الجمعة، 20 سبتمبر 2019

المسيا في العهد القديم

اقتباسات من كتاب : المسيا في العهد القديم

تاليف: ريستو سنتالا، 2004

يمكننا ان نعرّف الاختلاف بين الوعظ والبحث اللاهوتي باعتبار ان اللاهوتي يبذل كل جهده في شرح ما الذي تعنيه كل كلمة من الكتاب المقدس، بينما يشرح الوعظ ما الذي بامكان اﻻنسان اليوم ان يستفيد منها. 

ناضل الفلاسفة اليونان لايجاد قواعد منظمة وهو اسلوب بدأ منذ ارسطو  وحتى هيجل: ثم كانت التفاصيل تكيف في وحدات اكبر.. بينما الفكر العبري يتحرك من التفاصيل الى القواعد.. لذلك الكتاب المقدس لا يعرف قاعدة معينة: لكنه يظهر غايتين: الرواية (التاريخ المقدس) والناموس (التشريعات والوصايا). 

بدلا من حب النظام يضرب الكتاب المقدس مثالا رائعا على التفكير الترابطي الذي ترتبط فيه على الفور كل تفصيلة مع الكل. كل تفصيلة من وحي الله يجب ان تقدم وتشرح بحسب علاقتها بالموضوع رهن المناقشة، وباعتبارها كينونة مستقلة، وذلك لان كلمة الله لا تفقد معناها الحرفي ابدا. علاوة على ذلك يجب ان تدعم كل حجة بكلمة من الاسفار المقدسة لان اراء الناس هي بلا قيمة في حد ذاتها. حتى المدراش القصير يحتوي على مئات من الاقتباسات من العهد القديم واسماء مئات من الاحبار. 

من غير المحتمل ان تفكر في ان ديانة اسرائيل قد تطورت من العبادة الكنعانية التي دمرتها اسرائيل، لانه في تلك المناطق التي سمح فيها للعبادة بالبقاء لم تتطور ابدا ديانة مماثلة ذات وحي. 

ان الاثر الادبي الرئيسي للتشريع اليهودي هو التلمود الذي جمع على مدى 3 قرون منذ عام 200 تقريبا والذي يضم 60 بحثا منفصلا في 13 مجلدا ضخما يصرح ببساطة "لم يتنبأ الانبياء سوى عن ايام مسيا" و "لم يخلق العالم سوى من اجل المسيا فقط". وبالاضافة الى التلمود يجدر ملاحظة مصدرين اخرين هما المدراش والترجوم. 

المدراش او الشرح هو الادب الوعظي يرجع تاريخه في اجزائه الستة الاكثر قدما الى القرن الثاني الميلادي وذلك بالرغم من انها كتبت في شكلها النهائي في القرن الخامس او السادس. 

اما التراجم فهي ترجمات تفسيرية للعهد القديم بالارامية. لكن لم يحظ سوى ترجوم اونيكلوس بالموافقة الرسمية من المجمع ويرجع تاريخه الى القرن الثاني.. وتجدر اﻻشارة الى ان هناك 72 مقطعا من العهد القديم مشروحا في التراجم باعتباره ينطبق على المسيا. 

وقد برز ايضا توقع مسياني مبكر فيما بين اليهود عن طريق ادب الزهار او الاشراق وارتبط عادة باسم الرابي شمعون يوهاي من القرن الثاني. هذا الادب السري الذي يبلغ الاف الصفحات والذي يتاسس على اسفار موسى الخمسة فاز بموافقة عامة بجانب التلمود.. 

يشرح 2مل18: 4 كيف دمر حزقيا التعويذة التي اصبحت بديلا للديانة الحقيقية وكان اسمها "نحشتان". تلك هي الطبيعة البشرية وهي ان شئ بلا حياة يمكن ان يصبح بؤرة للعبادة. لقد دعيت الحية "نحشتان" وهو اسم ازدراء واحتقار، ويفهم ان معناه "نا الذي نحتاجه من ذلك؟ انها لا شئ سوى حية من نحاس". 

يستخدم بولس في (غل3: 16) صيغة المدراش النموذجية فالوعد المعطى في المفرد يؤخذ اشارة على المسيح. 

يصف المدراش الحالة الجديدة التي ظهرت مع فارص كما يلي: "هذا هو تاريخ فارص وهو ذو مغزى عميق.. عندما ظهر فارص بدا التاريخ يتحقق من خلاله لان منه سيظهر المسيا. وفي ايامه سوف يبتلع الموت كما هو مكتوب يبلع الموت الى الابد ".. ان احد اصعب المعضلات هي (تم38: 29) عن ابن يهوذا وثامار "عليك اقتحام. فديت اسمه فارص". لقد عبرنا بالفعل على البحث المرتبط باسم فارص باعتباره قاهر الموت وهو بالفعل احد الالقاب المبهمة المعروفة للمسيا. كما يتحدث حتم المدراشيم الحبر تانهوما بارابا مرارا عن المسيا وقرابته لفارص "انه المخلص الاخير.. ويذكر ان هناك خطاة تكبدوا خسارة عظيمة بسبب سقوطهم بينما يوجد اخرون قد استفادوا من اثامهم”. وايضا "ان يهوذا كان منشغلا بالبحث عن زوجة بينما القدوس يخلق نور المسيا". وتوجد اشارة اخرى في (مي2: 13) حيث يقول "قد صعد الفاتك (الشخص الذي يشق الطريق) امامهم". ولاحظ ان كلمة الطريق مشتقة من نفس جذر كلمة فارص. 

بالرغم من ان الاحبار يجدون اسرارا في العهد القديم بوفرة اكثر جدا مما تألفه المسيحية الا انهم لا يزالون يؤكدون مرارا كلمات موسى "السرائر للرب الهنا والمعلنات لنا ولبنينا الى الابد".

اشارة تمت مناقشتها في التلمود: وهي ان ابن داود لن ياتي سوى في جيل بار تماما او شرير تماما حيث مكتوب "فرأى (الله) انه ليس انسان وتحير من انه ليس شفيع"(اش59: 16).. كما انه مكتوب "وشعبك كلهم ابرار"(اش60: 21). لو كانوا ابرار فسوف ياتي مع السحاب (دا7: 13) ولو كانوا اشرار فسوف ياتي "راكبا على جحش (زك9: 9).
تتحدث تراجم يوناثان ويروشاليمي عن (تك40: 12) عن "عيون المسيا الملك" انها جميلة متألقة كالنبيذ – اما في الترجمة الارامية فهي "حمراء كالنبيذ" وبحسب كلمات الحبر ابراهيم بن عزرا من القرون الوسطى تقول 3 مرات عن عيون يسوع انها تشبه لهيب الناروتخبرنا الاناجيل كيف ان يسوع نظر للشاب واحبه وكيف انه نظر الى بطرس فبكى.
المسيا اعتبر انه موسى الثاني. "لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوني"(يو5: 46). وهذه الفكرة مشتقة من (اع3: 22 و 7: 37).
كما يعلن المدراش "هوذا عبدي يزهر"(اش53: 13). فقد نجح موسى بواسطة المعجزات التي عملها في ان يجعل امة واحدة فقط تخدم الله لكن المسيا سوف يجعل كل شعوب الارض تخدمه".

موضوعات ذات صلة: