وُلدت القديسة لوسيا (أو لوسي، ويعني اسمها نور أو منيرة) في سيراكوزا بصقلية في نهاية القرن الثالث الميلادي، وكان والداها من أغنياء المدينة الأتقياء، وقد ربياها تربية مسيحية حقة وعلماها الصلاة والتسبيح ومطالعة الكتاب المقدس. وعندما مات والدها وهي في السادسة من عمرها اختارت لها أمها أوتيكا عريسًا شابًا ذو أخلاق حميدة غير أنه كان وثنيًا، و لما شعرت القديسة بنية والدتها طلبت منها أن تؤخر الأمر وتدعها بضع سنين حتى تقرر أمرها، فوافقت الأم إلا أن الشاب أخذ يلح عليهًا مرارًا بينما كانت لوسيا تصلي ليلاً ونهارًا بدموع لكي ينقذها الرب من هذه التجربة. وبعد مدة مرضت الأم فتشفعت القديسة لوسيا لدى القديسة أغاثي التي ظهرت لها في حلم، وقالت لها أن تطلب من رب المجد فيستجيب لطِلبتها، وفعلاً قامت وصلَّت صلاة حارة فشفيت والدتها ووعدتها بأنها لن ترغمها على الزواج من ذلك الشاب الوثني. وقامت الأم وابنتها ببيع ممتلكاتهما للتصدق على الفقراء، إلا أن الشاب وشى بهما لدى الحاكم بسكاسيوس، فأرسل وقبض على لوسيا وأخذ يلاحقها تارة ويعذبها تارة أخرى حتى أمر بإرسالها إلى بيت الخطية لأنه كان معجبًا بعينيها مراودًا إياها لفعل الخطية. رفعت البتول يديها إلى السماء مستغيثة بالرب ثم اقتلعت عينيها وألقتهما في وجه الحاكم، حينئذ ألهمها رب المجد وجعلها تثبت في مكانها كالصخرة حتى عجز الجنود عن أن يزحزحونها من مكانها، فربطوها بحبال وأخذوا يشدونها من مكانها حتى خارت قواهم. وعندما ألقوها في النار كانت تصلي لوسيا للرب وخرجت معافاة، فأمر الحاكم بضرب عنقها بالسيف ولكن الضربة لم تكن كافية لفصل رأسها عن جسدها فلم تمت القديسة حالاً، فأخذها المؤمنون إلى بيت قريب وأحضروا لها القربان المقدس فتناولت منه ثم رقدت بسلام وكان ذلك في 13 ديسمبر. منذ بداية القرن الرابع والتقليد المسيحي الغربي يتخذ من القديسة لوسيا الشهيدة شفيعة للمكفوفين وضعاف البصر وترسم صورتها دائمًا وهي حاملة عينيها في طبق.
السبت، 13 ديسمبر 2014
الخميس، 4 ديسمبر 2014
مجنون كورة الجدريين
وجاءوا الى عبر البحر الى كورة الجدريين. ولما خرج من السفينة للوقت استقبله من القبور انسان به روح نجس، كان مسكنه في القبور ولم يقدر احد ان يربطه ولا بسلاسل، لانه قد ربط كثيرا بقيود وسلاسل فقطع السلاسل وكسر القيود فلم يقدر احد ان يذلله.
وكان دائما ليلا ونهارا في الجبال وفي القبور يصيح ويجرح نفسه بالحجارة.
فلما راى يسوع من بعيد ركض وسجد له وصرخ بصوت عظيم: «ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي! استحلفك بالله ان لا تعذبني!» لانه قال له: «اخرج من الانسان يا ايها الروح النجس».
وساله: «ما اسمك؟» فاجاب: «اسمي لجئون لاننا كثيرون».
وطلب اليه كثيرا ان لا يرسلهم الى خارج الكورة. وكان هناك عند الجبال قطيع كبير من الخنازير يرعى فطلب اليه كل الشياطين قائلين: «ارسلنا الى الخنازير لندخل فيها».
فاذن لهم يسوع للوقت. فخرجت الارواح النجسة ودخلت في الخنازير فاندفع القطيع من على الجرف الى البحر - وكان نحو الفين فاختنق في البحر. واما رعاة الخنازير فهربوا واخبروا في المدينة وفي الضياع فخرجوا ليروا ما جرى.
وجاءوا الى يسوع فنظروا المجنون الذي كان فيه اللجئون جالسا ولابسا وعاقلا فخافوا.
فحدثهم الذين راوا كيف جرى للمجنون وعن الخنازير. فابتداوا يطلبون اليه ان يمضي من تخومهم.
ولما دخل السفينة طلب اليه الذي كان مجنونا ان يكون معه.
فلم يدعه يسوع بل قال له: «اذهب الى بيتك والى اهلك واخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك». فمضى وابتدا ينادي في العشر المدن كم صنع به يسوع. فتعجب الجميع.
الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014
حب التزين
حكاية خيالية سأحكيها لكم.
اجتمعت الشياطين في جامعة سلطان الظلام وكل يلقي اقتراحاته لتضليل الناس.
قال الاول: لقد وجدتها. سأضع الشهوة المدنسة في قلوب الناس.
وقال الثاني: سأملأ قلب الانساني انانية وعنادا.
وقال الثالث: سأتخذ قلب الانسان مسكنا لي. و افسده. فينقلب الكذب امامه حقا، و الرذيلة فضيلة، والمر حلوا والحلو مرا والشر خيرا ..
وقال الرابع: سأجعل حب الملابس والغرور طبيعة ثانية للبشر فيصير كالقرد يفرح من منظره ويضحك جيرانه منه.
فقال الزعيم: نعم. ان ما سبق من الاقتراحات كان نافع من بعض الوجوه ولكن لم تكن بسيطة بالدرجة التي تجوز معها على عقل الانسان وتخدعه. فمهما كان الانسان غبيا او فاسدا سيبقى في داخله شعور انه مخطئ. تذكروا انه يوجد شئ اسمه الضمير يحرس الانسان. وسيعمل الله كل شئ ليرد الناس الى الطريق المستقيم. ان حب التزين شئ ما اقل ضرره! انه خدعة بريئة جدا لا يرتاب الانسان فيها. فأي شئاكثر براءة من ان يقضي الانسان وقته امام المرايا في التزين.
ثم خلع الزعيم معطفه وقال:
سأعطيك جلدي وسأجعله متعدد الالوان فيتقبله البشر ولن يظنوا قط انه جلدي المسلوخ ولن يرتابوا انه له خطرا .. سيضيع الناس اعمارهم في اتباع طريق "الموضة" الباطل وسيكون لهم كل فترة "موضة جديد" الى انتهاء العالم.
