الجمعة، 11 يونيو 2021

في انتظار الروح -٣

قراءة يوم السبت من الاسبوع السادس من الخمسين المقدسة.

مزمور عشية
(مز٥١: ١٠):
"قلبا نقيا اخلق في ..وروحا مستقيما جدد في احشائي". فهو لا يكتفي أن تمحى خطاياه ويعفى عن ذنوبه بل يلتمس تجديد القلب، حتى لا يسقط ثانية. يلتمس القلب النقي الجديد الذي لم يتلوث بالإثم والشر وهكذا تزول جميع تذكارات الماضي المؤلمة. والقلب هنا كما في الأصل العبراني يتناول الضمير أيضاً. أي امنحني ضميراً نقياً حساساً مرهفاً يستطيع أن يميز بين الخير والشر. ضميرا غير مثقل بالاحساس بالذنب. ثم في قوله «وروحاً مستقيماً» يطلب الثبات في الطريق وعدم الانحراف والميل ثانية للشر. واذا راجعنا المزمور كله، نجد انه ذكر الروح ب ٣ اوصاف:
روح مستقيم- روح منتدبة - الروح القدس.
اما الروح المنتدبة، فهي المكلفة بعمل ولذلك تترجم الى "رئاسي". لقد انتدب الشعب قبلا بغيرة ونشاط فقدموا ما يملكون لبناء بيت الرب. "وفرح الشعب بانتدابهم، لأنهم بقلب كامل انتدبوا للرب. وداود الملك أيضا فرح فرحا عظيما.. (أخبار الأيام الأول ٢٩: ٩). وهو يريد هذه الروح ان تعود اليه ليس لاجل مصلحة الشعب كملك له، ولكن لاحل خلاصه هو. اما الروح القدس "لا تنزعه مني". انه يتذكر ما حصل لشاول الملك السابق حين فارقه الروح. وهو لا يريد ان يحدث له نفس الشئ ويفقد ذلك الروح الذي اخذه حين مسح ملكا.

انجيل عشية
(لو١١: ٥٣- ١٢:؛٣):
من الرائع اننا في هذه الايام، التي نعد فيها انفسنا لانسكاب الروح فينا، نسمع كلمات الرب التي يدعونا فيها ان نفرغ قلوبنا من الشر وحياتنا من خمير الفريسيين الذي هو الرياء. اما لماذا وصمهم الرب بالرياء؟ فالواضح انهم إن كان الحق مرفوضًا من الناس خافوا أن يعترفوا بهِ ولكن إذا صارت الديانة الحقيقية مقبولة ومُعتبرة نتظاهر بأنَّنا مُتمسكون بها كثيرًا لكي يكون لنا الصيت الحسن والكرامة. فهم ارادوا ملكا يوافق ميول الناس وتطلعاتهم المادية.
والعدد التالي "ليس مكتوم لن يستعلن.." يمكن ان يفسر على شيئين. اولا، رياء الفريسيين: سيُفضَحون وتنكشف حقيقة أمرهم. عندئذٍ سيُستعلن كل ما كانوا قد كتموه، وكل ما فعلوه في الظلمة، سيظهر. فهم على قدر تشددهم الظاهري، على قدر تسيبهم الباطني.
ثانيا، فالتلاميذ كانوا، حتى ذلك الحين، قد كرزوا برسالتهم بشكل خفيّ نسبيًّا، وأمام عدد محدود من السامعين. إلا أنه، وعلى أثر رفض الشعب للمسيّا، ومجيء الروح القدس، كان التلاميذ سينطلقون باسم الرب يسوع، وبلا خوف أو وجل.

مزمور بامر
(مز١١٢: ٤):
"نور اشرق في الظلمة للمستقيمين. الرب حنان ورحيم..". هذا النور هو الروح القدس، الذي يشرق في ظلمة القلب فيبددها. هو نور للمستقيمين الذين طلبوا مع المرنم "روحا مستقيما جدد في احشائي". فبدون اعداد القلب، ونزع خمير الشر لن نكون فطيرا يمسح بالزيت (الروح).

