السبت، 21 مارس 2015

ام صالحة .. اب صالح


في هذا المساء سأل وليم امه اسئلة صعبة مربكة، وبطبيعة الحال ليس هذا شيئا غريبا لأن كل ولد صغير يستطيع ان يسأل اسئلة صعبة. كان الوالدان مسيحيين بالاسم، لم يتعودا الذهاب الى الكنيسة ولم يصليا قط، ولكنهما رغبا ان يذهب ابنهما وليم الى مدرسة الاحد، وعلماه ان يصلي الصلاة التي انا يقولانها وهما صغيران:
اني الى الفراش، ربي ذاهب
فاحفظ حياتي حارسا يا واهب
اما اذا مت وحلت خيمتي
قبل الصباح فاقبلن وديعتي
وبعد ذلك كان يقول طلبات من عنده مثل:
يا رب بارك بابا.. بارك ماما ..
وفي احد الليالي بعد ان قال صلواته وقبّل امه كعادته قبل النوم، قال:
- ماما هل تصلين؟
- لا يا عزيزي!
- وبابا، هل يصلي؟
- لم اسمعه يصلي يا عزيزي.
- اذا لماذا تريدان مني ان اصلي؟
- حتى تكون ولدا صالحا.
- وانت الا تريدين ان تكوني صالحة يا ماما؟
- نعم، .. نعم.. اريد ذلك!
- وبابا، هل يريد ان يكون صالحا؟
- بالطبع يريد.
- اذن لماذا لا تصلين انت وبابا ايضا؟
لم تكن الام مستعدة للاجابة عن سؤاله، فلاذت بالصمت. حينئذ قال وليم:
- اظن يا ماما ان الله يحب ان يسمع صلاة ولد صغير نظيري.. ولكن.. الا تظنين انك انت وبابا تنتظران اكثر مما يجب من ولد صغير؟ هل تظنان ان الله يريد ان اقوم بكل الصلوات التي يجب ان تصليها العائلة؟ يبدو لي انكما يجب ان تعاوناني.
كان النعاس قد دب في عيني وليم، فانطلق الى ارض الاحلام.
لم يسأل وليم هذه الاسئلة مرة اخرى، لانه لم يكن هناك داع لها، فقد اجتمع الزوجان عقب نومه وتحدثا بخصوص الاسئلة وركعا بجوار فراشه واعطيا قلبهما لله، وطلب ان يستجيب لصلاة صغيرهما.

الجمعة، 20 مارس 2015

رجعت اليه ذاكرته

تحدثت الصحف عن رجل نسى اسمه فجأة، وظل يبتعد ولم يعرف انه تائه ولم يعرف الى اين كان ذاهبا. ولم يكن الرجل من العاطلين المجهولين. كلا ، بل كان يعمل محاميا، توغل في الريف وكان يعيش على القليل او على اقل من القليل، كان يرفض ان يجلس على المائدة مع الاخرين بل كان يكتفي ان يأكل واقفا كمتشرد او شحاذا. واخيرا وجد شغلا متواضعا جدا.
وفي كل ذلك الوقت كانت زوجته واصدقاؤه في اشد القلق، ولما طال البحث عنه بدون جدوى ظنوا انه قتل. ولكن صديقا قديما له لم يشأ ان يصدق انه مات، وظل يبحث عنه نهارا وليلا، واخيرا عثر على اثر له ظل يتتبعه الى ان وصل الى المكان الذي كان الرجل يشتغل فيه، فوجده جالسا يعمل ازرار من صدف السمك. وبدون تردد تقدم الصديق وناداه باسمه وفي الحال عرف الرجل الضال صديقه، وتذكر اسمه وشخصه وبيته، ولا يمكنكم ان تدركوا تماما دهشته من وجوده في ذلك المكان الحقير ، وكيف اسرع راجعا الى مكانه مع صديقه، وكيف ابتهج بفرح لا يوصف عندما اجتمع مع عائلته واصدقائه.
في الانجيل نقرأ قصة مشابهة الى حد كبير للقصة التي ذكرتها الصحف، وهي قصة شاب ترك بيته، ولم يقل لاحد الى اين هو ذاهب، او ماذا ينوى ان يفعل، او متي سيعود.. كان معه اموال كثيرة واصدقاء كثر، لكن امواله تبخرت سريعا وتخلى عنه اصدقاء السوء ، بحث عن عمل، و اخيرا العمل الذي وجده هو رعي الخنازير.
وفي احد الايام بينما كان في الحقل وحده جائعا وعطشانا، خيّل اليه انه يسمع شخصا يناديه باسمه ، فالتفت الى هنا وهناك ولكنه لم ير حدا ، الا انه كان موقنا انه سمع صوتا يناديه باسمه. وتقول القصة انه رجع الى نفسه، اي افاق الى نفسه وكأنه كان فاقدا وعيه او الادق فاقدا رشده، تماما كما عادت الى الرجل الذي يصنع الازرار الصدفية اليه ذاكرته، حينئذ عرف اين كان، ومن دون انتظار ومن دون ان يفكر في توديع صاحب الحقل، اسرع الى بيته حيث كان ابيه واقف على رأس الطريق في انتظاره.

