كان فصل الصيف بالنسبة لالين ايضا مليئا بالاحداث.عمل الاستاذ نيقولاس بجد عظيم، شاعرا ان ايامه قاربت على الانتهاء. وكان محتاجا الى مساعدة الين. الكتاب العلمي الذي كان يعد تتويجا لعمله احتاج فقط الى عدة اسابيع من العمل حتى يكتمل. العجلة كانت مطلوبة، اذ انه ربما لا يبدو انه سيكون في امكانه ان يقوم بهذه الرحلة العلمية مرة اخرى. لذا فانهما عملا يوميا من الصباح الباكر الى المساء، واضعين في هذا الكتاب القيّم كل جهودهما الثمينة.
كان الاستاذ منهمكا جدا في عمله وفي اشياء اخرى، لدرجة انه لم يلاحظ ما ظهر على الين من ارهاق الشديد. وفي الواقع هي لم تشتكي ابدا، فقد اعتقدت انه اذا عملت بجهد اكبر طوال اليوم، سيقل الوقت الذي تشعر فيه بالوحدة.
"لكن انا وحيدة" هزت رأسها "انا احب عملي، واريد ان اساعد، الاستاذ لكن هذا لم يعد يرضيني. اتساءل ماذا سيعتقد الاستاذ لو عرف ان كل تفكيري ليس هنا في المعمل لكن في الخارج مع شاد. لو فقط يمكنني ان اذهب معه".
كتابة الخطابات له ساعدها لكن ليس كثيرا. كل خطاب تلقته الين جعلها شديدة الارتباط بزوجها، خاصة وهي تقرأ اشتياقاته لها. مرات كثيرة كتبت خطابات طويلة له ترد فيها عليه، وتبث فيها كل حبها له. لكن الخطابات اخافتها عندما اعادت قرآتها وفي النهاية كانت تحرقها، مرسلة الى شاد بدلا منها خطابات اقل طولا، مكتفية بابداء ملاحظات تخبره فيها عن عملها واعجابها باستاذها. صحيح انها عرفت انها لن ترضي شاد وتشبع نهمه لمعرفة اخبارها، لكنها على اية حال لا تستطيع ان تكتب بطريقة اكثر مودة بدون ان تكسر الحائط الذي اقامته بينها وبينه.
قالت الين لنفسها بينما تنهي اعادة قراءة واحد من الخطابات الطويلة التي لم ترسلها قط. "ماذا لو عرف شاد هذا". واستطردت "انه سوف يأتي في القطار التالي ويعانقني ويرجعني معه بدون ان ينصت لكلمة اقولها. سأستمر فيما انا عليه". هزت رأسها وبدأت تكتب خطاب مختلفا اكثر عن سابقه متفكرة "سوف اوضح له اكثر عندما اراه ثانية".
ذات صباح في منتصف شهر سبتمبر دخل الاستاذ نيقولاس الى المعمل ليجد الين منهمكة في عملها. "حسنا، انسة الين. لدي اخبار جيدة لك".
"ما هي – هل انتهيت من الكتاب؟"
"يمكن ان ننتهي منه الان بشكل مرض تماما. دعينا نغادر المعمل الان. اخبريني كم يستغرق منك الاستعداد للسفر؟".
اجابت بابتسامة علت ملامحها. "اوه، غدا- اليوم.. دعنا نذهب الان!"
"حسنا، سوف نرحل بمجرد ان تنتهي من الترتيبات اللازمة. اعتقد انك تتلهفين لتأخذي عملك العام القادم في الجامعة". حدّق فيها ملاحظا رد فعلها.
كان قلبها داخلها يردد "شاد.. شاد".
***
بينما تقطع الاميال في السفر، كانا كلا من الاستاذ والين يسابقان الزمن في انجاز الكتاب. كان الاستاذ يتوقع الانتهاء من كتابه في غضون ايام، كان شاكرا الرب لارساله مثل هذه الفتاة اليه، والتي والتي وجد فيها خير معين. خطط الاستاذ ان يهدي كتابه اليها مناصفة مع زوجته.
"الى زوجتي العزيزة، الذي الهمني ايمانها بعمل هذا المجلد، والى مساعدتي ي. ا. س. الذي بدون عملها معي في المعمل ما كان من الممكن انجازه."
