السبت، 11 يناير 2020

علم النقد الكتابي

يوجد في الكتاب المقدس ما يعتقد البعض انه تناقضات مما لا يتفق مع ما يوصف انه كتاب الله. واﻻن سنعرض موحزا لما جاء في كتاب "الكتاب المقدس بلا رتوش" لديفيد ويصا.


١- تناقضات تشريعية:
في مت19 يتحدث الرب يسوع عن سر الزيجة "قالوا له: فلماذا اوصى موسى ان يعطى كتاب طلاق فتطلق؟ قال لهم: .. من اجل قساوة قلوبكم".
لعل القارئ يعلم جيدا ان الرب يسوع في العهد الجديد ابطل بعض وصايا العهد القديم. وهذه القضية تثير هجوما بحجة ان هذا تناقضا، فما يقوله الله في القديم يلغيه في الجديد..
نكتفي بالقول ان الله ارتضى – احيانا – ان يتنازل في العهد القديم لمستوى شعبه، الى ان يرتقي بهم في المسيح. فالعهد القديم يعلن بعض صفات الله وطرقه، لكننا لم نعرف الله حق المعرفة – الا في المسيح.
اذا ما نراه هنا ليس تناقضا بل تنازل مؤقت من الله لاجل ضعف الانسان. وهذا التنازل وصل ذروتهخ حين صار الذي لم يعرف خطية خطية لاجلنا (2كو5: 12) وحين صار الذيتتبارك فيه كل امم الارض، صار لعن لاجلنا (غل3: 13).
ما يقوله المسيح في مت19 هو ان هدف الله من الزواج من البدء ان يكون اتحادا بين الزوجين – وليس هناك طلاق، لكن بسبب قساوة الشعب ارتضى بان يتنازل مؤقتا ويعطيهم وصية بشأن الطلاق، لا ليامرهم به بل لينظمه ويحد منه قدر المستطاع.
فالوحي اذا لا يععني بالضرورة تطابق كل وصايا العهد القديم مع قصد الله الازلي، بل قد يعني تنازل الله احيانا من اجل قساوة شعبه. والعصمة في هذه الحال تعني كمال مقاصد الله النهائية في المسيح.

٢- تناقضات لفظية:
هل يوجد تناقض بين (مت4: 1-11) و (لو4: 1-13) بين ما قاله الشيطان في تجربة المسيح؟
امامنا احتمالين:
الاول - ان لوقا كتب نصا ما قاله ابليس. اما متى فصاغ ما قاله ابليس بالوبه الذي يحافظ فيه على محتوى الكلام دون التقيد بالفاظه.
الثاني: هو اننا لا نعرف ما قاله ابليس بالنص. لكن كلا من متى ولوقا صاغ ما قاله باسلوبه. السرد على اية حال هو سرد بلغة يونانية لحديث تم باللغة الارامية، مما لا يدعنا نقلق بشأن اللفظ قدر ااتفاق محتوى الكلام.
فالوحي اذا لا يعني بالضرورة تطابق الالفاظ قدر ما يعني عدم تناقضها. والعصمة اذا تعني صدق متى ولوقا في سرد ما حدث واتفاقهما في محتوى الكلام ومعناه.
فما يقوله الكتاب هنا ليس تناقضا لفظيا بل اختلافات لفظية تحمل نفس المعاني.

٣- اخطاء تاريخية:
بشان معجزة اقامة ابن قائد المئة (مت8: 5- 13) و (لو7: 1-10)؟
هل ذهب قائد المئة للمسيح ام لم يذهب؟
هب ان صديقك ذكر لك حديثا دار بين رئيس دولتك ورئيس دولة اخرى موحيا انهما تحدثا مباشرة مع بعضهما البعض. بينما لم تذكر النشرة الاخبارية ذلك، اذ ذكرت ان المتحدث الرسمي للبيت الابيض والسفير المصري مع الامريكي ..
من الواضح ان التناقض شكلي. فجل قصد صديقك ان يجعل ترامب والسيسي باعتبارهما ندا كل واحد للاخر. بينما هدف النشرة ذكر الاحداث كما هي دون محاولة للاشارة الى اي شئ خلفها او اختصارها.
اضف الى هذا ان ما يقوله المتحدثين الرسميين هو بمثابة بيان فعلي رسمي من الرؤساء.
فلوقا بصفته مؤرخ يتحدث كنشرة الاخبار. اما متى فلانه يريد ان يظهر المسيح ملكا له سلطان يضعه ندا لقائد المئة فنسب الحديث لقائد المئة.

