الجمعة، 15 فبراير 2013

سأرجع قبل فوات الاوان

اذكر اوقات التوبة الصادقة في حياتي. كنت اشعر ليس فقط بالانكسار و التواضع و لكن ايضا بقلق النفس. في تلك الاوقات كان حمل قلبي يكاد يطحنني. كنت ارى بطل اغراضي و دناءة اعمالي. كنت احس انني سائر في الطريق المؤدي الى الهلاك، كنت احيانا اسمع اصواتا تحذرني "ارجع ... ارجع مادام هناك وقت!" و كانت نفسي تجاوب "سأرجع قبل فوات الاوان!" لم يكن حينئذ – وهذه الانذارات تحذرني – لم يكن الوقت قد فات، و كان القلق الداخلي يتطلب السلام، و كان ممكنا ان اصبح انسانا جديدا من جراء هذه الحرب ... لو انني حاربت و قاومت باخلاص. و لكنني لم افعل. على احسن تقدير كنت اقوم بجهود ضعيفة. في بعض الاحيان كنت افكر بخطاياي بكدر، بل في بعض الاوقات كنت افكر فيها بحزن، و لكن سرعان ما كانت تعاودني افكار الخفة و العبث و تعطل ضرب الاوتار الرقيقة التي للافكار العميقة الخاصة بالحياة الابدية. و بعدم اكتراث مجدد كنت اغوص ازيد فأزيد في تيار الملذات و استطيع بحق مما اختبرته في نفسي و ما رأيته في الاخرين ان اشهد بهذا الواقع المريع ان الروح الشرير له سلطان على ارواح البشر. كم من المرات يعتزم الانسان طريق الصلاح و يلتزم افضل العهود، و ان يترك الخطية، و يتوق الى سبل الحياة الابدية ثم يدخل المجرب قلبه، فيسقط اشد من الماضي. ويقولون انه لا شيطان! شيطان! ان الشيطان هو الذي يجرنا الى جهنم. الشيطان موجود. و عدده لجئون.
ربما تقول "كيف ان الله القوي، العادل، الشفوق يسمح للشرير بمثل هذه القوة المريعة للسيطرة على ارواح البشر؟ أ يكون هو الاب الكلي الحب، الكلي الرحمة و لا يخطفهم من مهلكهم حتى في لحظة ضعفهم؟"
أتشك في الله يا صديقي؟ أليس هو الذي يرسل ملائكته الاطهار لتحرس باب قلبك؟ من الذي وضع الضمير في داخلك؟ من الذي يجعلك تشعر و ترتعب من ثقل خطيتك؟ ان روحه هو العامل فينا. عندما نشعر اننا اخطأنا و عندما نشتاق ان نرقى الى حياة افضل، انه هو الذي يرينا اننا نستطيع ان نرقى الى حياة افضل ... ان كنا نريد....!

ولكن ارادتنا هي الخاطئة، اخلاصنا هو الخاطئ! ان ما يعمله الله لنا حتى في اللحظات الدقيقة اعظم بما لا يقاس مما يقدر ان يفعله بنا الشيطان و لكننا لا نصغي اليه رغم عظم محبته لنا. اننا لا نلتفت لغنى بركات النعمة التي يريد بها ان يخلصنا، اما الشيطان فيكفيه ان يزمر لنا حتى نهرع لاتباع اوامره.