كان عم مرجان يعمل حارسا عند احد مزلقانات السكك الحديدية. كانت وظيفته منع السيارات من المرور قبل قدوم القطار بقليل. وفي الليل كان يفعل ذلك بإضاءة مصباح والتلويح به.
في احد الامسيات احتسى عم مرجان الشاي كعادته وبعد فترة من الوقت استغرق في النوم. كان لا يوجد في المدينة – حيث يعمل هذا الحارس- الا القليل من السيارات، لذلك فهو لم يعوّد نفسه على السهر. الا انه في تلك الليلة نهض من نومه مرتاعا لدى سماعه قدوم قطار الساعة الثامنة والنصف مساءا وهو يهدر فوق القضبان الحديدية في الظلام. فنهض العم مرجان بسرعة وامسك بالمصباح. كانت سيارة قادمة. فلوّح لها به. الا ان السائق لسبب ما لم يلحظ المصباح لذلك لم يوقف السيارة.واقتحمت السيارة خط القطار وحدثت الكارثة، فكان تصادما رهيبا. اما السيارة فاندفعت بفعل سرعة القطار باتجاه الخط مسافة طويلة قبل ان يتمكن القطار من التوقف. وتكشف الحادث عن مقتل كل من كانفي السيارة، وكانت عائلة مكونة من الاب والام وابناهما.
وتم التحقيق في الحادث لمعرفة السبب ومن المخطئ، فاحضر احد الخبراء للتحقيق في موقع الحادث. وتم استجواب بعض الناس. ثم دعى العم مرجان للمثول امام المحكمة والرد على بعض الاسئلة فسئل:
هل كنت نائما؟
كنت نائما بالفعل الا اني عندما سمعت صوت القطار قادما نهضت مسرعا ولوحت بالمصباح امام القطار.
ولكن هل لوحت به في الوقت المناسب؟
بالطبع لوحت به في الوقت المناسب لاني سمعت صوت القطار قادما، ولذلك لم اتوان عن اداء واجبي، الا ان السيارة لم تتوقف لسوء الحظ.
كان مرجان يرد على كل سؤال يوجّه اليه بقوله انه لوّح بالمصباح في الوقت المناسب بالضبط. واخيرا تم التوصل الى قرار بان العم مرجان ليس مخطئا وطلبوا اليه الذهاب الى مقر عمله عند معبر التقاطع.
وعندما عاد الى البيت كانت زوجته قد اعدت له وجبة شهية وكانت مبتهجة بنتيجة قرار القاضي بتبرئة زوجها. الا ان العم مرجان لم تكن له شهية لتناول الطعام. كانت دلائل الحزن الشديد والغم بادية على محياه. الا ان زوجته طلبت اليه ان يتناول العشاء وقالت له:
ماذا بك؟ الم تتم تبرئتك من التهمة؟ تقول انك لوّحت بالمصباح ، البس كذلك؟
وظل مرجان صامتا مذهولا. واستغرق في كرسيه شارد الفكر. واخيرا نطق بالحقيقة وقال لها:
صحيح اني لوّحت بالمصباح. بالتأكيد، ولكن ما الفائدة؟
قال هذا وعاد الى صمته. فسألته زوجته:
تقول ما الفائدة؟ ماذا تقصد، لابد ان ثمة شئ تخفيه؟
اجل! فالمصباح في الواقع كان خاليا من الزيت وحدث ما حدث..
تلل هي الحقيقة الرهيبة ان المصباح كان خاليا من الزيت لذلك حدثت الكارثة.
***
الدرس:
أيها الأعزاء! هناك درسان نتعلمهما من هذه القصة. اولهما، ان قولك نصف الحقيقة لا يعني انك قلت الحقيقة. فانصاف الحقائق ليست حقائق.
الامر الثاني، هل لي ان اسألكم ما اذا كانت مصابيحك ممتلئة بالزيت ام إنها خالية وانتم تعيشون في الحياة بمصابيح مطفأة؟ نرجو الا يكون الامر كذلك. بل عليكم ان تكونوا انوارا مشعّة دائما، ومصابيحكم موقدة. ومن يدري ربّ شمعة صغيرة أنقذت نفسا من الموت.