٤- الفاظ حصرية:
هل يوجد تناقض بين (مت22: 42-45 و (مز110: 1)؟
في هذا النص يقتبس المسيح نص مز110: 1 باللفظ ، مستخدما لفظا حصريا بعينه في محاجته مع الفريسيين. فالفريسيون كانوا يؤمنون ان المسيح هو ابن داود، وهذا صحيخ. لكن المسيح سالهم كيف يكون ابن داود ورب داود في ان واحد؟
على الرغم من ان سفر المزامير سفرا شعريا، الا ان هذا لا يعني ان كل ما يقوله السفر يفهم رمزيا. لكنه يعبر عن واقع حقيقي واحيانا تاريخي، بلغة شعرية. لهذا استخدم المسيح جملة واحة بالفاظ حصرية محددة واضحة في نص شعري لكنها تعني ما تقوله فعلا بالفاظها، وهو ما فهمه الفريسيون جيدا ولم يجادلوه فيه.
فما يقوله الكتاب المقدس هنا ليس مجرد معنى ضمني بل الفاظا حصرية لا بديل عنها لتوضيح المعنى المقصود.

وانتقل الى بعض الشبهات الاخرى..


15- اقتباسات وثنية:
راجع اع17: 22-28 حيث يقتبس الرسول قول احد الشعراء اليونان.
يعتقد الكثير من المسيحيين ان الكتاب المقدس متفرد في محتواه، بمعنى انه لا يتشابه مطلقا مع اي كتاب اخر. لكن فحصا دقيقا للكتاب المقدس يكشف بجلاء ان الكثير مما يحتويه يشابه كتب اخرى في ثقافات واديان اخرى. فقصة الخلق تتشابه مع اساطير الشرق القديم (وتختلف طبعا في انها لا تحتوي ما تحويه من خرافات). يقتبس الرسول من كتاب الظواهر للشاعر اراتوس في قوله "لاننا به نحيا ونتحرك ونوجد" وايضا "لاننا ذريته".
يعلق القديس اكلمنضس الروماني على هذا الاقتباس قائلا:
"من الواضح ان الرسول بولس استشهد بنماذج من الشعر الوارد بكتاب الظواهر للشاعر اراتوس.. ويربط بين ذلك القول وبين الاله غير الظاهر، غير المعروف، الله الخالق، ذاك الذي كان اليونان القدامى يعبدونه، ولكن باسلوب غير مباشر، ذاك الذي كان يلزم ان ندركه ونعرفه معرفة ايجاية حقة بالابن".
هذا الاقتباس يعني ببساطة ان كون الكتاب المقدس يحوي (كل) الحق ، الا ان هذا لا يعني ان كتب الاخرين وكتاباتهم لا تحوي (بعض) الحق. فالكتاب المقدس نفسه يشهد عنهم "ان معرفة الله ظاهرة فيهم"(رو1: 19).
فالكرازة في مفهوم بولس هي ان يبدا بما يؤمن به الاخرون لكي يصل بهم لما يريدهم هو ان يؤمنوا به- وهو الايمان الكامل. وهو المبدا الذي ارساه حين قال "صرت لليهودي كيهودي لاربح اليهود..". وهذا لا يعني ان الرسول ينافق الجميع لكنه يعني انه سيبدا معهم بما يؤمنوا به.
فالوحي لا يعني انه لا توجد مساحةمشتركة بين الايمان الحقيقي وما يعتقد به الاخرون.
فما يقوله الكتاب هنا ليس مجرد اقتباس من كتابات وثنية بل حق مشترك وارضية مشتركة ضروريةولازمة للحوار بين اي طرفين.

