال لعذراء اسرائيل رجاء في الرب الذي يقدر على ايجاد الشئ من العد (4: 13) ان هي طلبته (4). ويعرض النداء على وجهين: سلبي، "لا تطلبوا بيت ايل .. والجلجال .. بئر سبع". فهذه لا حول لها ولا قوة. وايجابي "اطلبوا الرب"(6). فليس امرّ من الاحكام الصادرة عن قضاء فاسد مرتش. والموضوع نفسه يستكمل في 10-13، ولكن فيما يحث النبي عى طلب الرب، ياتي بوصف مهيب (8) في اطار تسبحة (8).
يوم الرب يوم ظلام:
يشعر عاموس ان فرص الرجوع الحقيقي للرب قليلة. فالشر بات عميق الجذور. ومع ان العقاب ممكن تجنبه، فحدوث ذلك غير مرجح. فن يوم الرب "ات"(18) وسيدعى الكل للندب.
عبادة اسرائيل الباطلة:
الظاهر ان النظام الطقسي غيرالمقدس في المعابد الشمالية كانت تجري ممارسته بكل مواظبة. كان هناك ذبائح ولكن لم يكن هناك "الحق" فشر هذه العبادة كائن في فصلها بين الدين والاخلاق. ورسالة النبي في جوهرها ملخصة في ع 24. هذه رسالة الله في ذلك العصر الاسد. وفي البرية (25) ذلك العصر الذهبي ل يكن هناك شئ من هذه العبادة اطقسية المعقدة، ومع ذلك فقد كان زمانا سكن الله فيه وسط شعبه. "ملكومكم وتمثال.." كانا الهين اشورين. فان اسرائيل من شرها جعلت الهة اشور الهة لها. وهنا يتصورها النبي مسبية في اشور "ما وراء دمشق".
اغنياء اسرائيل الغلاظ القلوب:
انتشار الرخاء والسلام النسبي امتد على ما يبدو الى المملكة الجنوبية ، فان "صهيون" تقرن بالسامرة في الاتهام الذي يوجهه النبي. فان التجار اعتبروا انفسهم "نقباء اول الامم" اي انهم رجال بارزون يسعى باقي الناس لتقليد طرازهم.
ثم يطلب النبي الى الشعب ان يلقوا نظرة على "كلنة.. وحماة.. وجت". وهي 3 ممالك انزل بها العقاب. ان الاغنياء يطرحون "يوم البلية" بعيدا عن اذهانهم، لكن ذلك انما يقرّب "مقعد الظلم" اي يوم المحنة والمحاكمة. انهم يخترعون – مثل داود – الات تصحب غناءهم في اوقات سكرهم. ويشربون الخمر كؤوسا مترعة، ويتطيبون بافخر الاطياب، ويظلون غير مبالين بمعانا الفقراء حولهم. على الصعيد السياسي كانت اسرائيل تزدهر، ولكنها على الصعيد الاخلاقي كانت تهترئ.
الدينونة الوشيكة:
يعلن ع7 نوع العقاب، وهو السبي.