ملخص سيرتها:
القديسة السودانية بخيتة من دارفور ولدت في قبيلة الداجو واختطفها تجار الرقيق في أواخر القرن التاسع عشر وباعوها في الخرطوم حيث تعرضت لعذابات مريرة على أيدي تجار الرقيق، وكان خلاصها على يد القنصل الإيطالي العام . كانت تعامل بشكل جيد فيمنزل القنصل ولذا فانها طلبت مرافقتهم عند عودتهم إلى إيطاليا، حيث قبلت سر المعمودية المقدسة، وسميت جوزفينا، إلا أنها أصرت على الاحتفاظ باسم بخيتة فخراً واعتزازاً بسوادنيتها، وانضمت الى مجموعة راهبات «أخوات كانو سيان» وأصبحت معروفة باسم الأخت السوداء.. اعترفت بها الكنيسة الكاثوليكية مؤخرا ومنحها البابا لقب القديسة بعد أن ثبت أنها قيامها بأعمال إنسانية أثارت الإعجاب حين انبرت لحماية سكان سيتو خلال عمليات القصف إبان الحروب العالمية..
لمحات من سيرتها:
ولدت القديسة بخيتة في حوالي 1870 في قبيلة الداجو بدارفور، وقبل أن تبلغ السابعة اختطفها تجار الرقيق من قريتها وباعوها في سوق الأبيض ثم بيعت في أسواق الخرطوم.. والاسم بخيتة ليس اسمها الأصلي من والديها الذي نسيته لطول ما عانت من العذاب، وإنما كان ذاك الاسم من تجار الرقيق .. أحد أسيادها في الخرطوم كان ضابطا تركيا مغرما بتعذيب البنات الصغار، وقد كان يقطع جسدها بالموس.. وحينما تركته فيما بعد احصت 114 جرحا بشفرة الموس في كل أجزاء جسدها.. وقد كان عمرها دون الثانية عشر..ن
في سن ال12 اشتراها القنصل الإيطالي 'كالستي ليقناني' حيث عملت كخادمة مع أسرته.. وقد كانت هي المرة الأولى تعامل معاملة إنسانية.. وحينما أرادت أسرة ليقاني الرجوع لإيطاليا أخذوها معهم ذلك في 1885.. حين وصلت السفينة لجنوا طلب ميشيللي من صديقه ليقاني منه أن يترك بخيتة بعض الوقت مع أسرته.. وحينما ولدت طفلة لميشيللي سميت ميمينا فأصبحت بخيتة مربيتها الأساسية.. ن
في 1889 تسجلت بخيتة في المدرسة الكاثوليكية كمرافقة لميمينا.. ثم حينما أتت فرصة لأسرة ميشيللي للعمل في أفريقيا عهدوا بالطفلة والمربية لمدرسة تابعة للكنيسة في فينيسيا، وهناك تعمدت بخيتة رسميا ومنحت الإسم جوزيفينبا في 9 يناير 1890.. ن
في تلك المدرسة أحبها الجميع لأخلاقها العالية وطيبة معشرها وخدمتها للآخرين.. وقد كانت تستقبل الجميع بالإبتسام وبالمحبة وكان صوتها رخيما ومحببا في الترانيم.. من الأقوال: 'برؤية الشمس والقمر والنجوم قلت لنفسي من هو صاحب هذه الأشياء الجميلة ومسيرها؟ وشعرت برغبة عارمة للتعرف عليه ولتقديم الولاء له'.. ن
حينما عادت أسرة ميشيللي ليستلموا إبنتهم ومعها مربيتها عبرت بخيتة عن رغبتها في الاستمرار بخدمة الكنيسة.. وهنا أظهرت ميشيللي أنها تملك جوزيفينا ولم تتنازل عن بخيتة.. وشجع بعضهم جوزيفينا على الوقوف أمام القضاء ، وكسبت الدعوى حين حكم القاضي الإيطالي لصالحها حيث ان القضاء الايطالي لا يعترف بالعبودية..
في 8 ديسمبر 1896 دخلت بخيتة الدير، ولمدة خمسين سنة وهبت نفسها لخدمة الله وعاشت في خدمة مجتمعات فينيسيا وفيرونا في أعمال الطبخ والحياكة والتطريز والحراسة ومختلف أنواع الخدمة. ن
وحين امتد بها العمر كانت تقاسي آلام المرض وتعاني من التهابات مزمنة في الجهاز التنفسي. واخيرا في 8 فبراير 1974 أسلمت 'الأم السوداء' الروح إلى بارئها.. ن
بخيتة تبعت نداء الرب في خدمة الآخرين واستضافتهم وقررت بذل نفسها في خدمة المساكين وفي الأعمال الخيرية.. وقد كانت تقدس كثيرا العبارة 'ها أنا ذا أصبحت ابنة الرب'.. وقد عرفت بخيتة أن الرب اختارها لتجلب الأخبار السارة للفقراء وبذلت حياتها من أجل ذلك.. ن
بخيتة كانت مثلا للفرد الحر المتواضع بعد طول اضطهاد وقد كان ردها المعتاد على كل صعوبة أو أمر جلل يواجهها هو قولتها 'كما يشاء الرب'.. وقد شاركت في تحرير المضطهدين عبر تجردها للخدمة وللصلاة.. لقد كانت استجابتها لنداء الله هي إعطاء نفسها كاملة في مؤسسة القديسة ماجدولين في كانوسا وفي تجردها لتعيش الإنجيل في نموذج لحياتها وفي صلواتها.. نبخيتة جعلت حياتها كلها خير بتحويل المعاناة إلى بذل وخدمة للآخرين.. تواضعها وبساطتها وابتسامتها الدائمة أكسبتها قلوب الناس.. بخيتة كانت تقول: 'كن طيبا.. أحب الله، وصل من أجل من لا يعرفونه.. و ما أعظم أن تعرف الله..''.. نبخيتة يضرب بها المثل في التصالح مع ما حولها. ومن الصعب الكلام عنها دون ذكر انه لا يزال هنالك في هذا العالم لا زالوا ضحايا لممارسة الإستعباد وتجارة الرق.. ونحن لا نتحدث عن القديسة بخيتة فقط كمثال للتواضع وإنما كرمز يقف أمام الذين مروا بمرارة الإستعباد..
من اقوالها:
"انا لا ابغض التجار الذين اختطفوني، وحتى أولئك الذين عذبوني، أود الركوع وتقبيل أيديهم، لأنه إذا لم يحدث ذلك، لم أكن اليوم مسيحية ..."
"لقد أعطيت كل شيء لسيدي: وسوف يعتني بي ..."
"أفضل شيء بالنسبة لنا ليس هو ما نعتبره الأفضل، ولكن ما يريده الرب منا! "
"لقد تلقيت سر المعمودية مصحوبا بهذا الفرح الذي الملائكة فقط هم من يمكنهم أن يصفوه ..."
"إن الرب قد أحبنا كثيرا، لذا يجب علينا أن نحب الجميع ...!"
"عندما يحبك شخص آخر فانه يرغب بشدة أن يكون قريبا منك، لذا، فلماذا نخاف الموت؟ الموت يقودنا إلى الله ويقربنا منه! "