الأربعاء، 3 أغسطس 2022

خذ .. مني كل شئ

قال صديقي : 
فكرة أن الله موجود واستعمل الأنبياء والأديان لمخاطبة البشر فكرة غير منطقية! لأن البشرية أنتجت ما يفوق الـ٤٠٠٠ دين فإذا أراد الشخص أن ينتخب منها أشهر ٢٠٠ دين ويخضعها للدراسة والممارسة التجريبية بواقع ٦ أشهر لكل دين ستحتاج لـ١٠٠ سنة لكي تكمل دراستها وتنتخب الدين الصحيح منها!!!
قلت: الاديان ليست هذا العدد. انظر الى شجرة او خريطة الاديان ، وستجد انعا ٤ تفرعات في الاساس، اذ تنقسم حسب الايمان بالله الى اربعة، وحدانية الله، تعدد الالهة، الوهية الكون، الالحاد.

قال: من يجرؤ على الترويج لفكرة خاطئة في عصر المشاع المعرفي وإمكانية الوصول إلى المعلومة !! سيكتشف الناس كذبه في ضغطة زر !! حتى التصنيفات الكبرى التي تنضوي تحتها الأديان تزيد عن ٢٠ تصنيف عند بعض الباحثين وأنت تقولين ٤ معتقدات فقط !!! على كل حال سأذكر لك بعض المصادر

قلت: نحن لدينا قوانين ايمان من القرن الاول. تخيل ان قانون الايمان ٣ عبارات فقط هي ٣ بنود او عقائد اساسية؛ الايمان بالخالق، وبتجسد المسيح الفادي، وبقيامة الاموات. احيانا التعقيد يضلل والبساطة حلوة. هل دراسة هذه البنود تحتاج الى دراسة عشرة سنوات في المدرسة؟

تركت صديقي الملحد في العالم الافتراضي ، وجلست مع صديق اخر في ارض الواقع اسامره.
قلت: هذه الايام انا مشغول بطلب مادي من ربنا. اريد اموال حتى يمكنني الزواج.
قال: منذ ان انفصلت عن زوجتي وانا اعاني. احيانا ادخل في دور اكتئاب، وابدأ الوم واعاتب ربنا...
قلت: لقد قفز الى عقلي قصة سأحكينا لك. طلب احدهم من ربنا يوما ان ينزل قحط على بلاده. هل رأيت الفيديو الذي يصور مجنون في الشارع يصيح عاليا بكلمات يلعن فيها الحياة والعباد. هل تعرف من الرجل الذي طلب من الله ان ينزع الرخاء ويأتي بمجاعة، تصور وهو يرى ابنه وهو يتلوى من الم معدته جراء الجوع، تصور طفلة في الشلرع تسير وهي اشبه بهيكل عظمي، فقد اصبحت جلدا على العظم.. الخ من الصور التي نراها في المجاعات. هذا الرجل هو ايليا النبي.
قال: امر غريب. اعرف القصة واعرف قوله "لا يكن طل ولا مطر الا عند قولي".
قاطعته: "عند قولي". وكأنه يقول لله، اوع تحن او تشفق يا رب على البشر. سوف تسمع صرخات الجياع، وسوف ترى الامهات الملتاعات على فقدان فلذان اكبادهم .. لكن اياك ان ترق. انا هنا على الارض، سوف اعلمك بالوقت المناسب الذي تنهي فيه المجاعة.
ثم وقفت، في اشارة الى رغبتي في المغادرة، لقد قلت لنفسي الان، سوف اغير طلبتي، واصلي:
يا رب خد مني كل حاجة. هذه الماديات التي نظن فيها سعادتنا سبب شقائي. 
عدت الى البيت، وتذكرت كلمات البابا المتنيح شنودة في كتابه (الله وكفى). وفي فصل بعنوان (معك لا اريد شيئا على الارض). وقلت وقد هممت بالكتابة، سيكون عنوان تأملي اليوم:
لا اريد شيئا!
لكن... فكرت:
وقع كلمات، ( خذ مني كل شئ) سيكون الانسب والاكثر اتساقا مع قصة ايليا. لكن لما طلب ايليا المجاعة؟
طبعا، الشعب كان قد ابتعد عن عبادة الرب. 
واتصور الامر حدث كالتالي:
كان ايليا يجلس في احدى حجرات مدرسة الانبياء ، وقد امسك بالتوراة وراح يقرأ كلمات سفر التثنية:
وَتَكُونُ سَمَاؤُكَ الَّتِي فَوْقَ رَأْسِكَ نُحَاسًا، وَالأَرْضُ الَّتِي تَحْتَكَ حَدِيدًا. وَيَجْعَلُ الرَّبُّ مَطَرَ أَرْضِكَ غُبَارًا، وَتُرَابًا يُنَزِّلُ عَلَيْكَ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى تَهْلِكَ. (التثنية ٢٨: ٢٣-٢٤).
نحاسا.. حديدا.. اي لا تمطر السماء ولا تنبت الارض، والرياح بدلا من ان تحمل السحب، تحمل اتربة وغبارا..!
قلت وقد ختمت التأمل:
"«اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ آيَةً مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أَوْ رَفِّعْهُ إِلَى فَوْق». (إشعياء ٧: ١١).
لقد فهمت شيئا من معنى هذا العدد الكتابي. "عمق طلبك". العمق يكون بالاسفل وليس الاعلى، وذلك عكس الكلمات التالية مباشرة "ارفعه الى فوق". العمق يسبق الارتفاع، لعل طلبة ايليا في حالتي اهم من ان طلبة احاز الملك وقتها. لعل طلبتي ستكون الان:
لست اريد شيئا..
لا . هذا لا يفي بتطبيق  ما حدث في قصة ايليا ولا ينطبق مع معني الاية .. ستكون طلبتي:
يا رب خذ مني كل شئ.


موضوعات ذات صلة: