الجمعة، 15 فبراير 2013

عربون المحبة الابدية

تعلمون بلاشك – وقد اختبرتم- ان رائحة الزهور توقظ التذكارات- وخاصة المشاعر العذبة السعيدة- و ربما ايضا تثير النزوات النائمة، و هذا على الارض تشوبه بعض الغضاضة اما هنا فجهنم!
لا تتصوروا انه توجد ازهار في هذا المكان. كلا، ليس هنا بل ليس هنا زرع من اي نوع، و لا توجد هنا ازهار و لا حتى الذابلة.
ايها البشر الحمقى! ان دنياكم تفتح الازهار و لكنكم لا تبصرون، و مع كل ما فيها من متاعب و اشجان فهي موطن مبارك! ان حب ابكم السماوي الذي يفيض باستمرار هو الذي يخلق هذه الازهار. هذه الملايين من البراعم ذات الرائحة الزكية هي عربون المحبة الابدية، انها الحبيبات اللؤلؤية الفائضة من الكأس المترع الممنوح من الله للناس.
ما اسعدكم ايها الاحياء، تسيرون و النجوم فوقكم، و الازهار تحتكم، و لكنكم تطرقون سبلكم غير مبالين بالنجوم، غير آبهين بالازهار. مهتمين فقط بانفسكم المسكينة، و مشاغلها التافهة في اغلب الاحيان، ايها الرجال الجهلاء!
لايوجد هنا ما يزهر، و لكن جزء من عذابنا ان تفوح علينا رائحة طيبة من زهرة بعيدة... خيال بالطبع... و هذا يزيد في تأثيرها. الرائحة الزكية لها قوة اثارة لا الشعور فقط ولكن ايضا المناظر التي نود اطالة التطلع اليها، هي رموز المتع المفقودة. هل تفهمون؟ كما من سحر يعاودنا فيض من اللذة الغابرة بينما نحن فريسة للموت و البؤس الذي لا نهاية له.
هل ممكن ان تكون هناك صلة ما ... رابطة روحية بين الارواح المباركة هناك (في الفردوس) و الارواح الهالكة هنا. رابطة معنوية مثل عبير الزهور؟ انه لتصور سعيد... دعوني اتمسك به ... لكنه انمحى و طار ... مثل الرائحة الزكية الوقتية، تعطر ثم تزول.