الجمعة، 6 يوليو 2018

مدخل الى سفر الرؤيا


يتدخل النبي في التاريخ باسم الله ، ورسالته ان يكشف لسامعيه خطة الله. ان كلمة الله التي يعلنها ترتبط قبل كل شئ بالظروف الحاضرة وهو يهتم بالمستقبل بقدر ما يسند رجاء السامعين فيذكرهم بهدف مسيرتهم.
في وقت الازمة يحس النبي ان الكلمات التي يقولها لا تكفي لتسند الرجاء، لان الازمنة قاسية وتعارض ظاهريا مخطط الله. ولكن الانسان يريد ان يتاكد من رؤية مخطط الله من رؤية نهاية الازمنة هذه. فينتظر من الله ان يرفع الستار الذي يحجب النهاية. وهكذا تصبح النبوءة رؤيا.
ونحن عندما نريد ان نتخذ قرارا لمستقبلنا ، اما نفعل مثل من يقفز. نعود الى ماضينا نستجليه نقاطا مضيئة وترسم هذه لنقاط خطا نسير فيه باتجاه المستقبل.
تقدم الرؤيا صورة للعالم : الشر يتسلط بواسطة الوثنيون والمؤمنون يضطهدون، فلا نستطيع ان تنتظر الا شيئا واحدا، وهو ان يخلق الله عالما جديدا، ارضا جديدة وسماءا جديدة.
ويمكن ان ينتج عن هذا تهرب من الالتزام بقضايا العالم: اذا كان الله هو من يفعل كل شئ، فلا يبقى لنا الا ان ننتظر مكتوفي الايدي وفي الصلاة مجئ ملكوته.
سفر الرؤيا لا يختلف في الظاهر عن سائر الرؤى. ففيها نجد تدفق الشر وانتظار الخليقة الجديدة. ولكن رؤيا يوحنا مركزة كلها على المسيح. وهذا ما يغير كل شئ، فتدفق الشر امر تم والحمل يسوع ذبح ولكن بيده النصر الاخير. ومنذ ليوم يشارك الشهداء يسوع في انتصاره.
اذا كانت نهاية الازمنة قد جاءت في حدث السر الفصحي، فلا ينبغي ان نقف مكتوفي الايدي، بل ان نشمر عن سواعدنا لنجعل ما اتمه يسوع مرة واحدة حقيقة حاضرة في تاريخنا.
لكي يتوصل اله ان يقيم ملكوته فينا عليه ان يدمر كل ما يعارضه في العالم وفينا. يجب ان نموت لنحيا.. والزلازل والكوارث تكلمنا: عندما ياتي الله تتحطم كل الحواجز. ان هذا لامر مؤلم ولكنه موت من اجل الحياة وهو يشبه الم المراة التي تلد.
هناك مقطع في الرؤيا (17: 9-11) يلمح الى الاباطرة الرومان، فيجعل زمن كتابة السفر في الفترة اللاحقة لاضطهاد نيرون (حوالي 65-70) . هل يمكننا ان نعتبر ان قسما من الكتاب دون في تلك الفترة، ام ان نحسب ان الكاتب جعل نفسه بطريقة خيالية في تلك الفترة؟
ان يوحنا لا يصور مخططا قيد التنفيذ ولا رجوع عنه، بل مسيرة البشر مع الله الذي يرافقهم ويحدثهم وينتظر منهم جوابا.
ان نهاية الازمنة، يوم نصر الله، كل هذا صار وراءنا.
ما من مفتاح يكفي حده، بل هناك مفاتيح توصلنا الى الولوج في سر هذا السفر.
حين ننظر الى لوحة تصور لنا دمار مدينة بعد مرور الطائرات فوقها، ندخل في الم عالم حطمته ارادة الانسان الشريرة. هذا هو موقفنا امام هجوم الفرسان الحمر.
الانبياء عامة وكاتب سفر الرؤيا خاصة يفسرون الحاضر تبعا للمستقبل لان الاحداث الحاضرة لا تتخذ معناها الحقيقي الا اذا حسبنا حساب النهاية، اذا حسبنا حساب المجئ الثاني. ان يوحنا يدعونا الى ان نفك لغز معنى تاريخنا الحاضر على ضوء حدث مضى هو قيامة يسوع وعلى ضوء حدث ات هو مجيئه الثاني.