الأحد، 6 أغسطس 2017

دماء الشـهداء بذار الكنيسة


في الحرب الاهلية التي اندلعت بين عامي 1976 و 1990م، قضى كثيرون نحبهم عند الحواجز الّتي كان يُقيمها هذا الفريق أو ذاك. في ذلك الحين، كان عملاً بطوليًّا وشهاديًّا أن يُعلن الإنسان أنّه مسيحيّ، وهو يعلم أنّه قد يُقتَل إذا فعل ذلك. وكثيرون، في الحقيقة، قُتلوا، في ذلك الحين؛ لأنّهم أعلنوا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أنّهم مسيحيّون. هؤلاء هم الشـّهداء المجهولون، في كلّ زمان، في الحقيقة.

لسان حالهم كان كما قال معلّمهم للآب السّماويّ: “اغفر لهم، يا أبتاه، لأنّهم لا يدرون ماذا يعملون” (لو23: 34)! ما كانوا يحملون ضغينة ضدّ أحد، لأنّ روح الرّبّ الّذي فيهم كان روح محبّة. إذًا، كان المسيحيّون يُقتَلون، ولا يدافعون عن أنفسهم. كان يُفترَض، عدديًّا، إحصائيًّا، بشريًّا، أن ينقرضوا! لكنّهم كانوا في ازدياد هائل. لذلك، سرى القول، في ذلك الحين: “دماء الشـهداء بذار الكنيسة“. النّعمة الإلهيّة كانت تدفق دفقًا مع دفق دم الشـّهداء، وكانت تحرّك قلوب النّاس بشكل مدهش.

هكذا، بطريقة لا يألفها البشر، غزا المسيحُ العالمَ، الّذي ربحه بالوداعة، والحبّ، والبذل. وجاء قسطنطين الملك، وصار العالمُ القديمُ مسيحيًّا. وشيئًا فشيئًا، مع بداية القرن السّادس للميلاد، لم يبقَ هناك وثنيّون. أقول هذا لأؤكّد ما ورد في إنجيلنا، وعلى لسان آبائنا ومعلّمينا، أنّ المسيحيّة تستمرّ بهذه الرّوح. حين تخفت هذه الرّوح، فإنّ المسيحيّين يقعون في أزمة. 
الاب توما البيطار