مز125: “المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون" هنا تحول المرنم نفسه الى صخرة روحية وجبلا راسخا بسبب ايمانه الثابت بالمسيح. واخذ يطوف حول تلك الصخرة فشاهد جباﻻ كثيرة حولها – راي استفانوس الذي تحول على صورة سيده سنكون مثله حينما نراه كما هو (في مجده)”. هذا المزمور يقال انه كت بعد بناء السور. وتحدث عن درجة اعلى في اﻻيمان، فبعد ان تحدث ان وجود الله فينا سبب انتصارنا ، يتحدث هنا ان وجودنا في الله يجعلنا اقوياء.
يتساءل القديس غريغوريوس النزينزي قائلا "متى يكونون مثل جبل صهيون؟ ويجيب: هذا ما يخبرنا به المرنم بعد قليل حين يقول "اذا ما رد الرب سبي صهيون".
لكن ما قصة الجبال التي احاطت بجبل صهيون. من يتتبع تاريخ الكنيسة يجد ان جباﻻ كثيرة احاطت بها ورغم شدة اﻻضطهادات لكنها بقيت ﻻن لها الوعد "ﻻ يزول الى اﻻبد".
كما انه يمكن ان تكون هذه الجبال هي المؤمنون انفسهم الذين يحيطون بهذه المدينة كمثل سور ﻻ ينهدم.
لقد كانت اورشليم اﻻرضية محاطة بجبال: فمن الشرق احاطتها جبل الزيتون ومن الغرب الهضبة المحيطة بوادي يهوشافاط ومن الشمال الهضبة المحيطة بوادي هنوم ومن الجنوب جبال المجمع الشرير الذي يمتد من وادي هنوم. وهذا المنظر يصور لنا كيف ان "الساكن باورشليم" يشعر بامان وسلام.
لكن بعد ان انتهى المرنم من سرد هذا التصوير البليغ عن الكنيسة وثباتها يعود فيتذكر مرارة السبي ، ويتدارك ذلك سريعا فيقول "الرب ﻻ يترك عصا اﻻشرار تستقر على نصيب الصديقين". نعم، قد يسمح الله لعصا الخطاة ان تاتي ولكنها لن يسمح ابدا ان تستقر او تستمر طويلا. ﻻبد ان التجارب تاتي لكل انسان، كما ياتي المخاض للحبلى، لكن ﻻ يتخلى ابدا الرب عن شعبه وﻻ تدوم عصا الخطاة طويلا "لئلا يمد الصديقون ايديهم الى اﻻثم". فلا يمكن الرب ان يتركنا "نجرب فوق ما نحتمل"(1كو10: 13). وكما يقول ايوب لصديق "لئلا تمتد ايدي الصديق الى عمل الشر بدﻻ من الخير"( اي28: 9).
ان الرب ترك عصا الخطاة لتاديب شعبه زمانا – لذك كان لزاما على المرنم ان يصلي قائلا "احسن يا رب الى الصالحين والى المستقيمي القلوب".
اما اولئك الذين "يميلون الى العثرات فينزعهم الرب مع فعلى اﻻثم" ونتعجب كيف يحسب الرب اولئك المرتابون في مقدمة فاعلى اﻻثم ؟ .. هذا ما نراه في قول الرائي "اما الخائفون وغير المؤمنون والرجسون والقاتلون فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت"(رؤ21: 8).
ان السلام والرحمة على من يتبع القانون (المقدس)كما يقول الرسول ، وكذلك على "اسرائيل الله" فليس اﻻسرائيلي باﻻسم فقط بل بالروح والحق، فليس السلام للاشرار الذي ﻻ يستحقون هذا اللقب "اسرائيل الله".
*
مز126 “اذا ما رد الرب سبي صهيون صرنا مثل المتعزين" انه نشيد التعزية. عرف المرنم سبب الحزن الذي الم به، ان رواسب الخطية ما زالت في قلبه. انه ترك بابل بقدميه فقط، اﻻ ان نفسه ﻻ تزال تعيش في بابل.
فحزن لذلك وقال ان التعزية ستاتيه "اذا ما رد الرب سبيه من بابل". وطلب متضرعا "اردد الرب يا رب سبينا مثل السيول في الجنوب".
ويتعجب القديس اغسطينوس من قول المرنم "صرنا مثل المتعزين" ولم يقول "صرنا متعزين"!
ويجيب : عندما نسمع عن "المتعزين" يتبادر الى الذهن انهم كانوا نائحين، ﻻن التعزية ﻻ تكون اﻻ للحزانى. لكن المرنم ذكر تلك الكلمة، ﻻنهم كانوا ﻻ يزالون الى ذلك الوقت نائحين، فهو يتحدث عن تعزية لم تكتمل بعد.
اننا نحن اﻻن- مثلهم – ﻻ نزال نائحين ولكننا نتعزى بالرجاء، وسوف تكمل تعزيتنا في الحياة اﻻبدية.
“مثل السيول في الجنوب". كانت المنطقة التي رجع اليها المسبيون تسمى Negeb وكانت جافة تماما في الصيف وتبقى كذلك الى نهاية الخريف حيث تبتدئ السيول تاتيها بفعل الرياح الجنوبية الحارة التي تذيب الثلوج المتراكمة فوق قمم الجبال. وكان على الزارع ان ينتظر تلك الفترة حتى تمتلئ الوديان فتتحول اﻻرض القاحلة الى جنة فيحاء.
هكذا شبه المرنم العائدون باﻻرض القاحلة ﻻنهم بقوا زمانا في ارض الخطية اجدبت فيها نفوسهم فاصبحوا صحراء تنبت فيها اﻻشواك.