الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

في نوعية محبة العالم



فخُّ هي حلاوة هذه الحياة ، يضع أعدائي طُعماً في الفخ حتى إذا ما استهوتني وقع رأسي في شرها وأطبق علىّ على الفخ.

أثبت فيّ يا رب لئلا أقع في الفخ ، ها أني أصرخ إليك قائلاً : تباركت ، رب ، يا من لا تدعني فريسة لأسنانهم لقد نجحت نفسي كالدوري من شبكة الصيادين.

نجت نفسي من شباك الصيادين لأنك فيّ وبما أني عصفور فلا قرار لي لذلك ساعدني فأثبت قدميّ على الصخرة لئلا أقع في الفخ.

أمكث معي ونجنى من المخاطر التي تحيق بي .

يجب علىّ أن أهتف خارجا : بك نجوت . وعلى أن أطير إليك وأظفر بك لأني نجوت وبما أنك فيّ فلَمْ أعلَقْ في الفخ ، لقد نجوت لأن الفخَّ كُسر وكُسرَ الفخُ لأني اعتمدت على اسمك يا صانع السماء والأرض.

إن الذين أسرهم جمال هذه الحياة وأهانوك قد زالوا معها . إني لواثق من أن الفخ سيكسر وسوف تتلاشى حلاوة هذه الحياة بعد أن يكتمل شوطها في الوقت المحدد، إنما يجب أن لا أتعلق بها، لكي أتمكن من أن أثب وأقول حين يتحطم الفخ : لقد تمزقت الشبكة ونجوت أنا.

في مكر العالم



طوبي للساكنين في بيتك ، يا رب ، فإنهم يسبحونك من جيل إلي جيل . في بيتك الراحة الأبدية التي لا نهاية لها والفرح الذي لا حد له والكمال الذي لا نقصان فيه.

لقد وعدتني بحياة إلي الأبد وراحة لا نهاية لها ، إنما شئت أن تختبرني وتعلمني وتسن لي شرائع حتى إذا ما لجأت إلي خوف مقدس نجوت من محبة الخيور الأرضية وتعلقْتُك وحدك يا خيري الحقيقي.

صالح أنت ، لأنك ، لو لم تمزج مرارة هذا العالم بسعادته لكنت نسيتك ! أرغب في أن أصنع لنفسي من مخلوقاتك سلَّماً أرقي عليها إليك لأني لو أحببتُها أكثر منك لما حصلت عليك.

وما نفعي من أعمالي الكثيرة أنت تخليت عمنَّ عملها ؟ أكيد بأني أستطيع أن أحبها إنما أحبك أكثر منها لا بل أحبها من أجلك .

رجائي أنت يا صانع كل شيء وأفضل من كل شيء ، ويا صانع كل جمال وأجمل من كل جمال ، ويا صانع كل قوة وأقوي من كل قوة ويا صانع كل عظيم وأعظم من كل عظيم : أنت لي كل ما أحب.

أريد أن أحب الخالق في خليقته والعامل في عمله لئلا يسيطر علي ما قد عملت فأخسرك يا خالقى ما أشقاني ! ولمَ أتعب في حب المال؟ مضنوكاً أحب ما أحب ، أما أنت فإني أحبك بلا تعب.

الجشع يهيب بصاحبه إلي العمل وإلي تحمل المخاطر والضيقات ، ومع ذلك فأني راض بها .

إني أصغي إليه لكي أملأ جعبتي منه حتى إذا ملأتها فقدتُ راحتي وقد كنت أكثر اطمئناناً يوم كنت معُدماً لا أملك شيئاً.

ملأت بيتي فخفت من اللصوص وحزت الذهب فقدت النوم . أمر البخلْ فلبيت أمره وأنت يا إلهي . بما تأمرني ؟ أن احبك .

إن أحببت الذهب فقد لا أجده مع أني عنه بحثت ، أما أنت يا إلهي فإنك مع من يبحث عنك أياً كان .