لا اريد امي ان تعرف

 كان سامي ولدا شقيا جدا حتى انه ارسل الى الناظر مرات كثيرة. فلما تعب منه الناظر فتح امامه احد ادراج مكتبه، واخرج ملفا وبدأ يذكر له كل اساءة وكل عقاب وقع عليه. وجلس سامي وطلب الناظر منه ان يكتب معللا سبب ارتكابه كل غلطة، وبعد ما نظر  الى ما كتب وادرك مدى اساءاته طلب منه الناظر ان يعيد كتابة التقرير بخطه لارساله الى امه ، كان جائعا ومتعبا ، بكي سامي بحرقة ورفض ان يطيع، سأله الناظر:
لماذا تبكي؟
- لاني لا اريد ان تعلم امي اني بهذا السوء.
- الا تعلم امك انك كذلك؟
- لا
- هل تظن انك ولد طيب.
- نعم .
- هل لذلك لا تريد ان تقرأ امك هذا التقرير؟
- نعم.
- لكن، نحن مضطرون ان نخبر والدتك فقد جربنا معك كل شئ اخر.
اخذ الرئيس يذرع الغرفة ذهابا وايابا مرات عدة مفكرا، ثم قال:
- هل تظن انه يمكنك ان تكون الولد الذي تظنه امك؟
- نعم.
- حسنا، دعني اخبرك ماذا نعمل، نضع ما كتبته في هذا الدوسيه ونغلفه ونضعه في خزانتي، فاذا لم ترسل الي شكوى عنك لمدة سنة، فاني احرق هذا المظروف. ولم يستطع الولد الا ان يوافق. ولكن القصة لم تنتهي، فقد بقيت امورا كثيرة جيدة فقد اصبح الولد صديقا عزيزا للناظر الى نهاية الدراسة.
===
الله يعمل لنا شيئا مثل هذا لاخطائنا . اذا كنا فقط مستعدين ان نترك طرقنا الشريرة فان الله مستعد ان يصفح عنا وينسى الماضي. اصغ الى ما يقوله الله لنا:
كبعد المشرق عن المغرب ابعدت عنكم معاصيكم،
خطاياكم لا اعود اذكرها،
اطرحها في عمق البحر،
قد محوت كغيمة ذنوبك وكسحابة خطاياك.

