تأملات في روحانية القديسة تريزا للطفل يسوع وتعاليمها:
النفس مخلوقة للحب، والرغبة في الحب لديها هي من طبيعتها. والانجيل يذكي فينا هذا الحب. لنتأمل قول المسيح للسامرية "لو كنتي تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك اعطيني لاشرب لكنتي تسألينه فيعطيك ماءا حيا"(يو4).. الماء الحي الذي يعطيه الله للانسان هو ماء النعمة، ماء الحب، فيسوع هو المحبة المتجسدة وقد اعطى ذاته للبشر.
لقد ايقظ يسوع في قلب السامرية الرغبة في ان تحب فانتهت بقولها اعطني من هذا الماء". نعم فيسوع يحرك في الانسان البائس المسين الرغبة في الحب.
قالت ق. تريزا: ان الله يعلن انه يحتاج الينا عندما يجوع- لا يأنف من ان يستعطي من السامرية قليلا من الماء. كان عطشانا وعندما كان يطلب منها كان يطالب بحب الخليقة المسكينة.. كان عطشانا الى الحب.
وتفتح تريزا قلبها وتقول: ان صرخة يسوع المائت "انا عطشان" كانت ترن في كل لحظة في عمق قلبي لتوقد فيه اضطراما غير مالوف وحي.. كنت اريد ان اسقي حبيبي".
لقد لعبت الرغبة في المحبة لديها دورين هامين: كانت هذه الرغبة بداية السعي للكمال. وكانت هذه الرغبة سمو القداسة. ان الحب عندها هو القوة التي ترفع الفس وتقويها وليس الزهد عندها وسيلة للتصوف وانما التصوف مصدرا للزهد. كانت تقدم على التضحية لانها كانت تحب.
كتبت الى ابنة خالها عام 1894 تقول: "انك تسألنيني عن واسطة للوصول الى الكمال. اني لا اعرف غير واسطة واحدة هي الحب.."
الحب عندها يتحلى بصفتين- التواضع والثقة.
هنا تتجلى حقيقتان، الاولى ضرورة الايمان بحب الله للانسان، والثانية فاعلية هذا الايمان. ان الانجيل بصفحاته كلها ما هو الا حب يدعو الى حب. حب اله قوي وغني لمخلوقاته المسكينة. انه يدعو ابمساكين والضعفاء و يشجعهم بانهم في استطاعتهم ان يبادلوه حبا بحب وبذلك تمتلئ قوبهم فرحا.
الرغبة في الحب بداية القداسة.. والرغبة في الحب نهاية القداسة. انها رغبة بلا حدود.
ما الذي يثير هذه الرغبة؟ انه الحب الالهي الذي لا نهاية له، الذي يريد من خليقته ان تحبه حبا بلا حدود.
يجب ان نصدق تريزا وهي تقول: لم اعط للرب غير الحب، والحب وحده هو الذي يعمل له حساب.