تصالحوا مع الله
اتذكر ان تناولي الاول من الاسرار المقدسة كان باخلاص او باستعداد روحي جيد، لدرجة انني اعتقدت انني اعتليت الدرجة الاولى نحو السماء، ولكنني سرعان ما رجعت عن الطريق الروحي. على باب الكنيسة نفسه كان العالم ينتظرني بطريقه الواسع السهل المؤدي الى جهنم. وكم مرة من المرات في ايام شبابي ظهر انني ملئ بالامل ان اصير صالحا ولكني لم اصر ابدا. كانت للنعمة القدرة ان تمس قلبي، ولكن الجسد كان قويا وامسكتني الدنيا ببراثنها.. اوه، ان ذكريات انصاف الجهود هذه يصحبها ندم مرير.
اتذكر ما قاله ذلك القس في عظة ذلك القداس. كانت كلماته لها القدرة علي مس القلب. كان يومها يعظنا عن الآية التي تقول "تصالحوا مع الله". يا للحسرة لقد نسيت هذه الكلمات في وقتها. كيف امكنني ذلك؟ والان هذه الكلمات تتردد مرارا وتكرارا في ذهني. لازلت اذكر كلمات تلك العظة– ولكن لا استطيع ان استعيدها بالكامل لأن هوة عظيمة تفصل بين زمان تلك الكلمات والآن وحتى تذكري لها لا يفيدني لأنها تبدو الان خالية من التعزية والتعليم، عاجزة عن ان تمنحني سلاما. هذه الكلمات تدخل عقلي فقط اما قلبي فمغلق. ويبدو كما لو كانت هذه الكلمات جوفاء او بالحقيقة انا الاجوف الخالي ولا يملأني شئ.
"تصالحوا مع الله" ترن حولي هذه الكلمات ليست كصدى من الفردوس ولكن مثل لعنة في جهنم ... تصالحوا! .. لماذا يحتم علىّ ان اسمعها ولم يعد هناك باب للمصالحة وباب للرحمة مغلق. انه لعذاب مريع!
انني مثل ذلك الغني الذي ذكره المخلص في امثاله، اتعطش الى نقطة ماء ولكن ليس من يمنحها. ابذل جهدا مضنيا من اجل اي كلمة اتذكرها فاتألم لانني لا استطيع ان امسك بها. تتراءى لحيظة قريبة مني جدا، و عندما اريد ان آخذها لنفسي تكون قد اختفت عني. وهذا المجهود الشاق هو ايضا احد عذابات الجحيم.
ربما تفهمون الآن كيف انه من الممكن ان اتكلم عن الاشياء المتعلقة بملكوت السموات، واذكر المخلص المصلوب، واتحدث عن التوبة والايمان – لكن دون ان يمسني اي نصيب من بركاتها. اذكرها بشفتي فقط بينما يملأ الحزن قلبي. هي الان مجرد مخارج الفاظ، لا معنى لها عندي. فمثلا اعرف انه يوجد "المخلص" ولكن لا اعرفه.. انها معرفة فارغة، حتى اسمه نفسه اصبحت لا اعرفه. في الواقع لا استطيع ان اتذكر سوى اثنين. اعرف شيئا عن الآب وشيئا عن المخلص، ولكن اما كان هناك شخص ثالث يعينني ان اقول "يا ابانا" و "يا مخلصي"؟ - الذاكرة تخونني وتجعل تذكر الشئ الثالث يعذبني.
اكره نفسي الان، و اعرف انني استحق ما انا فيه من عذاب ولكن ذلك الندم لا ثمر له. توبة بلا دموع مطهرة. اما عن الايمان – فطبعا اؤمن – بل محتم علىّ ان اؤمن. ولكن ايمان ميت. ألا تؤمن الشياطين؟- بل محتم عليهم ان يؤمنوا ويقشعرّروا. في الواقع هناك ثلاثة امور اجتهد ان اعيدها الى قلبي – الايمان والرجاء والمحبة ، لكن دون جدوى.
"تصالحوا مع الله"! اي قوة كانت لهذه الكلمات عندما سمعتها لأول مرة. لقد شعرت في تلك الساعة ان غرض الانسان الوحيد في حياته على الارض ان يتصالح مع الله حتى اذا تم ذلك يهرع اليه مجتازا وادي الموت.
اتذكر ما قاله ذلك القس في عظة ذلك القداس. كانت كلماته لها القدرة علي مس القلب. كان يومها يعظنا عن الآية التي تقول "تصالحوا مع الله". يا للحسرة لقد نسيت هذه الكلمات في وقتها. كيف امكنني ذلك؟ والان هذه الكلمات تتردد مرارا وتكرارا في ذهني. لازلت اذكر كلمات تلك العظة– ولكن لا استطيع ان استعيدها بالكامل لأن هوة عظيمة تفصل بين زمان تلك الكلمات والآن وحتى تذكري لها لا يفيدني لأنها تبدو الان خالية من التعزية والتعليم، عاجزة عن ان تمنحني سلاما. هذه الكلمات تدخل عقلي فقط اما قلبي فمغلق. ويبدو كما لو كانت هذه الكلمات جوفاء او بالحقيقة انا الاجوف الخالي ولا يملأني شئ.
"تصالحوا مع الله" ترن حولي هذه الكلمات ليست كصدى من الفردوس ولكن مثل لعنة في جهنم ... تصالحوا! .. لماذا يحتم علىّ ان اسمعها ولم يعد هناك باب للمصالحة وباب للرحمة مغلق. انه لعذاب مريع!
انني مثل ذلك الغني الذي ذكره المخلص في امثاله، اتعطش الى نقطة ماء ولكن ليس من يمنحها. ابذل جهدا مضنيا من اجل اي كلمة اتذكرها فاتألم لانني لا استطيع ان امسك بها. تتراءى لحيظة قريبة مني جدا، و عندما اريد ان آخذها لنفسي تكون قد اختفت عني. وهذا المجهود الشاق هو ايضا احد عذابات الجحيم.
ربما تفهمون الآن كيف انه من الممكن ان اتكلم عن الاشياء المتعلقة بملكوت السموات، واذكر المخلص المصلوب، واتحدث عن التوبة والايمان – لكن دون ان يمسني اي نصيب من بركاتها. اذكرها بشفتي فقط بينما يملأ الحزن قلبي. هي الان مجرد مخارج الفاظ، لا معنى لها عندي. فمثلا اعرف انه يوجد "المخلص" ولكن لا اعرفه.. انها معرفة فارغة، حتى اسمه نفسه اصبحت لا اعرفه. في الواقع لا استطيع ان اتذكر سوى اثنين. اعرف شيئا عن الآب وشيئا عن المخلص، ولكن اما كان هناك شخص ثالث يعينني ان اقول "يا ابانا" و "يا مخلصي"؟ - الذاكرة تخونني وتجعل تذكر الشئ الثالث يعذبني.