الاثنين، 9 مارس 2015

فيلم برناديت

 

لرؤية الفيلم : الجزء الأول منه على موقع archive.org
الجزء الثاني:

نبذة مختصرة عن قصة حياتها:
 ولدت برناديت في يوم الأحد الموافق 7 يناير عام 1844 في لورد بفرنسا، من أبوين فقيرين هما فرنسيس سوبيرو وزوجته لويزا كاستيرو. وسُجّلت باسم برناديت – ماري سوبيروس. أُصيبت برناديت وهي بعد طفلة بسعال أليم (الربو). ضعف ذاكرتها جعلها تجد صعوبة كبيرة لتتلقن مبادئ التعليم الديني المسيحي على الرغم من أن الناس حاولوا اعطاء برناديت دروساً في الانجيل لكن كان من الصعب حدوث ذلك نظراً لعدم توفّر الوقت الكافي لها. تمتّعت هذه الفتاة بالإيمان العميق وصلاتها الدائمة البسيطة التي كانت بحوزتها باستمرار. يوم الثلاثاء، في الحادي عشر من شهر شباط 1858 ذهبت برناديت برفقة أختها وصديقتها لجمع الحطب قرب مغارة وهناك كانت المفاجأة الكبرى حيث ظهرت لها السيدة العذراء بينما كانت تستعد لعبور نهر صغير وراء رفيقاتها، أولاً بشكل ريح ثم بشكل امرأة جميلة تسحر القلوب بجمالها الفتّان. صلّت برناديت مسبحتها وهي مذهولة بجمال المرأة وعند آخر إشارة صليب اختفت المرأة، علمت أم برناديت بالأمر وحاولت إقناع ابنتها أنها لم تكن سوى تخيلات وطلبت منها عدم الذهاب الى المغارة ولكن برناديت كانت تصّر أنها لم تكذب وعادت إلى المغارة لأن المرأة طلبت منها العودة بعد خمسة عشرة يوماً.
بقى ان نذكر انه لا يزال جثمان هذه القديسة البارة ناضرا كما لو ان صاحبته لم تمت.
===
موضوعات ذات صلة:
 برناديت _1

الخميس، 5 مارس 2015

نظرة على فيلم دون بوسكو


اسم الفيلم: Don Bosco
مقدمة:
يبدو ان صانعي الأفلام الإيطاليين دائما ما يكون لهم اليد العليا في مجال عمل الافلام المبنية على قصص القديسين. وهذا ليس بالغريب، فإيطاليا يفيض تاريخها بالقديسين، ومنهم القديس يوحنا بوسكو، وهو قس كانت له رؤية وريادة بخصوص العمل الذي كرس له حياته وهو مساعدة الأولاد الفقراء والمشردين خلال القرن ال19 الحافل بالاضطرابات. هذا الفيلم، من إخراج لياندرو كاستيلاني، انتاج 1988م.

الفيلم مترجم:


احداث الفيلم:
قام دون بوسكو بفتح مأوي في مدينة تورينو يوفر للأولاد المشردين العمل اللائق وظروف معيشية لائقة. واستطاع ان يكسب ثقة أفراد احد العصابات من خلال مهاراته الرياضية وروح الدعابة، ونهجه الواضح، وسرعان ما توافد الكثير من الفتيان على ملجأه مما جعل الحكومة تبدأ في توجيه اتهام له بايواء وتحريض حفنة من "الأردياء".

وقفت المتطلبات المالية عائقا امام بوسكو لمواصلة نشاطه، كما بدأت صحته في التدهور، وهدد بالطرد ما لم يدفع الإيجار. بدلا من التخلي عن مهمته كما هو مفترض، يقوم بنقل الأولاد إلى حظيرة متهالكة، حيث يعمل الاولاد بجد لارجاعها الى حالتها الاولى. على الجانب السلبي يقوم شخص في جاردينيير بفتح بيت سيئ السمعة، اي منزل للدعارة.

