الثلاثاء، 31 يوليو 2018

وداعا سيدنا اﻻنبا ابيفانيوس

أبي الشهيد
تحممت بدمك فصرت لابسا ثوب العرس.
سعيت لتسبح و ها قد صرت مع أفخر المسبحين.
لم تتعثر في الطريق بل ذهبت من أقصر طريق حيث وعود الرب لمن يحبونه حتي الموت. هكذا محبتك للقاءه في الدير عجلت بلقاءك معه في السماء.
ما خسرت شيئاً سيدي الأب المبارك، بل صرت مثالا لمن ﻻ يطمئن علي نفسه إلا وهي في حضن المسيح.
الأسوار لا تحمي و الأبواب لا تحصن و لا حماية إلا بدم الرب يسوع. هذا حصننا أما غيره فجميع الطرق مخترقة و جميع الأبواب متهدمة إلا هو. هو الطريق الذى لا يلتوي و الباب الذى يؤدي إلي الخلاص وحده معطيا مفاتيحه لأحباءه مثل أبيفانيوس المبارك الذى عمره كإسمه صاحب الوقت القصير لكنه الآن صاحب الأبدية مع الرب يسوع . أبيفانيوس كأنه الرؤية. ها قد صار رؤية سمائية للأرضيين ليتعلموا معني القول "أما أنا فصلاة"...
***
- أيها القاتل دم أبيك صارخ من الأرض المقدسة. لم تحجب آلتك الحادة وصول الأنبا أبيفانيوس إلي صلاة التسبحة لقد وصل بأمان إلي أرض التسبحة من غير أن يتعطل. و إكتمل شهداء شيهيت خمسون شهيداً. أيها القاتل ايما كنت فالرسالة إليك لتسمع.

- لعلك راهب منحرف دخله الشيطان كما دخل يهوذا فقتل معلمه. الآن تلفظك البرية في الأرض و السماء. حيث لا يرث الملكوت قاتلون. لن ينقذك شيء. ستكون علامة علي وجهك كما كانت علي وجه قايين فيعرف كل من يقابلك أنك قاتل البار أبيفانيوس . لن نعثر لأنك راهب قاتل فقد راينا تلميذاً قاتلاً من قبل و رأينا و قرأنا في التاريخ ما هو أبشع مما فعلت.قصص الخيانة و الغدر تغزو صفحات تاريخ كنيستنا من داخل و من خارج فلن تصبح أنت ظاهرة جديدة..فأنت وصمة عار لنفسك فقط.أنت تمثل القتلة و لا تمثل الرهبان في شيء لو كنت أنت القاتل.لن نستحي أن نقول أن القاتل كان يرتدي زي التقوي و هو ينكر قوتها.

لعلك زائراً للدير موتوراً لا نعرف من أين جئت و لا لماذا أنت تقضي هناك خلوة. هل جئت لحياتك أم لموتك؟ هل كنت تقصد قتل الأسقف أم قتل من يتصادف أن يعثر في طريقك المعثر. كيف دخلت و باي قلب حضرت للدير؟ لماذا كنت ساهراً تتربص حتي يخرج الأسقف من قلايته؟ أهكذا القتل أجهدك و أطار النوم من عينيك فلم تسكت حتي رايت الدم يسيل فإستراحت عيناك المشبعتين بالدناس.
Oliver كتبها

كان اﻻنبا ابيفانيوس يفضل المتكئات اﻻخيرة عمﻻ بقول المسيح.
وكان ﻻ يحب ارتداء الثياب الفاخرة بل البسيطة حتى تظنه كاحد الرهبان العاديين.

"إنزل يا أخى عن الكراسى و أتركها لمحبيها...
وكن مثلى فقد آثرت أن أكون صبياً وتلميذاً طول حياتى". ~ غريغوريوس ثيولوغوس

الاثنين، 30 يوليو 2018

صلاة حنة

عن كتاب: حياة صموئيل – ف. ب. ماير
قيل ان حنة ام صموئيل "صلت.. وبكت بكاءا ونذرت نذرا"1صم1: 11). وخليق بنا ان نتأمل في صلاتها هذه.
  1. كانت صلاة القلب:
ان عادة الكثير من الناس ان يصلوا بصوت مسموع. اما هي فقد، "كانت تتكلم في قلبها" وهي واقفة بجانب كرسي عالي الكاهن (ع26)، "كانت شفتاها فقط تتحركان"، اما صوتها فانه "لم يسمع"(ع13). هذا ينم عن انها كانت تقدمت كثيرا في حياتها الروحية، وبدأت تعرف اسرار الشركة القلبية مع الله. لم تكن صلاتها مجرد ترديد كلمات جوفاء، بل كان هناك اتصال بين الروح والروح، بين العوز ومسدد العوز، بين الجوع والشبع، بين الانسان والله، وهذا كله لا يحتاج الى كلام، لان الكلام لا يقدر ان يعبر عن "الانات التي لا ينطق بها".
  1. وكانت مؤسسة على اسم جديد لله:
لقد لجأت الى الله باسم جديد "رب الجنود" ع11، كأنه امر هين جدا لديه ان يبرز الى الوجود روحا صغيرا تدعوه ابنا. لقد طلبت منه ان يتطلع من بين ربوات الجنود، الارواح المقدسة المحيطين بعرشه، الى حزنها وكآبة نفسها.
لقد "نذرت" لله بكلمات ايّدها القانة بسكوته اومصادقته لها فيما بعد (عد30: 6-15)، وهي تتضمن في انها لم تطلب هذه النعمة ، التي لا تقدر، من اجل نفسها فقط، بل من اجل مجد الله، وان ابنها سوف يكون نذيرا منذ ولادته، يمتنع عن شرب المسكر، ولا يعلو راسه موس، ولا يتدنس جسده بلمس اية جثة.
  1. وكانت صلاة محددة:
"ان اعطيت امتك زرع بشر"ع11، "لاجل هذا الصبي صليت" ع27. تفشل الكثير من صلواتنا لانها بلا هدف. فنحن نطلقها في الهواء بلا هدف، بعد ذلك نعجب لانها عديمة الثمر. يرتبك الكثير من المسيحيين اذا ما وجه اليهم السؤال، بعد الانتهاء من صلواتهم الصباحية، عن العطية التي طلبوها في الصلاة. كثيرا ما اكتفينا بان نسأل الله بصفة عامة بان يبارك الذين نحتك بهم، دون الاشارة بصفة خاصة الى حالة اي واحد منهم. يخبرنا المؤمنون المحنكون، الخبيرون بروح الصلاة عن النتائج العجيبة التي حصلوا عليها عندما حصروا صلواتهم في طلب الخلاص لاشخاص معينين، او من اجل خير معين.
  1. وكانت صلاة بدون تحفظ:
"اسكب نفسي امام الرب" ع15. كم هو جميل ان نقتدي بحنة. نحن نفضي باسرارنا لاصدقاء نثق بهم جدا، وكثيرا ما ندمنا على هذا. وعندما نفضي باسرارنا الى الله، فكثيرا ما افضينا اليه ببعضها واحتجزنا البعض الاخر. كان ممكنا ان تنتهي كل مشاكلنا لو اننا تجاسرنا بان نسكب انفسنا امام الله دون ان ندافع عن انفسنا، او نتلمس لانفسنا الاعذار، ودون تزيين ما يتطلب الاعتراف الكامل الصريح. عندما يكون القلب منكسرا، عندما يزداد ثقل الهموم، عندما تتوتر الاعصاب بشدة اسكب نفسك امام الله، الجأ بنفسك الى الله فتستريح.
  1. وكانت صلاة المثابرة:
"وانت اذ اكثرت الصلاة امام الرب" ع12. ليس معنى هذا انها كانت تعتقد انه "بكثرة كلامها يستجاب لها"، او ان هذا ما يجب ان نعتقده نحن، ولكن عندما تتثقل قلوبنا باي امر فاننا لا نملك الا ان نصلي وننتظر الرب.
  1. فنالت صلاتها بركتها المرجوة:
لقد دخلت حنة في روح الصلاة التي لا تطلب فقط، بل تاخذ ايضا. لقد ادركت مقدما تلك الكلمات العجيبة التي تكشف عن سر الصلاة المقتدرة "كل ما تطلبونه حينما تصلون امنوا ان تنالونه فيكون لكم"(مر11: 24). في هذه الصلاة نستطيع ان نرى حصاد ما زرع في سني الالام. لقد تم لحنة حسب ايمانها. طوبى لها اذ امنت!
***
نجد  ان حنة كانت "تحرك شفاهها" فقط، اي ان صلواتها لم تكن كلمات، بل صﻻة ذهنية فقط. نفس اﻻمر نقرأ عنه في (خر14: 15) “فقال الرب لموسى مالك تصرخ اليّ" مع انه لم يذكر ان موسى صلى الى الرب في هذا الموقف، ولكنها الﻻة الذهنية او السرية او الصامتة. بالمثل في (نح 2: 4) “فال لي الملك ماذا انت طالب. فصليت الى اله السماء. وقلت للملك..”. لقد كانت صﻻة نحميا في هذا الموقف صﻻة قصيرة وصلاة قلبية. 
لم تنظر حنة الى ابنها بقلب اﻻباء او الامهات الشغوف ولكنها حولت نظرها عن العطية لتنظر الى العاطي وترفع صﻻة شكر. نحن نعرف ارتباط اﻻمهات باﻻبناء وخصوصا انه جاءها بعد طول انتظار. ولكنها بعد عامين اوفت بنذرها وقدمته الى هيكل الرب و لم تقل "اتركه ﻻتمتع به". وكأن لسان حالها يقول "سوف يكون هناك صموئيل اخر ، لكن لن يكون هناك يهوة اخر". “ليس سوى الهنا" اي انه ﻻ يقارن باحد.
وفي صﻻتها تغنت بصفات الله . تغنت بقداسته "ليس قدوس مثل الرب" وبحكمته "اله عليم" وبقوته "ليس صخرة سوى الهنا". تغنت بعدله "به توزن اﻻعمال".
وفي نهاية الصلاة تذكر نجاة اسرائيل، وكأنه سيكون على يد هذا الصبي. وليس هذا باﻻمر الكثير، فكل واحد منا له دور في بناء كنيسته ومجتمعه بل والعالم كله. هل تدرين ايتها اﻻم وايها اﻻب ان ابنك او ابنتك سيكون له دور عظيم؟
“ارتفع قرني بالله مخلصي". لقد اقام داود في هيكل الرب مرنمين وكان من ضمن اﻻدوات الموسيقية المستعملة هي القرن او البوق. ويشير القرن ايضا الى القوة.
“اسهم الجبابرة انحطمت". “كالسهام بيد القوي كذلك ابناء الشبيبة"(مز127: 5) مبارك الرجل الذي يملأ جعبته او بيته منهم، ﻻنهم ﻻ يخزون اذا كلموا اعداءهم في اﻻبواب.
“ﻻ تكثروا الكلام العالي". فهناك من جعلوا "افواههم في السماء والسنتهم تتمشى على اﻻرض"(مز73: 9). الجبابرة ضعفوا بالمرض او الشيخوخة. امتلأت بيوتهم بالخيرات وبطونهم تملأ بذخائرهم"(مز17: 12). ويوصينا الحكيم قائﻻ "ﻻ تجعل عينك (على الغني) ﻻن يصنع له اجنحة يطير كالنسر تجاه السماء"(ام23: 5).
“الشباعى اجروا انفسهم بالخبز" توقفوا عن ان يؤجروا انفسهم من اجل الخبز. ﻻنه "ليس الغنى للحكماء وﻻ الوفرة للماهر"(جا9: 11) وليس دائما عيب الفقير انه هكذا ﻻن الرب "يفقر ويغني" وللبعض "يعطي القدرة على اصطناع الثروة" ويسحبها من اخرين. 
هل نحن فقراء ؟ جيد، فلنحيا القناعة. هل نحن اغنياء؟ لنعش حياة الشكر. بعض الناس الله افقرهم ثم اغناهم كايوب. ليت اﻻنياء ﻻ يتكلون على غناهم. . وليت الفقراء ﻻ يحيون القنوط واليأس ﻻن الله يمكن ان يغنيهم.
“الرب يميت ويحي" ﻻن في "يده مفاتيح الموت والهاوية"(رؤ1: 18)، و “ﻻ يعلم احد طريق الروح"، لكننا نعلم انها تاتي من عند "ابي اﻻرواح" والذي "في يده ارواح كل البشر"، وعندما ننجو من اخطار محدقة فان الله هو من فعل ذلك. “اثنان على فراش واحد. يؤخذ الواحد ويترك اﻻخر"، وفي الحروب يقتل الواحد وينجو اﻻخر. 
يمكن ان تؤخذ هذه العبارة بمعنى ان الله يسمح لنا ان نقترب من الموت "ﻻ اريد ان تجهلوا ايها اﻻخوة من جهة الضيقة التي اصابتنا في اسيا اننا تثقلنا جدا فوق الطاقة حتي ايسنا من الحياة"(2كو1: 6). ليس عسير على الله ان يحيي حتى العظام اليابسة (حز34).
“يرفع ويضع". ان الرب يعطي "نعمة للمتواضعين" وهو ايضا "يرفع البائس من المزبلة..”. لذلك فاﻻحرى بنا ان نتواضع "تحت يد الله القوية فيرفعنا في زمن اﻻفتقاد".
“وزن اعمدة الارض", ان الله يحمل الخليقة كلها، وهو ﻻ يزال يقيمها ويحفظها، وما يمكن ان يفعله الله في الممالك يفوق تصوراتنا. انه "يعلق اﻻرض على ﻻ شئ"(اي26: 7). ويمكن ان نعتبر ان اﻻمراء والرؤساء هم اعمدة اﻻرض.
“الرب ارعد". وبالفعل تم ذلك في (1صم7: 1). لكن لدينا سبب ﻻن ننظر الى ابعد من هذا اي الى المسيح ابن داود.
“يحفظ ارجل اتقيائه". اي يحفظ الجزء السفلي من الجسم وباﻻكثر الراس والقلب اي يعيش اﻻنسان بدون ندم. حتى اﻻشياء التي تبدو اقل اهمية وتافهة في حياتنا الرب يهتم بها. “ﻻ يسلم رجلك للزلل". “من قبل الرب تتثبت خطوات اﻻنسان. ايضا اذا سقط ﻻ ينطرح.”
الجبابرة ضعفوا بالمرض او الشيخوخة. اما اﻻشرار فيصمتون في لظﻻم" انهم يعاقبون بالعمى والبكم، غير قادرون على رؤي طريقهم او ان يقولوا شيئا. ان ذلك يذكرنا بما قيل في مثل ثياب العرس "كيف دخلت الى هنا. فسكت". 
“مملكة الرب سوف تسود اطراف اﻻرض". ان مملكة داود قد اتسعت لتشمل مناطق كثيرة، لكنها لم تصل الى اطراف اﻻرض اما مملكة المسيح فانها اتسعت لتمﻻ المسكونة (دا9). “اذهبوا الى العالم اجمع"(لو22: 43). مملكة المسيح سوف يسودها السﻻم وسوف يخضع اﻻعداء للرب ولمسيحه.

