كلنا نعرف الوصايا، ونعرف ان ناموس الله كامل، وكثيرة لا يطيعون وصايا الله، لذلك يقول الله "ملعون من لايثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به"(غلا3: 10).
واذا كان ناموس الله كاملا، ولا يقدر احد ان يحفظه بدقة، والكل قد صاروا مجرمين امام الله، فلماذا عمل الله هذه الوصايا؟
تقول رسالة يعقوب "لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ، نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ وَثَبَتَ وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ"(يع1: 22- 25).
والكتاب المقدس يعني ان وصايا الله كالمرآة، فعندما نقرأ وصايا الله ، نرى ما يريده منا ان نعمله،ونرى خطايانا فنشعر بها ونتخلص منها.
والمرآة لا تغير شكل من ينظر اليها كذلك نحن خطاة سواء وجدت الوصايا او لم توجد،ونحن محتاجون الى مخلص "بدون الناموس كنت عائشا قبلا، ولكن لما جاءت الوصية عاشت الخطية.."(رو7: 9). "لان غاية الناموس هي المسيح"(رو10: 4) فالوصية تقودنا الى المسيح والناموس هو مؤدبنا الى المسيح لكي نتبرر بالايمان"(غلا3: 24).
اذا كان رجل وجهه متسخا، فان الناس تراه، اما هو فلا يرى نفسه، الا اذا نظر الى نفسه في مرآة، عندئذ لا يأخذ المرآة لكي يغسل بها وجهه بل يستعمل الماء لذلك.
كذلك لا يقدر احد ان يغسل خطاياه بواسطة الناموس، بل الناموس يظهر الخطايا، ثم يقود الى المسيح الينبوع المتدفق الذي يغسلنا من خطايانا بدمه، فكل الخطاة الذين يذهبون اليه يتطهرون بذلك الدم "دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية"(1يو1: 7).
والتغيير الذي يحدث في قلوبنا وحياتنا عجيب جدا لا نفهمه ولكنه يبعدنا عن الشر فنتقدم نحو القداسة"ونحن جميعا ناظرين ورة عينها من مجد الى مجد كما من الرب الروح"(2كو3: 18).
فالوصية تظهر لنا الحقيقة وهي اننا خطاة وهالكون بدون مخلص، وهي تقودنا الى المسيح وتظهره لنا حتى نأتي اليه،كالرجل ذو الوجه المتسخ الي يذهب الى ينبوع ليغسل وجهه
فاض الدم الثمين من جنبه الكريم
مطهرا قلبي من اثمي العظيم
كان يوجد امير صغير معجب بنفسه، محب لذاته، وحاول والداه اصلاحه ولم يتمكنا،واخيرا ظهر لهما ملاك، واخبرهما انه يستطيع ان يصلح الامير واشترط ان يأخذه معه لمدة شهر فقبل الوالدان.
حمل الملاك الامير الى قصر كبير جدا،وسط حديقة جميلة مملوءة بالاثمار الشهية،وكان في القصر نوافذ كبيرة تطل على الحديقة،وكان بين نافذة واخرى مرآة ،وانشغل الامير بالمرايا فكان لا يشبع من النظر الى نفسه،ولكن امرا عجيبا كان يحدث كلما تطلع الى المرآة فقد كانت المرآة تكبر والنوافذ تصغر الى ان جاء يوم واذا كل النوافذ والابواب تحولت الى مرايا، ولم يستطع الامير ان يخرج ليرى الحديقة ويأكل من اثمارها. فصار يركض من ناحية الى اخرى عساه يجد منفذا ولو واحدا فلم يجد.
ثم سمع زقزقة جعلته يقف ويتذكر عصفورا كان قد رآه في قفص فتوجه اليه وقال مخاطبا اياه "يا مسكين! يا عصفوري الجميل! وهل انت ايضا سجين في هذه الغرفة المظلمة؟" ثم احضر اليه ماءا في يديه من طبق ،ثم التفت في جوانب الغرفة فوجد قطعا من تفاحة جافة فحملها الى العصفور ليطعمه اياها. وبينما كان يقوم بهذه الامور، اذ بالنوافذ تنفتح قليلا قليلا، فلما انفتحت بدرجة تكفي لاخراج العصفور اطلقه حرا. وما ان انتهى من ذلك حتى وجد النوافذ والابواب قد فتحت، فصار هو طليقا. وقد تعلم من ذلك انه ان شاء ان يتحرر فعليه ان يتحر من محبة الذات. يجب اولا ان يتعلم ان يفكر في الاخرين قبل نفسه ويعمل على اسعادهم.
فنحن لو نظرنا في مرآة وصايا الله لنزعنا عن انفسنا محبة الذات لانه قد احبنا اولا. وكل الذين يعيشون في الخطية بعيدا عن نور المسيح لا يرون خطاياهم.
كان في الهند نوع من النساك يعيشون داخل كهوف مظلمة، ويمكثون فيها عشرات السنين، وعندما يخرجون منها لا يبصرون شيئا، لان عيونهم تأثررت بالظلام فلا يعودون يرون النور. فان لم نفكر الان في الخروج من الظلمة لكي نبصر انفسنا في نور كلمة الله، فسيأتي يوم لا نعود نبصر فيه لان قلبنا يكون قد امتلأ بالخطية.
والمسيحيون يجب الا يكون مستوى اخلاقهم اقل من مستوى اخلاق رأسهم المسيح، بل يجب ان ينظروا الى رئيس الايمان(عب12: 2).