الأحد، 26 يونيو 2016

خواطر عن الصليب

موقف الكنيسة من صليب الرب يبدو أحيانا غير عادي ومثير للدهشة لاهل العالم. وبما أننا كبشر نتأثر بالحسي ربما اكثر من الروحي، فالبعض منا ربما يشارك في بعض الأحيان أيضا هذه الحيرة مع العالم. على سبيل المثال، لماذا ينظر للصليب كقوة حياة ، وربما ينظر اليه على انه غير مفهوم، ولكن الحقيقة هي ان الصليب اصبح عرش الملك "ملك الرب على خشبة". الصليب اصبح فخر المؤمنين "اما انا فحاشا لي ان افتخر الا بصليب يسوع المسيح". الصليب اصبح موضع تطلع المؤمنين "انتم الذين رسم امام عيونكم يسوع المسيح واياه مصلوبا"


وعلاوة على ذلك، فإن الكنيسة تؤكد بجرأة هذه الحقائق المذهلة وهذه: "إن الصليب هو بركة العالم كله؛ الصليب هو جمال الكنيسة والصليب هو جبروت الملوك. الصليب هو حصن المؤمنين، الصليب هو مجد الملائكة وسلاح المسيحيين، الصليب هو قاهر الشياطين ".

خواطر عن شهداء مصر الاقباط في ليبيا


لماذا لا تبكوا، او تتوسلوا لأولئك الذين هم على وشك قتلكم، ان يطلقوا سراحكم؟ لماذا لم ترضخوا لمطالبهم؟

هل لم يقترح عليكم أن تنكروا المسيح؟

هل لا تخافون الموت ؟! من أين حصلتم على هذه الشجاعة؟

ما هو التدريب اللاهوتي الذي حصلتم عليه؟ من اي إكليريكية تخرجتم؟ ما الدير الذي كنتم تترددون عليه؟ ما الرتبة الدينية التي حملتموها؟

اخبرونا ، كيف لا تهابون الموت؟ أنا لا أعرف سركم.

هل رأيتم المسيح؟ ربما سمعتم به؟ حقا، أنا لا أعرف. الشيء الوحيد المؤكد هو أنه عندما كنتم تنطقون هذه الكلمات الأخيرة، تلك الكلمات الحلوة "يا ربي يسوع المسيح." انكم كنتم ترونه في مجده.

السبت، 25 يونيو 2016

سبحوا الرب


ما أسعد الحياة الأبدية وما أهنأها. فلا مثيل لها.
فيها لن نجد عدواً ولن نخسر صديقاً.
من هنا وهناك نرفع التسابيح لله .
ولكن من هنا ترتفع التسابيح بأصوات قلقة،
ومن هناك ترتفع بأصوات مطمئنة ،
هنا يسبحه من سوف يموتون ،
وفي السماء يسبحه من يحيون إلي الأبد .
هنا يسبحونه بالرجاء ،
وهناك يسبحونه متمتعين بمشاهدته .
هنا يسبحونه في الطريق،
وهنالك يسبحونه في الوطن .
أنشد الآن لكي تتعزيّ في التعب ،
لا لتتمتع بجمال الراحة ،
أنشد كما تعودّ المسافرون أن ينشدوا،
أنشد وسرْ وخفّفْ بترانيمك من تعبك.

القديس اغسطينوس

الجمعة، 17 يونيو 2016

لكل شئ وقت


أصبح كلا من انثى فيل وانثى كلب يحملان مولودا في نفس الوقت . بعد ثلاثة أشهر ولدت انثى الكلب ستة جراء. وبعد ستة أشهر كان الكلب حاملا مرة أخرى، وبعد تسعة أشهر أنجب مرة آخرى ستة جراء فاصبح لديه اثني عشر من الجراء. استمر الامر هكذا.
في الشهر الثامن عشر سأل الكلب الفيل، "هل أنت متأكد من أنك حامل؟ لقد أصبحنا حاملين في نفس التاريخ، ولقد أنجبت ثلاث مرات وقد نمت جرائي الآن لتصبح كلابا كبيرة، ومع ذلك لا تزال انت حاملا. ماذا يحدث؟ ".
أجاب الفيل، وقال "هناك شيء أريد منك أن تفهمه. ما أحمله ليس جروا لكن فيلا. أنا ألد فيلا واحدا بعد فترة حمل تبلغ عامين. عندما يضرب طفلي بقدمه على الأرض، الأرض تشعر به. عندما يعبر طفلي الطريق، البشر يتوقف البشر عن السير ويتطلعون اليه في إعجاب، ما احمله كائن يلفت الانتباه، ما احمله كائن كبير وعظيم. ".
==
لا تفقد الثقة عند رؤية الآخرين يحصلون على ما يريدونه بسرعة.
لا تحسد الآخرين. إذا لم تكن قد حققت تطلعاتك الخاصة، لا تيأس. قل لنفسك "ان وقتي قادم، لكل شئ وقت. وعندما يخرج للنور ما احاول انجازه ستنظر الناس اليه في الإعجاب."