الين لم تكن تفكر في الكتاب. كانت تتساءل متى يعود شاد من المزرعة. خطابه الاخير لها لم يوضح خططه المستقبلية. على اية حال ارسلت اليه اقتراحا يساعده. واعتقدت انها لا تستطيع ان تحتمل ان يخيب املها لو استمر بعيدا. انطلق الاستاذ مع زوجته الى ضاحية خارج المدينة. كانت الين شاردة الذهن ، بالكاد سمعت وداعهما لها وهما ينزلان من القطار. كانت شديدة الشوق لرؤية شاد مجددا.
كانت المحطة تعج بالناس. لكن لم يكن هناك شاد. شقت طريقها بمشقة بالغة الى الخارج. فجاة شعرت ان حقيبتها انسلت من تحت ذراعها، وحينما تلفتت لترى من فعل هذا التقت بابتسامة شاد الضاحكة ونظرته العاشقة.
"هذه الحقيبة لك يا سيدتي" قال وهو يحمل حقيبتها رغبة في اغاظتها.
تنهدت "اوه شاد".
اصطحبها سريعا الى الممشى الجانبي وتوقفا في احد المقاهي لتناول كوبا من القهوة. استقلا سيارة اجرة. سلم شاد السائق العنوان. حدق فيها نصف مغيظا ونصف متوسلا "عزيزتي، انا اعرف ان هذا مبالغ فيه، لكن لم تريديني ان افعل هذا. أليس كذلك؟ منذ فترة طويلة، وعدتك مئات المرات انه لن اتركك مرة اخرى. هل افتقدتيني؟ يبدو ان خطاباتك لم تكن كذلك".
اجابت بسرعة "افتقدتك كثيرا يا عزيزي. لكن على الورق فقط. كتبت اليك خطابات طويلة لكنها لم تعجبني فاحرقتها."
صاح متعجبا "اوه هذا لم يكن عملا صائبا. بعض الامور لا مفر منها بأي طريقة. الناس حقيقة احتاجوا اليّ هنا والاستاذ احتاج اليك هناك. ولقد وعدنا ان نخبر الاخرين بزواجنا ولم نفعل. لكن انظري يا حلوتي".
وضع اصبعه تحت ذقنها لوهلة ثم احاط عيناها بيديه لتنظر الي عينيه مباشرة وقال "ها هو قراري وهو قرار نهائي. لن اذهب مرة اخرى الى البيت بدونك".
تلقت حملقته هنيهة ثم قالت "اتمنى ان تتراجع عن قرارك. هذا قاس جدا عليّ. هذا اكثر مما احتمل".
براحة اليد التي تقست بسبب عمل الصيف المرهق ضغط بلطف على خدها "لنترك الجميع خلفنا الان فلدينا باقي حياتنا لنكون معا. انت عملت الشئ الصائب، وانا عملت الشئ الذي ساعد. لذا دعينا لا نحزن اكثر من هذا، لكن انظري للامام لهذا العام".
وجهها لمع بهذا الخاطر المفاجئ الطارئ "آه، شاد. لا زال لدينا الوقت لنذهب الى البحيرة لايام قليلة قبل ان نواصل العمل".
كانت اجابته فقط قبلة. ثم لبعض الوقت سارا معا في هدوء مستمتعين بمناظر الطبيعة الجميلة، واصوات المدينة الكبيرة.
فجاة تنبهت وقالت "شاد، هذا السائق لابد انه تائه. لم نسلك الطريق الصحيح".
رد بغموض "لا، نحن في الطريق الصحيح. فقط اريد ان اريك شيئا. بعد ذلك يمكننا الذهاب الى الحرم الجامعي لو اردت".
على وجهها دهشة زادت عندما اتجهت سيارة الاجرة الى بناية سكنية وتوقفت. ساعدها شاد للنزول وحمل السائق حقيبتها الى مدخل البناية.
صعدا معا الدرج. قالت متلعثمة "شاد، ماذا في –"
قال بغموض "انتظري دقيقة".
امسك بمعصمها وسحبها "اتبعيني" وارتقى الدرج. في الطابق الثاني فتح بابا، قبض يدها وجذبها لداخل الشقة.
قالها بفرحة غامرة "مرحبا بك في بيت. سيدة ستيوارت، تفضلي بالدخول".
صاحت متعجبة، ناظرة حولها في ذهول "اه، ما هذا؟"
"فقط ما اخبرتك به من قبل. بيتنا. استأجرت هذه الشقة. لن نبتعد عن بعض مجددا".
قبل ان ينهي كلامه افاقت والقت بنفسها بين ذراعيه وصاحت متعجبة "اوه، عزيزي، انها مدهشة!".
نظر شاد للامام الى مرآة معلقة في الردهة. "سيدة ستيوارت، لو حللتي ربطة عنقي بمثل هذه الطريقة مرة اخرى فسوف اعيدك الى الجامعة واستبدلك بمجموعة كتب".
ضحكت بشدة "اعدك في المرة المقبلة سأكون اكثر مهارة".
جلس شاد على الاريكة بين النوافذ وسحبها لتجلس بجواره. "استريحي هنا بينما افحص منزلنا الرائع معا"
"شاد، لا يمكننا ان نفعل هذا!"
"بل يمكننا"
"لكن كيف؟ لا يمكننا تحمل تكاليف مثل هذا الشقة الفخمة. في شقتنا الاولى لم يكن احد يعرف اننا متزوجين".
"شخص واحد يعلم – صاحب البيت. لكن لا احد في المدرسة سيكتشف علاقتنا. بعد كل ذلك، نحن تقريبا على بعد اربعة اميال من الجامعة، وعندما نغادرها في نهاية اليوم تكون حياتنا ملكنا.. اما بالنسبة لتكاليف المنزل" استمر شاد يقول وهو يحرك رأسه ويربت برفق على يديها "حسنا، لا اشعر انه من اللائق ان تدفعي شيئا. لكني مضطر ان ادعك تدفعين نصيبك فقط كما لو كنت تعيشين على عنوانك القديم. اتمنى الا تسير الامر هكذا، لكن خلال الدراسة لا ارى طريقة اخرى".
انهي شاد كلماته بابتسامة قائلا “ما هي قيمة الايجار؟" وتابع "سألت مسئول الصيانة اذا كان لديه فرصة عمل لي خلال ايام السبوت وايام الاثنين، ويبدو انه لديه فرصة عمل لي، ولذا فانني سوف ادفع باقي الايجار بعملي الاول."
جاء صوت الين متشككا "لكن ماذا لو.. ".
"لا تكملي. دعيني اقولها. ماذا لو جاء شخص ورآنا واكتشف السر؟ ولكن اسألك سؤالا واحدا. من في اصدقائك جاء ليزورك خلال العامين الماضيين، يا سيدتي؟ من جاء ممن تعملين معهم؟ لا احد. ونفس الشئ بالنسبة لي. خلال العامين سكنت في حجرة فوق جراج السيدة مريت، لم يأتي احد ليزورني خلالها. من الان سوف اقضي وقتا اكثر معك. وسوف نستمتع معا. لذا اهجري شكوكك وانسها واحنى هذا الراس الجميل على كتفي واستريحي قليلا."
تنهدت الين مقتنعة "فقط لاعرف ان ما اراه حقيقي وليس حلما، دعني انسى انني كنت متعبة من قبل. وهذه الشقة الجميلة –".
"الين – الا يسعدك ذلك؟"
"حسنا بالطبع، ما عدا انني انظر الى التعقيدات التي تجعلني اقلق".
"سوف نحترس من التعقيدات بنفس السرعة التي تأتي بها. دعينا الآن نتحدث عن مستقبلنا الرائع معا. هل تعرفين كل مرة اقبل فيها ماري هذا الصيف اشتاق الي اليوم حينما يكون لدينا بيت ملئ بالاطفال. هل تمانعين ان يكون لنا نصف دزينة؟"
الين صاحت في فزع ساخر "عزيزي، هذا قليل. انا فكرت ان يكون لدينة دزينة كاملة".
استمر مازحا "سوف يرثون الجمال منك والطيبة من امي". وفجأة اشار بيده وهو يستدير "هذا يبدو سؤالا مفاجئا، لكن ما رأيك فى منزلنا؟"
"الشقة صغيرة لكنها جميلة، وكل ركن فيها حسن التصميم. غرفة المعيشة متسعة ومؤسسة على ذوق راق، والنوافذ تطل على منظر طبيعي خلاب من اشجار الصنوبر، احد جوانب غرفة المعيشة مفتوح على الحمام وغرفة الثياب بينما الجانب الاخر على المطبخ".
ضحكت الين عندما دلفت الى المطبخ المطلي بلون احمر مبهج وقالت "لماذا، يبدو سخيفا ان..؟"
قاطعها شاد متعجبا وهو يفتح باب المبرّد "حسنا، تعرفين. الناس الذين سكنوا هنا قبلنا تركوا لنا بعض الخبز".
اقتربت الين وحدّقت من فوق اكتافه ورأت انه كان قد تسوق واعد كل شئ لعشائهم الاول في منزلهما الخاص.
صاحت ضاحكة "رجل حكيم. لقد لاحظت ايضا انك اشتريت واعددت كل شئ".
كان الاستاذ منهمكا جدا في عمله وفي اشياء اخرى، لدرجة انه لم يلاحظ ما ظهر على الين من ارهاق الشديد. وفي الواقع هي لم تشتكي ابدا، فقد اعتقدت انه اذا عملت بجهد اكبر طوال اليوم، سيقل الوقت الذي تشعر فيه بالوحدة.
"لكن انا وحيدة" هزت رأسها "انا احب عملي، واريد ان اساعد، الاستاذ لكن هذا لم يعد يرضيني. اتساءل ماذا سيعتقد الاستاذ لو عرف ان كل تفكيري ليس هنا في المعمل لكن في الخارج مع شاد. لو فقط يمكنني ان اذهب معه".
كتابة الخطابات له ساعدها لكن ليس كثيرا. كل خطاب تلقته الين جعلها شديدة الارتباط بزوجها، خاصة وهي تقرأ اشتياقاته لها. مرات كثيرة كتبت خطابات طويلة له ترد فيها عليه، وتبث فيها كل حبها له. لكن الخطابات اخافتها عندما اعادت قرآتها وفي النهاية كانت تحرقها، مرسلة الى شاد بدلا منها خطابات اقل طولا، مكتفية بابداء ملاحظات تخبره فيها عن عملها واعجابها باستاذها. صحيح انها عرفت انها لن ترضي شاد وتشبع نهمه لمعرفة اخبارها، لكنها على اية حال لا تستطيع ان تكتب بطريقة اكثر مودة بدون ان تكسر الحائط الذي اقامته بينها وبينه.
قالت الين لنفسها بينما تنهي اعادة قراءة واحد من الخطابات الطويلة التي لم ترسلها قط. "ماذا لو عرف شاد هذا". واستطردت "انه سوف يأتي في القطار التالي ويعانقني ويرجعني معه بدون ان ينصت لكلمة اقولها. سأستمر فيما انا عليه". هزت رأسها وبدأت تكتب خطاب مختلفا اكثر عن سابقه متفكرة "سوف اوضح له اكثر عندما اراه ثانية".
ذات صباح في منتصف شهر سبتمبر دخل الاستاذ نيقولاس الى المعمل ليجد الين منهمكة في عملها. "حسنا، انسة الين. لدي اخبار جيدة لك".
"ما هي – هل انتهيت من الكتاب؟"
"يمكن ان ننتهي منه الان بشكل مرض تماما. دعينا نغادر المعمل الان. اخبريني كم يستغرق منك الاستعداد للسفر؟".
اجابت بابتسامة علت ملامحها. "اوه، غدا- اليوم.. دعنا نذهب الان!"
"حسنا، سوف نرحل بمجرد ان تنتهي من الترتيبات اللازمة. اعتقد انك تتلهفين لتأخذي عملك العام القادم في الجامعة". حدّق فيها ملاحظا رد فعلها.
كان قلبها داخلها يردد "شاد.. شاد".
***
بينما تقطع الاميال في السفر، كانا كلا من الاستاذ والين يسابقان الزمن في انجاز الكتاب. كان الاستاذ يتوقع الانتهاء من كتابه في غضون ايام، كان شاكرا الرب لارساله مثل هذه الفتاة اليه، والتي والتي وجد فيها خير معين. خطط الاستاذ ان يهدي كتابه اليها مناصفة مع زوجته.
"الى زوجتي العزيزة، الذي الهمني ايمانها بعمل هذا المجلد، والى مساعدتي ي. ا. س. الذي بدون عملها معي في المعمل ما كان من الممكن انجازه."
الين لم تكن تفكر في الكتاب. كانت تتساءل متى يعود شاد من المزرعة. خطابه الاخير لها لم يوضح خططه المستقبلية. على اية حال ارسلت اليه اقتراحا يساعده. واعتقدت انها لا تستطيع ان تحتمل ان يخيب املها لو استمر بعيدا. انطلق الاستاذ مع زوجته الى ضاحية خارج المدينة. كانت الين شاردة الذهن ، بالكاد سمعت وداعهما لها وهما ينزلان من القطار. كانت شديدة الشوق لرؤية شاد مجددا.