جوزيبي (النطق الايطالي للاسم يوسف)، وهو واحد من الأولاد الذين أخذهم دون بوسكو من الشوارع، يقع في حب فتاة تدعى لينا، وهي فتاة من عائلة مفككة اضطرت للعمل في جاردينير. والدتها دفعتها الى ذلك للمساعدة في توفير احتياجات جميع أفراد الأسرة. عندما ترفض الاستمرار في العمل، يقوم زوج والدتها بطردها من المنزل، حيث يقوم جوزيبي بانقاذها فيأخذها إلى قبو سري في احد الشوارع. دون بوسكو يعلم عن هذا، ويرتب لها للعمل كمساعد متجر لاحد الاصدقاء. ولكن نفاد صبر جوزيبي وتعجله للزواج من لينا يقوده الى نتائج مؤسفة حيث يقبض عليه بسبب السرقة، وتتكشف هنا حبكة فرعية درامية عن الثقة والفداء. حيث يتوسط لدى مدير السجن ان يأذن للاحداث المقبوض عليهم بالخروج للتنزه، كان من بينهم جوسيبي الذي يهرب للالتقاء ب "لينا"، مما يعرض دون بوسكو للسجن، ولكن جوسيبي يعدل عن قراره بالهرب، ويرجع للسجن ثانية. ثم يخرج بعد قضاء باقي فترة العقوبة، ليصرّح لدون بوسكو انه تعهد للعذراء بتكريس نفسه للعمل كمساعد له. لكن دون بوسكو يقول له ان مكانه ليس هنا، وان العذراء تقدّر موقفه، وان الحب والزواج شئ رائع ايضا.

في تلك الفترة عمت الاضطرابات ارجاء ايطاليا، تستطيع الحكومة ان تكسر تمرد طلابي في صالح توحيد إيطاليا والدستور. ولكن الوضع يتفاقم ويخرج بسرعة عن نطاق السيطرة ويجول الغوغاء في الشوارع. يحاول دون بوسكو دون جدوى تفريق مجموعة من المتمردين الذين يهاجمون المباني الحكومية المحلية، يكسب فقط الانتقام من الثوار الذين يتخذون محاولة لاغتياله من خلال اعطائه النبيذ المسموم. كما يأملون في جذب الأولاد إلى صفهم في التمرد، لكنهم يرفضون ويبقون في اصرار وراء رجل الدين الحبيب.

من ناحية أخرى، يتخذ المسؤولون الحكوميون، اساليب ملتوية في محاولة لوقف نشاط دون بوسكو بين الشباب في تورينو. وعندما لا يستطيعون دفعه لإغلاق مأوى المشردين، يلجأون إلى احد القتلة المأجورين، الذي تحبط محاولته في قتل دون بوسكو بظهور كلب كبير في الوقت المناسب، يعتقد دون بوسكو انه إرسل من قبل عناية السماء.

حتى المسؤولون في الكنيسة يبدأون في الضغط عليه للتخلي عن جهوده. حيث يذهب احد الأساقفة الى أبعد من ذلك لوقف دون بوسكو عن سماع اعترافات الشباب والاهتمام بهم. عندما يقترح عليه أن يأخذ إجازة مريحة في الريف، يستجيب دون بوسكو و بدلا من ذلك يسافر إلى روما ويحصل على مقابلة مع قداسة البابا بيوس التاسع. يخبره البابا انه شكل لجنة من 4 كرادلة لفحص شكوى المطران.. يحصل تعادل في اصوات الكرادلة.. يسألهم عن القانون فيقولوا له انه يجب ان يجرى اقتراع اخر فلابد ان يحصل على موافقة النصف بزيادة واحد. يحصل دون بوسكو على دعم البابا حيث يضم البابا صوته الى جانب الموافقة، وبالتالي يوافق على تأسيس رهبانية الساليزيان ، ويعود الى تورينو ويبدأ النظام الديني الجديد بين الشباب وهو المعروف باسم "رهبنة الساليزيان" تكريما للقديس فرانسيس من ساليز، ولكن وضعه الصحي يسوء، وأيامه الأخيرة تقترب، في ختام عاطفي للفيلم مملوء بالمشاعر المرهفة.