اكره نفسي الان، و اعرف انني استحق ما انا فيه من عذاب ولكن ذلك الندم لا ثمر له. توبة بلا دموع مطهرة. اما عن الايمان – فطبعا اؤمن – بل محتم علىّ ان اؤمن. ولكن ايمان ميت. ألا تؤمن الشياطين؟- بل محتم عليهم ان يؤمنوا ويقشعرّروا. في الواقع هناك ثلاثة امور اجتهد ان اعيدها الى قلبي – الايمان والرجاء والمحبة ، لكن دون جدوى.
"تصالحوا مع الله"! اي قوة كانت لهذه الكلمات عندما سمعتها لأول مرة. لقد شعرت في تلك الساعة ان غرض الانسان الوحيد في حياته على الارض ان يتصالح مع الله حتى اذا تم ذلك يهرع اليه مجتازا وادي الموت.
الخميس، 16 أكتوبر 2014
المدخل
"المدخل" اسم على مسمى، هو بالحقيقة "مدخل" فانك تدخل منه، ولا تستطيع مهما حاولت ان تخرج منه ولو انه مفتوح على مصراعيه. ليس هناك منظر امعن في بعث التعاسة في النفس من مراقبة هذا المدخل!
وهذا المدخل يحيط به فراغ يملأه ضباب كثيف تعبر منه الارواح باستمرار وكلهم عرايا. لا يتميز الملك عن الشحاذ بشئ، يصل الى هنا كلاهما في عري بائس. وجميع اولاد ادم الاتين الى هنا - مهما اختلفت مراكزهم في الحياة- وصلوا عن طريق واحد- انه الطريق الواسع: الواسع في اوله والرهيب في نهايته.
خطابات
ذهبت الى مكتب البريد. اكتشفت ان هذه المصلحة لها ما يشبهها هنا ايضا في الجحيم . كل شئ موجود هنا ولا ينقصنا اي شئ هنا الا الحياة و الرجاء. ذهبت لاسأل عن خطابات..
لاشك انكم تعرفون ما حدث لاوريا (1صم11: 14، 15). يوجد اناس كثيرون يخونون جيرانهم عن طريق الكتابة. هذا السبيل معروف من قبل تاريخ هذا الخطاب الشهير المشئوم. بدأه ابو الكذابين (الشيطان) اولا. هو الذى اوحى بهذه الطريقة للخيانة كما اوحى ليهوذا بقبلته و الخيانة عن طريق الكتابة ذائعة الان في كل انحاء العالم. يوجد من يتباهون ببراعتهم في تحرير مثل هذا الخطاب و يفخرون بمهارتهم في خداع غيرهم.
فلتعلموا ان اي خطاب من هذا النوع يأتي الى جهنم على نفقة الكاتب و بعد قليل او كثير يتبعه لا المرسل اليه بل الراسل بمستثنيات قليلة -اولها داود الملك- اذ محت التوبة الحقة ما كتبه.
هذا عمل مكتب البريد هنا. من المحتقر جدا ان يرى المرء ما تحويه هذه الخطابات. لانه حتى هنا نعرف مقدار خسة هذه الكتابات. و عقاب كاتبها انه مضطر ان يداوم قراءتها باضطراب لا ينقطع.
و لا يرد الى هنا هذا النوع من الخطابات فقط. بل ايضا الوثائق الكاذبة، و الامضاءات المزيفة يوجد هنا ما لا يحصى منها.
فليحذر الناس كيف يضعون القلم على الورق. فالكتابة لها خاصية مريعة. انها تتعلق بالنفس و لا يستطيع احد ان يمحوها الا الله.
الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014
برناديت
ولدت برناديت من اسرة فقيرة تعاني في كسب القوت اليومي و يعيشون في منزل متواضع. اتصفت بنقاء القلب والصدق. وثمة نور هادئ كان ينبعث من عينيها بالرغم من انها كانت تعاني من الربو المزمن، وتواجه صعوبات في التعلم بالمدرسة. وتبدأ قصة ظهور العذراء لها في يوم 11 فبراير 1858، في مدينة لورد في جنوب فرنسا حيث ترى رؤية لـ "سيدة جميلة" في مغارة بالقرب من القرية. في ذلك اليوم ذهبت برناديت مع أختها وصديقتها إلى منطقة ماسابيل في خراج بلدة لورد، لإلتقاط بعض الحطب. كانت تخلع نعليها لمحاولة اجتياز نهر"الفاف" عندما سمعت صوتاً يشبه لفحة ريح. نظرت نحو الفجوة في الصخر وإذ بها ترى مشهداً غريباً. فتقول: " رأيت امرأة، لباسها أبيض. فستان أبيض و منديل أبيض يتدلّى إلى رجليها، زنارها أزرق وهنالك وردتان لونهما أصفر واحدة على كل رجل من رجليها". ها برناديت ترسم إشارة الصليب وتصلي مسبحتها مع هذه السيدة التي في نهاية الصلاة تختفي فجأةً.
بعد فترة ألحت برناديت في الطلب من والدتها للذهاب ثانية حيث ظهرت لها العذراء مرة ثانية.. وفي الظهور الثالث للعذراء لها طلبت منها العودة للمغارة لمدة 15 يوما متتالية..
على الرغم من انه لم يصدقها احد الا ان الناس بدأوا يصحبون برناديت في رحلتها اليومية الى الكهف. البعض بدافع الفضول والبعض الاخر كان يؤمن بالظهور المعجزي ويأمل في الحصول على لمحة من هذا الظهور.
شجاعة برناديت والإيمان العميق الذي تحلت به، والشفاءات المعجزية التي حدثت، نجحت في إقناع المعارضين لها من قداسة رؤاها وصحة الظهورات.
بعد هذه الظهورات توالى الاستجواب والتحقيقات التي لا نهاية لها من قبل السلطات الكنسية والمدنية.
في الزيارة التاسعة للمغارة، طلبت "السيدة" من برناديت أن تشرب من النبع وتأكل من الأعشاب النابتة هناك، وبالرغم من عدم وجود نبع مرئي، حفرت برناديت في الأرض بالقرب من المغارة، فبدأ الماء في التدفق ببطء من هذه الحفرة الضحلة واعتبر البعض ظهور هذا النبع مع مياه الشفاء معجزة.. كان اجمال عدد الزيارات الى المغارة 18 زيارة.
