محادثات الربيين
كانوا يزورون بيت الجد سنويا مع امهم، واحيانا تستمر الزيارة لعدة شهورؤ في المرة الواحدة. وكانت جوديت تذكر جيدا ان كثيرا من الرابيين كانوا يترددون على بيت جدها، وكانوا غالبا منه سنا، ولكنهم كانوا مثله حكماء ومبجلين، ولاحظت انهم كانوا دائما في حوارات تستمر ايامها بطولها واحيانا تمتد الى طول الليل ايضا.
احيانا كانت تسمعهم بصوت عال. وكثيرا ما كانت تذكر اسماء مثل "موسى" و "يسوع". وبالارتباط بالاسم الاخير كانت تذكر اوصاف مثل "المخادع" و "الدجال". ولذلك كانت جوديت شغوفة جدا ان تعرف من هو الشخص الذي يتكلمون عنه. ولكنها كانت تخاف ان تسأل جدها عنه، مع انها كانت تود بشدة ان ان تعرف من هو ذلك الشخص "يسوع" الدجال
اما الان فالامر مختلف فقد سمح لها والدها ان تسأل جدها بحرية، فستساله عن كل شئ.
جاء الصيف واغلقت مدرسة الفتيات وبدات الاجازة الصيفية، وتستطيع العائلة الان ان تهجر المدن المتربة الى نقاء وجمال الريف.
***
كان البيت الجميل المكون من طابقين والمقام وسط الغابة يبدو متغيرا.. اليوم صارت خطوات البنات الثلاثة تسمع في كل ارجاء المنزل وصوت ضحكاته الرنانة تملا كل الحجرات.
فتح الاحفاد الثلاثة بعد وصولهن مع امهن من المدينة كل الهدايا التي احضروها للجد والجدة، وبدا وقت سعيد جدا للاطفال في بيت الجد بعيدا عن اعباء الدراسة، فكانوا يقضون اياما باكملها يمرحون في الحقول والغابات ويجمعون اصنافا من الورود والازهار التي غطت الارض بالوان مختلفة جميلة. وهكذا كانوا يتنعمون مع اصدقائهم القدامى بحياة الغابة الرائعة.
بعد وصول هؤلاء الضيوف بمدة قصيرة حضر ربّيان صديقان صديقان للسيد وينبرج من مدينة مجاورة وكانا منشغلين طوال الوقت في مناقشات دينية. اما جوديت فقد انفلتت من اختيها خلسة وكانت تحاول جاهد ان تكون قريبة من الربّييان بقدر المستطاع، وان تسترق السمع لتلتقط ما استطاعت من الكلمات. لاحظ السيد وينبرج حفيدته الفضولية، وفضّل ان تذهب لتلعب مع اختيها لان حديث الربيان لن يكون مستساغا لطفلة. لم تسر جوديت بهذا الامر، فقد كانت تفضل حديث الربيين عن اللعب، غير انها لا تجرؤ على الاعتراض في وجود الضيوف! لذلك فقد غادرت الغرفة بهدوء. ولكن مما ادركته من الحديث ادركت انهم كانوا يتحدثون عن الله والشريعة وعن شخص يدعى "يسوع".
غير انه في تلك الليلة لم تستطع جوديت ان تنام، فقد ايقظها الحديث عن الله. كانت تعرف انه لي لها شا بهذا الحديث, ولكن الفضول انتصر اخيرا، فقامت من سريرها وتوجهت الى النافذة.
استيقظت اختها الصغرى وسالتها"جوديت، لماذا لا تنامين؟"
فوجئت جوديت بالسؤال واذ لم ترد ان تقول الحقيقة اجابت "استمعي يا روث.. فكم هو جميل غناء الطيور".
اجابت روث ضاحكة وهي تجذب الغطاء "النوم عندي اجمل من غناء الطيور كلها".
اجابت جوديت وهي تعود الى فراشها "معك حق يا اختي الصغيرة".
واذ كانت متعبة بعد ليلة سهر، وشعرت ان جسمها مخدر من البرد استسلمت الى نوم متقلقل.
وفي نومها تردد صدى كلمات رجال يتناقشون عن "يسوع". كان قلبها يعتصر الما وهي تفكر . وبدات تدافع عن يسوع في حلمها، وبدات تتوسل الى جدها وجدتها وابيها وامها واخواتها وكل اليهود ان يقبلوا ويعترفوا بيسوع المسيا الموعود به. وبدا لها انها يجب ان تكون قادرة ان تقنعهم كلهم بذلك، ولكن فجاة صاح جدها في وجهها غاضبا بعينين تتقدان شرارا "مرتدة، مهرطقة، لقد هجرت ايمان ابائك، مثلك يجب ان ترجم"
مسكينة جوديت، لقد ارتعبت من جدها الغاضب ومن كلماته الجارحة، فاستدارت بسرعة لكي تهرب منه. فلما فتحت عينيها رات امها بجانب السرير تنحني عليها في لهفة "ماذا حدث لك؟ هل حلمت حلما سيئا؟ مع من كنت تتعاركين؟".
اه يا امي العزيزة! لقد رايت في حلمي اناسا كثيرين حولي، وكنت ارغب انهم يجب ان يحبوا الله ويطيعوا الانبياء.
ما اغرب هذه الاحلام التي تزعج طفلتي! اتركي هذه الامور لجدك وللربيين الحكماء.دعيهم يفكرون في الله اما انا وانت فلنفكر في شئ اخر.
سالتها جوديت مستفهمة "لكن لماذا يا امي يجب ان تترك هذه المسائل للربيين فقط، لماذا لا يهتم بها الاخرون ايضا؟"
نعم يا ابنتي الغالية من حق اي شخص ان يعرف الله ويتكلم عنه ولكن يجب اولا ان يدرس التوراة بتدقيق.