الجمعة، 3 يونيو 2016

هل تقاتلون من اجل الله؟

امر الله جدعون - وهو احد قضاة بني اسرائيل- ان يهدم مذبح البعبل ويكسر السارية التي عنده، فاطاع جدعون امر الرب ولكنه فعل ذلك ليلا لنه خاف من سكان القرية.. و حينما عرف الامر تجمع عبدة البعل حول بيته طالبين قتله... خرج اليهم ابو جدعون فطلبوا اليه تسليمه لهم، فقال لهم ابوه هذه العبارة:
 "هل تقاتلون من اجل البعل، ام انتم تخلصونه؟".
وربما كان في القصة ايضا، المشهد التالي: حينما تجمع اهل القرية حول بيت جدعون، خاف خوفا شديدا وانكمش جدعون على نفسه في ركن غرفة مظلمة من غرف البيت، وقد احكم غلق الباب، وعاش لحظات خوف وهلع شديدان. وربما يكون قد جال في عقل جدعون صورا مخيفة مثل: ها هم يمسكون به، و يذيقونه من الوان العذاب كؤوسا مترعة ثم اخيرا يقتلونه و.... و...
وربما عاتب ايضا الرب هذه الكلمات: "لقد نفذت يارب ما طلبته مني. لقد كسرت البعل وهدمت مذبحهها هم يكتشفون الفاعل. لماذا لم تخف امري عنهم؟ وهل يارب ستتركني اقتل بأيديهم؟"
العجيب ان الازمة انتهت نهاية غير متوقعة. انصرف هؤلاء الغوغاء بمجرد ان سمعوا من ابيه هذه العبارة:
 "هل تقاتلون من اجل البعل، ام انتم تخلصونه؟".
 كان هذا سؤالا استنكاريا - يعتمد على المنطق- وكان كفيلا بحل المشكلة.
لقد الله اراد بهذا الموقف ان يتقوى ايمان جدعون، ويعده بالتالي لمهام اعظم تتطلب منه ايمانا اعمق ..
نفس السؤال نوجهه للارهابيين اليوم: هل تعتقدون انكم تقاتلون لاجل الله؟ هل تحمون الدين بافعالكم هذه؟ هل تظنون ان حماية الدين تكون بافعال بشرية؟
من يقرأ التاريخ، يعرف ان روسيا رغم امتداد الحكم الشيوعي فيها سبعون عاما، ورغم ما فعلته ميلشيات الالحاد من انتهاكات شديدة، لم تنطفئ فيها جذوة الايمان بالله. وكذا الحال في كل البلاد التى طالها المد الشيوعي مثل: رومانيا (بين عامي 1947 و 1989م)، والحبشة (بين عامي 1974 و 1989م)..
ان حفظ الايمان بالله بين البشر، لا تحميه قوانينا وضعية مكتوبة في سجلات ورقية، بل نواميسا الهية محفورة في الاذهان والقلوب.

لمحات من حياة ابونا مرقس داود


كان ابونا "مرقس داود" يدلي برأيه في صوت خافت رقيق وفيما يشبه الاعتذار عن تفوقه الواضح في النقاش. وحكمة هذا الرجل المبارك الذي يشرك تلاميذه بطريقة تربوية رائعة في كثير من انتاجه الوفير لتعليمهم واعدادهم لخدمة كنائسهم. في ترجمة القداسات الاثيوبية.


كان تعبيره الذي يوجه به رسائله لكل ابناءه هو "ابني الحبيب.. قبلاتي الحارة واشواقي الروحية الوافرة، ارجو من الرب يسوع ان تكون في ملء صحة الروح والنفس والجسد". هكذا كان فكره واسعا عارفا بان اي عنصر من الثلاثة اذا اختل فانه يخل بالباقين لذلك سبق عصر العلم الذي قنن هذا في المدارس الحديثة حيث يعالج الانسان بفريق من الاطباء الجسديين والروحيين وايضا المرشدين الروحيين.


كانت الصلوات ممتزجة بروحه في الانسان الباطن، فاذكر اننا ونحن نودعه وكان في غيبوبة المرض الاخير- قائلين له "سلام يا ابانا" كان يرد وهو غير مدرك لشئ مما حوله قائلا "ولروحك ايضا وكأنه في قداس الهي.


