الخميس، 27 يونيو 2019

سفر اشعياء - الويلات الستة

نبوات تتعلق بعلاقة يهوذا واورشليم بمصر واشور:
(ص28-33)
ها هو اشعياء يعود من جولته في الكلام عن الكوارث الدينونة العالمية ليكلمنا عن الاوضاع المحلية والحالية. ففي الاصحاحات الستة ستة خطابات مستقلة، يبدا كل منها بكلمة "ويل". وفي كل منها تثور ثائرة النبي على السياسة الانهزامية وغير المبررة في التماس المعونة من مصر. 
يعالج النبي حماقة الظن بان الخطوات السياسية البارعة بالتحالف مع مصر او عقد المعاهدات مع السامرة لها نفع في تجنب الكارثة (14 و 15). فما هذا الا "عهدا مع الموت" و "ميثاقا مع الهاوية". ومن البديهي انه لا يمكن لاي احد ان ينجو من هذين الامرين – الموت والهاوية، بعقد معاهدة معهما! وربما ظنوا فعلا انهم فعلوا ذلك، وان الموت لن يقترب منهم لانهم عقدوا عهدا معه، ولكن هذا محض خيال.
ويختم الاصحاح بمثل يزيد من ايضاح الصورة. فكما يستعمل الفلاح الاته في الحرث ودرس الحنطة، فكذلك الرب لابد ان يتمم قصده الازلي الصالح خير بنيه.

الويلات الستة

الويل اﻻول:
"اكليل فخر" اي مدينة السامرة. فقد كانت اشبه باكليل على راس تلة في واد خصيب "وادي سمائن". يصف النبي السامرة كانها راس اكليل سكير عربيد. ويستعيد النبي الرجاء المسياني في ع5 و6 ويجدر المقارنة بينهما والعددين 3 و4.
"بشفاه لكناء وبلسان اخر اكلم هذا الشعب". يهددهم اشعياء الان تهديدا صارخا، بحقيقة كونهم سيضطرون، اذا رفضوا سماع كلامه، الى سماع الرسالة عينها من افواه الجنود الاجانب في شوارعهم بلغة لم يتعودوها، فالدرس الذي لم يستوعب باللين يستوعب حتما بالصرامة.
"هانذا اؤسس في صهيون حجرا" ههنا تذكير بالوعد القديم لبيت داود، وياتي هنا في خضم نبوات عن الدينونة وهذه النبوة مقتبسة في العهد الجديد (رو9: 33 و اف2: 20 و 1بط2: 6-8) "لا يهرب" ان هذا الهلاك الوشيك سيشمل الارض كلها ، فكفوا اذا عن الركض فيها ذهابا وجيئة سعيا وراء التحالفات. من امن لا يهرب. فابقوا في دياركم وامنوا واثقين باله صهيون.
"الشونيز" بقل يستعمل استعمال التوابل مثل الشبث والشمر.

الويل الثاني (29: 1-14):
نفس موضوع الويل السابق الا وهو التحالف مع مصر. "اريئيل" هي اورشليم"وانا احيط بك كالدائرة.." الرب نفسه هو من يثير الهجوم عليها. فقبل ان يجعلها الرب ملكه الخاص ، لابد من ان يضعها الى التراب. ثم بغتة يرى الاعداء امام ابوابها كغبار الارض. واما اثر هذه لرسالة فهو مصور تصويرا بارعا (ع9-12) فقد اخذتهم الرعدة والحيرة، فكانوا كمن اوقظوا من نومهم غصبا، فلم يكونوا قادرين على قراءة رسالة دفعت بين ايديهم. والسبب هو انهم لا يملكون معرفة حقيقية بالرب الذي يعترفون بعبادته اعترافا شفهيا (13).
معنى "اريئيل" اسد الله "نزل عليها داود" ضرب خيامه فيها "وتكون لي كاريئيل" اي ان المدينة ستصبح جديرة ، كانها مذبح كبير تكدس القتلى فوقه.
"ويصير جمهور اعدائك كالغبار" تخفف هذه النبوة من حدة النبوة الخاصة بخراب اورشليم.

الويل الثالث (29: 15 - الخ):
يلتفت النبي الان الى رجال السياسة وخططهم الدائبين على وضع الخطط السرية فيفعلون ذلك وكان الله خارج حساباتهم. يا لحماقة تصوراتهم! فماذا يكون خططهم اذا ما قورنت بعل الله العظيم؟ وهذا العمل العجيب سيتم ليكون بركة للصم والعمي وابادة العاتي والمستهزئ، لطالما كانت امة اسرائيل غير جديرة بخير ، ولكن عندما يتم هذا العمل عندئذ يزدهر الدين الحق (23).