16- اراء شخصية:
راجع 1كو7: 1-4
حيث انني هنا رسول ذو سلطة رسولية، فانني على هذا الاساس (اقول انا) ما يريد ان يقوله الرب الان بواسطتي، ولم يقوله بنفسه حين كان معنا على الارض.
17- امور شخصية:
"الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس احضره.."(2تي4: 13)
ها هو بولس يقف محتاجا لرداء وها هو فيلسوف المسيحية يعلن احتياجه لكتب ليقرا ويتعلم. فالوحي اذا لا يعني بالضرورة وصية الهية مباشرة، بل قد يحوي امورا شخصية لكي نتعلم منها بصورة غير مباشرة. والعصمة اذا تعني صدق بولس في عوزه واتضاعه والبوح باحتياجاته. فما يقوله الكتاب هنا ليس مجرد امرا شخصيا ، بل درسا عمليا.
ما هو الوحي اذا؟
لا توجد نظرية واحدة تستطيع تفسير وحي كل نصوص الكتاب. فقبل ان نتعصب لنظرية واحدة ، فلنترك الكتاب الحرية لكي يصف وحيه بنفسه.
فالرب يسوع في محدوديته كانسان جاع وحزن وبكى بل لم يكن يعلم الساعة، دون ان يلغي هذا الوهيته. هكذا الله – في الكتاب المقدس – استخدم الاداة البشرية بكل ما فيها من محدودية وعدم معرفة وثقافة محيطة والفاظ مرتبطة بزمن الكتابة، دون ان يخل هذا بصدق ومضمون الاعلان والرسالة التي ارادها الله ان تصل الينا.

بين الرمزية والحرفية:
لا ينبغي ان نفهم سفر تاريخي كما نفهم سفر شعري. كثيرا ما يتعامل المسيحيون مع كلمات الرسول "الحرف يقتل والروح يحي" بطريقة خاطئة، اذ يطبقونها كطريقة عامة لتفسير الكتاب المقدس، اما يفهمونه كله حرفيا او يفهمونه كله رمزيا. وبقراءة متانية لواقعنا اليومي، نجد اننا كثيرا ما نهرب من بعض النصوص الحرفية الواضحة، لكي نقلل من قوتها. او نهرب من بعض النصوص الرمزية الواضحة، لكي نثبت عقيدتنا المسبقة ونفرضها على كلمات الكتاب. لك الحقيقة هي انه لا يوجد ما يسمى بتفسير حرفي او تفسير رمزي، لكن يوجد تفسير صحيح يلتزم بطبيعة السفر وخلفيته، وطبيعة النص. فان نقرا الكتاب في ضوء عقيدتنا سهل، لكن ان نراجع عقيدتنا في ضوء الكتاب صعب.

**
الهدف من العهد القديم:
العهد القديم ليس هو اعلان الله الكامل والنهائي للانسان، بل هو اعلان جزئي ومؤقت، لم يرد منه الله ان يكون دستورا نهائيا لشعبه، قدر ما اراد ان يرسي من خلاله مبادئ عامة . فغني عن البيان ان بعض الوصايا – مثل الطلاق – لا تعكس طبيعة الله قدر ما تعكس تنازله بسبب قساوةالانسان (مت19: 8). فنحن نرى الكثير من وصايا وشرائع العهد القديم التي ابطلت في الجديد. ويقول الكتاب "ان الناموس لا يقدر ان يحي.. وانه زيدج بسبب التعديات.. واننا لسنا بعد تحت الناموس كمؤدب.. وان فرائض العهد القديمة وقتية.. وان العهد الجديد اعظم وافضل من القديم.. وان العهد القديم ليس بلا عيب (عب8: 7) بل وانه عتق وشاخ.
