حوار بين طالب وشيخ وقس.
الطالب: درسنا اليوم خارطة العالم وتقسيماته الدينية. وراينا ان المسيحية تشمل 800 مليون والملحدين 600 مليون، والمسلمين 450 مليون، والهندوس 400 مليون، والكنفوشيوسية 300 مليون والبوذيين 200 مليون وعبدة الاصنام والاديان الصغرى بقية تعداد السكان في العالم. واذا راجعنا الحالة الدينية نجد ان20% دولا دينية ، و53% من الدول ليس لها "دين دولة" (علمانية)، و 10% ملحدة. معظم الدول الدينية (43 دولة) موجودة في الشرق الاوسط، 13 دولة في اوربا المسيحية ديانتها الرسمية، دولتان لها البوذية دبانة رسمية، ودولة واحدة هي اسرائيل لها اليهودية ديانة رسمية. اما الدول الملحدة (ضد الدين) فهي الصين وكمبوديا وكوريا الشمالية وفيتنام.. اي ان ثلاثة ارباع البشر في عصرنا الحالي يؤمنون بوجود الهة وارواح وحياة بعد الموت ودينونة عادلة.
القس: لكل انسان طبيعي شعور بالله. والاديان كلها تدعي انها ترشد الى الله. ولكن من هو الله؟ في جوهره يبقى عاليا مستترا. ويظهر الله لهذه الاديان بعيدا، وكبيرا ومتعاليا، وغير منظور ولا مدرك.
الشيخ: لا نقدر ان نعتبر الهندوس والبوذيين والكنفوشيوسيين كمؤمنين حقيقيين، لان اهل الكتاب وحدهم يتبعون الله.
الطالب: ولكن يوجد ملايين المتدينين في كل اديان العالم، وهم يصلون ويضحون ويرجون القوة المغيبة. هل هم هالكون؟ او ليس في الاديان مبادئ مشتركة؟
القس: طبعا في كل الاديان توجد معرفة عميقة عن فشل الانسان وذنبه. وكل هذا يرتكز على معرفة الدينونة المقبلة المبنية على مبدا الجزاء العادل. هذه المعرفة عن الدينونة موجودة في كل الاديان.
الشيخ: هل فكرت مرة بالعلاقة بين الكلمتين دين (بكسر الدال) ودين (فتح الدال)؟ كل انسان مديون عند الله فالله هو دائنا بكل شئ: ما نحن وما نملكه. هذه المعرفة، هي مبدا في اكثر الاديان. ليس احد مالكا نفسه، ورب ملكه. الكل للخالق.
الطالب: فمذهب الشيوعيين والراسماليين اذا، كذب كطلق. لا يملك الفرد ولا الامة اي ملك، بل الكل وكلاء الله فقط.
الشيخ: هذا هو الحق بالتمام لكن لاننا لم نكن امناء في ادارة حصتنا، صرنا مذنبين ومديونين. هكذا يحتوي كل دين على العلم بمجئ يوم الدين.
القس: هذا شئ عجيب، انه يودد في كل مذاهب العالم مبدا الجزاء العادل. هكذا قال الرسول "من اجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازي كل واحد حسب اعماله، اما الذين يصبرون في العمل الصالح يطلبون المجد والكرامة والبقاء فبالحياة الابدية.
الطالب: ولكنني قرات ان الهندوس والبوذيين لا يؤمنون بيوم الدينونة بل يؤمنون بولادة مستمرة، وابدية يحاسبون اثناءها.
القس: وهذا التناسخ المستمر يخافه الهندوس والبوذيون، كاشد دينونة. لانهم ينتظرون ان يتحولوا، اما الى جهنم الملتهبة واما الى حيوان بلا عقل او الى انسان فقير مريض.
الطالب: فلهذا السبب لا يقتل الهنود البقرات الابيض، لايمان بعضهم انها قد تحتوي على ارواح اجدادهم.
الشيخ: هذه الفكرة عن الولادة المستمرة، هي تخيلات وكذب شرير، واوهام. نحن لا نؤمن برجوع كل شئ، بل بيوم الدين وبالنار العتيدة، ومكافاة الاعمال الصالحة.
القس: ولكن هنا يبدا الخلاف بين الاديان. الكل يريد ان يخلص مؤمنيه من ضيق عالمنا وخوفه وذنبه وعجزه وموته وخصوصا من الدينونة. وبهذا تنفصل طرقنا لاننا نؤمن بالفداء.
الطالب: فهمت الان. ان كل دين يبشر فقط بالدين والدينونة، بل يدل ويرشد الى الخلاص من الضيق والدينونة العتيدة، فاي طريق هو خير للفداء؟
الشيخ: ان امنت بالله وحفظت الشريعة تحيا سعيدا. اطع كل احكامها واقرا كلمة الله يوميا. صل بانتظام وصم وضحّ حسب التعاليم.
القس: كل الاديان اقامت شرائع لكل امور الحياة. حتى انك تستطيع ان ترصف بها شارعا يمر حول العالم. ومن يبدا بالمواظبة على هذه الشرائع ييأس. وصايا الله صالحة من غير شك، ولكن الانسان غير صالح وغير قادر ان يتممها بسبب تشوه طبيعته بعد المعصية الاولى. يحتاج الانسان ان يولد من جديد بالمعمودية.
الشيخ: ولكن الانسان يقدر ان يحفظ وصايا الله، ويعمل اعمالا حسنة، وسنرى في الدينونة ما عملنا من خير او شر.
القس: من يعيش قرب الله، يقاس بقداسته. لهذا السبب نعلم ان ليس انسان صالحا. قال الرسول "فاني اعلم انه ليس ساكن في جسدي شئ صالح لان الارادة حاضرة عندي واما ان افعل الصالح فلست اجد، لاني لست افعل الصالح الذي اريده بل الشر الذي لا اريده فاياه افعل"(رو7: 18 و19).
الطالب: لكن لكل الاديان مؤسسون ومستنيرون وزعماء وانبياء. فلماذا كان المسيح غير الكل وافضل؟
القس: ليس كل الاديان موحى بها من الله. فالبعض يعتمد على اجتهادات القادة، ليدرك الله من تلقاء نفسه. اما انجيلنا فيتالف من نعمة الله ومحبته. هكذا قال الرسول يوحنا "الكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا"(يو14:1).
الشيخ: ولكن كل مؤسسي الديانات يقولون ان دينهم تنزيل، فلماذا تحصرون الخلاص في المسيح وحده؟
القس: في اجتماع عالمي عقد في اليابان منذ قريب، ضم لاهوتيين وشيوخا وكهنة ومتنورين. وجربوا تبيان الحق والخطا. وتناقشوا اياما واياما، ولم يصلوا الى نتيجة. وفي النهاية وقف استاذ سويسري (اسمه برونر) وطلب لوحة كبيرة سوداء وكتب عليها في جداول، كل الصفات والعقائد المهمة لكل دين منظما ومكشوفا للكل. وطلب محو كل صفة او عقيدة موجودة في دينين او ثلاثة. ليبقى اخيرا ما يتفرد به كل دين. وفي دهشة من الكل، محى الوحى والتجسد والشرائع وروح الله والتجديد والصلاة والزهد والدينونة وهلم جرا. كل هذه العقائد محيت لانها موجودة في عدة اديان. وبقى اخيرا رمز واحد على اللوح – الصليب. هذا يوجد في دين واحد فقط. ان الله كفّر عن ذنوب الاشرار بذاته. محبة كهذه، تجدها في المسيح وحده الذي حررك من كل دين ودينونة، ليس عليك ان تخلص نفسك بل هو خلصك.