ما رأيته مرة منصرفا عن الاستماع، مطبقا قول الرب "لان الاستماع افضل من تقديم الذبيحة" .. كان يستمع للطبيعة والناس والكتب المقدس. لذا فقد امتلأ، وملأ الكثيرين.


كانت من عادة ابونا "مرقس داود" ان يصلي قبل الطعام قائلا: 
يارب نشكرك لان كثيرين لهم صحة وليس لهم طعام. واخرون عندهم الطعام وليس عندهم الصحة ليأكلوه. فنشكرك يا رب لانك اعطيتنا الاثنان معا. فليكن اسمك مباركا. امين


وكان كثيرا ما يردد القول المأثور: 
نحن اناس لا نأكل حتى نجوع. واذا اكلنا لا نشبع. 


كان اذا احد اشار الى لبسه يرد بقول الشاعر: 
اذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه فكل رداء يرتديه جميل


راودتني مرة فكرة نحوه بسبب منظر بيته الذي اعتبرته فاخرا .. وحينما انقشعت الفكرة من ذهني تأملت في كل ما هو حولي فاذا هو عتيق قديم، فمكتبه الذي ظننته فخما، هو ذاته مكتبه منذ ستون او سبعون عاما. وهكذا مكتبته واثاث بيته، ولكنه كان يعيش كمن لا يعيش، يستخدم ما حوله من مقتنيات بحرص شديد، وكأنه يريد ان يكون بخارا خفيفا على كل شئ حوله. 


في كل مرة تجلس فيها معه، تشعر بأنه عقلية جبارة مرتبة للغاية. لقد سلم ابونا مرقس حياته لله، فقام الله - تبارك اسمه – بترتيبها. 


كان كثيرا ما يقول: 
ان عمل اب الاعتراف الاساسي هو اعادة بناء الشخصية كي تتوافق مع الله ومع ذاتها ومع الاخرين. 


احب الطبيعة جدا لانها تظهر يد الله ذاته، بل هي تشهد لعظمته وقدرته الفائقة. احب الرحلات والخلوات الروحية بين احضان الطبيعة..كان ينظر للعالم نظرة مستبشرة دائما، نظرة تعكس مدى صفاء نفسه، فكان يرى الخير في كل الامور، كان يرى ان العالم يخدم خطة الله للخلاص.. كان يرى يد الله تقود العالم بما فيه نفسه هو .. كان الله ممسكا بدفة حياته، وكان هو سعيدا بذلك.


البعض يظن ان المعجزات هي مقياس القداسة والبرهان الوحيد عليها. ولكننا نرى القديسين امثال اثناسيوس وكيرلس وديسقورس. ومعاصرين مثل القس منسى يوحنا والقمص بيشوى كامل والقمص ميخائيل ابراهيم، انهم لم يكونوا رجال معجزات، بل رجال تعليم ورعاية.


جلسنا مرة نتحدث عن الملكوت والكنيسة الجامعة، ومن هو المستحق له. فسألني ابي:
"هل تظن ان الناس الذين نشروا الانجيل وترجموه الى كل لغات الارض سيهلكون" فرددت الاجابة التقليدية الضيقة. فزجرني قائلا "لو كانت هنا عصا لضربتك". من نحن حتى نحكم ان هذا يدخل للملكوت، او هذا لا يدخل. وقص لي قصة المتنيح حبيب جرجس حينما سأله احدهم "هل يدخل البروتستانت الملكوت" فاجابه قائلا "لم يعطني الله مفتاح الملكوت لافتح لمن اريد واغلق لمن لا اريد. الله له مقاييس تختلف عن مقاييس البشر". 


كان كثيرا ما يردد هذه العبارات :
دعونا ننفذ وصية الرب يسوع "لنذهب الى القرى والحقول المجاورة لاني لهذا اتيت"


قل لاخيك انا ارى الامر هكذا وان كنت انت تراه غير ذلك، فليكشف لنا الله الرأى الصحيح. 


هناك سحب تمر على الارض مر الكرام خفيفة سريعة تملها اي ريح الى حيث تشاء دون ان تؤثر بشئ. وهناك سحب اخرى محملة بالمطر فتمر على مساحات شاسعة، حيث تغمر كل جزء منها بمياها تشيع الخير في كل مكان تمر فيه. واذا كانت حياتنا بخار يظهر قليلا ثم يضمحل، فان ابينا استطاع بنعمة الله ان يحول هذا البخار الى سحب متكاثفة، بقدر ما تعرض لنور الشمس الساطع الذي زوده بكل طاقة الحياة.

وتقول ابنته عن لحظة انتقاله "اغمض ابونا عينيه لينام في هدوء وسلام، وهو يهمس: اشكر المسيح. كنت اصرخ متعجبة، واقول: يا سلام! هو الموت سهل كدة! انا لن اخاف من الموت بعد ذلك، بل سأقول مع ابي الحبيب اين شوكتك ياموت؟"

الثلاثاء، 31 مايو 2016

اقامة ابن المرأة الشونمية

"دخل اليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره. فدخل واغلق الباب على نفسيهما كليهما وصلى إلى الرب. ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدد عليه فسخن جسد الولد. ثم عاد وتمشى في البيت تارة إلى هنا وتارة إلى هناك وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح الصبي عينيه". (2مل4: 23-35).

السبت، 28 مايو 2016

دعونا نرفع رؤوسنا من الرمال

دعونا لا نتشبه بالنعام وندفن رؤوسنا في الرمال
ونعترف اننا نرزح تحت ثقل المصائب والاهوال
ونربو في مناخ يعج بالفوضى والفساد ويسوده الاهمال
دعونا لا ندعّي اننا قد حققنا في يومين ما لم يحققه غيرنا في اعوام
واننا قد احرزنا قصب السبق في كل مجال
واننا قد اثرينا الحضارة الانسانية حقا وبلا جدال
واننا منطلقون الى الرفعة و المجد والجلال
وان قنواتنا الاعلامية وصحفنا القومية تنشر الوعى والايمان
وتبث الخبر في اللحظة والتو وتوثّقه للاجيال
ونناقش كافة قضيانا بلا تهوين ولا تهويل بل باتقان
وبصدق وحرفيّة تبهر العالم بما يفوق الخيال
وان في مصر تفتقت معرفة وعلوم مقارنة الاديان
سبقنا بها الغرب وجعلتنا نحيا في رغد واطمئنان
دعونا نكف عن الادعاء والعيش في قصور الاوهام
***
دعونا نطوي عهودا من التسيب والاهمال
دعونا نحرك قوافل لوأد الفتن ونشر السلام
دعونا نبني ما احرقه وهدّمه الجهال
وننشر قيم الفضيلة والخير والجمال
ونعلي قيمة العلم والحق فوق المال
دعونا نواكب ركب امم سبقتنا باجيال
دعونا نعلن للملأ ان مصر بلد الامن والسلام
وانه لن تهن عزيمتها صروف الدهر وتعاقب الايام
دعونا نقدم صورة عما بها من مواطن الجمال
دعونا لا ننسى ان الخير والشر معا
في صراع الى الابد على مدى الاجيال
دعونا نصبو للغد ونتطلع الى تحقيق الاحلام
وننسى ما ألم بنا من مصائب وننطلق الى الامام

الاثنين، 9 مايو 2016

الصمت .. النوم


سأبدأ مقالي بمقولتين، الاولى تقول "ان عدم القدرة على الصمت يستنزف كثيرا من طاقاتنا و عواطفنا. والحقيقة ان الصمت للعقل بمثابة النوم للجسم".
اما الثانية "اين هو صخب اصدقاء السوء الذين احاطوا بك قبلا؟ لقد صار جميعهم أشبه بخيالات الليل، وأحلام تبددت ببزوغ النهار. لقد كانوا أزهاراً ربيعية زيلت بانتهاء الربيع. كانوا ظلاً وقد عبر. كانوا دخاناً وتبدد. كانوا فقاعات وانفجرت. كانوا نسيج عنكبوت وتهرأ إرباً".
من هنا تقتضي الحكمة في التصرف ان نميز بين الاجتهاد وبين العمل فوق الطاقة over work . وبين الكسل وبين الحاجة الى الراحة. كما نوازن بين الطموح وبين التعب الباطل. نفس الامر ينطبق على الكلام والصمت.
احد الحيوانات الغريبة هي حيوان الكسلان. عندما أذهب إلى حديقة الحيوان لا أستطيع الانتظار للوصول إلى المكان الذي يضم حيوان الكسلان. هل يمكنك مشاهدة حيوان الكسلان لساعات؟ هل تعلم أنهم ينامون من 15 إلى 18 ساعة في اليوم؟ هل تعلم أنهم من أبطأ الثدييات المتحركة في العالم؟ انه يتحرك ببطء. في حديقة الحيوان يمكننا مشاهدة حركات النمر السريعة المضطربة ذهابًا وإيابًا. يمكننا الاستمتاع بمشاهدة القرد يتأرجح في قفصه. يمكننا حتى مشاهدة الفيل لفترة من الوقت بسبب حجمه الهائل. لكن ليس حيوانات الكسلان. إنها بطيئة للغاية ، وكسولة للغاية ، ولا تفعل الكثير.
الموضوع الذي سننظر إليه اليوم هو موضوع الكسل. من المثير دراسة هذا الموضوع لأنه بصراحة لا أحد يحب أن ينظر إلى الكسل، و الكسول، مثلما لا أحد يريد مشاهدة الكسل في حديقة الحيوان. ومع ذلك ينبغي لنا قضاء بعض الوقت للتأمل في هذا الامر
 الكسل هو واحد من الخطايا السبعة المميتة. بالفعل في وقت مبكر من تاريخ الكنيسة وضعت هذه القائمة من الخطايا معا. لم تكن الخطايا الوحيدة في جميع أنحاء العالم، لكنها كانت الخطايا الأساسية والخطيرة لأنها يمكن أن تتسبب في خسارة الحياة الأبدية. ومن ثم ، فهي خطيئة مميتة. من المهم أن نكون على علم بها وخطرها المحتمل. معظم تلك الخطايا مشهورة.
الكبرياء ، عادة ما يوضع في اول القائمة، انه أول خطية واكبرها لانه "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح". هذا هو سبب سقوط ابليس وسبب سقوط آدم وحواء في جنة عدن. أرادوا أن يكونوا مثل الله وكان ذلك حقا مميتا. كان الموت عقابا لهذه الخطية.
 الغضب عادة ما يكون بالكلام ويلاحظ بسهولة.
الشهوة، يتم تشجيع الشهوة في كل مكان في وسائل الإعلام اليوم.
إن الحسد والجشع والشراهة هي خطايا المجتمع المادي اليوم.
لكن الخطية الأقل شهرة من كل ما سبق هي الكسل. ربما تكون آخر خطية يود اي واحد ان يعترف بها. لا نريد أن نسمي انفسنا كسالى وان نوصم انفسنا بهذه الخطية، ولا نحب الكسل في الآخرين. لكنها خطية قد تكون سائدة في حياتنا.
دعونا نتأمل في موضوع الكسل كما جاء في سفر الأمثال. سفر الأمثال يدعونا الى العيش بحكمة في هذا العالم. انه يمس الحياة العملية اليومية. لدينا بعض الاعداد حول الكسل الذي أصبح عادة في حياة البعض. انها اعداد تتحدث عن الشخص الذي أصبح كسلانا
 دعونا نبدأ بقراءة الأمثال 6: 6-8: "اذهب إلى النملة ، أيها الكسلان ، فكّر في طرقها وكن حكيماً! ليس لها قائد، ولا مشرف أو حاكم ، ولكنها تخزن اكلها في الصيف وتجمع طعامها في الحصاد ". انظر إلى النملة وسترى أخلاقيات عمل جيدة جدًا. صوروا لأنفسكم مستعمرة من النمل. يبدو أنهم يعملون دائما في تعاون. انهم مشغولون دائما، يسيرون في مكان ما، إلى جهة ما. لا تبدو حركتهم عشوائية ولكنها ذات غرض معين وتخضع للتوجيه. ضع عقبة في طريق النمل وعلى الفور يحاولون إيجاد طريق العودة إلى الطريق الذي كانوا فيه. في كثير من الأحيان تجدها تحمل الأشياء. ليس من غير المعتاد أن تكون الأشياء التي يحملونها أكبر مما هي عليه. لا يحتاجون إلى بعض الرؤساء لملاحظتهم في عملهم. هم طموحون ولهم دوافع ذاتية. انهم يعملون في الوقت المناسب. كما يقول المثل ، يخزنون اكلهم في الصيف. ليس في فصل الشتاء أو خارج الموسم عندما تكون الظروف صعبة للغاية. انهم يعملون عندما تكون هناك فرصة. هذا في وقت الحصاد. هذا عندما يكون الطعام متاحًا. النملة هي صورة العمل الدؤوب. سيكون مفيدا للكسلان النظر إلى النملة.
"الى متى تنام ايها الكسلان. متى تنهض من نومك؟"(ام6: 9).
"عبرت بحقل الكسلان وبكرم الرجل الناقص الفهم فاذا هو قد علاه كله القريص وقد غطى العوسج وجهه وجدار حجارته انهدم32 ثم نظرت ووجهت قلبي.رايت وقبلت تعليما33 نوم قليل بعد نعاس قليل وطي اليدين قليلا للرقود34 فياتي فقرك كعداء وعوزك كغاز"(ام24: 31)

الجمعة، 18 مارس 2016

شهادة رائد فضاء


كلمة الكولونيل جيمس اروين عن رحلته الى الفضاء في 26 يوليو سنة 1971م:

لقد احببت الطيران والطائرات منذ نعومة اظافري. وكانت لي فرصة لدراسة الطيران، واصبحت طيرانا محاربا.. واخذ حبي للطيران يزداد حتى وصل بي الامر اني تمنيت لو اتيحت لي الفرصة ان اطير بكل انواع الطائرات. وتحققت امنيتي اذ اخترت لاجرب اسرع واعلي طائرة في العالم. فكنت بذلك فخورا بل اقول مغرورا ، وكان علي ان ادرك انه بعد هذا سيأتي السقوط لان "قبل الكسر الكبرياء" وكان هذا ما حدث فعلا. اذ كنت مع بعض الطلاب في طائرة بسيطة وصغيرة، فاذا بها تسقط ولولا تدخل عناية الله لاصطدمت بالارض واحترقت. اصبنا جميعا اصابات بالغة . استيقظت لاجد نفسي فوق سرير بمستشفي. كنت منذهلا. كيف يحدث هذا لاعظم طيار؟! حينئذ توجهت بقلبي الى الله وقلت "انت رفعتني عاليا جدا، وها انت تنزل بي الى اقل درجة. انا اعلم لماذا سمحت بهذا؟ وعلى سريري صليت بهذا طالبا الفهم والشفاء والخلاص. 

واستجاب الله لدعائي وعدت مجددا للحياة بسرعة. لقد كان وراء محبتي للطيران محبتي الاماكن العالية اذا اشعر هناك بانني اقرب الى الله. فبعد شفائي وخروجي من المستشفي استطعت ان اقنع المسئولين بسلاح الطيران بانني قادر على التحليق في السماء مرة اخرى. وقد تم هذا بعد اربعة عشر شهرا.

كانت هناك قائمة باسماء طيارين اخرين، الى ان وصلت الى مرحلة قيادة الطائرة السريعة جدا والتي بها اصبح الانسان اقدرعلى التحليق في الفضاء، وكانت روسيا ايضا قد نجحت في ذلك سنة 1957. وكانت الولايات المتحدة تسعى نحو الغرض. وكان طبيعيا ان تستثيرني هذه الفرصة فقدمت طلبي لكي اصبح رائا للفضاء. وتكرر هذا الطلب اكثر من مرة حتى كانت سنة 1969 حين بدأت تدريبي كملاح فضاء، واصبحت احيا حياة مختلفة كل الاختلاف عن الحياة التي عشتها من قبل.. واستمر التدريب ما يقرب من خمسة اعوام.

لقد كان تدريبا شاقا في مجالات مختلفة، كان تدريبا لجسدي ولعقلي ولروحي، الا انني كنت اطلب في صلواتي اليومية من الله ان يعينني على هذه التدريبات.

ولقد استجاب الله ففي يوم 26 يوليو 1971 انطلقت في رحلة للقمر. انها لحظة حاسمة.. لقد خطط لهذه الرحلة اعظم العقول ، ولكن الاعظم من هذا اننا كنا ندرك انه تساندنا صلوات من جميع انحاء العالم، فكان لابد مه هذه الصلوات ان ننعم باعظم رحلة.

الى اليوم الذي كانت فيه رحلتي الى الفضاء. 

كانت فعلا اعظم رحلة، ما اجملها مناظر ولكن الاجمل منها جميعا منظر الكرة الارضية اذ ننظرها كرة صغيرة معلقة في الفضاء.مضاءة بالوانها الزاهية الطبيعية، الوان الرمال والصحاري والجبال وزرقة المياه وبياض السحاب، بدأت وكأنها قطعة من قطع الزينة التي تعلق على الشجرة. لقد شاهدناها تنكمش في حجمها الى حجم كرة القدم الى حجم البرتقالة الى حجم الليمونة.
لقد فكرت طويلا، كيف ان كل اهتماماتنا وامالنا معلقة بهذا الجزء الصغير! لقد احسست بتغير كلي في داخلي، ان هذا المنظر يدفع الانسان الى اعادة تقديره للارض ووضعها في حجم الحقيقي، والوقوف على حقيقة قدر عظمة الله وحكمته وقدرته، اذ انه يتحكم في هذا كله.
على العموم فقد استغرقت رحلتنا ثلاثة ايام، الى ان نزلنا على سطح القمر في واد بين ثلاثة جبال. لقد ألقت الشمس باشعتها الذهبية عليه .. احسنا بالسعادة والجديد في احساسي في هذا المكان انني شعرت ان الله كان هنا. لذا كنت اشعر بسرعة استجابة الله لصلواتي التي كنت ارفعها خاصة كلما صادفتني مشكلة ما. لقد كنا مكلفين من العلماء باحضار صخر ابيض وهي الصخور المميزة للقمر. وحينما رأينا ان جميع الصخور مغطاة بالرمال، ادركنا اننا نواجه صعوبة في تنفيذ ما كلفنا به.. ولكن شاءت عناية الله ان لا يضيع تعبنا باطلا، تطلعت فوجدت صخرة بيضاء عند منخفض صغير مكشوفة امامنا وكأنها تصرخ "هانذا خذوني". لذا فقد اسميناا صخرة التكوين. هذه اذن اقدم الصخور التي وجدت في هذا الكون . وتذكرت الاية التي تقول "ارفع عيناي الى الجبال من حيث يأتي عوني".