وإن دعاني المجد إليه فقد لا أصل ، أما أنت فمن الذي يحبك ولا يجدك ؟ على أن أحبك وأن يبقي حبك في قلبي ، وهل أحلي منه حباً؟ أجعل من حبك خاتمةً لأعمالي كلها ، تلك هي غايتي ، إليها أسعي مسرعاً حتى إذا ما بلغت إليها واسترحت.

في بطلان الخيرات الزمنية



أيها الرب إلهي ، إنك تحتفظ لي بنفسك في السماء ، ثروةً إلي الأبد ، سألتك على الأرض ما يطلبه الآثمة والأشرار والمجرمون الكبار: سألتك الغني والذهب والفضة والحجارة الثمينة والبنين وسألتك أيضاً ما يطلبه كثير من المجرمين والنساء العاهرات . لقد اشتهيت هذا كله خيراً عظيماً لي فوق الأرض إنما احتفظت لي بنفسك في السماء.

الجسد عشب دائم ومجد الإنسان كزهر العشب وبما أني لم أتفحص تلك الأشياء أبداً فقد ظننت زهر العشب ذا قيمة فلم أحتقره بل سعيت إليه بجد ونشاط .

الآن أحتقر العشب وزهره لأن العشب ييبس والزهر يسقط . لو أني استمسكت بالعشب وزهره لقضيت على نفسي ، إذا لم يتم هذا حتى الآن فسوف يأتي الغربال ليفصل التبن عن كومة القمح.

ألا يجمع القمح في الأهراء والتبن في النار ؟

ألا يتُوقف إلي الشمال الذين أحبوا التبن ليقول لهم {أذهبوا إلي النار الأبدية المعدة للشيطان وملائكته}"متى41:25".

سوف احتقر التبن وزهره كيلا يهلكني ويبعدني عنك ويطردني من خبائك .

سوف ارسخ جذوري في الأرض أرزة في أرض الأحياء فتختفي جذوري وتظهر الثمار {كانت المحبة لي جذراً ثابتاً في أرض الأحياء.}

في طريق السعادة الحقة



أيها الرب إلهي ، فرّحْ نفس عبدك التي رفعتها إليك ؛ لقد كانت على الحضيض فريسة مرارتها فرفعتها إليك تلتهمها مرارتها فتفقد عذوبة نعمتك ، فرّحها معك يا من ، وحدك ، فرح حقيقي والعالم بأسره مرارة .

ولمَ أهوي الكذب والباطل ؟ ولم اسعي وراء سعادتي في الشهوات الدنيئة ؟ وحدك ، قادر على أن تجعلني سعيداً يا مصدر كل خير {باطل الأباطيل وكل شيء باطل "الجامعة2:1"} أي نفع لي من تعب أعانيه تحت الشمس ؟ ولم تستهويني الزمنيات ؟ ولم أسعي بادئ ذي بدء في أثر كل دنيء وراء الكذب والباطل ؟ كن نصيبي يا قوتي وحافظي واجعلني لك ، فترعاني.

على مذبح اعترافك أضع قلبي تقدمة وذبيحة تسبيح فأشعله بلهيب حبك ولا تُبق لي منه شيئاً يذكّرني بنفسي وأشعلني بكليتي وذوّبني فيك فأحبك بكل ما فيَّ .

في ضرورة البحث عن السعادة خارجا عن الارض



أسمع ، يا رب ، صوتي فأني إليك أصرخ ، استجب لي يا رب وارحمني ، واحدةً فقط ، سألتك متضرعاً باكياً ، يوم واحد في بيتك أفضل من ألف يوم سواه . لقد اشتهيتُ ألف يوم وشئت أن أعيش طويلاً ها هنا فأجعلني أحتقر ألف يوم وأتوق إلي يوم واحد لا شروق له ولا غروب ، إلي يوم أبدي لا أمس له ولا غد : ذاك هو اليوم الذي أشتهيه .

