ايام الطفولة:
كانت الحياة في بيت السيد وينبرج سعيدة جدا، وغيرمتقلقلة لسنوات عديدة. كان تاجرا غنيا يبيع البضائع بالجملة. وبسبب ادارته الحكيمة، كان دخله يتزايد سنويا، وكان العمل ينمو، خاصة في الايام الاخيرة.
ولكن المصالح المادية لم تكن هي كل شئ في حياة السيد وينبرج وزوجته. كان كنزهما الثمين هو ثلاث فتياترائعات ملأن قلب والديهن فرحة وسعادة. كانت غاية والديهنان يمنحهن افضل مستوى من التعليم. وما كان في الحقيقة اكثر اهمية، هو ان يغرسوا في نفوسهن الطقوس اليهودية القديمة الصالحة، ومبادئ الحياة القويمة، وان يزرعوا في قلوب بناتهما الايمان بالله "يهوة" المبارك، الذي في الايام الغابرة كان عونا لكل الامناء الصادقين من شعبه.
كان بين عائلة وينبرج الاقدمين عدد ليس بقليل من الربيين الصادقين والاقوياء في الايمان، الذين كانوا بغيرة شديدة يحمون الطقوس الدينية لابائهم. وبحق كانت هذه العائلة تسمى"حاملة الحياة الدينية"، والتي لم يتبق منها سوى عدد قليل من هذه الامة التي بدات تفقد دينها اكثر واكثر.
ولذلك كان هناك اسف في قلب السيد وينبرج والسيدة وينبرج احيانا، لان الله لم يهبهما ابن ووريث شرعي يحمل رسالة العائلة الروحية. ومع ذلك كانت هذه الاوقات قليلة ونادرة، حيث ان البنات الثلاثة كن ينجحنفي تبديد اي غيوم من الحزن والاسى ، فقد كن يملأن البيت وقلب والديهن بالغبطة والسعادة بثرثرتهن المرحة كعصافير الربيع التي تملأ السماء بزقزقتها الجميلة.
كانت جوديت وهي الابنة الكبرى والاثيرة لدى العائلة، سبب سرورخاص لوالديها، فقد نمت قدراتها مبكرا. كان شغفه الشديد بالدين، واسئلتها الجادة التي تفوق اترابها عن امور الله هو الذي جعل والديها يتوقعان ان تكون جوديت في يوم من الايام شاهدة بالحق لدين العائلة وتراث الاباء. كثيرا ما كانت تمطر والدتها بوابل من الاسئلة عن الطقوس التي تختص بالدين.
في عيد الفصح كان الاب عادة ما يحكي لبناته المتشوقين المغزى من وراء هذا العيد عند اليهود. كان يشرح لهم كيف ان اباءهم كانوا مستعبدين، وكيف انه في ليلة لا تنسى خرجوا وتخلصوا من نير العبودية..
واذ كانت جوديت تنصت الى ابيها بكل حواسها قاطعت اباها فجاة بهذا السؤال: لماذا يا ابي اهلك الملاك ابناء المصريين ولم يهلك ابناء اليهود؟ هل كان ابناء اليهود افضل من ابناء المصريين؟
ارتبك السيد وينبرج قليلا بسبب هذا السؤال، ولكنه اجاب "نعم يا ابنتي كان ابناء اليهود افضل في عيني يهوة من ابناء المصريين. كل الامم الاخرين كانوا يعبدون الاصنام".
فقالت جوديت وقد ثبتت عينيها المتسائلتين على وجه ابيها "وما هي الاصنام يا ابي؟"
اجابها والدها مبتسما "يبدو انك تريدين ان تعرفي كل شئ في ان واحد".
"نعم يا ابي اريد ان اعرف كل شئ، وانت رجل طيب جدا وتعرف كل شئ وستحكي لي، اليس كذلك؟"
اشتركت معها الاختان قائلتين "نعم يا والدنا انت شخص طيب وتعرف كل شئ. اخبرنا ما هي الاصنام".
الاصنام يا اولادي هي اي شئ يحبه الناس اكثر من الله ويعبدونه بدلا من الله. لقد كان للمصريين اصنام كثيرة فعبدوا الشمس والعجل..".
ولكن يا بابا لو انني احببت انت وماما اكثر من الله فهل هذا خطا؟
جوديت، انت تسالين اسئلة كثيرة وغريبة يستحيل على اجابتها في وقت واحد، ولكن ربما افعل ذلك افعل في مرة اخرى.