المصدر:
الخميس، 7 أغسطس 2014
شهادة داريل سكوت
Columbine High School massacre
حادث عنف راح ضحيته 13 شخصا في مدرسة ثانوية.
شهادة داريل سكوت، وهو أب لطفلين من ضحايا مدرسة "كولومباين" الثانوية في حادث إطلاق النار بمقاطعة لتلتون بولاية كولورادو امام اللجنة الفرعية المعنية بالجريمة - اللجنة القضائية في مجلس النواب الولايات المتحدة.
الخميس، 27 مايو، 1999،
الساعة 2:00 مساءا
2141 مبنى رايبيرن هاوس
2141 مبنى رايبيرن هاوس
منذ فجر الخليقة كان هناك الخير والشر في قلوب الرجال والنساء. كلنا لدينا بذور الخير أو بذور العنف. لا يجب ان تكون وفاة ابنتي الرائعة "راشيل جوي سكوت"، و وفاة هذا المعلم البطل، و 11 طفلا اخرين باطلة. ان دمائهم تصرخ منتظرة عدالة السماء.
كلنا نعلم ان اول حادث عنف كان عندما قتل قابيل أخاه ، وسبب القتل لا يمكن إلا أن يكون موجودا في قلب قايين (وهو الشر). في الأيام التي تلت مأساة كولومباين، وأنا استغربت كيف سرعان ما بدأت الأصابع تشير الي جهات بعينها، واقصد بذلك هيئة الموارد الطبيعية. أنا لست عضوا في هيئة الموارد الطبيعية. أنا لست صيادا. أنا حتى لا أملك بندقية. أنا لست هنا لتمثيل أو الدفاع عن هيئة الموارد الطبيعية - لأنني لا أعتقد أنها مسؤولة عن وفاة ابنتي. لذا لا أعتقد أنها تحتاج لمن يدافع عنها. إذا اعتقدت في اي وقت ان لها علاقة بمقتل راحيل سأكون أقوى خصومهم.
أنا هنا اليوم لأعلن أن ما حدث ليس مجرد مأساة – بل انه كان حدثا روحيا ينبغي أن يدفعنا أن ننظر إلى حيث يكمن الخطأ الحقيقي! كثير من اللوم يقع هنا في هذه الغرفة. الكثير من اللوم الذي يكمن وراء اصابع الاتهام التي تشير الى المتهمين أنفسهم.
لقد كتبت قصيدة قبل فقط 4 ليال تعبر عن مشاعري بدرجة كبيرة. كتبتها قبل ان أعرف أنني سوف أتكلم هنا اليوم. وهي تقول:
قوانينكم تتجاهل أعمق احتياجاتنا.
كلماتكم هي الهواء الفارغ.
لقد ازلتم بعيدا تراثنا.
حظرتم الصلاة.
والآن الأعيرة النارية تملأ الفصول الدراسية ،
وأطفالنا الاعزاء يموتون.
و تسعون للحصول على اجابات،
وتطرحون السؤال "لماذا يحدث هذا "؟
لقد نظمنا القوانين لتحد من الشر،
ولكننا حتى الآن لم نتمكن من ادراك
أن الله هو ما نحتاج اليه!
نحن كرجال ونساء مخلوقون من 3 عناصر.
نحن جميعا نتكون من الجسد، والنفس، والروح.
وعندما نرفض الاعتراف بثلث كياننا،
فإننا نخلق فراغا داخل انفسنا يسمح للشر والتعصب،
للكراهية والتدمير والتخريب بالدخول الى كياننا.
ان التأثير الروحي كان موجودا في أنظمتنا التعليمية معظم تاريخ أمتنا. فلقد بدأ العديد من الكليات الرئيسية لدينا كمدارس لاهوتية. هذه هي الحقيقة التاريخية. والسؤال هو: ماذا حدث لنا كأمة؟ لقد رفضنا تمجيد الله، وعندما فعلنا ذلك، فتحنا الأبواب للكراهية والعنف.
وعندما يحدث شيء فظيع كما حدث في مأساة كولومباين، فان السياسيين فورا يبحثون عن كبش فداء، وفي حالتنا كان هو "هيئة الموارد الطبيعية" والتي سعت على الفور لتمرير المزيد من القوانين المقيدة للحريات.
نحن لا نحتاج قوانين أكثر تقييدا. لم تكن ليوقف اريك وديلان بواسطة أجهزة الكشف عن المعادن. أي قدر من قوانين حمل السلاح يمكن أن يوقف شخص ينفق شهور للتخطيط لهذا النوع من المجازر. الشرير الحقيقي يكمن داخل قلوبنا. المواقف السياسية والتشريعات المقيدة ليست هي الحلول. شباب أمتنا هم الحل. هناك صحوة روحية حادثة الآن والتي لن يخفت تأثيرها!
نحن لا نريد المزيد من الدين.. نحن لا نريد المزيد من المباني الكنيسة بملايين الدولارات، بينما يجري تجاهل ذوي الاحتياجات الأساسية. نحن بحاجة إلى تغيير القلب والاعتراف المتواضع أن هذه الأمة تأسست على مبدأ الايمان البسيط بالله!
الجمعة، 1 أغسطس 2014
كيف عدت الى الله؟
فقدت ايمان الطفولة الوديع في وقت مبكر جدا. وكان اليأس قد بدأ فيّ منذ الثامنة من عمري، اذ كنت اصلي: "ربي الحبيب، خذني من هنا، فاني اريد الموت". كنت اطلب الموت رغم ما بعث الله فيّ من محبة و غبطة ظاهرة في بيت والديّ. فقد كنت اتلمس بصورة لا شعورية ما في هذا العالم من كآبة وسأم.
ولم يكن لي من عزاء سوى بعض الذكريات الجميلة. ومنها زيارتي لاحد اديرة موسكو، فكنت ادلف الى كنيسته الصغيرة الدافئة حيث السكون الصافي والرائحة الذكية وسلام الله.... وحيث قبّلتني ذات مرة "مبتدئة" مشرقة الوجنتين بكل رفق ومحبة.
واني لأتذكر خاصة شعوري بحضور المخلص اثناء عاصفة في قريتنا الصغيرة قريبا من موسكو. فكانت العاصفة تزمجر، والبرق يلمع، والرعد يدوي بكل شدة. وكانت اختى الكبيرة تحدثني عن السيد - له المجد - الذي سكّن العاصفة في البحر. فشاهدته – بقلبي – سائرا على الامواج وكله بهاء ونور!!
