ملكة سبأ:
زيارات الملوك هي زيارات مألوفة منذ بدء
التاريخ القومي ، يتبادلها الملوك بين بعضهم البعض.
وكانت مثل هذه الزيارات تصبغ بالطابع
السياسي ، وتنتهي بعقد احلاف ومعاهدات ذات اثار بعيدة. لكن زيارة ملكة سبأ انطبعت
بالطابع الروحي. فهي كانت قد سمعت في بلادها النائية عن الرب اله إسرائيل مما
اجتذب قلبها ، فاشتهت ان تعرف عنه اكثر من عبده الذي كان يملك في اورشليم.
وكان يشغل قلبها الكثير من المسائل او
المشكلات الخطيرة التي لم يكن احد يقدر ان يجاوبها عنها ممن يحاورونها، فاحست بان
سليمان ، وله تلك الحكمة الممنوحة من الله ، في استطاعته ان يعاونها. وهكذا قامت
بالرحلة التي اكسبتها ثناءا علنيا من الرب يسوع، بعد الف سنة. وقد كانت هذه الزيارة استطابة لصلاة سليمان لانه التمس من الله قائلا، الغريب الذي
ليس من شعبك اسرائيل حين ياتي امامك ويصلي في هذا البيت فاسمع له واستجيب. نعم "سمعت ملكة سليمان بخبر سليمان لمجد
الرب"(1مل10: 1).
وتبارك الله فان له دائما خارج الحظيرة
خرافا مخلصة حدثتنا كلمة الله عن بضع عينات منها ، مثل ملكة سبأ واتاي الجتي
واهل نينوى وراعوث ، والخصي الحبشي... فمهما تكن معاملاته التدبيرية خاصة
باسرائيل الا ان كان يهتم ايضا باولئك الذين يحتاجون اليه، اينما كانوا ومهما
كانوا.
اما ماذا كانت مسائل او الغاز الملكة، فتلك
مسالة لا نعرفها، على انها قد اجيبت عنها جميعا بحكمة الهية. ومن بعدها اشارت
امراة سوخار الى مشكلات يومها حين قالت انا اعلم ان مسيا يقال له المسيح يأتي.
فمتى جاء يخبرنا بكل شئ . ولم تكن تعلم انها تتحدث فعلا مع المسيح الموعود به..
ان ما سمعته الملكة اشبعها واجاب عن
كلاما حير عقلها. لقد وجدت نفسها في حضرة الانسان الذي رفعه الله، شاهدت مجده
وعظمته، لاحظت العز والهناء اللذين يعيش فيهما عبيده. فلم تبق فيها روح بعد،
وبالقياس ذاته، قد اتت بنا حاجتنا الى مسيح الله. وفي اعلانات نعمته ارتاحت
ضمائرنا واجيبت عن كل اسئلتتا. لقد ابتهج استفانوس بمنظر مجده الحاضر بهجة شددته
لكي يحتمل الموت منتصرا. وكذلك امتلأ بولس وابتهج بنفس المشهد. الا ليت قلوبنا
تتنبه وتدرك.
واذا كانت الكرامة والفرح قد ميزا اولئك
الذين كانوا في محضر سليمان ، فماذا عسانا نقول عن نصيب اولئك الذين اتحدوا
بالمسيح الممجد؟ هم ،(اي نحن) اشراف المسكونة مباركون بما يسمو عن كل ادراك حاضر.
وعما قليل سوف نظهر في موكبه في المجد، بحيث نكون مثار دهشة وعجب كل من يشاهدوننا.
لقد ادركت ملكة سبا ان محبة الرب لشعبه هي
التي جعلت الرب يعطي لشعبه مثل هذا الملك فقالت، ليكن مباركا الرب الهك الذي سر بك
وجعلك على كرسي اسرائيل لان الرب احب اسرائيل الى الابد جعلك ملكا لتجري حكما
وعدلا. والمحبة عينها هي التي وهبتنا مخلصا عجيبا وباركتنا بكل بركة روحية فيه.
وكل رضى نتمتع به الان، وكل ما ينتظرنا في يوم الله الابدي، انما هو ثمرة قلب
محبته الكبير.