لقد كان اختبارا عظيما في حياتي ان اخطو فوق القمر.ولكني حينما عدت الى الارض ادركت ان الله قد اعدني ليوجهني الى خدمته. لقد سمح الله ان اذهب الى القمر ثم اعود الى الارض لاتشارك مع الاخرين هذا الاختبار، وان اعلن مجده وقدرته لكل انسان. لقد تكلم الله في العالم الخارجي والفضاء الخارجي، افما يتكلم الله في داخل الانسان!! ان رسالتي اليكم بسيطة وفحواها "ان الله موجود وحي ، ليس فقط على ارضنا هذه بل وفوق القمر. انه يستجيب لمخلوقاته في جميع انحاء العالم. واينما ذهب الانسان سيجد الله لانه موجود في كل مكان. ولكن اهم ما اريد ان اقوله هو "ان الله يحب كل منا. يريدنا جميعا ان نحيا معه. انه يحبك ويحبني ويريدنا ان تمتع بالحياة الحقيقية الاخرى. ان حياتنا لها اصل ومعنى. ولكي نتمتع بهذه الحياة لابد من معرفته وان ندعه يسكن في قلوبنا"


تعليق قداسة البابا شنودة الثالث على كلمة الكولونيل جيمس اروين:


اود باسمكم جميعا ان اشكر الكولونيل جيمس اروين على محاضرته.. انكم تتأثرون عندما تسمعون كلاما روحيا من رجل دين ولكن عندما تسمعون كلاما روحيا من غير رجال الدين يكون له تأثير اكبر.

الارتفاع عن الارض بالطائرة العادية اعطاه التأمل في الارتفاع عن الارض الى السماء الحقيقية. ونحن نشكر الله ان هذا الطيار له هذا الايمان العميق. لقد تكررت كلمات المسيح كثيرا على فمه. الكتاب المقدس هو صخرة اعظم من كل صخور القمر. والروح اهم من المعرفة، والحياة الروحية اهم من العالم. بالنسبة للروحيين العلم يعطيهم عمقا اكثر. فكلما زادت معرفة الانسان وجد نفسه صغيرا ضئيلا امام معرفة الله.

لقد عرف المسيح منذ الثانية عشرة من عمره، وتدرج في محبته من صغره. وحسنا ان الله اختار هذا الانسان التقي ليصعد الى السماء. ان الله يعلن نفسه لمحبيه. ويعلن نفسه للذين يحبونه بقلب متضع.

كل شئ طاهر للطاهرين. العلم يمكن ان ينفخ البعض ويمكن ان ينفع البعض الاخر. رحلات الفضاء يمكن ان تملا البعض غرورا وتملأ البعض الاخر محبة لله. انسان يعلو فيمتلئ غرورا واخر فيعلو ليزداد حبا لله. لقد استطاع العقل البشري ان يصل الى القمر. لكن لا يجب ان ننسى ان هذا العقل من صنع الله. ان الله هو مصدر الفهم وهو مصدر حياتنا كلها.

