السبت، 2 سبتمبر 2017

كذب المنجمون ولو صدقوا!

دائما ما كنت ارى في علم الابراج جاذبية كبيرة، رغم انها مقرونة بالاعتقاد القوي ان هذا العلم انه الى حد ما افكار سخيفة وغبية. لا يمكنني ان اصدق ان قطعا من الصخور الطائرة في الفضاء تقرر شخصيتي، وتحدد مصيري: تحدد ما اذا كنت ذكيا ام غبيا، اجتماعيا ام منطويا، سخيا ام انانيا!! المهتمون بهذا العلم يقولون ان شخصياتنا تتأثر بوضع الكواكب في اللحظة التي نولد فيها. الشمس تبث الحرارة والدفء في الكائنات الحية وتجعلها تنمو. القمر يسبب المد والجذر، وطبقا لما يقوله البعض يمكن ان يصيب الانسان بالجنون. بنفس الطريقة ، يقول المهتمون بهذا العلم، ان الكواكب والنجوم تؤثر على ما نفعله، وتحدد شخصياتنا. في النهاية، انا لست مقتنعا على اية حال بذلك.
ومع ذلك، لا شك ان علم الابراج ما زال يحظى بشعبية. انا دائما ما اكون مذهولا حين ارى الكيفية التي بها يتأثر بعض الناس بهذا العلم، وكيف هم حريصون على قراءة ابراجهم في المجلات والجرائد. اكثرهم يقول مع ابتسامة خجولة على وجهه حينما يراك تراقبه وهو يطالع برجه "بالطبع ، كل ذلك ما الا سخافات".
انا نفسي، في يوم ما طالعت خريطة الابراج في كتاب اشتريته من مكتبة باحد المحطات، وضعت الكتاب فوق الجريدة حتى لا يلفت عنوان الكتاب الشخص الجالس مقابلي. انا من برج الجوزاء، واصحاب هذا البرج انانيين، لذلك فتحت الكتاب على الفصل الذي يتناول اصحاب هذا البرج.
بدأ الكلام المكتوب حسنا، انا عقلاني، مفكر جيد، واسع الخيال، سخي، ساحر، وكل شخص يراني جذابا. انا ايضا لدي اهتمامات واسعة، وانا ناجح في كل عمل اقوم به. لقد بدأت اشعر بالاسى على اصحاب برج الثور، الذين طبقا للكتاب، مملين الى حد ما، هادئين، يفتقرون الى الخيال، وغير منجزين.
وعلى الرغم من ان قراءة كل هذا كان امرا ممتعا، لكنه لم يترك اي انطباعات فيّ: انه من السهل ان تحمل الناس على الاعتقاد بانهم يتسمون بصفات لطيفة، لكن ماذا عن العيوب التي بهم؟
يبدو ان الشخص الذي له عقلية كبيرة لها عيوب: بالاضافة الى انها متغيرة مثل الطقس في مصر، انا متغير المزاج الى حد ما، اصاب بالملل بسهولة، اجد صعوبة في اتخاذ القرارات. بسبب اهتماماتي الكثيرة ، كما يقول الكتاب،  يمكنني التركيز علي شئ واحد. وبالتالي اكون "سيد للا شئ، تاجر لكل البضائع". وما يدعو للقلق هو اني اكتشفت انني ليس بي عمق للعواطف، ولا يعتمد عليّ في موضوعات الحب. وكان شئ مزعج ان اقرأ ان اصحاب هذا البرج ليسوا امناء.
قبل ان ابدأ في التساؤل ما اذا كان مؤلف هذا الكتاب على معرفة شخصية بي. بدأت في ان اغير رأيي ، واتوقف عن الشعور بالاسف على اصحاب برج الثور.
ثم رأيت الخدعة : كل شخص لديه هذه العيوب، ليس فقط اصحاب برج الجوزاء. كلنا احيانا نتكدر ونفقد مزاجنا، نصاب بالملل، ونغير اراءنا- ولا يوجد شخص لا يغير اراءه- جاد ويعتمد عليه وامين طوال الوقت. استرحت قليلا، وضعت الكتاب جانبا.
نظر الي الشخص الجالس مقابلي وقال:
"هل تقرأ برجك؟"
اجبت بابتسامة خجولة:
 "نعم، بالطبع ، الامر كله هراء".
===
موضوعات مرتبطة:
خلاص من فخ ابليس