انجيل باكر
(لو١٠: ٢١-٢٤):
"تهلل بالروح.." فما يفرح قلب الرب ان يرى امتداد الملكوت. ولم يقل "تهلل" فقط ، بل انه تهلل بالروح، بسبب تلك الاسرار التي اعلنت للبسطاء.
ثم يقول "ليس أحد يعرف من هو الابن إلاَّ الاب ومن أراد الابن أن يُعلن لهُ". ولنا حقيقتان:
أولاً- أن حقيقة شخص يسوع المسيح كابن الله متجسد ليست من الحقائق المدركة عند الخلائق. كلامهُ هنا في شأن ذلك مطلق. كلما نتقدم روحيًّا نشعر بأننا لا نعرف.
ثانيا، اعلان يسوع عن نفسه لمن يريد هو ان يعلن له. والمعنى ليس انه ليس ثمة ذنب، لمن لا يعلن له، بل انه كمثل الطين التي يجدها الفخاري تصلح اناء للكرامة فيصنعها اناءا ثمينا، وتلك القطعة التي لا يجدها تصلح الا اناءا للهوان فيصنعها كذلك. والسبب ليس في ارادة الفخاري المطلقة، بل في خواص قطعة الطين.
واخيرا، ينال التلاميذ التطويب، ليس لعمل قاموا به بل لنعمة مجانية نالوها "طوبى للعيون التي تنظر . لأني أقول لكم: إن أنبياء كثيرين وملوكا أرادوا أن ينظروا ما أنتم تنظرون ولم ينظروا، وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا».. (لوقا ١٠: ٢٤)
، فكما نعرف أنه لم يكن بنال احد الروح القدس في العهد القديم الا اشخاص محددون لاغراض محددة. اما في العهد الجديد فان الروح اصبح يسكن ويحل حلولا ابديا، حلول النعمة ، وكان هذا اتماما لما تنبا به الانبياء (راجع ار٣١ و عا٣).

اف٤: ٨-١٦):
"لذلك يقول:«إذ صعد إلى العلاء سبى سبيا وأعطى الناس عطايا».. (أفسس ٤: ٨). يستند الرسول الى نبوة المرنم، ويشرحها. فصعود الرب معناه انه نزل اولا. السبي هم البشر اسرى ابليس وقد نقلهم الى ملكوت ابنه الحبيب. اصبحنا اسرى ولكن اسر المسيح لنا كان فيه العتق والحرية من قيود ابليس. افتخر الرسول ذات مرة بذلك وقال "
 و من وقت رجوع يسوع المظفر إلى بيت ابيه لا يزال يوزع عطايا وهبات على رعيته. أن هذا ما أدركه أيضاً الرسول بطرس عندما قال في يوم الخمسين عن الرب يسوع " وإذ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الاب سَكَبَ هَذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ " (اع2 : 33) فقد كان حضور الروح القدس هو العطية الأولى والاعظم. وايضا يمكن ان تترجم "قبلت عطايا" فالملك المظفر كان ينال تقدمات من الناس، تعبيرا عن امتنانهم. وهذه العطايا هي قلوبنا وحياتنا.
 ‏ويمكن ايضا ان تفهم هكذا، المسيح لما صعد إلى السماء قبل عطايا من الله الآب لأجل البشر وشرع يعطيهم اياها.
 ‏يذكر الرسول بعض مواهب الروح والهدف منها هو بناء انسان كامل في المسيح.
 ‏
الكاثوليكون
(١بط٥: ٥-١٢):
يعلمنا الرسول كيف ننال مواهب الروح. اولا، التلمذة، لان "الله يعطي نعمة للمتواضعين". واعظم نعمة هي الروح القدس، الذي يعطيه الله ".. وإلى هذا أنظر: إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي.. (إشعياء ٦٦: ٢).

الابركسيس
(اع٢٤: ١٠-٢١)؛
من الرسول نتعلم لماذا نال الروح. اولا، العبادة المسبحية الحقة "ولكنني أقر لك بهذا: أنني حسب الطريق الذي يقولون له «شيعة»، هكذا أعبد إله آبائي، مؤمنا بكل ما هو مكتوب في الناموس والأنبياء.. (ع١٤).
ثانيا، "ولي رجاء بالله في ما هم أيضا ينتظرونه: أنه سوف تكون قيامة للأموات، الأبرار والأثمة...
ثالثا، "لذلك أنا أيضا أدرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس".

مزمور القداس
(مز١٣٥: ١-٢):
اعترفوا للرب لانه صالح..
فعطية الروح تستزجب الشكر منا.

انجيل القداس
(يو١٦: ١٥-٢٣):
"يأخذ ما لي وبخبركم". وهذا ما يفعله الروح القدس. ومن خلاله نرى المسبح.
"بعد قليل ترونني" وهذا ما يتحقق بالايمان بالروح القدس.
"يعطيكم الاب كل ما طلبتم". فالله الذي اعطانا الروح لا يمكن ان يمنع عنا اي عطية اخرى نطلبها.