هذا الفيلم هو قصة مؤثرة بعمق للحب الباذل المضحي. وغني عن القول، انه غارق في الروحانية والتصوف، وتستخدم الأحلام التى رآها دون بوسكو باعتبارها عضد ثابت. حيث يحلم دون بوسكو حلما عن جاردينير حتى قبل أن يرى هذا المكان. وعندما يكشف لجوزيبي أنه يعرف علاقته بمحبوبته لينا، يؤكد له أنه لم يعرف ذلك عن طريق التجسس، انه فقط عرف ذلك (يستبط المشاهد انه عرف ذلك عن طريق حلم او بما يسمى موهبة الشفافية عند القديسين). وعندما يقابل البابا في روما، يروي ايضاعن أحلامه عن المسيح الطفل والأم المباركة العذراء وهو الحلم الذي ألهمه لاحتضان مهمته في تورينو.

على الرغم من ان هذا الفيلم كاثوليكي في طبيعته، فإنه لا يخفي إخفاقات أعضاء الكنيسة ويصف كل أعضاءها، في التسلسل الهرمي للرئاسة الدينية، بصدق وصراحة شديدة، لم يأخذ الفيلم جانب مخادع بالتغطية على المشاكل في المؤسسة ككل. وهذا هو النقد المتوازن، جانب منير، وجانب معتم أيضا. هذه العناصر الروحية متوازنة على قدم المساواة مع تقديم الإثارة، من خلال تصوير التمرد الطلابي إلى عدة محاولات اغتيال لدون بوسكو. 

رابط الفيلم بالانجليزية على يوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=lmkViNeSsPQ 

مصدر المقالة:
http://silverscreenspiritual.blogspot.com

موضوعات ذات صلة:
القديس دون بوسكو

السبت، 13 ديسمبر 2014

القديسة لوتشيا شفيعة العميان

وُلدت القديسة لوسيا (أو لوسي، ويعني اسمها نور أو منيرة) في سيراكوزا بصقلية في نهاية القرن الثالث الميلادي، وكان والداها من أغنياء المدينة الأتقياء، وقد ربياها تربية مسيحية حقة وعلماها الصلاة والتسبيح ومطالعة الكتاب المقدس. وعندما مات والدها وهي في السادسة من عمرها اختارت لها أمها أوتيكا عريسًا شابًا ذو أخلاق حميدة غير أنه كان وثنيًا، و لما شعرت القديسة بنية والدتها طلبت منها أن تؤخر الأمر وتدعها بضع سنين حتى تقرر أمرها، فوافقت الأم إلا أن الشاب أخذ يلح عليهًا مرارًا بينما كانت لوسيا تصلي ليلاً ونهارًا بدموع لكي ينقذها الرب من هذه التجربة. وبعد مدة مرضت الأم فتشفعت القديسة لوسيا لدى القديسة أغاثي التي ظهرت لها في حلم، وقالت لها أن تطلب من رب المجد فيستجيب لطِلبتها، وفعلاً قامت وصلَّت صلاة حارة فشفيت والدتها ووعدتها بأنها لن ترغمها على الزواج من ذلك الشاب الوثني. وقامت الأم وابنتها ببيع ممتلكاتهما للتصدق على الفقراء، إلا أن الشاب وشى بهما لدى الحاكم بسكاسيوس، فأرسل وقبض على لوسيا وأخذ يلاحقها تارة ويعذبها تارة أخرى حتى أمر بإرسالها إلى بيت الخطية لأنه كان معجبًا بعينيها مراودًا إياها لفعل الخطية. رفعت البتول يديها إلى السماء مستغيثة بالرب ثم اقتلعت عينيها وألقتهما في وجه الحاكم، حينئذ ألهمها رب المجد وجعلها تثبت في مكانها كالصخرة حتى عجز الجنود عن أن يزحزحونها من مكانها، فربطوها بحبال وأخذوا يشدونها من مكانها حتى خارت قواهم. وعندما ألقوها في النار كانت تصلي لوسيا للرب وخرجت معافاة، فأمر الحاكم بضرب عنقها بالسيف ولكن الضربة لم تكن كافية لفصل رأسها عن جسدها فلم تمت القديسة حالاً، فأخذها المؤمنون إلى بيت قريب وأحضروا لها القربان المقدس فتناولت منه ثم رقدت بسلام وكان ذلك في 13 ديسمبر. منذ بداية القرن الرابع والتقليد المسيحي الغربي يتخذ من القديسة لوسيا الشهيدة شفيعة للمكفوفين وضعاف البصر وترسم صورتها دائمًا وهي حاملة عينيها في طبق.