ولم يفارق ذهني ما اعتادت اختى ان ترويه لي ايضا عن مشاهدتها للمخلص نفسه في الكنيسة اثناء النشيد الشاروبيمي، وكيف شاهدت الملائكة ايضا باجنحتهم الشفافة والوضاءة كأشعة الشمس!!
وذات يوم، و بينما كنت اجري في حديقتنا الصغيرة مفتشة عن الازهار العابقة تحت الاشجار البيضاء، تمثلت من خلالها، وعلى حين غرة، خالق الكون العظيم. يا للبهاء الممتنع عن الادراك! ويا للعجب! ان قلب الطفولة في داخلي قد مجّد فنان الكون الجميل!
ولكني فقدت الايمان في الثالثة عشر من عمري. وكنت قد التحقت بالمدرسة، فماذا حدث لي فيها؟ كنا ندرس كل شئ، و لكن التعليم الديني كان جامدا لا حياة فيه، و سرعان ما اصبح الكتاب المقدس اسطورة في نظري. وفي الخامسة عشر فقدت الايمان تماما وانقطعت عن تناول الاسرار المقدسة.
وحين قرأت في الثامنة عشر وصف "روسو" لعظمة الخالق اثناء شروق الشمس فوق جبال الالب، قلت لنفسي : "ان الله موجود"، و لكني لم ارجع الى الكنيسة.
وفي الحادية والعشرين من عمري قلت اثناء بعض الاحاديث : "لو خلقت في زمان يسوع لكنت قد تبعته". وكان في هذا القول شئ من الغرور. ولكن هذه الجملة لم تفارق ذهني لسبب ما. و لو سئلت يوم ذاك عن الايمان لاجبت "لست ادري". ولم استطع ان اؤمن بالفداء، لاني لم اكن افهم حقيقة وجود الشيطان، كما وان فكرة الخطية لم تكن واضحة في ذهني. وقلما كنت اصلي، ولم اكن افعل ذلك الا بدافع لا شعوري.
وفي الرابعة والعشرين القى بي الرب على ابواب الموت في مرض مضن ليردني الى الايمان. والجدير بالذكر انني كنت قبل مرضي باسابيع اعيش في حالة غريبة واسمع صوتا في داخلي يقول لي : "متى تؤمنين بيسوع المسيح ابن الله؟ يجب ان تصلي"! وكنت التزم الصمت دوما تجاه هذا الصوت.
وفي ذات ليلة، اثناء خدمتى في مستشفى يوغسلافي، لمعت في خاطري فكرة كالبرق، فنظرت الى احد المرضى وقلت في نفسي : "لن يمضي وقت طويل حتى تهلك نفسه فكل شئ فان"، ثم بدأت اشعر ان جمال العالم ينهار في عينيّ. فهجرت المريض الذي اسهر عليه غير عابئة به وقصدت زيارة اختى في بلغراد.
لكن ساعة عقابي قددنت، ففي اليوم الثالث من سفري وقعت مريضة. وفي اليوم السابع دخلت مستشفى المدينة مصابة بالطاعون الاسود. وكانت فكرة الموت مسيطرة عليّ وتصارعها رغبتي الشديدة في الحياة. فكدت اقع في الهذيان والجنون.
ونظرت مرة الى اطار النافذة الرمادي ومن ورائه فراغ مظلم. فاذ بفكرة شيطانية : تتملك ذهني بصورة مباغتة : "ليس ثمة من اله، ليس هناك سوى العدم والفراغ والانحلال الى الابد..." وفقدت الشعور بالواقع! وانقطعت الروابط بيني وبين العالم الخارجي. وبدأت مرحلة عذاباتي النفسية والامي الداخلية.
ففقدت الاحساس بالمكان والزمان. واذا حقيقة الشيطان ماثلة امام عيني. ولست ادري كم من الزمن استمريت في هذا الحال. ومن ثم وقع بي ما هو ارهب من ذلك، فكاد يفلت مني شعور بنفسي وامتلأت كينونتي المدنسة، التي لم تتقدس بالاسرار منذ سنوات عديدة، بحقد رهيب! واخذ روح الشر فيّ يتهدد الله والسماء والكون بأسره!
وكانت تراودني من حين الى اخر فكرة الفناء، وتتراءى لي ذنوبي فاضطرب ولا ارى سبيلا لمحوها او املا بالحياة. "صرير الاسنان" ذاك الغضب الالهي هو عقاب خطاياي، وذاك الشقاء سوف يدوم ابدا، ولن يكون لعذابي تخفيف او رأفة. فكأنه احساس سابق بالعذاب الابدي.
واخذت انظر الى جسدي فأرعبني تبدل ملامحي، فكأن الوحش الذي يعذبني يطل من خلال اعضائي. وتملكتني فكرة الانتحار فحطمت مرآة ظنا مني انها نافذة كنت قد حاولت ان اقفز منها واستسلم للموت. واخبرتني الراهبات فيما بعد انني كنت امتلك قوة غير بشرية، حتى اضطررن الى تقييدي بوثاق للمحافظة عليّ. في ذلك الوقت اندلعت نيران الحرب فاجتاحنى عطش هائل للدماء، وكان روح الشر فيّ يسر برؤية ملايين الضحايا.
بقيت هكذا طويلا في الظلمات حتى كفّ روح الحقد عن تعذيبي وظهرت امام عيني رؤية لا تقل هولا و رهبة عما اصابني،الا وهي رؤية موتي وتفسخي.وقد اراني الله تفاهة الجسد الذي اتعلق به. فتمزقت اعضائي وامتلأت غرفتي برائحة كريهة واصبح جسدي كتلة عديمة الشكل و رأسي جمجمة قبيحة. فهتفت في وسط يأسي: "يا رب، يا رب. كيف يقدر لي ان ارى تفسخي وانا ما زلت حية!" فكان الجواب ان تلاحقت ذنوبي امام ناظري، و بصورة خاصة خطيتي الاخيرة الا وهى هجران المرضى واهمالي لهم.
وهكذا كنت كقتيل تتلهف للعودة الى الحياة: "آه لو ان معجزة تحدث فقط! لو ان المرء يستطيع ان يخلص من دياجير القبر... لو استطيع ان انظر مرة واحدة الى وجه اختي... اواه، يارب، لأود ان اعيش وان...." ومددت ذراعي نحو النور الذي يشرف امامي، حيث رأيت الراهبات الهادئات السعيدات و تمنيت ان اعيش فأصير راهبة تعرض عن كل ملذات الدنيا! و لشدة ما حسدت تلك الراهبات الباسمات الساكنات قاطعة هذا العهد عالى نفسي من صميم الفؤاد، فأستعدت حواسي فجأة.