الاثنين، 23 يوليو 2018

اﻻب مكسيميليان كولب


حياة بدل حياة:
في 17 فبراير 1941 ترجل 3 جنود نازيين من سيارة عسكرية امام دير "نيبو كالاناوا" ببولندا يريدون مواجهة الاب ماكسميليان كولب، فاذا بهم ازاء راهب شاحب الوجه، اضناه المرض والجهد، فاقتادوه على الفور الى سجن بورياك. وبعد ايام استدعى الاب كولب امام القائد الالماني النازي الذي استبد به الغضب لدى رؤيته الثوب الرهباني. فصرخ بوجهه:
ايها الكاهن...، قل لي هل تؤمن بالمسيح؟
نعم اؤمن!
واذا بصفعة قوية تهوى عى خده. وجاء السؤال مجددا بتشنج:
وبعد هذا هل تؤمن ايضا؟
نعم اؤمن!
فراح القائد ا والكاهن المسكين لا مقاومة له سوى الاصرار على ايمانه.
وفي 30 من يوليو 1941 هرب احد السجناء من الفرقة 14 من سجن اوشوايتز، فتذكر السجناء المنكودون التهديد القاضي باعدام عشرين سجينا عن كل هاربمن الفرقة. واصطف المعتقلون امام القائد ليختار ، كالجزار، من يرسله الى المحرقة.. وارتفع الزفرات، ويختلط الاستنجاد بالحسرات. واذا باحدهم يصرخ بصوت تخنقه الغصة: "اه، زوجتي التعيسة، اولادي الاعزاء!".
وفي هذه اللحظات ترك احد المعتقلين صفه وتقدم من القائد، فشهر هذا مسدسه وصرخ:
مكانك! ماذا تريد ايها الخنزير؟
فاجابه الاب ماكسميليان – وكان هو المتقدم:
تن تسمح لي بان اموت عوضا عن احد المحكوم عليهم!
من انت؟
انا كاهن كاثوليكي.
عوض من تريد ان تموت؟
عوض هذا (واشار الى الرجل الذي انتخب من قليل).
ولماذا؟
لانه رب عائلة مسكينة!
ووافق القائد ، واقتيد الكاهن المتمثل بسيده المسيح مع المحكومين الاخرين الى غرفة الموت.. غرفة مظلمة تحت الارض، يهمل فيها المعذبون الى ان ينهشهم الموت رويدا رويدا، بانياب الجوع والعطش. واقسى عذاب يعانونه هو العطش المحرق الذي يلهب الاحشاء، ويجفف الدم في العروق. وما اقسى الموت اذا اقبل ببطء!
وفي صباح اليوم 14 من اغسطس كان الاب ماكسيميليان اخر من تبقى من زملائه، فقضى عليه حارس المعتقل بطعنة بخنجر مسموم بمادة الفينول واحرقت جثته! وكان عمره انذاك 47 عاما، لكنه منذ تلك اللحظة دخل عمره الابدي في السماء..
الى ساحة التكريم والمجد:
وفي يوم الاحد 10 اكتوبر 1982 ، وفي ساحة القديس بطرس بروما، وقف البابا يوحنا بولس الثاني يعلن رسميا قداسة مواطنه الاب ماكسميليان كولب، امام حشد غفير يربو على مئة الف شخص من جملتهم فرنسيس كايوفنيكزك نفسه الذي كان الاب كولب قد قدم حياته عنه قبل 40 عاما، وعمره الان 82 عاما.
وفي الكلمة التي القاها بالايطالية والالمانية والبولندية، علّق البابا على قول السيد المسيح "ليس لاحد حب اعظم من هذا، ان يضع احد نفسه لاجل احبائه"(يو15: 13) بان الاب كولب اكمل قول الفادي بحذافيره في معتقل اوشوايتز المشؤؤم، حيث مات 4 ملايين شخص بالتعذيب والاعدام.

