الخميس، 27 يونيو 2019

مدخل الى رسالة كولوسي

الرسالة الى كولوسي
المدخل الى العهد  الجديد – د. القس فهيم عزيز، الاستاذ بكلية اللاهوت الانجيلية.

ظروف الرسالة:
ذهب ابفراس الى الرسول لكي يسـأله النصيحة في مواجهة معضلة واجهته، هذه المشكلة تتلخض في بدعة جديدة ظهرت ولم يستطيع ابفراس ان يصدها. وفي سفره الى الرسول في رومية ترك الكنيسة تحت رعاية ارخبس (كو4: 17).
ولكن ما هو هذا الانحراف وما هي طبيعته؟ لعل العلامة المميزة لهذا الانحراف وكل انحرافات القرن الاول هو ما يسمى "المزجية synchretism " وهي عبارة عن ربط الهة وطقوس وعقائد لشعوب مختلفة مع بعض ثم استخراج مذهب جديد منها (انظر مقالنا عن السيخية والبهائية والزرادشتية والمانوية..). وقد غير كثيرون عاشوا في ذلك العصر معتقداتهم الدينية بتبني بعضا من عقائد وطقوس ديانات اخرى مجاورة لهم، او واردة عليهم من اماكن اخرى، وكان ذلك يحدث في اعقاب التغيرات الاجتماعية والسياسية الكبيرة. ولقد كانت المسيحية ضمن الديانات الجديدة، وعلى ذلك اعتقد البعض انه يمكن تطعيمها واثراؤها بنظريات وعقائد وعبادات اخرى من الثقافة اليونانية والطقوس اليهودية التي سبقت الغنوسية وادت اليها، وقد جرى ذلك في كنيسة كولوسي، ويمكن ان نستخرج بعضا من هذه العناصر.
شخصية المسيح:
ابرز الضلالات كان ينصب على شخص المسيح نفسه ويبدو ان المعلمين الكذبة قد ذكروا عنه انه لم يكن سوى واحد من القوات الالهية، وانه محدود في قوته ولا يمكن ان يتغلب على كل قوات الشر، ولذلك فقد التجاوا الى الملائكة (2: 18)، ولربما كان هذا الاتجاه مؤديا الى غنوسية القرن الثاني، وكان هذا سبب تنبير الرسول بشدة على رفعة المسيح (1: 15-19 و 2: 9-11).
العناصر اليهودية (2: 11):
يفسر الرسول الختان على انه ختان القلب لا الجسد. وفي 2: 8 يذكر عبارة "تقليد الناس". وفي 2: 16 نجد قائمة طويلة منها.
عبادة الملائكة:
وهذا العنصر الثالث قد يكون ماخوذا من عناصر يهودية متطرفة اذ صار للملائكة مركز ضخم بعد ان اوجد التفكير اليهودي، في فترة ما بين العهدين، هوة ضخمة بين الله والناس، فصار الملاك هو الوسيط الذي اعطى الناموس (غلا3: 19 و اع7: 30 و 35). وقد يكون هذا التطرف ماخوذا من الديانات والتفكير اليوناني فقد كانت هناك عبادة لبعض العناصر فوق الطبيعية.
4- العناصر اليونانية:
الفلسفة: ونذكرها "انظروا ان كان احد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل"(2: 8). ويذكر الرسول بعض مصطلحات هذه الفلسفة مثل الملء (1: 19) و معرفة (2: 3) وقهر الجسد (2: 23).
اركان العالم (2: 20):
قد يكون لها واحد من 4 معان: الاولى الحروف الهجائية (عب1: 5). فكلمة "بداءة" قد تعني المعرفة الاولية. وقد تعني العناصر الاولى التي يتركب منها الشئ او العالم كالنار والتراب والهواء والماء، وقد يعني النجوم وتحكمها في مصائر الناس.  وقد تعني اخيرا الارواح التي تتحكم في هذا العالم.
ويلاحظ ان كلمة "ملء" نفسرها في ضوء تعاليم هؤلاء المعلمين الكذبة.فعندهم ان الله لا يصل الى الكائنات لانه ارفع من ان يتصل بها، ولكنه يفعل ذلك عن طريق سلسلة متدرجة من الكائنات الروحية تنزل الى ان تصل الارض. هذه كله مع الله نفسه تكون ما يسمى الملء: ملء الالوهية. والرسول يقول ان المسيح وحده هو "الذي فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا".
الرسول يتحدث عن الامه في الكرازة على انها ليست عبئا ولا الاما عادية ولكنها جزءا من تدبير الله بواسطتها ينتشر الانجيل ويقبل الجميع الى الله وهي بهذا المعنى مكملة لالام المسيح نفسه (24). ان الام المسيح ليست ناقصة والا لما صارت اساسا فدائنا ولكنها الاساس الذي بني عليه وفي اتجاهه يبنى مل البناء. ان الام الرسول امتداد لالام المسيح.