تمرد على السفينة بونتي:
هناك فيلم بعنوان "تمرد على السفينة
بونتي"، وهي قصة واقعية حدثت عام 1787. في ذلك العام قام الكابتن
"بلاي" برحلة حول العالم في سفينة اطلق عليها اسم "بونتي"
ليجمع ثمار اشجار الخبز (اشجار من فصيلة الخبزيات تشتمل على لب نشوي يستعمل
كالخبز). كانت بريطانيا في ذلك الوقت تمتلك الكثير من الاراضي غرب الهند، وكانت
معظم اطعمة العبيد هناك تأتي من انجلترا ، وهكذا كانت تكاليف نقل الغذاء باهظة
للغاية، مما جعل سعر السكر في انجلترا مرتفعا جدا.
وبحثت الحكومة عن محصول ينمو سريعا وبدون
مشقة في غرب الهند، بعد ان وصلتها بعض الاخبار عن وجود اشجار في الجهة الاخرى من
المحيط الباسيفيكي، وبالاخص على جزيرة تاهيتي تحمل ثمارا يمكن ان تصلح لعمل الخبز،
ويمكن زراعتها بسهولة في غرب الهند. لذلك سافر بلاي وطاقم من البحارة لجمع بعضا من
هذه الاشجار كعينات. وعندما وصلوا لجزيرة تاهيتي وجدوها جنة مثمرة خصبة. وسرعان ما
وجد كل بحار صديقة له، وصار تمرد كبير عندما اعلن كابتن بلاي بعد عدة اشهر من
وصولوهم ان موعد الرحيل قد حان. وبعد مغادرتهم لتاهيتي بعدة ايام، وجد كابتن بلاي
نفسه واقعا تحت السلاح، ثم وضعوه في قارب صغير ومعه 18 بحارا اخر، اما بقية
المتمردين فعادوا بالسفينة لجزيرة تاهيتي واقنعوا 12 فتاة بالرحيل معهم، وغادروا
لجزيرة اخرى تدعى "بيتكارن". وهناك اخذوا كل ما يحتاجون اليه من
ممتلكاتهم ووضعوها على تلك الجزيرة ثم احرقوا السفينة.
وما بدا في اول الامر انه جنة يحلم بها كل
انسان سرعان ما تحول الى عشر سنوات من الجحيم، حيث استطاع احد البحارة يدعى "ويليام
ماكوي" كان يعمل في احد معامل تحضير الخمور فيما سبق، قام باستخراج الكحول من
جذور اشجار تدعى "تي" مستخدما جها تقطير نحاسي اخذوه معهم على متن
السفينة "بونتي". وبعد ان شربوا هذه المادة التي استخلصوها من جذور
النباتات، قضوا اياما واسابيع وشهور سكارى بالخمر. وجنّ البعض، وتحول البعض الاخر
الى ما يشبه الحيوانات المفترسة، يحارب احدهم الاخر. كما القى احدهم نفسه من فوق
قمم احد الجبال. لا عجب اذن ان يتبقى بعد بضعة سنوات من كل هذا العدد شخصان فقط،
هما ادوارد يونج والكساندر سميث. وحدث ذات ليلة ان النساء سرقن البنادق منهما
واختبأن مع اطفالهن وعددهم 18 طفلا حتى لا يقترب الرجلان اليهن.
في احد الايام قام يونج بتفقد سطح السفينة،
ووجد عليها من بين الاوراق الكثيرة كتابا مقدسا موضوعا على حافظة من الجلد قد
اصفرّت اوراقه واكل السوس بعضه. لم يقرأ يونج الكتاب المقدس لسنوات، وكان سميث
جاهلا بالقراءة، فقام يونج بتعليمه من كلمة الله. وهكذا بدأ الرجلان اللذان كانا
يشعران بالخوف واليأس بقراءة كلمة الله معا، بادئين بسفر التكوين. تعلم كل منهما
من العهد القديم ان الله اله قدوس وانهما خاطئان، لذلك حاولا جاهدين ان يصليا.
كان الاطفال الصغار هم اول من عادوا مرة اخرى
لرجلين بعد ان لاحظوا التغيير العظيم الذي طرأ عليهما. وبعد ذلك احضرا الاطفال
امهاتهم، وكان الجميع يستمعون لهما وهما يقرآن من كلمة الله. في تلك الايام توفى
يونج، ووصل سميث للعهد الجديد. وبينما كان يقرأ قصة المسيح حدث له شئ مدهش! واليك
ما سجله: "عشت سنوات طويلة وكأني اعمى، ولكن فجأة انفتحت كل الابواب امامي
على مصراعيها ورأيت النور. لقد قابلت الله في المسيح الذي رفع عني نير خطاياي،
فوجدت الحياة الجديدة في المسيح".
وبعد مرور ثمانية عشر عاما على التمرد الذي
حدث على السفينة "بونتي" رست سفينة قادمة من بوسطن على شواطئ جزيرة
بيتكارن، وهناك وجد قبطان السفينة ان شعب هذه الجزيرة يتصفون بالمحبة والسماحة
والكرم اكثر من اي شعب اخر. وعند عودته للولايات المتحدة صرح قبطان السفينة انه لم
ير في كل رحلاته وسفراته شعبا مثل هذا الشعب الذي ظهرت النعمة والقداسة واضحة
عليه. نعم، لقد غيرت كلمة الله ورسالة المسيح حياتهم.