كانت المحطة تعج بالناس. لكن لم يكن هناك شاد. شقت طريقها بمشقة بالغة الى الخارج. فجاة شعرت ان حقيبتها انسلت من تحت ذراعها، وحينما تلفتت لترى من فعل هذا التقت بابتسامة شاد الضاحكة ونظرته العاشقة.
"هذه الحقيبة لك يا سيدتي" قال وهو يحمل حقيبتها رغبة في اغاظتها.
تنهدت "اوه شاد".
اصطحبها سريعا الى الممشى الجانبي وتوقفا في احد المقاهي لتناول كوبا من القهوة. استقلا سيارة اجرة. سلم شاد السائق العنوان. حدق فيها نصف مغيظا ونصف متوسلا "عزيزتي، انا اعرف ان هذا مبالغ فيه، لكن لم تريديني ان افعل هذا. أليس كذلك؟ منذ فترة طويلة، وعدتك مئات المرات انه لن اتركك مرة اخرى. هل افتقدتيني؟ يبدو ان خطاباتك لم تكن كذلك".
اجابت بسرعة "افتقدتك كثيرا يا عزيزي. لكن على الورق فقط. كتبت اليك خطابات طويلة لكنها لم تعجبني فاحرقتها."
صاح متعجبا "اوه هذا لم يكن عملا صائبا. بعض الامور لا مفر منها بأي طريقة. الناس حقيقة احتاجوا اليّ هنا والاستاذ احتاج اليك هناك. ولقد وعدنا ان نخبر الاخرين بزواجنا ولم نفعل. لكن انظري يا حلوتي".
وضع اصبعه تحت ذقنها لوهلة ثم احاط عيناها بيديه لتنظر الي عينيه مباشرة وقال "ها هو قراري وهو قرار نهائي. لن اذهب مرة اخرى الى البيت بدونك".
تلقت حملقته هنيهة ثم قالت "اتمنى ان تتراجع عن قرارك. هذا قاس جدا عليّ. هذا اكثر مما احتمل".
براحة اليد التي تقست بسبب عمل الصيف المرهق ضغط بلطف على خدها "لنترك الجميع خلفنا الان فلدينا باقي حياتنا لنكون معا. انت عملت الشئ الصائب، وانا عملت الشئ الذي ساعد. لذا دعينا لا نحزن اكثر من هذا، لكن انظري للامام لهذا العام".
وجهها لمع بهذا الخاطر المفاجئ الطارئ "آه، شاد. لا زال لدينا الوقت لنذهب الى البحيرة لايام قليلة قبل ان نواصل العمل".
كانت اجابته فقط قبلة. ثم لبعض الوقت سارا معا في هدوء مستمتعين بمناظر الطبيعة الجميلة، واصوات المدينة الكبيرة.
فجاة تنبهت وقالت "شاد، هذا السائق لابد انه تائه. لم نسلك الطريق الصحيح".
رد بغموض "لا، نحن في الطريق الصحيح. فقط اريد ان اريك شيئا. بعد ذلك يمكننا الذهاب الى الحرم الجامعي لو اردت".
على وجهها دهشة زادت عندما اتجهت سيارة الاجرة الى بناية سكنية وتوقفت. ساعدها شاد للنزول وحمل السائق حقيبتها الى مدخل البناية.
صعدا معا الدرج. قالت متلعثمة "شاد، ماذا في –"
قال بغموض "انتظري دقيقة".
امسك بمعصمها وسحبها "اتبعيني" وارتقى الدرج. في الطابق الثاني فتح بابا، قبض يدها وجذبها لداخل الشقة.
قالها بفرحة غامرة "مرحبا بك في بيت. سيدة ستيوارت، تفضلي بالدخول".
صاحت متعجبة، ناظرة حولها في ذهول "اه، ما هذا؟"
"فقط ما اخبرتك به من قبل. بيتنا. استأجرت هذه الشقة. لن نبتعد عن بعض مجددا".
قبل ان ينهي كلامه افاقت والقت بنفسها بين ذراعيه وصاحت متعجبة "اوه، عزيزي، انها مدهشة!".
نظر شاد للامام الى مرآة معلقة في الردهة. "سيدة ستيوارت، لو حللتي ربطة عنقي بمثل هذه الطريقة مرة اخرى فسوف اعيدك الى الجامعة واستبدلك بمجموعة كتب".
