الثلاثاء، 26 فبراير 2019

راحاب الزانية


لماذا قبلت الجاسوسين؟ لقد رحبت بهما في بيتها! سلام من امرأة في مدينة الاعداء!!
نعم، بل اغرب من هذا، عندما نما خبر هذين الرجلين الى علم ملك اريحا، وانهما دخلا الى بيت راحاب الزانية، اسرعت وخبأتهما فوق سطح بيتها مخاطرة بحياتها. لماذا اقدمت على هذه المغامرة؟!
يقدم لنا الرسول الاجابة في كلمة واحدة "الايمان"، فيقول "بالايمان راحاب الزانية .. قبلت الجاسوسين بسلام"(عب11: 31).
يا لغنى النعمة! واحدة من اسـوأ النساء في اسوأ مدينة، تمتلك اعظم عطايا الله للانسان- الايمان. ان نعمة الله تتسع لك ايضا كما اتسعت من قبل لراحاب، فتعال وارتمي عند قدمى المخلص عند الصليب.
***

عندما قابلت راحاب الجاسوسين لم تراهما كرجلين اتيا ليتجسسا مدينتها، لقد نظرت اليهما بعين اخرى. الايمان يعطيك هذه العين الاخرى والنظرة الجديدة التى ترى الامور والاحداث على نحو يختلف عن باقي الناس. لقد كان لراحاب الايمان الذي جعلها ترى الجاسوسين "رسولين" ارسلهما الله لانقاذها. تامل قول يعقوب "راحاب الزانية .. قبلت الرسل"(يع2: 25). الذين ارسلهما الله خصيصا من اجلها لينقذاها من قضائه العادل الاتي على مدينتها..
لقد تأنى الله على اريحا لكي تتوب ولم تتب .. كم يود الله لو انه لم ينفذ عمله القضائي ودينونته في مجازاة الاشرار الذين يرفضون رحمته ومحبته. لذا فقد اطلق الله على هذا العمل "فعله الغريب .. وعمله الغريب"(اش28: 21). فهو يريد الا يتمم ذلك، ولذا يرسل تحذيرات وفرص للتوبة كثيرة.. حقا "ليس مثل الله"(تث33: 26). من اجل ذلك سفك دمه الثمين لننجو من الهلاك.

ايها الحبيب!
هل لا زلت تحيا متمردا على الله؟ هل لا زلت تحب الظلمة اكثر من النور؟ هل لا زلت تطلب الراحة بعيدا عن احضانه؟
اه، كم من فرص عديدة يقدمها الرب لنستيقظ من سباتنا.. لكن ماذا لو ظللنا نرفض حبه الى النهاية؟
ام نستهين بغنى لطفه وامهاله (رو2: 5).
ايها الحبيب تذكر مدينة اريحا! اضاعت فرص التوبة. فماذا كانت النتيجة؟ قاد الله شعبه ليتمم قضاءه العادل فيها فاحرقت بانار (يش6: 24).
تذكر ايضا راحاب .. ألم تكن اشر نساء اريحا حتى دعيت بالزانية؟ من كان يظن انها ستنجو هي واسرتها؟
نعم بامكانك انت ايضا ان تنجو لان "الله لم يجعلنا للغضب بل لاقتناء الخلاص"(1تس5: 9)
لا تقل اني اشر من ان ينظر اليّ الله!
كان من الممكن ان تقول راحاب هذا، لكنها فكرت بطريقة مختلفة.
لقد سمعت كما سمع اهل مدينتها "بما فعله الله من عجائب مع شعبه، في خروجه من مصر ومسيرته في البرية"(يش2: 10).
لقد سمعت كما سمعوا لكنها لم تفعل مثلهم. لم تنصرف لشئونها وكان هذه الاخبار لا تعنيها .. لم تسقط مثلهم فريسة للامبالاة.
لقد انشغلت بما سمعت.. انشغالها بهذه الاخبار اتى بالايمان الى قلبها.
فالرسول يولس "ان الايمان ياتي عن طريق سمع الاخبار التي تذيعها كلمة الله (رو10: 17).
لقد امنت بالاله الحي.. انه ينجو من العبودية.. وانه يعول شعبه.. امنت انه سيعطيهم النصرة.
ايها الحييب بامكانك :
ان تستمع الى قصص تحرير الله للنفوس المقيدة، سواء كانت هذه القصص ما سجله الوحي في الكتاب المقدس او التي تثق في حدوثها مع من تعرفهم..
اقض وقتا في التامل والانشغال بهذه القصص.. هذا الانشغال سيزيد من ايمانك في ان الله يرغب في تحريرك وانقاذك..
انظر كيف ربط الوحي بين ايمان ابونا ابراهيم وراحاب "كذلك راحاب الزانية..(يع2: 25). كلمة كذلك تعني على نفس المستوى او الطريقة.. انظر كيف يشير اليها بلقبها القديم "الزانية"؟ ماذا يقصد الوحي؟ انه يريد ان يقول انه مهما كان ماضيك مؤلما ومليئا بالخزي فهو يمكنه ان يخلصك منه.. ها راحاب الزانية تشجعك. اه لو وثقت به كما وثقت هي..
اولا- تحدثت بلغة الايمان:
لقد قالت للجاسوسين "علمت ان الرب قد اعطاكم هذه الارض"(يش2: 9).. لاحظ انها لم تقل ان الرب سيعطيكم.
ثانيا - لقد قبلت مغامرة الايمان:
كثيرا ما تبدو حياة الايمان مغامرة، لكنها دائما مغامرة رابحة وليست خاسرة. لقد غامرت وارسلت الجاسوسين في طريق اخر. لقد فتحت نافذتها وانزلت الجاسوسين .. لكن قبل ان يهبطا من الحبل قالا لها "اربطي هذا الحبل من خيوط القرمز في الكوة التي انزلتنا منها.."
ثالثا- امتد ايمانها لينجي اسرتها:
الايمان انقذ اهلها ايضا.. الايمان جعلها تتشفع فيهم لدى الرجلين "تستحييا ابي وامي واخوتي..". الايمان ايضا جعل كلماتها لاهلها مؤثرة، فصدقوا ما قالته وامنوا مثلها..