الخميس، 4 ديسمبر 2014

مجنون كورة الجدريين




وجاءوا الى عبر البحر الى كورة الجدريين. ولما خرج من السفينة للوقت استقبله من القبور انسان به روح نجس، كان مسكنه في القبور ولم يقدر احد ان يربطه ولا بسلاسل، لانه قد ربط كثيرا بقيود وسلاسل فقطع السلاسل وكسر القيود فلم يقدر احد ان يذلله.


وكان دائما ليلا ونهارا في الجبال وفي القبور يصيح ويجرح نفسه بالحجارة.


فلما راى يسوع من بعيد ركض وسجد له وصرخ بصوت عظيم: «ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي! استحلفك بالله ان لا تعذبني!» لانه قال له: «اخرج من الانسان يا ايها الروح النجس».


وساله: «ما اسمك؟» فاجاب: «اسمي لجئون لاننا كثيرون».


وطلب اليه كثيرا ان لا يرسلهم الى خارج الكورة. وكان هناك عند الجبال قطيع كبير من الخنازير يرعى فطلب اليه كل الشياطين قائلين: «ارسلنا الى الخنازير لندخل فيها».


فاذن لهم يسوع للوقت. فخرجت الارواح النجسة ودخلت في الخنازير فاندفع القطيع من على الجرف الى البحر - وكان نحو الفين فاختنق في البحر. واما رعاة الخنازير فهربوا واخبروا في المدينة وفي الضياع فخرجوا ليروا ما جرى.



وجاءوا الى يسوع فنظروا المجنون الذي كان فيه اللجئون جالسا ولابسا وعاقلا فخافوا.



فحدثهم الذين راوا كيف جرى للمجنون وعن الخنازير. فابتداوا يطلبون اليه ان يمضي من تخومهم.


ولما دخل السفينة طلب اليه الذي كان مجنونا ان يكون معه.


فلم يدعه يسوع بل قال له: «اذهب الى بيتك والى اهلك واخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك». فمضى وابتدا ينادي في العشر المدن كم صنع به يسوع. فتعجب الجميع.

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

حب التزين


حكاية خيالية سأحكيها لكم.
اجتمعت الشياطين في جامعة سلطان الظلام وكل يلقي اقتراحاته لتضليل الناس.
قال الاول: لقد وجدتها. سأضع الشهوة المدنسة في قلوب الناس.
وقال الثاني: سأملأ قلب الانساني انانية وعنادا.
وقال الثالث: سأتخذ قلب الانسان مسكنا لي. و افسده. فينقلب الكذب امامه حقا، و الرذيلة فضيلة، والمر حلوا والحلو مرا والشر خيرا ..
وقال الرابع: سأجعل حب الملابس والغرور طبيعة ثانية للبشر فيصير كالقرد يفرح من منظره ويضحك جيرانه منه.
فقال الزعيم: نعم. ان ما سبق من الاقتراحات كان نافع من بعض الوجوه ولكن لم تكن بسيطة بالدرجة التي تجوز معها على عقل الانسان وتخدعه. فمهما كان الانسان غبيا او فاسدا سيبقى في داخله شعور انه مخطئ. تذكروا انه يوجد شئ اسمه الضمير يحرس الانسان. وسيعمل الله كل شئ ليرد الناس الى الطريق المستقيم. ان حب التزين شئ ما اقل ضرره! انه خدعة بريئة جدا لا يرتاب الانسان فيها. فأي شئاكثر براءة من ان يقضي الانسان وقته امام المرايا في التزين.
ثم خلع الزعيم معطفه وقال:
سأعطيك جلدي وسأجعله متعدد الالوان فيتقبله البشر ولن يظنوا قط انه جلدي المسلوخ ولن يرتابوا انه له خطرا .. سيضيع الناس اعمارهم في اتباع طريق "الموضة" الباطل وسيكون لهم كل فترة "موضة جديد" الى انتهاء العالم.