كاميرا اﻻيمان


كنت ازور مكانا سياحيا وهناك رايت منظرا جميلا غاية في الروعة، وتمنيت لو امكنني الا افارق ذلك المكان، لكن هيهات، فهي زيارة عابرة وقد لا تتكرر مرة اخرى. تمنيت لو انطبع هذا المنظر في ذاكرتي حتى استمتع به كل ايام حياتي، لكني اعرف انه بعد وقت ليس بطويل سوف يغيب عن ذاكرتي ولا يبقى منه سوى ذكرى.
وفجأة خطرت لي فكرة. اشتريت كاميرا، والتقطت بها صورة ذلك المنظر الجميل. تحققت الامنية، واصبح الحلم واقعا!!
وتواردت في ذهني خواطر كثيرة.. فكم اشياء جميلة في الحياة يود المرء لو تتحقق. وسمعت صوتا يقول "كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه".
وهنا جاء التحول العظيم والاكتشاف الخطير. ان كنت اضع ثقتي في كاميرا من صنع الانسان، افلا اضعها في خالق الاكوان! افرغت ذاكرتي من كل المناظر المؤلمة وجعلت منها شاسة بيضاء ، وبدات ارسم عليها صورة اجمل حياة اتمنى ان اعيشها، حياة هانئة، قلب مطمئن، ضمير مستريح، عقل سليم راي ممكن وتفكير ناضج. واخذت احذف من الصورة كل ما يشينها واضيف ما يزيدها ابداعا. وطلبت من الله ان يسلط عليها نوره. ولما اكتمل المنظر التقطت الصورة، ودخلت بها مخدع الصلاة.
وتوالت الاكتشافات وانفتحت امامي ابواب وظهرت امكانات لم اكن اعرفها. عرفت ان:
  1.  الصورة يمكن ان تكبر ويزداد حجمها. وكذلك الايمان لا يقف عند حد معين. انه يبدا كحبة ثم يكبر ليصير شجرة عظيمة.
  2. والصورة يمكن ان تلون وتصبح ازهى واجمل. والايمان سريعا ما يزدهر بثمار مباركة.
  3. والصورة يمكن ان تجسم وتصبح بارزة. ونحن اذ "ننظر مجد الرب بوجه مكشوف كما في مراة نتغير الى تلك الصورة عينها.. حتى يتصور فينا المسيح فينا".
  4. والصورة يمكن ان تطبع على اغلفة المجلات والكتب وتجوب البلاد. والايمان متى انطبع "ذاع خبره الى اقاصى الارض".
  5. والصورة يمكن ان تظهر على شاشة عرض يراها الكثيرون. والايمان متى تزكى يصبح "رسالة معروفة ومقرؤة من جميع الناس".
  6. والصورة يمكن ان يصاحبها الكلام فتصبح "صوت وصورة". وما احلى ان يصحب الايمان شهادة "كما هو مكتوب امنت لذلك تكلمت".
  7. والصورة يمكن ان تحمل على موجات الاثير ويراها الناس في اماكن بعيدة. والايمان ينتقل تاثيره ويظل خالدا حتى بعد انتقال رجاله.
ايها الحبيب. هل لك امال في الحياة عجزت عن تحقيقها؟ هيا امسك كاميرا الايمان.
  • لعلك لم تحاول من قبل، او حاولت وفشلت. اجتهد ان تكتشف موطن الخطا. ربما امسكت الكاميرا بيدين مرتعشتين غير ثابتتين فخرجت الصورة مهزوزة. اطرد شكوكك هذه المرة حتى يتثبت ايمانك.
  • او لعلك لم تسلط الضوء الكافي فخرجت قاتمة. ضع نفسك تحت نور المسيح وكلمته لكي يفحصك وينير ظلام قلبك وفكرك.
  • او ربما تسربت للكامير اضواء من الخارج فخرجت باهتة. اجتهد ان تعزل نفسك عن اضواء العالم الزائفة.
  • او لعل العدسة لم تكن نظيفة فجاءت الصوء ملطخة. اذا عليك ان تغتسل في دم المسيح.
يا رب زد ايمانننا!

الاثنين، 9 يوليو 2018

يوميات الين -12

ترك الصراع الذهني والروحي الين في غاية الارهاق. اخيرا راحت في النوم بقدر ما استطاعت ان تبقى رأسها على الوسادة. ايقظها الرنين المستمر للتليفون. بينما تتناول معطفها لمحت الساعة وبعد ذلك تنبهت الى الوسادة بجوارها على الفراش. الساعة الثانية بعد منتصف الليل وشاد ليس بالمنزل. رعب مفاجئ اجتاحها، وارتعشت يداها وهي تضع هاتفها على اذنها.

"انسة ستيوارت؟"

"مرحبا"

"معك على الهاتف مستشفى - . اخوك اصيب اصابة خفيفة وهو هنا الان. انه يسأل عنك. هل يمكنك المجئ؟"

"نعم – اوه، نعم، سوف اكون هناك حالا!"

يوميات الين -11

طوال يوم الاثنين كانا الين وشاد مشغولين. الين تقوم بكي الملابس، وشاد يقوم ببعض الاصلاحات في الشقة. لم تكن الين تركز في الاقمصة التي تمرر المكواة عليها بخفة بقدر ما كانت تفكر في العبد العبراني وهو يسأل سيده ان يثقب اذنه. بدى لها انها تسمع الواعظ يدعو الناس ان يسلموا حياتهم للرب. اشتاق قلبها ان يلبي الدعوة. لم تكن ترضى بنصف تبعية للرب. تعرف ذلك ان تتبع الرب يعني ان تتبعه بكل قلبها. وثمن ذلك لم تجرؤ ان تفكر به. لكن كان هناك شاد – شاد الذي كانت محبته لها ثابتة وعظيمة و صممت ان تفتح قلبها للمخلص. عرفت ان شاد لن يرضى ان تظل بعيدة عن الرب، كما انها هي نفسها لم تعد تطيق الامر. يجب ان ترجع الى الرب -.

يجب ان تسّلم الحياة باكملها للمسيح –. ولكن الذي جعلها تتراجع في خوف، على الجانب الاخر، رغبتها و حقيقة لا تتكرر يقبلها شاد. في يأس دفنت رأسها في يديها وانهمرت الدموع.

عندما عاد شاد الى المنزل ووجدها هكذا. لم يجدها تبكي من قبل هكذا. قربها الى صدره طالبا اليها ان تخبره عن السبب. عندما لم تتكلم سأل برقة "هل بكاؤك بسبب عظة الامس؟"

اومأت براسها واقتربت منه.

يوميات الين -10



ذهبت الين في رحلة قصيرة للبحيرة في سيارة اجرة لاحضار بعض الحاجات من الشقة التي تركتها هي وشاد منذ بدء الدراسة. وحينما عادت وبينما كانا يأكلان الفشار، مالت عليه وطلبت اليه "شاد، هل يمكنك ان تترك عملك لنقضي هذه الاجازة هنا؟" الا يكن رائعا لو اننا ذهبنا الى البحيرة غدا ليلا ونبقى هناك اسبوعا؟".

صرخ شاد بحماس "سيدتي، يا لها من فكرة رائعة! بالتاكيد يمكنني ذلك. لقد قضيت كثيرا من الوقت في العمل الفترة السابقة لأن المدير طلب مني ذلك، بسبب مرض احد الزملاء. لذا فسوف يكون من السهول الحصول على اجازة. اتمنى ان نذهب. لكني اخاف الا يكون بمقدورك انت الحصول على اجازة."

يوميات الين -9

عند الثامنة صباحا وصلت الين وشاد الى المدرسة وذهب كلا منهما الى صفه. كانت الين اكثر سعادة من اي يوم في حياتها. عند الظهر اكلا معا طعام الغذاء في ركن من معمل الاستاذ نيقولاس، خلى المعمل من العاملين باستثنائهما. في فترة الظهيرة ذهب شاد الى معمل الكيمياء وعمل حتى الخامسة صباحا. ثم اسرع ليشتري الطعام ويعد العشاء. اقتحمت الين مجال الطبخ بشغف واصبحت مغرمة بقراءة كتب الطبخ. كان هناك بعض الفشل بالطبع لكن شاد كان يأكل ما تطبخه بسرور. في احد المرات اغاظها بقوله عن "بوب" انه لو تذوق ما تطبخه لمدحها لنجاحها الساحق في فن الطبخ.

انهمكت الين فى اعداد ميزانية البيت. وضعت هي وشاد الميزانية بما يتوافق مع ما يتقاضياه. دخلها الشهري من ارثها بقى ثابتا في البنك. واصبح مسألة شرف بالنسبة لها الا تمس شيئا منه، كما ان شاد لم يعرف شيئا عنه.

سألت نفسها في وقت متأخر من ظهر احد الايام، بينما انهمكت في تقشير البطاطس. والبصل من اجل اعداد وجبة جديدة "اتساءل ماذا سيكون رد فعل شاد لو عرف انه يمكنني ان اضع رجلا على رجل واحرر شيكا يكفي ايجار شقتنا وما نحتاجه من الطعام لعام كامل؟ .. سوف لا يسر ذلك شاد - ربما من الافضل ان ادع رصيدي في البنك كما هو".

لذا فان الين دبرت مصروفات المنزل، ولتساهم كذلك في زيادة رصيدها في البنك. واشرق وجهها بابتسامة عريضة وهي تستخدم ماكينة الغسيل لاول مرة وتقول "آه لو تراني العمة راعوث الان. اعتقد انها لن تصدق بأن طفلتها سوف تعمل هذا يوما. عمتي العزيزة، اتمنى ان تعرفي كم انا سعيدة بهذا!"