المدخل الى الكتاب المقدس



انه اعجب كتاب في العالم، لا يوجد كتاب اخر في العالم يماثله. وهو اعظم الكتب واوسعها انتشارا، وهو اعمق الكتب اثرا في حياة البشر، واشدها تأثيرا، هو احب الكتب للناس وهو ابغضها الى البعض الاخر. وقد صادروه واحرقوه، ولكنه حي لا يموت.
يحوي بين دفتيه اعجب الحوادث التاريخية ولكنه ليس كتاب تاريخي.
هو ذخيرة من الحق في التمييز بين الصواب والخطأ، ولكنه ليس مرجعا من المراجع الاخلاقية،
انه يخوض الى اعمق مشاكل الحياة، ولكنه ليس كتابا فلسفيا.
انه كتاب شرقي، ولكنه جامع شامل ، دعوته موجهة الى كل العالم.
بسيط في عباراته بحيث يستسيغه الطفل الصغير، ولكنه عميق في معانيه بحيث بحيث يعجز ابرع العلماء عن الالمام باسراره.
انه يكوّن وحدة فريدة، مع انه اسفار عديدة كتبها اشخاص عديدين بالوحي، في اجيال متعاقبة من التاريخ ، وباساليب مختلفة من صيغ الكلام.
كتاب قديم ولكنه يصلح لكل عصر وجيل.
قد خلا من الاعجاز اللفظي ولكنه جذاب في حلاوته وبساطته وعميق في معانيه ومطالبه.
ما هذا الكتاب وما سره؟ انه اشبه بعمل الله في الطبيعة، جبالها الراسيات، واوديتها الخصيبة الزاهرة- اذا ما قورنت بالمدن التي تشيدها يد الانسان، لانه يحمل في صفحاته طابع يد الخالق القدير.
في العهد القديم يستتر العهد الجديد، وفي العهد الجديد ينكشف القديم.
انه يحوي 39 سفرا، كتبت تباعا، فقد بدأت بذرة دقيقة، وغرست هذه البذرة في باطن الارض ثم راحت تتغذى حتى صارت جذورا وسيقانا واوراقا واخيرا تفتحت عن هذه الازهار التي تستلب الابصار،وقد كانت في نموها هادئة لا حركة فيها ولا صوت يسمع لها. ونحن نعلم الاطوار التي مرت بها. ولعل هذا نموذج لما يفعله الله بنا ، هو يصنع الاشياء رويد رويدا، خطوة خطوة، وطورا بعد طور. بل هذه هي الطريقة التي اعلن لنا بها ذاته في الكتاب المقدس. ولكل انسان قسط من معرفة الله، ولكن معرفته الكاملة تفوق طافة العقل البشري. وليس هذا مرد الى نقص في الله، حاشا! انما هو نتيجة طبيعية منطقية لطبيعة الذات الانسانية. نحن بشر ضعاف في الحول والطول، ناقصون في العقل والفكر، وافضل ما فينا يمتزج بالادنى والاسوأ. نحن اشبه باوعية صغيرة لا تسع الا قليلا قليلا من حكمة الله ومحبته التي لا نهاية لها. ولو ان معرفة الله اقتحمت علينا اقتحاما، وارغمنا عليها ونحن غير اهل لها، لضاعت وذهبت عصافة تذريها الريح
والله مستعد دائما ان يعلن ذاته للانسان، ولكنه يقسط هذا الاعلان على قدر ما يستطيع الانسان ان يهضم من هذه المعرفة. والانسان يستزيد على مدى الاجيال من قوة العقل والقلب والنفس، واحيانا يتمرد الانسان ، وعلى حسب هذا يكون كل جيل افضل او اردأ من سابقه.
وهذه حقيقة افصح عنها السيد المسيح لتلاميذه يوم قال "ان لي امورا كثيرة لاقول لكم ولكنكم لا تستطيعون ان تحتملوا الان" ويسوع يقول هذا الكلام عينه اليوم. لاننا دائما ننال من معرفة الله على قدر ما نحتمل.
وفي العصور القديمة كانت معرفة الانسان لله كثيرا ما شابها قصورا. وكثيرا ما عجز البشر عن ادراك طبيعة الله وفهم مقاصده. ولكن بذرة المعرفة كانت قد غرست في قلوبهم واستمر على كر السنين التهذيب والترويض والتلقين والتعليم حتى ظهر اعلان الله الكامل في شخص يسوع المسيح الذي "فيه يحل كل الملء".
على ان يسوع المسيح لم يجئ الى عالم خال من اسباب المهيئة لمجيئه. ولو فعل ذلك لتعذر على الناس ان يدركوا ذاته واعماله وتعاليمه. وقد استغرقت تربية الانسان واعداده لقبول هذا الاعلان الكامل مئات السنين واستوعبت اسفار العهد القديم اطوار القصة كلها. وقد اتخذ الله امة صغيرة، التي نسميها العبرانيين او اليهود، وجعلها بمثابة مدرسة لتلقين هذا الدرس. واعلن الله ذاته شيا فشيئا واستغرق كل طور مئات السنين ، اذ اننا نحن البشر بلداء الفهم، وكثيرا ما عجزنا عن استيعاب اصحاب المنى والاحلام. الى ان اصبح الانسان مستعدا للزمن الذي"صار فيه الكلمة جسدا وحل بيننا" هذا هو "ملء الزمان" وقمته. فيسوع اذا هو قلب الوحى الالهي.
حبيب سعد