تصالحوا مع الله

اتذكر ان تناولي الاول من الاسرار المقدسة كان باخلاص او باستعداد روحي جيد، لدرجة انني اعتقدت انني اعتليت الدرجة الاولى نحو السماء، ولكنني سرعان ما رجعت عن الطريق الروحي. على باب الكنيسة نفسه كان العالم ينتظرني بطريقه الواسع السهل المؤدي الى جهنم. وكم مرة من المرات في ايام شبابي ظهر انني ملئ بالامل ان اصير صالحا ولكني لم اصر ابدا. كانت للنعمة القدرة ان تمس قلبي، ولكن الجسد كان قويا وامسكتني الدنيا ببراثنها.. اوه، ان ذكريات انصاف الجهود هذه يصحبها ندم مرير.

اتذكر ما قاله ذلك القس في عظة ذلك القداس. كانت كلماته لها القدرة علي مس القلب. كان يومها يعظنا عن الآية التي تقول "تصالحوا مع الله". يا للحسرة لقد نسيت هذه الكلمات في وقتها. كيف امكنني ذلك؟ والان هذه الكلمات تتردد مرارا وتكرارا في ذهني. لازلت اذكر كلمات تلك العظة– ولكن لا استطيع ان استعيدها بالكامل لأن هوة عظيمة تفصل بين زمان تلك الكلمات والآن وحتى تذكري لها لا يفيدني لأنها تبدو الان خالية من التعزية والتعليم، عاجزة عن ان تمنحني سلاما. هذه الكلمات تدخل عقلي فقط اما قلبي فمغلق. ويبدو كما لو كانت هذه الكلمات جوفاء او بالحقيقة انا الاجوف الخالي ولا يملأني شئ.

"تصالحوا مع الله" ترن حولي هذه الكلمات ليست كصدى من الفردوس ولكن مثل لعنة في جهنم ... تصالحوا! .. لماذا يحتم علىّ ان اسمعها ولم يعد هناك باب للمصالحة وباب للرحمة مغلق. انه لعذاب مريع!

انني مثل ذلك الغني الذي ذكره المخلص في امثاله، اتعطش الى نقطة ماء ولكن ليس من يمنحها. ابذل جهدا مضنيا من اجل اي كلمة اتذكرها فاتألم لانني لا استطيع ان امسك بها. تتراءى لحيظة قريبة مني جدا، و عندما اريد ان آخذها لنفسي تكون قد اختفت عني. وهذا المجهود الشاق هو ايضا احد عذابات الجحيم.

ربما تفهمون الآن كيف انه من الممكن ان اتكلم عن الاشياء المتعلقة بملكوت السموات، واذكر المخلص المصلوب، واتحدث عن التوبة والايمان – لكن دون ان يمسني اي نصيب من بركاتها. اذكرها بشفتي فقط بينما يملأ الحزن قلبي. هي الان مجرد مخارج الفاظ، لا معنى لها عندي. فمثلا اعرف انه يوجد "المخلص" ولكن لا اعرفه.. انها معرفة فارغة، حتى اسمه نفسه اصبحت لا اعرفه. في الواقع لا استطيع ان اتذكر سوى اثنين. اعرف شيئا عن الآب وشيئا عن المخلص، ولكن اما كان هناك شخص ثالث يعينني ان اقول "يا ابانا" و "يا مخلصي"؟ - الذاكرة تخونني وتجعل تذكر الشئ الثالث يعذبني.