الويل الرابع (ص30):
سابقا كشف لهم حماقة تفكيرهم وما الاصرار على المضي في هذه السياسة بعد التحذير المباشر منها على لسان النبي الا تمرد "البنين المتمردين". يبدو لنا "الركب العديم النفع وقد ارسل من يهوذا وهو محمل بالهدايا الثمينة على حمير وجمال تجاهد في الصحراء "في ارض شدة وضيق"(6 و7).
لم يفعلون هذا؟
الجواب يقين عند النبي، ذلك هو عاقبة تمردهم على الله (8 و9) فقد رفضوا ان يسمعوا كلمة الرب وطلبوا الناعمات (اي الملق) "كلمونا بالناعمات".
لقد تخيروا ان يكروا على العدو بخيل جلبوها من مصر، لذلك يقول: اجل سوف تكرون ولكن بعيا عن العدو فان سرعتكم التي تباهون بها سوف تكون سرعة الهرب العاجل.
"صوعن" مدينة في شمال مصر و "حانيس" في جنوبها.
كان العبرانيون يكنون عن مصر "رهب" اي المتهددة المتوعدة، يلتقط اشعياء هذه الكنية ويصف عجزها عن المعونة والحركة اذ يقول "دعوتها رهب الجلوس" رهب الجلوس في المنزل.
"لا يختبئ معلموك بعد" يمكن قراءتها "لا يختبئ معلمك بعد بل عيناك تريان معلمك" وواضح ان لمقصود هو الرب (20).
لدينا 3 صور مجازية: صورة فيضان، غربال، رسن (لجام) (28)
"تفتة" او "توفة" مكان للحريق "للملك" ملك اشور.

الويل الخامس (31: 1- 32: 20):
يعيد النبي ما سبق ان قاله. لم يتكلوا على الرب "وهو ايضا حكيم" مثل اولئك السياسيين الذين ليس من ورائهم نفع (2 و3). على ان الله يبق دائما للحماية ولانقاذ ما يمكن انقاذه (5). يبدا يصف المجتمع الجديد بكلمات ذات بلاغة رفيعة "ملكها سيملك بالعدل" موفرا الحماية لكل محتاج. سمو الاخلاق لا الربح المادي سيكون منبع القوة للنظام القائم. 
ان قيام شخصية بارزة قادر وحده على تبديد الفساد الاخلاقي، فان مجرد الشعور بتاثيره سوف يملا القوالب الفارغة.
تحذير لنساء اورشليم: في هذا السياق يلتفت النبي كي يناشد نساء اورشليم وكان قد فعل هذا مرة واحدة من قبل (اش3: 16-26)، اذ كان يعلم مدى تاثيرهن في حكام المدينة. وهو الان يدعوهن الى البكاء. ويوجه تهمتى الراحة واللامبالاة ازاء الخطر المحدق (14) على ان النبي لا يتباطأ في هذا الموضوع اذ ينتقل سريعا للحديث عن التجديد المستقبلي. ولمن الرؤيا لم تتم بعد اذ وجب اجتياز عاصفة عنيفة (19).

الويل السادس (ص33):
هذا الاصحاح يحتوى الويل الاخر. وهو يتحدث عن ابادة اشور. تلائم الكلمات الافتتاحية لحظة حلول الكارثة "ويل لك ايها المخرب وانت لم تخرب"(1) يلي ذلك صلاة يصعدها النبي طلبا للمعونة (2) تتبعها صورة حية في وصف هيمنة الله والعناية الابدية اللتين ستمتلئ صهيون من جرائهما "حقا وعدلا"(3-5).
وفي ع7-12 نرى مبعوثي العدو يطلبون الاستسلام بينما يخيم الحزن على المدافعين الذين يجاوبونهم فنرى مناحة الارض ولكن صوت الرب يرتفع (10).
ع13-24 صورة الاهالي الذين تاخذهم الدهشة ثم في ع17-24 وصف الشعور العاصف لدى رحيل العدو عن المدينة . فبذلك يزول من امام انظارهم مشهد محاصري المدينة ذوي اللغة الاجنبية (19) ولملك اسرائيل ان يعاود الظهور (17) كما وتنفتح البلاد على وسعها تجاه الافق البعيدة متيحة التنقل بحرية مجددا (17).
صلاة النبي في ع2 يتبعها التذكير بقدرة الرب التي بها تبددت الامم خطاب النبي في ع4 موجه للاشوريين حيث يؤكد ان اليهود سيجمعون سريعا غنائم الاشوريين كما يخلي الجراد الحقول. 
"ابطالهم" اي مبعوثي الاشوريين" و "رسل السلام" مفاوضي اليهود.
"خلت السكك" واقفرت الشوارع مما يصور حالة الرعب من زحف العدو القاددم. "نكث العهد" هذه اشارة الى نقض ملك اشور عهده السابق مع يهوذا. 
"تحبلون بحشيش" كناية عن عقم البشر. "نفسكم كنار" اي ان كبرياؤكم ستجلب عليكم الهلاك والكلام موجه الى اشور "وقود كلس" و "اشواك" صورتان تعبران عن الهلاك السريع.