المسيحية الاولى والافلاطونية الحديثة:
كانت الافلاطونية الحديثة هي المدرسة السائدة للفلسفة في
الفترة الاولى للمسيحية، لذلك ليس من المفاجاة ان نرى ان بعض اراءها سادت
الدراسات الفلسفية المسيحية المبكرة. لكن اخلاقيات المسيحية تختلف جذريا عن
الاخلاقيات الوثنية في انها تميل الى الهروب من العقلية المطلقة، افلاطون راى
رابط هام بين المعرفة والفضيلة لكن بالنسبة للمفكرين المسيحيين الاوائل راوا
ان الممارسة العملية او السلوك في الحياة اهم من النظريات. الفداء والخلاص والمحبة
كانت اهم من الرؤية الفلسفية. وفي حين ان اليونان كانوا يرفضون الاعتقاد بدون
الفهم معظم المفكرين المسيحيون قالوا اذا تصارع العقل مع الايمان على العقل ان
يخضع. "بالايمان نفهم"(عب1: 1) وكما قال اغسطينوس "انا اؤمن لكي
افهم".
اغسطينوس:
اغسطينوس هو احد فلاسفة المسيحية في القرن الرابع واول
من وضع تعليما لاهوتيا تكون فيه للاخلاق دورا مركزيا. كان اغسطينوس على اطلاع واسع
بكتابات افلاطون وبلوتينوس، وكان لبعض الوقت يتبع تعاليم ماني التي كانت ترى
بثنائية الخير والشر. ومثل بلوتينوس علم بان الشر شرا بمقدار البعد عن الله، وان
الانسان ينقسم الى معسكرين متصارعين دعاهما مدينة اورشليم او مدينة الله، ومدينة
بابل او مدينة الشيطان.
ليشرح اغسطينوس نظريته رجع الى الايمان المسيحي. علم
ان ادم الانسان الاول بارادته اختار ان يعصى الله، ومنذ ذلك الحين دخل البشر الميل
للشر. ومثل بولس الرسول اكد ان الانسان بدون نعمة الله لا يقدر ان يخلص نفسه
من الخطية الموروثة او يهرب من الخطايا الفعلية التي يرتكبها في العالم فيما بعد
للوصول الى الخير النهائي اي الخلاص والذي يعني الاتحاد بالله. يرى اغسطينوس ان
العالم هو محطة على الطريق اما الى النعيم الابدى او الهلاك الابدي. علم ان
الايمان والرجاء والمحبة والحق والحكمة والقوة والوداعة الفضائل العظمى ولكنه اكد
ايضا انه لا فضيلة بدون ايمان مقتبسا عبارة الرسول بولس "كل ما ليس من
الايمان هو خطية".
توما الاكويني:
لو قلنا ان اغسطينوس دمج الافلاطونية والافلاطونية
الحديثة مع الايمان المسيحي. فانه في القرن ال 13 الراهب الدومينيكاني توما
الاكويني والذي اعاد صياغة فلسفة ارسطوطاليس مع العلوم والمسيحية والافلاطونية في
زمانه. في "الخلاصة اللاهوتية" حاول توما ان يوضح كيف ان المسيحية
والفلسفة متفتين. ومثل ارسطوطاليس نادى ان كل فعل حر متجه الى نهاية ما، هى
الخير النهائي للانسان، وبالتالي الافعال تقود الى هذه الوجهة. ووضع نظريته
الاجبارية مثل ارسطوطاليس. لكن تعريفهما للخير المطلق اختلفا. ففي حين ان
ارسطوطاليس عرف الخير المطلق بانه السعادة في العالم في صورة حياة التامل، راى
توما ان الخير المطلق هو رؤية الله الفائقة للطبيعة وبالتالي فهو يصل اليها
فقط بعد الموت.
وما سبق قاد توما الى التمييز بين الفضائل الطبيعية
والالهية. الفضائل الطبيعية – الحق، الحكمة، الوداعة، القوة وتدرك بالعقل ويصل
اليها الانسان بدون الحاجة الى معونة خارجية. الفضائل الالهية – الايمان ولرجاء
والمحبة وتقود الى الخلاص ولا يدركها الانسان بجهده الذاتي وانما بالاعلان والنعمة
الالهية. ويحوز الانسان هذه الفضائل كشريك الطبيعة الالهية.
توما تبنى كلا من نظريتى الافلاطونية وارسطوطالية الخاصة
بالمعنى . وعل النقيض من اغسطينوس ركز على ان الانسان بطبيعته يميل الى الخير وانه
يترك المجال للعقل ليصل به الى هذه النهاية اذ ان طبيعة الانسان مصممة من قبل الله
وما يراه الانسان ضروري لطبيعته مثل حب البقاء والتكاثر مرتب من الله. القانن
الاخلاقي بالتالي قانون طبيعي مؤسس على طبيعة الانسان، وبالتالي غير قابل للتغيير
في مفاهيمه الاساسية. وهو مكتشف بالعقل وايضا اعلن ان بعض نقاطه الاساسية في الكتب
الالهية.
علم الاخلاق الحديث:
في القرن ال 16 النظام العالمي المبنى على الكنيسة
العالمية، تحطم بتبني الافلاطونية والتطور العلماني للعلم التجريبي لكوبرنيكس
وجاليليو ونشاة الدول. سلطة جديدة ظهرت للفلسفة. تجادل المفكرون في ماهية المعرفة
بما فيها علم الاخلاق وتاسيسها على العلم التجريبي اى على المذهب العقلاني
التحليلي او على التجريبي.
1- نظرية هوبلز:
في القرن ال 17 الفيلسوف الانجليزي توما هوبلز كان اول
مفكر يؤسس نظريته على النظرية الاخلاقية لجاليليو اي على الملاحظة اكثر من
الايمان. على عكس ارسطو طاليس وتوما الاكويني راى انه لا السعادة ولا الله صالحين
في ذاتهما وانما الخير والشر هم حسب رؤية الانسان. "ما نشتهية ندعوه صالحا
وما نمقته ندعوه شرا". الانسان بحسب راي هوبلز اساسا وبالضرورة اناني. كل
انسان يشتهي شيئا صالحا لنفسه. وهذا الذي يعمله بدافع طبيعي ليس اقل من حجر يسقط
بفعل الجاذبية. وبالتالي راي هوبلز ان دور العقل ان يريه كيفية تحقيق رغباته
الاساسية على عكس الاكويني الذى راى ان دوره في ان يظهر له القوانين الاخلاقية
الاساسية. وبالتالي هذا ما يدعه علماء النفس الدافع الذاتي (الاناني) للافعال.
طبقا لهوبلز كل انسان له الحق في كل شئ يمكنه الحصول
عليه. لكن في مثل هذه الحال لا يوجد امان. بالتالي، يشير العقل للانسان ان الوسائل
الصحيحة للسعادة ان يتبع قوانين الطبيعة. القانون الاول للطبيعة الذي افترضه ان
"كل انسان يطلب السلام، حسبما يمكنه ان يصل، وعندما لا يمكنه الوصول اليه
يخوض الحرب". القانون الثاني "كل انسان يريد عندما يريد الاخرون ذلك ايضا،
يطلب السلام ويدافع عن نفسه عندما يرى ذلك ضروريا، ليهئ ذلك الحق للكل ويكون راضيا
بهذه الحرية ضد الاخرين حسب ما يسمح الاخرون بها في مقابله".
عن الموسوعة الامريكية