اكره نفسي الان، و اعرف انني استحق ما انا فيه من عذاب ولكن ذلك الندم لا ثمر له. توبة بلا دموع مطهرة. اما عن الايمان – فطبعا اؤمن – بل محتم علىّ ان اؤمن. ولكن ايمان ميت. ألا تؤمن الشياطين؟- بل محتم عليهم ان يؤمنوا ويقشعرّروا. في الواقع هناك ثلاثة امور اجتهد ان اعيدها الى قلبي – الايمان والرجاء والمحبة ، لكن دون جدوى.

"تصالحوا مع الله"! اي قوة كانت لهذه الكلمات عندما سمعتها لأول مرة. لقد شعرت في تلك الساعة ان غرض الانسان الوحيد في حياته على الارض ان يتصالح مع الله حتى اذا تم ذلك يهرع اليه مجتازا وادي الموت.

الخميس، 16 أكتوبر 2014

المدخل


"المدخل" اسم على مسمى، هو بالحقيقة "مدخل" فانك تدخل منه، ولا تستطيع مهما حاولت ان تخرج منه ولو انه مفتوح على مصراعيه. ليس هناك منظر امعن في بعث التعاسة في النفس من مراقبة هذا المدخل!
وهذا المدخل يحيط به فراغ يملأه ضباب كثيف تعبر منه الارواح باستمرار وكلهم عرايا. لا يتميز الملك عن الشحاذ بشئ، يصل الى هنا كلاهما في عري بائس. وجميع اولاد ادم الاتين الى هنا - مهما اختلفت مراكزهم في الحياة- وصلوا عن طريق واحد- انه الطريق الواسع: الواسع في اوله والرهيب في نهايته.

خطابات


ذهبت الى مكتب البريد. اكتشفت ان هذه المصلحة لها ما يشبهها هنا ايضا في الجحيم . كل شئ موجود هنا ولا ينقصنا اي شئ هنا الا الحياة و الرجاء. ذهبت لاسأل عن خطابات..
لاشك انكم تعرفون ما حدث لاوريا (1صم11: 14، 15). يوجد اناس كثيرون يخونون جيرانهم عن طريق الكتابة. هذا السبيل معروف من قبل تاريخ هذا الخطاب الشهير المشئوم. بدأه ابو الكذابين (الشيطان) اولا. هو الذى اوحى بهذه الطريقة للخيانة كما اوحى ليهوذا بقبلته و الخيانة عن طريق الكتابة ذائعة الان في كل انحاء العالم. يوجد من يتباهون ببراعتهم في تحرير مثل هذا الخطاب و يفخرون بمهارتهم في خداع غيرهم.
فلتعلموا ان اي خطاب من هذا النوع يأتي الى جهنم على نفقة الكاتب و بعد قليل او كثير يتبعه لا المرسل اليه بل الراسل بمستثنيات قليلة -اولها داود الملك- اذ محت التوبة الحقة ما كتبه.
هذا عمل مكتب البريد هنا. من المحتقر جدا ان يرى المرء ما تحويه هذه الخطابات. لانه حتى هنا نعرف مقدار خسة هذه الكتابات. و عقاب كاتبها انه مضطر ان يداوم قراءتها باضطراب لا ينقطع.
و لا يرد الى هنا هذا النوع من الخطابات فقط. بل ايضا الوثائق الكاذبة، و الامضاءات المزيفة يوجد هنا ما لا يحصى منها.
فليحذر الناس كيف يضعون القلم على الورق. فالكتابة لها خاصية مريعة. انها تتعلق بالنفس و لا يستطيع احد ان يمحوها الا الله.