نقرأ
فيها هذه الكلمات (لست
اسأل من اجل العالم
بل من اجل الذين اعطيتني..
انا ممجد
فيهم.. ليكون
لهم فرحي).
فالتلميذ
هو عطية الاب للابن. وما
معنى هذا؟ معناه ان روح الله يحرك القلوب
لتستجيب لنداء الابن. وعن
طريق هذه التلمذة وعن طريق هؤلاء التلاميذ
يتمجد الابن. فالمريض
الذي يشفى تمجيد للابن والطالب الذي ينجح
هو تمجيد للمعلم.
لكن
يسوع يقول انه لا يطلب من اجل العالم.
ومع ذلك
نعرف انه اتى الى العالم، لان الله احب
العالم. ترى
هل نجد تناقضا؟ اعتقد ان مفتاح حل هذا
المشكل نجده في كلمة العالم.
فالعالم
عند يوحنا هو المجتمع او المجتمعات التي
رتبت نظامها على عدم الاعتراف بالخالق،
وبالتالي عدم الخضوع له.
تخبرنا
الصلاة الوداعية ايضا عما يقدمه يسوع
لتلاميذه. انه
يقدم لهم الفرح.. ولكنه
يتقدم لهم بتحذير .. انهم
ليسوا من العالم ، وانهم بسبب تميزهم عنه،
لن يجدوا منه سوى النفور والاضطهاد.
عليهم
الا ينتظروا طريقا مفروشا بالورود.
ولكنهم
حتى في صراعهم مع العالم سيملا الفرح
قلوبهم. انه
فرح الانتصار في المعركة.
***
ما
هي مطاليب الصلاة؟ اي ماذا طلب يسوع؟
-
يسوع لم يطلب من الاب ان ينتزع تلاميذه من هذا الوجود. ان يسوع لا يصلي ابدا ليهرب اتباعه.
ان مسيحيتنا ينبغي ان تظهر لا في العزلة والتوحد فقط بل في البيت .. في الشارع وفي مكان العمل. وسط صخب الحياة وضجيجها. اننا بحاجة الى فترات نختلي فيها مع الله مطيعين قوله "ادخل مخدعك واغلق بابك.." ولكن هذا ينبغي ان يكون وسيلة لا غاية.
ان المسيحية لا تمهد لنا سبيل الهروب من المشكلانت. انها تقدم لنا المفتاح لحل المشكلات. ان المسيحية لا تقدم لنا سلاما زائفا مبنيا على الهروب والانزواء. انها تقدم لنا معركة نهايتها النصر.
2- ولقد طلب يسوع لاجل وحدة تلاميذه. لقد كانت طلبته ان يكونوا واحدا. وللاسف لقد مر الفا عام ولم تتحقق هذه الصلاة بسبب المطامع والحزبيات والذات الي تعيقنا عن تحقيق مقصد الله.
3- لقد طلب يسوع من اجل حماية تلاميذه من مهاجمات عدو الخير. ان الكتاب المقدس ليس كتاب فلسفة. انه لا يبحث مشاكل فلسفية مثل نشأة الشر واصله وغير ذلك. لكنه لا ينكر ان في الوجود قوة شريرة هدامة تناقض قوة الله للصلاح..
4- وطلب ايضا ان يتقدس تلاميذه ي الحق. معنى يتقدس مفرز او مختلف. ولا تعني فقط الفرز لاجل خدمة او عمل ما، ولكنها تعني ايضا اعداد الانسان للقيام بهذا العمل. تكريس الانسان لعمل الله يتطلب ان يتزود هذا الانسان بصلاح الله وحكمة الله (العبد الصالح هو العبد الامين والحكيم). ان من يخدم الاله القدوس ينبغي ان تكون له قداسة الله.
لمحة من المستقبل:
"ولست اسأل من اجل هؤلاء بل من اجل الذي يؤمنون بي بكلامهم.."
هنا نرى يسوع يوس دائرة صلاته لتشمل اقاصي الارض. في البداية نراه يصلي لاجل ذاته ثم لاجل تلاميذه ثم يفتح احضانه ليضم المستقبل البعيد، والاجيال القادمة.
وماذا كانت طلبته لاجل الكنيسة؟ طلب ان تكون واحدة، لكن ما نوع هذه الوحدة؟ انها ليست وحدة التنظيم. انها وحدة صلة وعلاقة ذاتية. فالوحدة الكائنة بين يسوع والاب تظهر في امرين: الطاعة والمحبة..
وهكذا فان الوحدة التي يريدها لكنيسته العتيدة هي وحدة يربطنا فيها جميعا رباط المحبة والتضامن.
انها ارتباط القلب بالقلب. هذه الوحدة لا تعني على الاطلاق الانضواء تحت لواء هيئة معينة ، ولكنها تعني الانضواء تحت علم المحبة. وحدة يحب فيها احدنا الاخر حتى ان كان كل واحد يحتفظ بطابعه الخاص وهويته المميزة.
الوحدة المقصودة تتخطى كل الشكليات وتسمو على كل الفروق. المحبة وليس سواها هي التي تحطم كل الحواجز. وان هذه الوحدة هي التي تقنع العالم اننا تلاميذه.