السعادة كانت تغمر الشقة الصغيرة. استمتعت الين باوقات سعيدة قضتها مع شاد - في الدراسة، وعلى مائدة الافطار في مطعم الجامعة. كثيرا ما اغمضت عيناها وهي تحلم بانه ستتكئ يوما علي اريكتها في شقتها الفخمة ولا تفعل شيئا سوى ان تنعم بالراحة.

لبعض الوقت خالجها القلق لانها شعرت ان شاد كان حزينا بسبب ان حالتهما الروحية لم تكن كما كان يود. فقد صنعت الخبرة الروحية الجديدة التي عاشها خلال اشهر الصيف الماضي فرقا كبيرا في حياته - عندما كان يصلى قبل الافطار لم يكن مجرد كلمات يتلوها كما اعتادت دائما ان تفعل هي، لكنها كانت صلاة قلب حقيقية. وعندما كان يشكر الله على عنايته كان يفعل ذلك بكل قلبه، بل انه كان يحدثها كثيرا عن تكريس نفسيهما لله، في حين انها كثيرا ما وجدت افكارها تشرد للعمل او الدراسة خلال اليوم. لم تحب هذا. انها لم تهتم بهذا الامر ولو قليلا.

كل مساء قبل ان يبدأ شاد دراسته كان يقرا لبعض الوقت من انجيله، والذي دائما كان موضوعا في متناول يده على منضدة حجرة المعيشة. كثيرا ما كان يقرأ بصوت عال. استمتعت الين بهذا – ليس بما يقرأ ولكن بالاكثر بسبب اعجابها بصوت زوجها. مع ذلك، حينما رأت كم يحب الكتاب المقدس حاولت هي ايضا ان تهتم اكثر به.

في فجر احد الايام الصيفية. في اول عطلة اسبوعية تقضيها في الشقة الجديدة. سأل شاد بتردد على مائدة الافطار "هل تحبين ان تذهبي الى مدرسة الاحد معي هذا الصباح يا الين؟"

اجابت وهي مندهشة بعض الشئ "اوه، متأسفة. لم اعرف انك خططت للذهاب الى الكنيسة اليوم. لم اعتد ذلك. لديّ بعض الاعمال اريد ان انجزها، قبل ان اقابل الاستاذ غدا. ولذا فاعتقد انك لن تعارض ان ابقى في البيت. أليس كذلك؟"

على الرغم من تأكيده ان العكس هو ما يسره، الا انها عرفت انه لن يعارض وبينما وقفت امام النافذة ترقبه يغادر الى الشارع بمفرده قررت ان تذهب معه.

يوم الاحد صباحا وقف شاد امام المرآة يكافح مع ربطة العنق، عندما لاحظ ان الين بدأت في ارتداء ملابسها قال باقتضاب "الى اين تذهبين يا زوجتى العزيزة؟".

قالت الين وهي ترد عليه بأدب بالغ فيما تضع بعض مسحوق التجميل "ذاهبة الى مدارس الاحد يا سيدي. هذا لانني وجدت تشاب اشقر. هو سيصحبني الى هناك".

قال شاد وهو يضع يده على بطنها مبتسما "يوجد هنا واحد يسره هذا. لو اي تشاب اشقر اخر اخبريه انك بالفعل مرتبطة".

بعد ان سارا وتجاوزا بضع بنايات، توقف شاد امام احد المباني القديمة القبيحة في شارع رجال الاعمال. "حسنا، ها نحن"

صرخت الين مصدومة "هنا؟".

"هذا هو عزيزي. اعتقد انك ستحبين المجئ هنا كل اسبوع"

بدلا من الارائك التي اعتادت الين ان تجدها في الكنيسة وجدت صفوفا من الكراسي. كانت الجدران مزينة بآيات الانجيل. كان البيانو معطلا. كتب الترانيم كانت قديمة. بدأت الين تشعر بالاسف.

سألت شاد بينما جلست بمفردها على احد المقاعد في مؤخرة الكنيسة "ما الذي جعلك تختار كنيسة مثل هذه؟"

ابتسم شاد "اعتقد انها تبدو جميلة جدا. وعدت امي ان اخدم الرب. عرضت على الخدام هنا المساهمة ووافقوا. ثم انك طلبت ان تأتي هنا وها نحن. الاسبوع الماضي طلبوا مني ان اقرا آية من الانجيل في مدارس الاحد. يمكنك هذا. أليس كذلك؟"

همست الين "نعم، لكني افضل الا افعل هذا".

ابتسم شاد.

امتلأت الكنيسة بسرعة بالاطفال. تذكرت الين انها في طفولتها استمتعت بدروس مدارس الاحد التي كان يلقيها استاذ متفان في خدمة الرب، حماسه كان فريدا في القاء الدروس.

لم يكن العزف جيدا. اخطأ المرنم عدة مرات اثناء الترنيم، والفتاة التي عزفت البيانو كانت عصبية وحاولت ان تعاونه في الترنيم لتغطي على اخطائه. وباختصار وصفت الين الجوقة بـ "الشئ السئ".

كانت العظة اول عظة تسمعها الين منذ عامين. كان الواعظ رجلا ضئيل الحجم، يرتدي ملابس بسيطة، له عينان ضعيفتان، يرتدي نظارة ذات عدسات قاتمة. بمجرد ان اعتلى الواعظ المنبر هيأت نفسها الين لقضاء ساعة من الملل. وتأسفت على القرار الذي اتخذته يوم الاحد الماضي بالمجئ الى هنا.

بالرغم من ذلك عندما بدأ الراعي يعظ، اصبحت الين اقل تفكيرا في شخصه وبدأت تصغ بتأثر الى رسالة الرب لها. لم يستخدم الواعظ الفصاحة لكنه وجّه كلامه مباشرة الى السامعين. عنوان العظة كان "اشترينا بثمن" وللمرة الاولى في حياتها سمعت الين كلاما عن موت المسيح ومعناه بالنسبة للعالم. تذكرت انها اهتمت بمعرفة ذلك وهي طفلة لكن لم يحدث يوما ان تجاوبت معه بمثل ما تجاوبت الان.

حين رجعا الى البيت سألها شاد "هل كان كل شئ جيد يا الين؟"

"لم يكن سيئا على الاطلاق. كان جيدا. انا سعيدة اننا ذهبنا. لكن اتمنى ان اعلم العازفة المسكينة كيف تعزف على البيانو. كانت مجهوداتها مثيرة للشفقة".

وافقها شاد قائلا "نعم، هي تعرف ان عزفها سئ لكن ما عملته كان لانها احبت الرب".

"هل انت حقا تعتقدين ان الله يهتم بمثل هذه الاشياء الصغيرة يا شاد؟"

"نعم بالتاكيد. لو انه يهتم بالعصافير والزنابق سوف يهتم بي. انه يهتم بكل تفاصيل حياتنا. اكتشفت الان كيف انني احتاج اليه".

لم تجب الين. كانت تصريحات شاد غريبة بالنسبة لها. شعرت مرة اخرى بعدم راحة. لم يكن لها هذا الاختبار بالمسيح. كانت تعتقد ان الله بكيفية ما سوف يفسد متعتها مع شاد. بالنسبة لها، العمل والحب كانا كافيان ليملآ فراغ حياتها. عملت بجد ، ولم تشعر انها تحتاج الى الله، ولم تفهم لماذا شاد على العكس منها.

قالت في نفسها يوما "سأحاول. سوف استمع لشاد يقرأ الانجيل، وسوف اتحدث معه عن الروحيات متى اراد ذلك. سوف اذهب الى الكنيسة ومدارس الاحد، وايضا سأواظب على الصلوات الجماعية، وسأحضر الاجتماعات الروحية متى توفر الوقت".

جاءت صوت من داخلها "لكن ماذا تعتقدين عندما تكونين هناك؟".

لكن لم يكن لالين اي رد فعل اذ انها انغمست اكثر في عملها. خططت لاجراء تجارب او ترقيم شرائح لعرضها في كتاب الاستاذ واكمور اخرى كثيرة شغلت كل وقتها. حقا ان البذرة وقعت في الارض ولكن الحق الذي سمعته يبشر به وتعلمته بدأ يتلاشى. بدات تشعر بعدم رضا غامض مع نفسها. قناعاتها في الحياة ومعناها بدأت تتغير. عرفت ان شاد لديه شئ لا تمتلكه هي، و عرفت انه يشتاق ليشاركه معها هذا الشئ. قراءات الانجيل التي واظب عليها اولا وكانت سأما لها اصبحت الان ممتعة جدا. لذا لاول مرة تركع بجواره وهو يصلي. وشعرت انها في حضرة الله. لم يسرع شاد ولم يحثها ان تاخذ اي خطوة نحو الله. اراد ان يكون قرارها هي – ليس لاجله لكن للرب. راى ان حياتها بدأت تتغير وشكر الله.

يوميات الين -8

كان فصل الصيف بالنسبة لالين ايضا مليئا بالاحداث.عمل الاستاذ نيقولاس بجد عظيم، شاعرا ان ايامه قاربت على الانتهاء. وكان محتاجا الى مساعدة الين. الكتاب العلمي الذي كان يعد تتويجا لعمله احتاج فقط الى عدة اسابيع من العمل حتى يكتمل. العجلة كانت مطلوبة، اذ انه ربما لا يبدو انه سيكون في امكانه ان يقوم بهذه الرحلة العلمية مرة اخرى. لذا فانهما عملا يوميا من الصباح الباكر الى المساء، واضعين في هذا الكتاب القيّم كل جهودهما الثمينة.