التعب ينقضي والراحة تأتي . الملذاَّت الكاذبة تنقضي ، والخير الذي تنشده نفسي يأتي ، ذاك الخير الذي أحن إليه وأتوق طوال سفري ها هنا . الوطن الصالح هو الوطن السماوي الذي فيه أشاهد الملائكة . حيث لا يموت مواطن ولا يقبل عدوّ ولا أخاف عدواً . لأن صداقة الله إلي الأبد.

يا مدينةً مبنية كمدينة ، الله نصيبك . ليكن السلامُ في قوتك ومحبتك لأن قوتك في محبتك أنا لا أريد أن أصادق هذا العالم و ألا عاديتُ الله.

أعداؤك هم أصدقاء العالم أنهم الباحثون عن الترهات ، الآخذون برأي العرافّين . أعداؤك ، سواء أدخلوا الكنائس أم لا . يزهرون زمناً كعشب الحقل ثم يذبلون تحت نظرك حين تلفظ حكمك على كل بشر.

أي نفع لي من المال المجموع متى ضيعّت برارتي ؟ إني أحبك يا رب وأحبك للغاية وأتوق إليك بشوق وحرارة تحت قدميّ أدوس مباهج الحياة بأسرها وأريد أن أذهب وأبلغ إليك وأموت عن نفسي حبا بالوصول إليك.

وعود الله و وعود العالم



في خضم هذا العالم القلق سألتك يا رب أن تصغي إلي طلبتي. بأي شيء أفرح؟ وممّ أحزن وأكتئب؟ إني أغتبط بما أنقضي لي من أيام وأكتئب لما بقي لي منها. الأني قطعت تلك المسلفة الشاسعة وطويت ذاك العدد الكبير من الأيام لا أبكي؟ وهل أكف عن البكاء لأنه بقي لي زمن طويل اشتهي فيه وأتوق إلي تحقيق رغبتي؟ صحيح أن الإثم يكثر كلَّما كثرت الشكوك وأنه (كلما كثر الإثم جفت محبة الكثيرين) متى12:24". (ومن يعطي رأسي ماء وعيني ينبوع دموع) "أرميا1:9 (استمع صلاتي يا رب وأصغ لاستغاثتي ولا تصمت عن دموعي وكلمني) "مز13:38". لا تصمت معي لئلا أصاب بالصمم إلي الأبد. لا تقطع كلامك معي فأني أسمعك . قل لنفسي : أنا خلاصك. 

كغريب أقيم بقربك ؛ ويوم كنت تحت نير الشيطان كنت أقيم بقربه ، قربّ معلّم شرير ، أما الآن وقد أقمت بقربك حقاً فلم أعد غريباً عنك . غريب أنا في سفري ونزيل . أقد أعطيتني لسكناي بيتاً لم تصنعه الأيدي . بيتاً أبدياً في السماء . إن كان هذا المسكن الأبدي في السماء فلن أكون فيه غريباً.

أيها الرب إلهي كن سعادتي فآتي إليك. أنا لا أريد هنا فضة ولا قنياناً.في هذه الحياة غنى باطلاً وسريع الزوال . كن غنايّ فلا أفقدك ولا أهلك متى حصلت عليك . كن وحدك سعادتي (لأنه طوبي للشعب الذي الرب إلهه)"مزمور15:143". 

هبني ذاتك يا إلهي وأستسلم إليّ لأني أحبك . وإذ لم يكن حبي لك كافياً فزدني منه . عاجز أنا عن معرفة ما ينقص محبتي لتصبح كافية لإلقاء حياتي بين ذراعيك وتوجهيها إليك لتختبئ في سر وجهك.

أنا أعرف أن كل ما عداك يسئ إليَّ ، أكان في الداخل أم في الخارج ، وأدرك أن كل ما أعتبره غني لي . ما خلاك ، بؤسّ هو وشقاء..