السبت، 15 فبراير 2020

في عيد الحب


في اجتماع الشباب وكان اليوم يوافق عيد الحب، او عيد الفالانتين العالمي، وهو يوافق يوم 14 فبراير من كل عام. عيد الحب من اوسع الاعياد انتشارا واعظمها بهجة، اذ تمتلئ محلات الهدايا بالقلوب الحمراء ومختلف الهدايا الاخرى التي يتهادى بها المحبين.
بطبيعة الحال كانت الكلمة التي القيت من الخادمة امل ظريف عن عيد الحب. بدأت بالسؤال للحاضرين، عمن يعرف لماذا سمى العيد بالفالانتين. وكانت الاجابة معروفة من الجميع تقريبا، انه ينسب للقديس فالانتينوس. وكانت قصة العيد، ان الامبراطور كلوديوس الثاني الروماني اصدر قرارا بمنع الجنود من الزواج، اعتقادا منه ان الزواج يجعل الجنود يقصرون في اداء عملهم العسكري، ويثبط من عزيمتهم وشجاعتهم عند خوض المعارك. وكان الاب فالانتينوس يقوم بعقد سر الزيجة للجنود راغبي الزواج، لانه عرف ان قرار الامبراطور ضد مشيئة الله. حينما عرف الامبراطور ذلك، القاه في السجن باقي حياته وفي رواية اخرى انه امر باعدامه.
السؤال التالي مباشرة كان: ما هو تعريف الحب؟
وطبعا اختلفت التعريفات بين الشباب والشابات، فكل شخص له رؤية خاصة للحب. لكن ما يلفت النظر ان الاجابة من جانب 3 فتيات كانت واحدة وهي الاحتواء. طبعا انا ككاتب لهذه التدوينة، ولاني رجل، لا اعرف ماذا تقصد الفتاة بهذه الكلمة. احد الشباب اجاب، "الحب فراغ". كانت اجابة صادمة للوهلة الاولى. لكن الصدمة تزول حينما سألته مس امل عما يقصد بكلمة "الحب فراغ". اجاب انه فراغ في القلب، يجعله يشعر ان هناك فراغا في حياته يحتاج لشخص اخر ليملأه. وافقته المتكلمة وكذا الكثيرين بان "الحب احتياج نفسي". الحاجة الى الحب احد درجات هرم ماسلو الشهير لاحتياجات الانسان الاساسية في الحياة.
انتقلت المتكلمة الى استطراد لهذه الفكرة "الحب حاجة". بان ذكرت ما يدعمها من قصة الخلق. الله قبل ان يخلق حواء. انتظر على ادم حتى شعر بهذه الحاجة. "واما ادم فلم يجد له نظيرا". كان ممكن بالطبع ان يخلق الاثنان معا من البداية. لكنه جعل حواء تخرج من ادم بهذه الطريقة الفريدة، اصبحت حواء جزء منه ، حتى قال ادم "هذه عظم من عظامي ولحم من لحمي". لذا حين يتحدان معا من خلال سر الزيجة المقدس، لا يشعر اي منهما انه غريب عن الاخر.
سألتها: لماذا يوجد عيدين للحب وليس عيد واخد كباقي الاعياد؟
اجابت: يوجد العيد العالمي 14 فبراير، ويوجد عيد مصري للحب يوم 4 نوفمبر.
سالها احدهم: وما الفرق بينهما؟
اجابت ساخرة: مثلما نقول "ما تقولش كوكاكولا. بل قل: بيبسي كولا".
انتقل الكلام بطبيعة الحال عن دوافع الحب واسبابه. وذكر احدهم الحب يجب ان يكون "حبا غير مشروط".
ذكرتني هذه العبارة بمقولة سمعتها من الاعلامي اللبناني الشهير جورج قرداحي وهي "الحب ليس له سبب". واكّدت المتكلمة على ان الحب لا يكون "احبك لاجل كذا.." بل "احبك بالرغم من كذا.."
وهنا انتقل الكلام الى : هل يمكن لشاب مقبل على الارتباط ان يتغاضى عن عيوب الطرف الاخر او العكس.
اجاب : انا لي اولويات...
اردفت مس امل: انا لم اجد محبة غير مشروطة او محبة حقيقية..
وذكر احدهم محبة الام.
قاطعته: 
- حتى محبة الام لا تنطبق على هذه الصفة. كثير من الامهات تقولن لاطفالن "استذكر دروسك لكي احبك.. اعمل كذا و كذا..".
قلت: 
- لكن هي تفعل ذلك لانها تريد من تحبه في افضل حال". لكني استدركت وقلت "عل العموم محبة الام غريزة وضعها الله فيهن. فحتى الحيوانات توجد فيها غريزة الامومة". 
بادرت بسؤال:
- لكن هل يعرف احدكم لماذا محبة الام غريزة؟
- ما من مجيب.
لانها لو لم توجد .. صمتت ثوان قبل ان تجيب: كن قتلن اطفالهن.
اجبتها: 
- يوجد بالفعل ام قتلت اطفالها الخمسة في الولايات المتحدة..
- فعلا، اصعب شئ التربية..
- بالنسبة لي، حاولت ان الفت نظر المتكلمة الى ان الحب يجعل الانسان لا يشعر انه سعيد او في حالة حسنة بمفرده، وهذا يدعمه ما جاء ايضا في قصة الخلق حين قال الله "ليس حسنا ان يكون ادم وحده"(تك2: 18). حين خلق الله اي شئ كان يقول "وراى الله ما خلق واذا هو حسن". والشئ الوحيد الذي قيل عنه انه "ليس حسن". هو ان يترك ادم بمفرده.
اردفت مس امل بسرعة – وكانها شعرت انني اعطي معنى حالم جدا للحب – فقالت:
في لحظات التوهج العاطفي والرومانسية الشديد يقول كلا الطرفين لبعضهما: "انا لا استطيع العيش بدونك" و "انا مستعد اضحي بكل شئ ن اجلك.. وكلام اخر كثير.. ولكن اعرف مشاكل كثيرة للمرتبطين. 
اجبتها ضاحكا: ونجد امثلة لمحبين لا يطيقون كلا منهما الاخر ويطلبون الانفصال الذي يصبح امنية حياتهم..
وتابعت تقول:
احد الامثلة: لشخص تظاهر بالتدين .. يروح الكنيسة واتخذ اب اعتراف.. وبعد الزواج انقلب 180 درجة. ليس فقط انه ابتعد عن الله ولكنه ايضا اصبح يضايق زوجته بطريقة مريعة وجعل حياتها مرا وشقاء.
وختمت كلامها بنصيحة قائلة:
ولذلك يا فتيات دققوا في اختياركم شريك الحياة. وليكن لكم علاقة بالله. ليس علاقة "القرارات المصيرية في الحياة" فقط. اي تاتي لتقرعين باب الله قائلة "يا رب، ادخل ثانوية علمي ولا ادبي؟ يا رب اختار الوظيفة هذه ام الاخرى؟ .. يا رب، اريد ان اعرف ينفع ارتبط بهذا الشخص ام لا؟". حينها لا يحق لك ان تشكين من انك لا تستمعين جواب من الله لسؤالك. لانه يجب ان يكون علاقة الانسان بالله اعمق من هذا.

مقاﻻت ذات صلة