كان الاستاذ منهمكا جدا في عمله وفي اشياء اخرى، لدرجة انه لم يلاحظ ما ظهر على الين من ارهاق الشديد. وفي الواقع هي لم تشتكي ابدا، فقد اعتقدت انه اذا عملت بجهد اكبر طوال اليوم، سيقل الوقت الذي تشعر فيه بالوحدة.

يوميات الين -7


بمرور اﻻيام تلاشت غصة ابتعاد شاد عن الين، ودخله السرور مجددا. لقد عاد للبيت بعد طول غياب، واشتياقه لعائلته كان اكثر بكثير مما كان يعتقد. كان من المفيد له ايضا ان يعود للريف بعد سنتين من الانكباب على الدراسة. وكان من الجيد ان يعرف انه باهتمامه بالعناية بالمزرعة يساهم بذلك في تعافي اخيه سريعا.

لكن مع مشاعر الفرح بالعودة لعائلته، جاء لشاد غصة افقدته توازنه. اذ ان كثير من الاشياء في المزرعة ذكرته بابيه الذي كان يحبه كثيرا، والذي جمع بين عمله كطبيب الاهتمام بارواح الناس من خلال خدمته في الوعظ. انه كثيرا ما تحدث لابنيه عن ذلك بينما يجهد نفسه ما بين العمل في المزرعة وخدمة الناس.

ذات صباح بينما كان شاد يقود الجرار في الحقول، وكان تفكيره منشغلا بذكريات طفولته. تردد في عقله صوت ابيه وهو يقول له: "رجل لا يصلح ان يكون طبيبا للاجساد لا يمكن ان يكون طبيبا للارواح. لو انك عالجت الروح، لتعافي الجسد."

يوميات الين -6


اعتقدت الين ان هؤلاء الاصدقاء سوف يقضون الصيف في الجامعة، يذهبن الى البحيرة في زيارة قصيرة بين الفصول الدراسية. لكن في بداية مايو بدأ الاستاذ نيقولاس يتحدث عن نيته في القيام برحلة لاجراء بعض الابحاث مع د. كنسولفنج في معامل زينيا.

اخبر الاستاذ الين: "بالطبع انا اريدك ان تذهبي معي، انسة الين. انك عيني الثانية، وبهذه الطريقة يمكنك الاستمرار في اعداد الرسومات اللازمة لكتابي العلمي الذي اقوم بتاليفه."

للمرة الاولى بدأت تطلب فرصة لزواجها الملح بشاد. كانت متلهفة للسفر مع الاستاذ والاستفادة من فرصة العمل في معامل زينيا، لكن كيف يمكنها ان تترك شاد؟ كل مرة تراه فيها يصبح اكثر قربا الى قلبها. وكانت متأكدة انه لا يريدها ان تبتعد عنها حتى حلول الصيف. فكرت طويلا في حل هذه المشكلة. واخيرا حلت بطريقة غير متوقعة.

ذات مساء التقت الين شاد على العشاء. في الحال ادركت انه في مازق. بينما يجلسون الى الطعام، سلمها خطابا من البيت. قرات –

يوميات الين -4


في ظهيرة يوم الجمعة استقلت ايلين سيارتها مصطحبة معها صديقتها كارولين وانطلقت الى وسط المدينة لشراء ما يلزم للاحتفال بليلة عيد الميلاد – الكحك، الحلويات، شجرة الكريسماس والزينة.. وقبل ان يعودا الى المزرعة مرا على بعض الاصدقاء لدعوتهم لقضاء عطلة العيد معهما في المزرعة.

في صباح السبت جاء المدعوون تباعا. حضر “شاد” اخو كارولين وهو طالب بكلية الطب وكذلك حضرت “ميريت” وهي تعمل في معمل ابحاث الاحياء بنفس الكلية..

بدأت عطلة عيد الميلاد المجيد. وبدأ الجميع في اعداد المنزل وتزيينه للاحتفال بالعيد.. خرج شاد لجلب بعض الحطب من الغابة القريبة، تناول بلطة وبعدة ضربات قوية ظهرت فيها قوته التي اكتسبها من سنوات قضاها في العمل الريفي الشاق قطع كمية كبيرة من الحطب ثم حملها ووضعها في المدفاة.. التف الجميع حول المدفأة وتسامروا لبعض الوقت. ترنموا معا ببعض ترنيمات عيد الميلاد ثم تسلوا ببعض الالعاب كما احضرت ايلين البوم صورها لتريه للجميع، وبين الحين والاخر كانت تبدي تعليقاتها. كان الاحتفال بهيجا. عرفت ايلين معها احساسا اخر بالعيد.

عند العاشرة مساءا سمع الجميع قرعات اجراس الكنيسة المجاورة. انها تعلن بدء صلاة القداس التي تقام في منتصف ليلة العيد. نهض الجميع للذهاب الى الكنيسة. وفي الكنيسة غمرت روحانية الصلوات قلب الجميع بالسلام والفرح بهذا اليوم العظيم الذي ولد فيه المسيح مخلص العالم.

بعد انتهاء الصلوات عادت كارولين وميريت الى المزرعة. بينما احب ايلين وشادي ان يستمتعا بجمال الطبيعة، فتسلقا التل المطل على البحيرة. كان الهدوء يكتنف الكون بغلالة من الهدوء.

حين وصلا لقمة التل جلسا على صخرة بجوار بعضهما صامتين لبرهة.. بدت ايلين متأثرة ثم ابتسمت قائلة:

“هذه اعلى بقعة في المدينة. اعتدت ان اتي الى هنا لاعتقادي انها الاعلى في العالم”.

"هل هنا موطنك؟"

"نعم ، هذا المكان هو مزرعة تركها ابي وامي لي اثر وفاتهما في حادث فيما كنت لا ازال طفلة رضيعة، وقامت عمتي بتربيتي وكانت تصطحبني الى هنا كل صيف. وانا صغيرة كنت اتسلق هذا الجبل وارفع عيناي الى السماء، واحاول ان ارى ابي وامي فيها. احيانا اخال انني اراهما بالفعل”.

ربت شادي برفق على كتفها مواسيا ثم قال:

“اشعر وكأني احلم – فقط انت وانا معا!”

الأحد، 8 يوليو 2018

الكنيسة


في يوم 4 يوليو كان تذكار القديس يوحنا بن اﻻبح وهو المعروف باسم شهيد الكنيستين. يذكر السنكسار ان احد خلفاء الدولة الفاطمية اراد ان يكافئ الوزير يوحنا فسأله ان يطلب شئ. فقال له الوزير اني اريد ان ابني كنيسة جوار بيتي ﻻصلي فيه، فاعطاه الخليفة فورا تصريح ببناء كنيسة. لكن الوزير رأى ان هناك كنيستان تحتاجان الى ترميم هما كنيسة الشهيد سرجيوس وهو المعروف بابي سرجة وكنيسة الشهيدة بربارة وهما متجاورتان. وبعد ان اتم الترميم دعا اﻻب البطريرك لتدشينهما.
لكن بعض الاشرار اعلموا الخليفة ان الوزير بنى كنيستان. استدعى الخليفة الوزير وطلب منه ان يهدم احدى الكنيستان وارسل معه العمال بالمعاول. احتار الوزير اي الكنيستان يهدم ومن شدة حزنه مات. فلما علم الخليفة بذلك ترك الكنيسة اﻻخرى تكريما له.
هكذا كانت محبة اﻻباء للكنيسة. اول عبارة عن الكنيسة في الكتاب المقدس جاءت على لسان ابينا يعقوب، حينما قال بعد الحلم الذي رآه "ما ارهب هذا المكان. ما هذا اﻻ بيت الله وهذا باب السماء". انها عبارة تكشف عن عظمة الكنيسة "ارهب" و "باب السماء" لنتأمل فيهما.
في عهد سليمان حينما بنى الهيكل صلى يوم تدشينه قائﻻ "يا رب ان السماء ﻻ تسعك فكم بالحرى هذا البيت. لتكن عيناك مفتوحتين على هذا البيت لتسمع الصﻻة التي يصليها شعبك".
في احد البﻻد اﻻفريقية كانت حشرات النمل تغزو اﻻبنية والاشياء المصنوعة من الخشب. لذلك لكي يبني السكان هناك كنيسة كان عليهم استخدام الحديد في صورة صفيح. تخيلوا كنيسة من الصفيح في هذه البﻻد شديدة الحرارة. بينما نحن نصلي في كاتدرائيات مكيفة الهواء.
كما ان المقاعد التي يجلسون عليها اثناء الخدمة ﻻ يستطيعون تركها ولذلك ياخذونها معهم بعد انتهاء الصﻻة ثم يحضرونها معهم وهم قادمون للصﻻة.
من اجمل الترانيم التي ترنم عن الكنيسة "الكنيسة امي وانا ابنها" و "زي العصفور ما وجد بيته" وهي مأخوذة من المزمور "ما احلى مساكنك يا رب اله القوات" وهذا المزمور ملئ باﻻيات الرائعة التي تظهر شوق ومحبة المرنم للكنيسة. ومنها "يوما واحدا في بيتك خير من الف" "اخترت ان اطرح على العتبة في بيت الهي افضل من السكن في قصور اﻻشرار".
ومن العبارات الرائعة ايضا "ﻻن عبيدك سروا بحجارتها (صهيون اي الكنيسة) وحنوا الى ترابها".
"طوفوا بصهيون. دوروا حولها . عدوا ابراجها وضعوا قلوبكم عند متارسها".
كان اليهود يحجون الى اورشليم 3 مرات في كل عيام وهي اﻻعياد الكبرى. وكان الحجاج عند اقترابهم من المدينة يسجدون الى اﻻرض ويقبلون تراب اﻻرض".
وهذه العادة موجودة الى اﻻن في اثيوبيا فيقبل المؤمن اﻻرض عند دخوله الى الكنيسة.
وﻻ ننسى اننا اﻻن حجارة تكون الكنيسة ولكنها حجارة حية "مبنيين كحجارة حية"
وﻻ ننسى الترنيمة الرائعة لﻻستاذ القديس حبيب جرجس "ان انسى حبك يا صهيون تنس يدي" وهي ماخوذة من مزمور بدايته "على انهار بابل هناك جلسنا. بكينا عندما تذكرنا صهيون.. ان نسيتك يا اورشليم تنسى يميني. ويلتصق لساني بحنكي ان لم اذكرك، ان لم افضل اورشليم على اعظم فرحي".
كان المصلون وهم ذاهبون يتلون مزامير المصاعد وهي 15 مزمور. يتلى كل مزمور والمصلن صاعدون احد مراحل الطريق الخمسة عشرة. وحرى بنا اليوم ان نتلو هذه المزامي ونحن ذاهبون للصﻻة في الكنيسة".
والكنيسة كمكان هي بيت الله وبيت للصﻻة وهذا واضح من اﻻية "بيتي بيت الصﻻة يدعى". ولذلك ﻻ يحسن ان تنحرف الكنيسة عن عملها اﻻول وهو الصﻻة. فنجد ان داود نظم العبادة في بيت الله (خيمة اﻻجتماع في شيلوه) واقام 23 الف من المرنمين.
وحينما وجد المسيح ان الكهنة انحرفوا عن الهدف الروحي، صنع سوطا وطرد الباعة من الهيكل. وذكر اﻻنجيلي اﻻية "غيرة بيتك اكلتني".
ونفس اﻻمر نجده حدث في العهد القديم، فقد ظن اليهود ان مجرد وجود بيت الله بينهم هو مدعاة لﻻفتخار، ولكن ارميا وبخهم وقال لهم "ها انكم تقولون بيت الله. بيت الله. بيت الله هو" وكانه نشيد يتغنون به. ولكن كل هذا ليس هو ما يطلبه الله. لذلك قال لهم النبي "ان الهيكل يخرب" ونفس الشئ ذكره السيد المسيح "ﻻ يترك حجر على حجر هنا".
فالله يطلب الحجارة الحية، اي المؤمنون، يطلب الصﻻة، وليس العبادة الشكلية. انه يطلب قلوبا نقية.