ان شهادة العهد الجديد عن القديم لا تعني ابدا اننا لسنا في حاجة اليه او انه ليس كلمة الله. فالعهد القديم للجديد كالاساس للبناء. وكما انه من الغباء ان نتخلص من العهد القديم بحجة ان العهد الجديد قد اكتمل. لكن على الجانب الاخر ، كما انه من السذاجة ان نترك البيت ونسكن تحت الارض، هكذا من السذاجة ان نترك العهد الجديد بسموه لنرجع الى القديم بضعفه.
الحلول المقترحة لاشكاليات العهد القديم:
رفض العهد القديم (بدعة ماركيون):
اول هذه المحاولات بدات من شخص مسيحي في القرن الثاني. وكان ماركيون قد اصطدم بتناقض صورة الله المعلن في المسيح يسوع مع صورة الله المعلن في العهد القديم. فقال ماركيون ان الرب يسوع جاء لينقذنا ويحررنا من اله العهد القديم. وقام برفض العهد القديم كله وزاد على هذا رفض اجزاء من العهد الجديد. حتى ان ترتليانوس قال عنه "انه لا يتعامل مع الكتاب بقلمه بل بمشرطه".
ترميز العهد القديم (مدرسة العلامة اوريجانس):
تغاضت هذه المدرسة عن عنف الحروب في العهد القديم واعتبرتها رمزا لحروبنا مع ابليس. في هذا الصدد يقول:
"ما لم تكن هذه الحروب تحمل صورة ورمز للحروب الروحية، لا اظن ان اسفار التاريخ اليهودي كانت ستسلم قط لتلاميذ المسيح بواسطة الرسل – الذين جاءوا لكي يعلموا السلام- بحيث يمكن قراءتها في الكنائس.
الاقتراح الرمزي اذا خلط بين التفسير الذي يحترم خلفية النص وسياقه والتطبيق الذي يعنى بفائدة النص لنا اليوم.
3- تجزئة العهد القديم (طقسي واخلاقي):
ثالث المحاولات كانت تقسيم العهد القديم الى قسمين: اخلاقي لم ينقض وقسم طقسي اكمله المسيح بمجيئه لانه كان رمزا. فاعتبرت ان العهد القديم بذبائحه وطقوسه قد انتهى، الا ان الشرائع الاخلاقية لا زالت سارية.
هذه المحاولة قد تبدو في ظاهرها حلا عمليا، لكن بفحصها الدقيق ستجد انها لا زالت تنتقي من الناموس الاخلاقي وصايا تطبقها واخرى لا . الاقتراح الثالث اذا – قرر ان يقسم وصايا العهد القديم لطقسية واخلاقية – وهذا التقسيم لا غبار عليه. لكنه وضع نفسه في معضلة اخرى ، اذ قرر ان يتمسك نظريا بالناموس الاخرى، لكنه فعليا لم يفعل ذلك بصورة كاملة، بل انتقى منه ما يناسبه.
4) رفض وحي العهد القديم (قال الله وهو لم يقل):
اعتبار العهد القديم انه مجرد تصورات للكاتب عن الله. نسبة الكاتب لله لكي يعطي لتصوراته الشرعية.
الاقتراح الرابع – قرر ان يتمسك ظاهريا بالعهد القديم كنص ادبي كتبه اناس الله ويتخلى عن وحيه فعليا باعتباره من الله، فوضع رجال العهد القديم في موضع اتهام (كشهود زور)، على الرغم من شهادة الرب يسوع لامانتهم، وبالرغم من شهادة العهد القديم عن العهد القديم انه "اقوال الله التي استؤمنوا عليها"(رو5: 2).

