الأحد، 20 أغسطس 2017

تاريخ القرون الوسطى: تبشير الهند - اليابان


لم تتوقف الكنيسة الكاثوليكية عن محاولة اصلاح نفسها بعد الاصلاح البروتستانتي، وقد استمرت جهود المصلحين الكاثوليك ونشأت انظمة جديدة لحفظ الايمان القويم". ونذكر منها : الرهبان الكبوشيين، اليسوعيين، وبنات الحسنات.

نشأ فرع جديد من الرهبان الفرنسيسكان عام 1528 اسمهم الرهبان الكبوشيين. كانوا يلبسون على رأسهم قبعة خاصة.

اما اليسوعيون فحاولوا ربح الكاثوليك الذين اعتنقوا البروتستانتية ، وكان مؤسس النظام اليسوعي الراهب اغناطيوس ليولا، الذي كان فارسا اسبانيا يحارب ضد فرنسا، واثناء الحصار اصابته قذيفة مدفع تركته ممزق الساق في بحيرة من الدم ولكن الفرنسيين عاملوه برفق ونقلوه الى قلعة ليولا حتى يبرأ ولكن عظام ساقه لم تبرأ تماما، وصارت معوجة.. وقد كسرها واعاد تجبيرها ولم تستقم، فكسرها مرة ثانية واعاد تجبيرها، فبرزت منها عظمة نشرها بمنشار، فكانت النتيجة ان صارت اكثر من الاخرى، ولم يعد في الامكان ان يصير جنديا مرة اخرى.

وذات ليلة وهو نائم قرر ان يصير فارسا ليسوع.. ومع انه كبر في العمر الا انه دخل المدرسة مرة اخرى. وقد خشيت الكنيسة الكاثوليكية ان يكون تعليم ليولا خطأ ، لذلك وضعته في السجن وامتحنته فكانت افكاره سليمة. وساف ليولا من اسبانيا الى فرنسا وجمع بعض التلاميذ من باريس. وقد خدم ليولا هؤلاء التلاميذ وربحهم.

واخذ ليولا اتباعه الى مكان منفردين ، وقصد ان يفحص كل واحد نفسه . وقد جعل فحص النفس اساسي ووضع خمسة اسئلة: الاول "اشكر" مصحوب برسم شخص يرفع يديه شاكرا – الثاني "اطلب النور" مع رسم شخص يسجد امام حمامة رمز الروح القدس- الثالث انظر الى نفسك" مع رسم شخص المسيح ومعه سوط من جلد. الرابع "تأسف" مع شخص يسجد امام المذبح وامامه صورة المسيح المصلوب – والخامس "اعمل" مع رسم شخص بيده سيف يقتل به التنين. وافق البابا واعطى ليولا تصريح لبدء نظام رهبنة على ان يتخصص اليسوعيين في تعليم الكاثوليك مبادئ عقيدتهم وتجديد البروتستانت . 
ولم يكن اليسوعيين يخشون شيئا، فحين اراد احدهم الذهاب الى المانيا ليربح اللوثريين قالوا له ان البروتستانت سيغرقونه في نهر الرين. فقال: "هذه طريق اقصر الى السماء، فاين السفر بالبحر اسرع من السفر بالارض". وكان فرنسيس زافييه المرسل اليسوعي للهند، وكان ليولا قد ربحه بأن لاعبه لعبة بلياردو على شرط ان يقبل زافييه مبدأ فحص النفس في حالة الهزيمة. وانهزم زافييه وكانت هزيمته بداية التعبير الذي قاده لكون مرسلا في عاصمة البرتغاليين في الهند. وحين وصل زافييه الى هناك وجد ان ارسالية بروتستانتية بنت كنائس عظيمة يحضرها الاهالي لكنهم يخرجون منها لعبادة القرود والفيلة. ولم يهتم البرتغاليين بتعليم الشعب، فقد كان جل اهتمامهم منصبا على بناء قصورهم وسط اكواخ الاهالي. وذهب زافييه ال الاهالي وهناك سمع ان عشرين الف وطني اعتنقوا المسيحية، ولكن احدا لم يهتم برعايتهم، فذهب زافييه اليهم حافي القدمين وهو يدق جرسا ويقول : "تعالوا اليّ، فلدي اخبار طيبة لكم".

ومن الهند ذهب زافييه الى اليابان وهو يريد ان يذهب الى الصين، ولكنه عرف ان الصين لا تقبل الاجانب، ولكنه كان يريد الذهاب، فكتب الى صديق يقول له: "اذا وصلت الى الصين فستجدني هناك في السجن او بكين". وحمل زافييه مع صديق له الى شاطئ جزيرة مهجورة قرب شاطئ كونتون، وطلب من احد المهربين ان يدخله كانتون لقاء كمية من الفلفل تبلغ مثل وزنه عشرين مرة، وظل زافييه ينتظر بابا مفتوحا لدخول البلاد الوثنية حتى وافاه الموت دون ان يدخل الى الصين.

اما النظام الثالث فهو نظام "بنات الحسنات" ، ومؤسس هذا النظام هو القديس فنسنت دي بول. وكان اهتمامه بالفقراء والمسجونين والعبيد والمرضى والاسرى نابعا من انه كان غنيا وافتقر.ويحكي هو قصة فقره فيقول: "كنت مسافرا في سفينة من مارسيليا حين هجمت علينا ثلاث سفن تركية واخذت كل ما لنا، واصابني سهم في كتفي لا زال اثره باقيا الى اليوم. وقتل القرصان القبطان واخذونا اسرى الى تونس حيث باعونا كأسرى. وجاء تجار الرقيق يفحصون اجسادنا ويحصون اسناننا، وطلبوا منا ان نجري ونحن حاملين اثقالا".المرجع: مواقف من تاريخ الكنيسة -ف 18