يوميات الين -5


قضت الين اجازة الربيع في الغابة، استمتعت برائحة ازهار الكريز، واكلت التوت البري، وملأت صدرها بنسمات الهواء العليل، واستمتعت بمنظر الخضرة، وموسيقى خرير المياه في الجداول، وتغريد الطيور وهي تقوم ببناء اعشاشها. كانت حياة جديدة بهيجة من كل جانب.

قال شاد:

"هيا! دعينا نذهب للتمشية قبل شروق الشمس. يمكنني ان اسبقك الى قمة التل".

تسابق شاد والين عبر الغابة. الشمس كانت تشرق على قمة التل. وبدت منارة الكنيسة اكبر حجما.

همس شاد:

يوميات الين -3


اقترب عيد الميلاد المجيد. انه العيد الثاني الذي يمر على ايلين خلال دراستها الجامعية. ما كانت تهتم بشراء حاجات العيد خلال فترة طفولتها التي قضتها في رعاية عمتها راعوث، لكنها الان مضطرة الى فعل ذلك. تذكرت اعياد الميلاد الماضية التي احتفلت بها في بيتها الريفي الكبير، وايام طفولتها المليئة بالمرح واللعب في المزرعة. وضوء الشموع يضئ الكنائس في منتصف الليل، وركوب الزلاجات خلال الليالي التي استضاءت بضوء النجوم. وها هي تستقبل ليلة عيد الميلاد هذا العام في المعمل تجري التجارب. كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل عندما انتهت من فحص بعض الشرائح تحت المجهر والحصول، بعد اسابيع من العمل المضني، على صوررة نادرة لذلك الميكروب بكاميرا المجهر. عند الفجر ارتمت على الفراش وراحت في نوم عميق.

كانت ايلين ترجو ان تقضي اسبوع العيد هذا العام في مطالعة الكتب العلمية في مكتبة الكلية. وفي تلهف لتنفيذ ما عزمت عليه ذهبت الى المكتبة، لكنها فوجئت بلافتة معلقة على باب المكتبة كتب عليها “المكتبة مغلقة حتى الثاني من يناير من اجل الصيانة”.

تساءلت اثناء عودتها من الحرم الجامعي الى غرفتها “كيف يا تري سأمضي هذا الاسبوع؟”. كانت مستغرقة في التفكير لدرجة انها لم تتنبه الا حين استوقفتها امرأة قائلة:

“الى اين انت متجهة يا عزيزتي؟”

تطلعت ايلين فوجدت صديقتها كارولين، انفرجت اساريرها عن ابتسامة وحيّتها قائلة:

"اوه، كارولين!.. لم اعرفك بهذه القبعة الحمراء، اعتقدت انك شخص يريد المزاح".

"حسنا، انا لست شخص يمزح. وانت لم تجيبي على سؤالي".

تنهدت ايلين بنبرة حزينة:

"اشعر بالاحباط! لقد خططت لقضاء كل الاسبوع القادم في مكتبة الكلية. ولكني وجدتها مغلقة".

حدقت كارولين في صديقتها برهة متفكرة ثم قالت:

"لماذا هي مغلقة؟”

هزت كارولين رأسها وقالت:

"يا لها من فكرة! بالتاكيد انت لا تعنين ذلك. لا احد يعمل خلال اسبوع العيد!"

قالت ايلين:

"انا اعمل. او على الاقل اريد ذلك!"

تابعت كارولين كلامها بعد لحظة صمت:

“انا مسرورة انك لن تستطيعي العمل في عطلة العيد. هذه ليست طريقة لقضاء العيد”.

صمتت ايلين وقد بدى عليها الاضطراب:

"ليس لديّ طريقة اخرى اقضي بها العيد. فليس لديّ اسرة. ولا يخطر ببالي اي شئ افعله في عطلة العيد”.

قالت كارولين وهي تربت على كتفي صديقتها:

“دعيني افكر لك. يمكنني ان اريك كيف تقضين العيد، سأعطيك المال الكافي”.

تابعت ايلين وقد بدى عليها الاهتمام:

“حسنا، تابعي واقترحي عليّ”.

صمتت لبرهة ثم قالت:

“اولا، بالنسبة لي، اريد السفر لقضاء العيد في موطني حيث امي وابي واخي الصغير، اما شادي وانا فاننا ندرس هنا. مع مجئ العيد هذا العام سألت نفسي متحيرة "هل كانت الدراسة تستحق الابتعاد عن اخوتي؟”. ثم استطردت بسرعة “بالطبع، انا اعرف ان ذلك يستحق. لكن لو لم اقم بشئ جيد سأجلس مكتئبة طوال اسبوع العيد. لذا فانني ارى ان استضيفك انت وبعض المشردين الاخرين من الشباب ونحتفل بالعيد معا”.

ابتسمت ايلين وقالت:

“حسنا، اريد ان اكون احد ضيوفك”.

قالت كارولين وهي تودعها:

“حجرة لشخصين ربما لا تكون افضل خيار للاحتفال بالعيد، لكن هذا كل ما لديّ لاقدمه. آه، لو لديّ اقرباء في الضواحي – لكن للاسف كلهم يقطنون في كونكتكت”.

هذه الليلة، عندما القت ايلين بنفسها في الفراش، جاءتها فكرة. وقبل ان ترتدي ثيابها في الصباح التالي هاتفت كارولين وسألتها بحماسة:

“هل مزرعة كبيرة في الضاحية تصلح لذلك الغرض يا كارولين؟”

صاحت كارولين:

“بالطبع! انها فكرة ممتازة. لكن يا ترى من لديه هذه المزرعة؟”

قالت ايلين وقد بدى في نبرة صوتها سعادة غامرة:

“اعرف مزرعة على بعد اقل من ساعتين بالسيارة يمكننا استخدامها للاحتفال. ولأن العيد يبدأ يوم الاثنين فسوف تكون عطلة طويلة. ما رأيك؟”

قالت كارولين بحماسة:

“انك ملاك ارسله الله لي من السماء! فقط دعي الامر لي وسترين اي وقت رائع ستقضين! ولكن اخبريني اولا كم عدد الاشخاص يمكن ان يستوعبهم هذا المكان؟”

“اثنى عشر شخصا بالكاد. لكن سنكون مضطرين لاحضار مفروشات، لان المنزل مهجور منذ عامين”.

"مفروشات فقط؟ اه، كم انت رائعة! وايا من كان مالك المزرعة اخبريه بامتناني. سوف اكون الراعي الرسمي وسأمضي الى الجوار لدعوة الاشخاص الذين سنتضيفهم لنحتفل معهم بالعيد."

ترقبت ايلين تلك الحفلة التي ستقام ببيت المزرعة بمشاعر مختلطة. فبعد موت عمتها راعوث، اغلقت هي وماري المزرعة ولم يذهبا اليها منذ ذلك الحين، بل واعتقدت انها لن تعود اليها مرة اخرى. وفكرت في نفسها، سيكون من الرائع ان ارى القمر الفضي يرصع قبة السماء، وان ارى اشجار الصنوبر الممتدة على التلال المغطاة بالثلوج، وان اتزلج على الجليد بينما الرياح تخبط في وجهي.

السبت، 7 يوليو 2018

يوميات الين -2


مر العامان التاليان بسرعة والين سعيدة. ربما شعرت بالوحدة لو توقفت عن العمل . لم تكن لها صديقات وكان لها قليل من المعارف. لا يوجد شئ يجعل شعر الانسان بشعر بالوحدة قدر العيش في مدينة كبيرة. ففي القرى الصغيرة، كل شخص يعرف سكان القرية اﻻخرين بل ويعرف قدر كبير من تفاصيل حياتهما. لكن وسط الملايين من سكان المدن الكبيرة يمكن ان يفلت الشخص من ملاحظة اﻻخرين.

اختارت الين الدراسة في احدى الجامعات بهذه المدينة. ولانها كانت قد انقطعت عن الدراسة لعدة سنوات لذا فقد كانت اكبر سنا من معظم الطلبة. وفي الجامعة حظت باهتمام قليل من الطلبة الذين يقتربون من عمرها. كان هدفها في الحياة يدفعها، انهماكها في عملها كان شديدا. اذ انها لم تشترك في انشطة المعسكرات بالجامعة. كانت طالبة مجتهدة في كل دراساتها: الانجليزية، علم النفس، الحساب.. مع ذلك، درست موادا اعتبرتها غير ضرورية ومملة، ولكنها يجب ان تدرسها كجزء من اعدادها لسوق العمل. ومن بين المواد التي درستها اكثر ما كانت تحبه هو علم الاحياء.

نال الاستاذ نيقولاس العجوز، وهو عالم شهير الف العديد من الكتب العلمية، اهتمام الين. كما وجد الاستاذ فيها خير مساعد يعينه في مهمته العظيمة التي خصص لها باقي سنوات حياته، فقد نوى الاستاذ ان ينشر كتابا يقدم فيه للاجيال القادمة العلم الذي اكتسبه بعناء خلال سنوات ابحاثه ودراساته الكثيرة. اشتاق ان يجد شخصا يساعده – شخص له نفس رؤيته وعقليته ويحقق احلامه.

مهارة الين في استخدام الميكروسكوب وآلة التصوير جعلا الاستاذ يعتقد ان السماء ارسلتها اليه لتحقيق هدفه. لذا فقد عملا معا في المعمل، وكثيرا ما كانا يعملان الى وقت متاخر من الليل. سر الاستاذ كثيرا بصبر الين ومثابرتها وكان ممتنا لله انه ارسل اليه هذه الفتاة التي صارت له مساعدة لا تقدر بثمن.

سلوك الين طالما كان محيّرا للاستاذ نيقولاس. لذا فقد سألها يوما، مراقبا وجهها المتالق وعيناها اللامعتان، وقد انحنت على عينة موضوع على شريحة تفحصها تحت المجهر:

"انسة الين، لماذا تعملين باجتهاد هكذا؟ الم تذهبي قط الى تلك الفاعليات والانشطة التي يحب الشباب حضورها؟"

اجابت في الحال:

"لا"

استمر الاستاذ يقول:

"انا مسرور جدا بوجود انسانة مثلك تهتم جدا بعملها الى جانبي، وخاصة ان عيناي بدات تكل ولم اعد اعتمد عليها. لكن حتى لو كنت نصف اعمى انا متاكد ان اي فتاة جذابة مثلك تريد ان تقضي بعض الوقت في رفقة شاب تحبه. هل لا تعرفين مثل هذا الشخص؟

"لا، لا اعرف مثل هذا الشخص، وبصراحة انا غير مهتمة. انا لا اريد ان افكر حتى في الرجال. لقد عاهدت نفسي انني سوف امنح حياتي للعمل وسوف افعل هذا. لقد كنت دائما افعل ما اقول، وسوف افعل ما قررته".

فوجئ استاذ نيقولاس بالطريقة التي اجابت بها الين. وتابع كلامه بهدوء:

"حسنا، انسة ستيوارت، انا معجب بشجاعتك واصرارك، لكن هذا شئ صعب."

ثم ازاح عمله جانبا وحدق ببصره فيها بينما يقول:

"الحياة الطويلة التي عشتها علمتني اننا لسنا دائما نعمل ما نقرره، وننفذ ما نتعهد به".

قالت باصرار، فيما تضبط عدسة مجهرها:

"اعتقد انه يمكننا ذلك لو عملنا باجتهاد."

استمر الرجل العجوز وعيناه محدقة بها:

"حتى لو وضعنا في الاعتبار انه ربما يعترض سبيلنا عقبات تقف امامها عزيمتنا لا حول لها؟"

سألت ببرود:

"على سبيل المثال؟"

صمت لبرهة ثم اجاب ببطء:

"حسنا. ربما يوجد نقص مال.. الضعف الجسدي في فترة الشيخوخة مثال اخر، او يوجد – الموت. بالتاكيد ارادتك لا يمكن ان تقهر الموت".

"نعم، بالطبع انا لست حمقاء بدرجة تجعلني اعتقد ذلك. لكن قبل ان اختار عملي انا واجهت الموت – في الحقيقة، انها كانت واحدة من الامور الفارقة في حياتي. موت عمتي الهمني بان اكرس حياتي لمحاربة المرض الذي ماتت بسببه. بموتها ورثت ايضا المال الذي سوف يمكنني من الدراسة واعداد نفسي لتحقيق هذا الهدف.. وبالنسبة للضعف الجسدي انا لست قلقة في الوقت الحالي. انا انوي ان اعيش بهدوء، ادرس بجد، اعمل على تحقيق هدفي. وسوف احققه. لن استسلم ابدا".

اجاب الاستاذ بلطف:

"حسنا، انسة ستيوارت، باركك الله في طموحك! لقد كرست انا حياتي كلها لسبب اعتبرته يستحق، لكن الان اصبت بضعف الابصار والهرم، ساذكرك في صلواتي.".

رفعت راسها من على المجهر وانفرج ثغرها عن ابتسامة:

"صلوات؟"

"نعم. الا تصلين لاجل عملك؟"

" لا، لماذا اصلي؟ لماذا يجب عليّ فعل ذلك؟ انا ابذل جهدي. كيف للصلاة ان تساعدني؟"

"صعب ان اشرح الصلاة لشخص لم يختبرها. الله خلق كل هذه الاشياء التي حولنا. بدونه لا شئ وجود له. انه كلي الصلاح والحكمة. لسنوات عديدة اختبرت احتياجي الشديدة الى ان يكون بجانبي. اشعر انني ضعيف تماما وعاجز عندما اقف امام عجائبه. لذا سوف اصلي له ليقودني في عملي"

انحنت الين على مجهرها في صمت لدقائق قليلة. ثم تكلمت ببعض التردد:

"اعتقد اني افهمك. ولكني حتى الان لا ارى الامور هكذا. انا اؤمن بالله، بالطبع. دراسة العلوم جعلتني متاكدة من وجوده. هذا الكون المصمم جيدا والمملوء عجائب لا ياتي ابدا بالصدفة. انا احترم قوانين الطبيعة بدرجة كبيرة تجعلني لا اشك في وجود الله، لكن هذا بقدر فقط يكفي لان يجعلني اسايرك فيما تقول. هذه القوانين التي لا تتغير تتحكم في كل شئ. اعتقد انني لو عملت بجد كاف سوف احقق الامور التي اريدها. لكن.."

استطردت وقد ظهر في صوتها فرحة عارمة:

"سوف يحتاج هذا الى العمل وليس الى الصلوات"

الاستاذ المسن لم يجب. السنوات علمته. هذا الرأس الأشيب المنحني بدأب على الطاولة تعلم ان ينحني تحت الظروف الصعبة قبل ان يدرك معناها الحقيقي. عرف ان مزيد من الكلمات لن يجدي في هذا الموقف. لذا فقد قال بأدب بالغ:

"سيأتي اليوم عندما تحتاجين فيه الى معونة. انسة الين، ربما يريحك ان تتذكري حينها ان استاذك صلى – ليس فقط من اجل عمله - لكن من اجلك".

مر وقت طويل لم يمنح فيها احد الين مثل هذا الاهتمام الشخصي. هذا اللطف الغير متوقع لمس قلبها بعمق. لذا فعندما شرعت ترد على كلماته كان هناك حشرجة في صوتها:

"اه، اقدر لك هذا، ومن فضلك لا تضع املا كثيرا على هذا. انا حقا لا اهتم بهذا. انا وحيدة واود لو لدي وقت كاف لامور اخرى. لو يمكنني ان اؤمن بالصلاة، ربما صليت وتركت الله يعمل العمل بينما استريح انا. لكني لا اؤمن ان الامور تجري بهذه الكيفية. انا ساعمل بنفسي. انا ممتنة لاهتمامك. لو ان صلوات اي شخص استجيبت، اعتقد انها ستكون صلواتك" ثم ابتسمت بينما تقول:

"انت تصلي، وانا اعمل".

قال الاستاذ:

"بجد، انسة. اعتقد انك سوف تعملين بشكل افضل لو اخذت اجازة في احدى الامسيات تذهبين فيها الى حفلة او ما الى ذلك"

كانت الين تقدر نصيحة الرجل العجوز، ولانها كانت وحيدة بالفعل بدات تعمل صداقات مع اشخاص كانت من قبل تعتذر لهم بالمشغولية عندما يحاولون التقرب منها. وحالا اصبحت تتلقى دعوات لحضور حفلات، وامسيات موسيقية، ومسرح، و.. تنبهت الين انها كانت قد فقدت التواصل الاجتماعي مع الاخرين. الاستاذ نيقولاس كان صائبا، لقد عملت بشكل افضل بعد هذه الاوقات الترفيهية.