وتطلعت الى جسدي كشي مستجد كل الجدة. و تذكرت صليبي الصغير الذي اعطيته في المعمودية، وكنت قد رميته بحقد على الارض، فبدا لي طافحا بالمعاني! وطلبت من الراهبات ان يعطينني الانجيل الي لم اقرأه منذ طفولتي، فاتين الىّ بمؤلفات القديس اغسطينوس. وتذكرت بعض الصلوات التي كنت احفظها فرحت اكررها بكل فرح.
وبعد ايام قلائل ابصرت حلما غريبا ولكنه مشجع، كنت اقاتل فيه مخلوقا رهيبا و قبيحا. فرسمت اشارة الصليب وهتفت باسم الله طالبة معونته، ومن ثم تناولت سكينا وطعنته. فسمعت صوتا قائلا: "لقد قتلت الشيطان بمعونة الله".
وانتهت ايام نقاهتي، ومع ذلك لم احصل على الانجيل بالرغم من حنيني المتزايد اليه. بل كنت اتلقى كتيبات تتردد فيها اصداء المسيح فتؤثر في حتى البكاء.
وهكذا اخذت تتلاشى الظلمات من حولي فالمخلص محب البشر قد كشف لي انا الخاطئة عن نفسه بطريقة عجائبية فجعلني اتحقق في نفسي اعجوبة التجلي.
وبعد اسبوعين تلقيت الانجيل هدية من اختي واخذت اقرأ فيه بشئ من الصعوبة لأن فكري الذي لم يطهر بعد من سم الادب المعاصر الفاسد. لم يكن قابلا لتلقي الحقيقة بالايمان فقط. لكن قلبي المتجدد كان يشق دربه يوما بعد يوم متقدما نحو الله.
وفي يوم عيد البشارة تلقيت الاسرار المقدسة بعد انقطاع تسع سنوات، وكنت مترددة في البدء، اتساءل ما اذا كان من الواجب ان انتظر حتى تتلاشى شكوكي نهائيا؟ لكن فتاة روسية قالت لي: "عندما تقتربين من الكنائس قولي : انا اؤمن يارب لكن اعن ضعف ايماني". ولقد فعلت. ومن ذلك الحين تبدل العالم في عيني وصرت اشعر اكثر فأكثر ان الله هو الحياة الحقيقية وهو كلي القدرة وجزيل التحنن والفائق الجمال. وفهمت انه لا يمكننا ان نجد الله عن طريق العقل البارد المتغطرس بل عن طريق القلب المتواضع- بالايمان – كطفل صغير.
ولم يكن لي من عزاء سوى بعض الذكريات الجميلة. ومنها زيارتي لاحد اديرة موسكو، فكنت ادلف الى كنيسته الصغيرة الدافئة حيث السكون الصافي والرائحة الذكية وسلام الله.... وحيث قبّلتني ذات مرة "مبتدئة" مشرقة الوجنتين بكل رفق ومحبة.
واني لأتذكر خاصة شعوري بحضور المخلص اثناء عاصفة في قريتنا الصغيرة قريبا من موسكو. فكانت العاصفة تزمجر، والبرق يلمع، والرعد يدوي بكل شدة. وكانت اختى الكبيرة تحدثني عن السيد - له المجد - الذي سكّن العاصفة في البحر. فشاهدته – بقلبي – سائرا على الامواج وكله بهاء ونور!!
ولم يفارق ذهني ما اعتادت اختى ان ترويه لي ايضا عن مشاهدتها للمخلص نفسه في الكنيسة اثناء النشيد الشاروبيمي، وكيف شاهدت الملائكة ايضا باجنحتهم الشفافة والوضاءة كأشعة الشمس!!
وذات يوم، و بينما كنت اجري في حديقتنا الصغيرة مفتشة عن الازهار العابقة تحت الاشجار البيضاء، تمثلت من خلالها، وعلى حين غرة، خالق الكون العظيم. يا للبهاء الممتنع عن الادراك! ويا للعجب! ان قلب الطفولة في داخلي قد مجّد فنان الكون الجميل!
ولكني فقدت الايمان في الثالثة عشر من عمري. وكنت قد التحقت بالمدرسة، فماذا حدث لي فيها؟ كنا ندرس كل شئ، و لكن التعليم الديني كان جامدا لا حياة فيه، و سرعان ما اصبح الكتاب المقدس اسطورة في نظري. وفي الخامسة عشر فقدت الايمان تماما وانقطعت عن تناول الاسرار المقدسة.
وحين قرأت في الثامنة عشر وصف "روسو" لعظمة الخالق اثناء شروق الشمس فوق جبال الالب، قلت لنفسي : "ان الله موجود"، و لكني لم ارجع الى الكنيسة.
وفي الحادية والعشرين من عمري قلت اثناء بعض الاحاديث : "لو خلقت في زمان يسوع لكنت قد تبعته". وكان في هذا القول شئ من الغرور. ولكن هذه الجملة لم تفارق ذهني لسبب ما. و لو سئلت يوم ذاك عن الايمان لاجبت "لست ادري". ولم استطع ان اؤمن بالفداء، لاني لم اكن افهم حقيقة وجود الشيطان، كما وان فكرة الخطية لم تكن واضحة في ذهني. وقلما كنت اصلي، ولم اكن افعل ذلك الا بدافع لا شعوري.
وفي الرابعة والعشرين القى بي الرب على ابواب الموت في مرض مضن ليردني الى الايمان. والجدير بالذكر انني كنت قبل مرضي باسابيع اعيش في حالة غريبة واسمع صوتا في داخلي يقول لي : "متى تؤمنين بيسوع المسيح ابن الله؟ يجب ان تصلي"! وكنت التزم الصمت دوما تجاه هذا الصوت.
وفي ذات ليلة، اثناء خدمتى في مستشفى يوغسلافي، لمعت في خاطري فكرة كالبرق، فنظرت الى احد المرضى وقلت في نفسي : "لن يمضي وقت طويل حتى تهلك نفسه فكل شئ فان"، ثم بدأت اشعر ان جمال العالم ينهار في عينيّ. فهجرت المريض الذي اسهر عليه غير عابئة به وقصدت زيارة اختى في بلغراد.
