السبت، 8 سبتمبر 2018

دفاع القديس اثناسيوس عن هروبه

اقتباسات من كتاب دفاع اثناسيوس عن هروبه.

ان الكتاب المقدس يأمر بالهروب: "ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا الى الاخرى"(مت10: 23).
ان كانوا يدينون كل الذين هربوا من مضطهديهم، فبم يتهمون يعقوب الهارب من اخيه عيسو، وموسى اللاجئ الى مديان خوفا من فرعون؟ كيف يستطيعون الدفاع عن داود بمنطقهم الفاسد: لقد ترك بيته، وهرب من شاول الذي امر بقتله، واختبأ في الكهف من امام وجهه. وتنكر حتى عثر على ابيمالك.. ماذا يقول هؤلاء الناطقون بالكلمات المعسولة عند نظرهم الى ايليا النبي العظيم الذي اقام الميت يختبئ امام اخاب ويهرب امام تهديدات ايزابل؟.. ان التلاميذ انفسهم اختبأوا خوفا من اليهود وبولس الرسول في دمشق اذ كان يطارده الوالي تدلى من السور في زنبيل (2كو11: 32 و 33).. انهم باتهام القديسين بالجبن يظهرون جهلهم بالكتاب المقدس.. كان الناموس يأمر بانشاء مدن لتكون ملجأ (خر21: 12 و13).
وف اخر الزمان ظهر الذي تكلم مع موسى ليعطي نفس الوصية "اهربوا"(مت10: 23) وايضا "متى نظرتم رجسة الخراب.. حينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال.."(مت24: 15-18)
.. فمنذ بداية جسده ارسل اوامره بواسطة الملاك الى يوسف "قم وخذ الصبي وامه واهرب الى مصر"(مت2: 13). ثم عند موت هيرودس نجده يتحاشى ارخيلاوس ابنه "ولكن لما سمع ان ارخيلاوس يملك على اليهودية خاف واذا اوحى اليه في حلم انصرف الى نواحي الجليل"(مت2: 22).
وبعد ذلك ايضا (نجد يسوع يفعل في مرات عديدة) (مت12: 14 و15- يو8: 58 - يو10: 53 و54).
يعلمنا الكتاب المقدس ان "لكل شئ تحت السموات وقت . للولادة وقت وللموت وقت"(جا2: 2). و على هذا يقول داود "اقول يا الهي لا تقبضني في نصف ايامي"(مز102: 24). واليفاز اذ كان متعلما يقول بدوره "تدخل المدفن في شيخوخة كرفع الكدس في اوانه"(اي5: 26). وسليمان الحكيم يقول "اما سنو الاشرار فتقصر"(ام10: 27) ويحذر ايضا "لا تكن شريرا كثيرا ولا تكن جاهلا لماذا تموت في غير وقتك"(جا7: 17).
اذن حسب هذه الاقوال يريد الله ان يبين ان القديسين لا يجهلون ان لكل انسانا وقتا محدودا. ولكن لا احد يعرف الاجل المحدود. بدليل طلبة داود "احصاء ايامنا علمنا فنؤتى قلبا حكيما"(مز90: 12) "عرفني يا رب نهايتي ومقدار ايامي فاعلم كيف انا زائل"(مز39: 4). ويقول الجامعة "لان الانسان ايضا لا يعرف وقته"(جا9: 12).
ولنفس السبب يقول اسحق "انني قد شخت ولست اعرف يوم وفاتي"(تك27: 2).
هكذا كان الرب يعرف الوقت الذي حدده ليتألم .. كان يختفي كل الوقت الذي سبق الوقت المحدد .. ولكن عندما جاء الوقت .. منذ ذلك الوقت لم يختفي عن الذين يبحثون عنه"(يو18: 5).
والقديسون من جانبهم اقتدوا بالمخلص .. كانوا يهربون عندما يلزم الهرب. كانوا كبشر يجهلون الاجل الذي حددته لهم العناية الالهية، فلم يريدوا ان يسلموا انفسهم الى مضطهديهم ببساطة .. وكانوا من جهة اخرى يعرفون الكتاب "في يدك اجالي . نجني من يد اعدائي"(مز31: 15).