ضحكت بشدة "اعدك في المرة المقبلة سأكون اكثر مهارة".
جلس شاد على الاريكة بين النوافذ وسحبها لتجلس بجواره. "استريحي هنا بينما افحص منزلنا الرائع معا"
"شاد، لا يمكننا ان نفعل هذا!"
"بل يمكننا"
"لكن كيف؟ لا يمكننا تحمل تكاليف مثل هذا الشقة الفخمة. في شقتنا الاولى لم يكن احد يعرف اننا متزوجين".
"شخص واحد يعلم – صاحب البيت. لكن لا احد في المدرسة سيكتشف علاقتنا. بعد كل ذلك، نحن تقريبا على بعد اربعة اميال من الجامعة، وعندما نغادرها في نهاية اليوم تكون حياتنا ملكنا.. اما بالنسبة لتكاليف المنزل" استمر شاد يقول وهو يحرك رأسه ويربت برفق على يديها "حسنا، لا اشعر انه من اللائق ان تدفعي شيئا. لكني مضطر ان ادعك تدفعين نصيبك فقط كما لو كنت تعيشين على عنوانك القديم. اتمنى الا تسير الامر هكذا، لكن خلال الدراسة لا ارى طريقة اخرى".
انهي شاد كلماته بابتسامة قائلا “ما هي قيمة الايجار؟" وتابع "سألت مسئول الصيانة اذا كان لديه فرصة عمل لي خلال ايام السبوت وايام الاثنين، ويبدو انه لديه فرصة عمل لي، ولذا فانني سوف ادفع باقي الايجار بعملي الاول."
جاء صوت الين متشككا "لكن ماذا لو.. ".
"لا تكملي. دعيني اقولها. ماذا لو جاء شخص ورآنا واكتشف السر؟ ولكن اسألك سؤالا واحدا. من في اصدقائك جاء ليزورك خلال العامين الماضيين، يا سيدتي؟ من جاء ممن تعملين معهم؟ لا احد. ونفس الشئ بالنسبة لي. خلال العامين سكنت في حجرة فوق جراج السيدة مريت، لم يأتي احد ليزورني خلالها. من الان سوف اقضي وقتا اكثر معك. وسوف نستمتع معا. لذا اهجري شكوكك وانسها واحنى هذا الراس الجميل على كتفي واستريحي قليلا."
تنهدت الين مقتنعة "فقط لاعرف ان ما اراه حقيقي وليس حلما، دعني انسى انني كنت متعبة من قبل. وهذه الشقة الجميلة –".
"الين – الا يسعدك ذلك؟"
"حسنا بالطبع، ما عدا انني انظر الى التعقيدات التي تجعلني اقلق".
"سوف نحترس من التعقيدات بنفس السرعة التي تأتي بها. دعينا الآن نتحدث عن مستقبلنا الرائع معا. هل تعرفين كل مرة اقبل فيها ماري هذا الصيف اشتاق الي اليوم حينما يكون لدينا بيت ملئ بالاطفال. هل تمانعين ان يكون لنا نصف دزينة؟"
الين صاحت في فزع ساخر "عزيزي، هذا قليل. انا فكرت ان يكون لدينة دزينة كاملة".
استمر مازحا "سوف يرثون الجمال منك والطيبة من امي". وفجأة اشار بيده وهو يستدير "هذا يبدو سؤالا مفاجئا، لكن ما رأيك فى منزلنا؟"
"الشقة صغيرة لكنها جميلة، وكل ركن فيها حسن التصميم. غرفة المعيشة متسعة ومؤسسة على ذوق راق، والنوافذ تطل على منظر طبيعي خلاب من اشجار الصنوبر، احد جوانب غرفة المعيشة مفتوح على الحمام وغرفة الثياب بينما الجانب الاخر على المطبخ".
ضحكت الين عندما دلفت الى المطبخ المطلي بلون احمر مبهج وقالت "لماذا، يبدو سخيفا ان..؟"
قاطعها شاد متعجبا وهو يفتح باب المبرّد "حسنا، تعرفين. الناس الذين سكنوا هنا قبلنا تركوا لنا بعض الخبز".
اقتربت الين وحدّقت من فوق اكتافه ورأت انه كان قد تسوق واعد كل شئ لعشائهم الاول في منزلهما الخاص.
صاحت ضاحكة "رجل حكيم. لقد لاحظت ايضا انك اشتريت واعددت كل شئ".