لكن ساعة عقابي قددنت، ففي اليوم الثالث من سفري وقعت مريضة. وفي اليوم السابع دخلت مستشفى المدينة مصابة بالطاعون الاسود. وكانت فكرة الموت مسيطرة عليّ وتصارعها رغبتي الشديدة في الحياة. فكدت اقع في الهذيان والجنون.
ونظرت مرة الى اطار النافذة الرمادي ومن ورائه فراغ مظلم. فاذ بفكرة شيطانية : تتملك ذهني بصورة مباغتة : "ليس ثمة من اله، ليس هناك سوى العدم والفراغ والانحلال الى الابد..." وفقدت الشعور بالواقع! وانقطعت الروابط بيني وبين العالم الخارجي. وبدأت مرحلة عذاباتي النفسية والامي الداخلية.
ففقدت الاحساس بالمكان والزمان. واذا حقيقة الشيطان ماثلة امام عيني. ولست ادري كم من الزمن استمريت في هذا الحال. ومن ثم وقع بي ما هو ارهب من ذلك، فكاد يفلت مني شعور بنفسي وامتلأت كينونتي المدنسة، التي لم تتقدس بالاسرار منذ سنوات عديدة، بحقد رهيب! واخذ روح الشر فيّ يتهدد الله والسماء والكون بأسره!
وكانت تراودني من حين الى اخر فكرة الفناء، وتتراءى لي ذنوبي فاضطرب ولا ارى سبيلا لمحوها او املا بالحياة. "صرير الاسنان" ذاك الغضب الالهي هو عقاب خطاياي، وذاك الشقاء سوف يدوم ابدا، ولن يكون لعذابي تخفيف او رأفة. فكأنه احساس سابق بالعذاب الابدي.
واخذت انظر الى جسدي فأرعبني تبدل ملامحي، فكأن الوحش الذي يعذبني يطل من خلال اعضائي. وتملكتني فكرة الانتحار فحطمت مرآة ظنا مني انها نافذة كنت قد حاولت ان اقفز منها واستسلم للموت. واخبرتني الراهبات فيما بعد انني كنت امتلك قوة غير بشرية، حتى اضطررن الى تقييدي بوثاق للمحافظة عليّ. في ذلك الوقت اندلعت نيران الحرب فاجتاحنى عطش هائل للدماء، وكان روح الشر فيّ يسر برؤية ملايين الضحايا.
بقيت هكذا طويلا في الظلمات حتى كفّ روح الحقد عن تعذيبي وظهرت امام عيني رؤية لا تقل هولا و رهبة عما اصابني،الا وهي رؤية موتي وتفسخي.وقد اراني الله تفاهة الجسد الذي اتعلق به. فتمزقت اعضائي وامتلأت غرفتي برائحة كريهة واصبح جسدي كتلة عديمة الشكل و رأسي جمجمة قبيحة. فهتفت في وسط يأسي: "يا رب، يا رب. كيف يقدر لي ان ارى تفسخي وانا ما زلت حية!" فكان الجواب ان تلاحقت ذنوبي امام ناظري، و بصورة خاصة خطيتي الاخيرة الا وهى هجران المرضى واهمالي لهم.
وهكذا كنت كقتيل تتلهف للعودة الى الحياة: "آه لو ان معجزة تحدث فقط! لو ان المرء يستطيع ان يخلص من دياجير القبر... لو استطيع ان انظر مرة واحدة الى وجه اختي... اواه، يارب، لأود ان اعيش وان...." ومددت ذراعي نحو النور الذي يشرف امامي، حيث رأيت الراهبات الهادئات السعيدات و تمنيت ان اعيش فأصير راهبة تعرض عن كل ملذات الدنيا! و لشدة ما حسدت تلك الراهبات الباسمات الساكنات قاطعة هذا العهد عالى نفسي من صميم الفؤاد، فأستعدت حواسي فجأة.
وتطلعت الى جسدي كشي مستجد كل الجدة. و تذكرت صليبي الصغير الذي اعطيته في المعمودية، وكنت قد رميته بحقد على الارض، فبدا لي طافحا بالمعاني! وطلبت من الراهبات ان يعطينني الانجيل الي لم اقرأه منذ طفولتي، فاتين الىّ بمؤلفات القديس اغسطينوس. وتذكرت بعض الصلوات التي كنت احفظها فرحت اكررها بكل فرح.
وبعد ايام قلائل ابصرت حلما غريبا ولكنه مشجع، كنت اقاتل فيه مخلوقا رهيبا و قبيحا. فرسمت اشارة الصليب وهتفت باسم الله طالبة معونته، ومن ثم تناولت سكينا وطعنته. فسمعت صوتا قائلا: "لقد قتلت الشيطان بمعونة الله".
وانتهت ايام نقاهتي، ومع ذلك لم احصل على الانجيل بالرغم من حنيني المتزايد اليه. بل كنت اتلقى كتيبات تتردد فيها اصداء المسيح فتؤثر في حتى البكاء.
وهكذا اخذت تتلاشى الظلمات من حولي فالمخلص محب البشر قد كشف لي انا الخاطئة عن نفسه بطريقة عجائبية فجعلني اتحقق في نفسي اعجوبة التجلي.
وبعد اسبوعين تلقيت الانجيل هدية من اختي واخذت اقرأ فيه بشئ من الصعوبة لأن فكري الذي لم يطهر بعد من سم الادب المعاصر الفاسد. لم يكن قابلا لتلقي الحقيقة بالايمان فقط. لكن قلبي المتجدد كان يشق دربه يوما بعد يوم متقدما نحو الله.
وفي يوم عيد البشارة تلقيت الاسرار المقدسة بعد انقطاع تسع سنوات، وكنت مترددة في البدء، اتساءل ما اذا كان من الواجب ان انتظر حتى تتلاشى شكوكي نهائيا؟ لكن فتاة روسية قالت لي: "عندما تقتربين من الكنائس قولي : انا اؤمن يارب لكن اعن ضعف ايماني". ولقد فعلت. ومن ذلك الحين تبدل العالم في عيني وصرت اشعر اكثر فأكثر ان الله هو الحياة الحقيقية وهو كلي القدرة وجزيل التحنن والفائق الجمال. وفهمت انه لا يمكننا ان نجد الله عن طريق العقل البارد المتغطرس بل عن طريق القلب المتواضع- بالايمان – كطفل صغير.