5) مركزية المسيح:
خامس المحاولات هي محاولة اللاهوتي السويسري كارل بارت تقديم نموذج جديد لفهم الكتاب ككل وهو (مركزية المسيح) اي رفض اي صورة في العهد القديم لا تتفق مع صورة الاله المعلن في المسيح، وكانه بهذا قد حاكى المحاولة الرابعة نسبيا ولكن بشرط ان تتفق مع صورة الله في المسيح.
الاقتراح الخامس – قرر ان يتمسك بالرب يسوع كمركز انطلاق – فرفض كل صورة لله في العهد القديم لا تتفق مع المسيح (كالعنف مثلا)، مع ان الرب يسوع اكّد على بعض احداث العهد القديم التي تبدو فيها دينونة الله واضحة (كالطوفان وسدوم مثلا (لو17)، بل واكّد هو شخصيا على الدينونة الابدية في جهنم (مت10: 28).

نقد تاريخية العهد القديم:
يقول د. صفوت مرزوق- الاستاذ في كلية انابابتيست اللاهوتي في حسابه على فيسبوك:
www.facebook. Com/safwat.marzouk.9
ان غالبية المدن التي يقول سفر يشوع انه تم القضاء عليها، قد كانت بالفعل مدمرة عندما دخل شعب اسرائيل كنعان: فلا يوجد اي دليل حفري على ان اريحا اوز عاي قد تم تدميرهما في القرن 13 ق م. لاحظ ان يشوع 1-12 يختلف عن يش 13-24 في الكلام عن السيطرة عى كل الارض وكلاهما يختلفان عن قضاة 1يقول ايريك سايبرت:
كانت مهمة النص هي التحدث عن الحاضر واليه اكثر من مجرد السرد التاريخي الدقيق للماضي. فلم يكن اهتمام الكاتب منصبا على دقة المصادر التاريخية التي بين يديه – كما يفعل المؤرخون في العصر الحديث- قدر اهتمامه بتوجيه رسالة لمستمعيه وقارئيه من خلال استدعاء الماضي اليهم وتجسيده امامهم. وعليه فان تعاملنا مع نصوص الحروب كيشوع 1-6 منتظرين منها ان تخبرنا بالتفاصيل التاريخية لدخول اسرائيل كنعان. كما نتعامل مع النصوص التاريخية التي كتبها مؤرخو العصر الحديث. نكون قد اخطانا الهدف من كتابتها وبالتالي قراءتها قراءة صحيحة.
الاقتراح السادس – قرر ان يستخدم علم النقد التاريخي للبحث في الادلة التي تؤكد او تنفي حدوث الحروب بالتفاصيل المذكورة. ومقارنة ادبيات نصوص العهد القديم بمثيلاتها في النصوص الاخرى المعاصرة لها. على هذا الاساس ينبغي ان نستخدم هذا العلم في الامور التي يمكننا ان نفحصتاريخيتها لكي نتاكد من طبيعة وصف نصوص العهد القديم للحروب. من خلال ادراكنا لوصف الكاتب لها وصفا يحوي مبالغة او تهويل ادبي مقبول. حتى نستطيع ان نقرر ما هو النص الذي نقبل بحرفيته التاريخية وما هو النص الذي نقبل بفهم الغرض اللاهوتي منه دون التقيد بحرفيته.
7) تبرير العهد القديم (علم الدفاعيات):
انتهى علم الدفاعيات الى:
الامر ليس مجرد اله دموي بل اله قاض عادل قد اعلن مسبقا عن حيثيات الحكم الذي يصدره بحق الخطاة لا 18 وتث13.
الامر ليس اله دكتاتوري يهوى التحكم في حريات البشر، بل اله صالح لا يمكن ان يرى جزء من خليقته يسئ استخدام حريته ويفسد الارض دون وازع .. فالحرية الصحيحة هي الحرية المحكومة بحدود والا تحولت الى فوضى عارمة.
الامر ليس مجرد اله متسرع في اجراء دينونته، بل قد تمهل على الخطاة سنوات هذا عددها. فالدينونة كانت وستظل (فعله الغريب ) اش28: 21ب، اي الغريب على طبيعته.
لان الله هو الخالق وهو الديان فهو له مطلق الحرية في اختيار طريقة الدينونة ووسيلتها، فقد استخدم ماء الطوفان ونار وكبريت وحجارة الجلجال.. لكنه في دينونة كنعان استخدم بني اسرائيل لتتميمها، وكما انالقاضي لا يعيبه استخدام عشماوي لتنفيذ حكم الاعدام هكذا الله لا يعيبه استخدام بشر في اتمام دينونته.
انحروب العهد القديم هي تفويض خاص مؤقت اعطاه لشعب محدد في زمن محدد لقتل شعوب محددة بسبب خطايا محددة (مذكورة بالتفصيل في لا18) لم يتوبوا عنها بعد امهاله لهم لمدة طويلة (400 سنة).
ان حروب العهد القديم ليست تشريعا عاما لاسرائيل ولا لشعوب اخرى بقتل كل الناس في كل مكان في اي وقت بسبب نفس الخطايا المذكورة في لا18 او اي خطايا اخرى، مهما استمر الخطاة فيها ولم يتوبوا عنها. وهي ايضا ليست بسبب فرض دين معين (اليهودية مثلا) ولا لاشباع رغبة شعب معين في قتل الناس.. فالله قبلان يدين الامم بشعبه ، دان شعبه بنفس القضاء فاسلمهم للقتللاوالسبي.
الاقتراح السابع – قرر ان يتمسك بما يقوله النص – دون تهويل او تهوين. فحاول ان يقدم تبريرا لما فعله الله.

محدودية العهد القديم (الاعلان المتدرج للوحي):
فكما يمنع الاب ابنه من اي طعام – سوى لبن الام. ثم يفطمه اي يسمح له بكل الاطعمة الا الرضاعة. دون ان يعني هذا تناقض في شخصية الاب. قدر ما يعني ضرورة تغير الوصية بسبب نضج الابن. وكما يمنع الاب طفله من الاقتراب من الموقد لكنه يسمح له بذلك حين يكبر. فمحبة الاب ثابتة لن تتغير.
الاقتراح الثامن – قرر ان التباين بين الوصايا في العهدين طبيعي ولا يقلل من ثبات العهد القديم.
9) مركزية صليب المسيح (نظرية الاخلاء):
نقول ببساطة ان الله ارتضى ان يظهر احيانا كمن (ليس هو) ، الى ان يعلن لنا في صليب المسيح بالحقيقة (من هو).