الجمعة، 6 يوليو 2018

مدخل الى سفر الرؤيا


يتدخل النبي في التاريخ باسم الله ، ورسالته ان يكشف لسامعيه خطة الله. ان كلمة الله التي يعلنها ترتبط قبل كل شئ بالظروف الحاضرة وهو يهتم بالمستقبل بقدر ما يسند رجاء السامعين فيذكرهم بهدف مسيرتهم.
في وقت الازمة يحس النبي ان الكلمات التي يقولها لا تكفي لتسند الرجاء، لان الازمنة قاسية وتعارض ظاهريا مخطط الله. ولكن الانسان يريد ان يتاكد من رؤية مخطط الله من رؤية نهاية الازمنة هذه. فينتظر من الله ان يرفع الستار الذي يحجب النهاية. وهكذا تصبح النبوءة رؤيا.
ونحن عندما نريد ان نتخذ قرارا لمستقبلنا ، اما نفعل مثل من يقفز. نعود الى ماضينا نستجليه نقاطا مضيئة وترسم هذه لنقاط خطا نسير فيه باتجاه المستقبل.
تقدم الرؤيا صورة للعالم : الشر يتسلط بواسطة الوثنيون والمؤمنون يضطهدون، فلا نستطيع ان تنتظر الا شيئا واحدا، وهو ان يخلق الله عالما جديدا، ارضا جديدة وسماءا جديدة.
ويمكن ان ينتج عن هذا تهرب من الالتزام بقضايا العالم: اذا كان الله هو من يفعل كل شئ، فلا يبقى لنا الا ان ننتظر مكتوفي الايدي وفي الصلاة مجئ ملكوته.
سفر الرؤيا لا يختلف في الظاهر عن سائر الرؤى. ففيها نجد تدفق الشر وانتظار الخليقة الجديدة. ولكن رؤيا يوحنا مركزة كلها على المسيح. وهذا ما يغير كل شئ، فتدفق الشر امر تم والحمل يسوع ذبح ولكن بيده النصر الاخير. ومنذ ليوم يشارك الشهداء يسوع في انتصاره.
اذا كانت نهاية الازمنة قد جاءت في حدث السر الفصحي، فلا ينبغي ان نقف مكتوفي الايدي، بل ان نشمر عن سواعدنا لنجعل ما اتمه يسوع مرة واحدة حقيقة حاضرة في تاريخنا.
لكي يتوصل اله ان يقيم ملكوته فينا عليه ان يدمر كل ما يعارضه في العالم وفينا. يجب ان نموت لنحيا.. والزلازل والكوارث تكلمنا: عندما ياتي الله تتحطم كل الحواجز. ان هذا لامر مؤلم ولكنه موت من اجل الحياة وهو يشبه الم المراة التي تلد.
هناك مقطع في الرؤيا (17: 9-11) يلمح الى الاباطرة الرومان، فيجعل زمن كتابة السفر في الفترة اللاحقة لاضطهاد نيرون (حوالي 65-70) . هل يمكننا ان نعتبر ان قسما من الكتاب دون في تلك الفترة، ام ان نحسب ان الكاتب جعل نفسه بطريقة خيالية في تلك الفترة؟
ان يوحنا لا يصور مخططا قيد التنفيذ ولا رجوع عنه، بل مسيرة البشر مع الله الذي يرافقهم ويحدثهم وينتظر منهم جوابا.
ان نهاية الازمنة، يوم نصر الله، كل هذا صار وراءنا.
ما من مفتاح يكفي حده، بل هناك مفاتيح توصلنا الى الولوج في سر هذا السفر.
حين ننظر الى لوحة تصور لنا دمار مدينة بعد مرور الطائرات فوقها، ندخل في الم عالم حطمته ارادة الانسان الشريرة. هذا هو موقفنا امام هجوم الفرسان الحمر.
الانبياء عامة وكاتب سفر الرؤيا خاصة يفسرون الحاضر تبعا للمستقبل لان الاحداث الحاضرة لا تتخذ معناها الحقيقي الا اذا حسبنا حساب النهاية، اذا حسبنا حساب المجئ الثاني. ان يوحنا يدعونا الى ان نفك لغز معنى تاريخنا الحاضر على ضوء حدث مضى هو قيامة يسوع وعلى ضوء حدث ات هو مجيئه الثاني.

يوميات الين -1


وقفا اليكس وجين يرقبان المحاولات الحثيثة لابنتهما الين للوصول الى الكرة التي تدحرجت بعيدا. زحفت الين باتجاه الكرة وبمشقة بالغة استطاعت ان تمسك بالكرة. ضحكا الاثنان وصفقا بايديهما اعجابا وتشجيعا فيما راحت الفتاة تلعب بالكرة بعض الوقت. وبعد فترة استبد بها التعب فتركت الكرة واستسلمت لنوم عميق وابتسامة ملائكية تظهر على وجهها الصغير. عندئذ قالت جين لزوجها:

"بهذا الاصرار تنال ابنتنا اي شئ تريده. لقد حاولت باصرار الامساك بالكرة، وها هي قد حصلت عليها في النهاية!".

ابتسم اليكس بفخر وهو ينظر الى ابنته، ثم ما لبث ان زايله تجهم عندما خطر له خاطر مفاجئ، فقال بنغمة من الالم في صوته:

"اتمنى الا تكون ابنتنا مثل عمتها راعوث حين تكبر".

كانت راعوث اخت اليكس الكبرى، فتاة جميلة مرحة محبوبة من والديها. وخلال سنى الطفولة ملأ صدى ضحكاتها هي واخويها ارجاء البيت. خلال هذه السنوات كان اليكس ستيوارت يعتبر ما تفعله راعوث هو الصواب دائما. لكن في السنوات الاخيرة شعر بثقل الحمل الذي وضعته عليه محبته الشديدة لها. فقد اعتادت والدته ان تقول "عندما ترغب راعوث في شئ تحاول بشتى الطرق حتى تناله". لمدة خمسة عشر عاما عاشت راعوث بارادة قوية لا تلين ولكنها محملة بالشعور بالمرارة. فلقد مات زوجها منذ سنوات عديدة، لكن تأثيره بقى فى حياتها. ما زالت راعوث تتمتع بجمال وجاذبية وفي امكانها الزواج مرة اخرى ان ارادت، كما ان لديها المال الكافي لتعيش حياة رغدة، ولكن المرارة التي في قلبها سممت نظرتها للحياة. ويبدو ان عيوب رجل واحد جعلها تنفر من كل الرجال. الطاقة التي كان يجب ان تستخدمها في الخير استنفذت في الكراهية، والضحك والمرح اصبحا الان كآبة وسخرية لاذعة.

الأحد، 1 يوليو 2018

السقوط والعقوبة



لم يصدر عصيان ادم من قبل ضعف غير اثيم، وكذلك لم يكن مجرد حدث بسيط مؤسف، ولكنه يمثل ابشع خطية. وهو فعل له خصائص الخطية المميتة القاتلة، لانه تم بكامل المعرفة وبكامل الحرية. انها خطية الكبرياء والتغطرس والكفر وعدم الايمان فضلا عن العصيان والتمرد على الله.
ان ادم وحواء عرفا الخير والشر ليس في ضوء الحقيقة الالهية والقداسة الالهية، ولكن على حسابهما وبالتضحية بهما. لقد اظلم العقل وضعفت الارادة وفقدا براءتهما وقداستهما. ولحق الضعف بالجسد ودهمه الموت. ونتيجة لهذا تعرت الروح عن الفضيلة وصار الجسد عاريا.. انهما لم يكونا يخجلان قبلا، على نحو ما يحدث في عالم الطفولة.
ان الخطاة بدافع الخوف يملاهم الرعب ويحسون بحضور الله وينزعجون بهذا الاحساس كما لو انهم يوجدون في حضرة الله مواجهة. ويبدو من تصرف ادم وحواء كيف اظلمت الخطية عقليهما حتى انهما اعتقدا، في ظلام تفكيرهما انهما من الممكن ان يختبئا عن وجه الرب.
ان ادم وحواء يحملان مسئوليتهما كاملة في خطيتهما. ان الاخرين قد يدفعونا الى الخطية ويمكن ان تكون ثمة اغراءات تدفع الى الخطية.
لم يوجه الله السؤال الى الحية قائلا: لماذا فعلت هكذا؟ وذلك لان الله وهو كلي المعرفة يعرف ان الحية لم تتصرف هكذا من ذاتها بل ان الشيطان هو الذي حركها على هذا العمل.
كما يهشم الاب المحب السكينة او الاداة التي قتل بها ابنه هكذا كان الامر مع الحية فقد عوقبت على الرغم من انها فعلت ما فعلت بدون احساس او شعور.
ولا يستلزم من هذه العقوبة الاستنتاج بان الحية كانت ذات اقدام فيما مضى ثم فقدتها، بل يمكن القول انها كانت تسير فيما سبق منتصبة ثم كعقاب لها صار تسعى على بطنها.
ان الحكم على الحية بان تسعى على بطنها، يجعلها تبدو كمن ياكل تراب الارض على الدوام. وتشير عبارة "وترابا تاكلين" الى حالة الانسحاق والتحطيم.
ان خداع حواء لادم انتهى الى ان يسود عليها "رجلك يسود عليك". ان حواء عوقبت كام وزوجة. "بوجع تلدين اولادا" و ايضا " رجلك يسود عليك" هذه العقوبة التي كانت معروفة قبل المسيح وال الان عندما كانت تعامل معاملة العبد.
ان سقوط ادم لم يتبعه فقدان الصورة الالهية بشكل مطلق ولكنها فقط تشوهت. اها لم تصل الى حالة من التدمير التام لا يقبل الاصلاح.
عن كتاب علم اللاهوت العقيدي ج 3 –د. موريس تاوضروس