عن كتاب "قصص مسيحية من واقع الحياة" - دار مجلة مرقس
الخميس، 2 يناير 2014
معك الى النهاية
قررنا اللقاء في مكان التقينا فيه كثيرا من قبل. وصلت إلى هناك أولا بقلب يختلج بمشاعر كثيرة من القلق والخوف. كنت قد بدأت في جمع أفكاري واعداد ما سأقوله. عندما وصلت بادلتني التحية ثم جلست بجواري. ظللنا جالسين بهدوء لبضع دقائق، و دون ان تنبث بكلمة واحدة وضعت يدها بشكل تلقائي فى يدي. عندما فعلت هذا، وأنا أنظر نحوها استطعت أن أرى عدم اليقين في عينيها .. ليس لديها أدنى فكرة عما أنا على وشك أن أقول لها.
وعلى الرغم من ان الضعف زحف في كل جزء من جسدي ، وأنا أعلم أن هذا الحوار كان لا بد أن يحدث ان عاجلا ام اجلا. لذلك فقد اعددت نفسي بقدر ما أستطيع في تلك الفترة القصيرة من الصمت، ثم أخيرا استجمعت شجاعتي وقلت "لقد تواعدنا لبضع سنوات حتى الآن. أنت تعرفيني . لم أكن في علاقة جدية بك ليحدث حوارا مثل هذا. اعتدت أن افعل كل شيء ممكن لتجنب هذا الأمر، ولكن أنا على استعداد للخروج من دائرة ذاتي التي اعتدت البقاء فيها. إذا كان ذلك يعني أن اكون معك ، فأنا أريد أن افعل ذلك" . حدقت في وجهي مرة أخرى بمشاعر مختلطة . وبدا انها لا تزال غير متأكدة مما أريد أن أتحدث عنه بالضبط ، وسألت بتردد ، " ما الذي تحاول بالضبط أن تقوله؟ "
نظرت إلى أسفل واذا بيدها لا تزال في يدي. في تلك اللحظة بالضبط عرفت أنني افعل الشيء الصحيح. لأنه على الرغم انها لا تعرف ما أود أن أقوله ، سواء كانت جيدا أو سيئا، فقد تركت يدها في يدي بارتياح. وأعربت عن ثقتها بي و كانت على استعداد للاستماع إلى ما سأقوله . بعد التأكد من مشاعري ومحو الشكوك والمخاوف من قلبي وعقلي، بدأت في الكلام. قلت "أنت تعرفين، انه كان لي دائما مخاوفي من الزواج.
كنت أخشى الزواج لأنني لم أكن متأكدا من أنني يمكن أن اجد امرأة التي يمكن أن اثق فيها تماما واحبها بدون قيد أو شرط . كنت أخشى أنها سوف تتركني في نهاية المطاف، و كنت قد بدأت افقد الأمل. ولكن بعد ذلك التقيت بك. واعتقدت في البداية عندما بدأنا نتواعد أنها سوف تكون مجرد علاقة لمدة 5 او6 شهور. و لكن في لحظة ما، وقعت في حبك، وأدركت أنني لا أريد أن أعيش حياتي بدونك. لقد اعتدت فيما سبق - في تفكير غير ناضج - ان اقول: "أنا لا يمكن أن اعيش بدون "هذه الفتاة". أنا متأكد من أنني يمكن أن اعيش بدونك، ولكن لا أريد ذلك. وهذا هو الفرق. أريدك في حياتي، بجانبي. وأنا أعلم أنه لن يكون الامر سهلا و ربما نفشل مرات عديدة، لكنني أعدك أن الامر يستحق المحاولة . سيكون هناك وفرة من الحب والفرح في حياتنا. لذلك هل تريدين أن تستمر رحلة الحياة هذه معا؟ "
عندئذ عانقتني وهمست في اذنيّ: "سأذهب معك .. سأذهب معك الى النهاية".
وعلى الرغم من ان الضعف زحف في كل جزء من جسدي ، وأنا أعلم أن هذا الحوار كان لا بد أن يحدث ان عاجلا ام اجلا. لذلك فقد اعددت نفسي بقدر ما أستطيع في تلك الفترة القصيرة من الصمت، ثم أخيرا استجمعت شجاعتي وقلت "لقد تواعدنا لبضع سنوات حتى الآن. أنت تعرفيني . لم أكن في علاقة جدية بك ليحدث حوارا مثل هذا. اعتدت أن افعل كل شيء ممكن لتجنب هذا الأمر، ولكن أنا على استعداد للخروج من دائرة ذاتي التي اعتدت البقاء فيها. إذا كان ذلك يعني أن اكون معك ، فأنا أريد أن افعل ذلك" . حدقت في وجهي مرة أخرى بمشاعر مختلطة . وبدا انها لا تزال غير متأكدة مما أريد أن أتحدث عنه بالضبط ، وسألت بتردد ، " ما الذي تحاول بالضبط أن تقوله؟ "
نظرت إلى أسفل واذا بيدها لا تزال في يدي. في تلك اللحظة بالضبط عرفت أنني افعل الشيء الصحيح. لأنه على الرغم انها لا تعرف ما أود أن أقوله ، سواء كانت جيدا أو سيئا، فقد تركت يدها في يدي بارتياح. وأعربت عن ثقتها بي و كانت على استعداد للاستماع إلى ما سأقوله . بعد التأكد من مشاعري ومحو الشكوك والمخاوف من قلبي وعقلي، بدأت في الكلام. قلت "أنت تعرفين، انه كان لي دائما مخاوفي من الزواج.
كنت أخشى الزواج لأنني لم أكن متأكدا من أنني يمكن أن اجد امرأة التي يمكن أن اثق فيها تماما واحبها بدون قيد أو شرط . كنت أخشى أنها سوف تتركني في نهاية المطاف، و كنت قد بدأت افقد الأمل. ولكن بعد ذلك التقيت بك. واعتقدت في البداية عندما بدأنا نتواعد أنها سوف تكون مجرد علاقة لمدة 5 او6 شهور. و لكن في لحظة ما، وقعت في حبك، وأدركت أنني لا أريد أن أعيش حياتي بدونك. لقد اعتدت فيما سبق - في تفكير غير ناضج - ان اقول: "أنا لا يمكن أن اعيش بدون "هذه الفتاة". أنا متأكد من أنني يمكن أن اعيش بدونك، ولكن لا أريد ذلك. وهذا هو الفرق. أريدك في حياتي، بجانبي. وأنا أعلم أنه لن يكون الامر سهلا و ربما نفشل مرات عديدة، لكنني أعدك أن الامر يستحق المحاولة . سيكون هناك وفرة من الحب والفرح في حياتنا. لذلك هل تريدين أن تستمر رحلة الحياة هذه معا؟ "
عندئذ عانقتني وهمست في اذنيّ: "سأذهب معك .. سأذهب معك الى النهاية".
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)